بيان أسماء الله الحسنى من خلال أحسن البيان (٣)

 

بيان أسماء الله الحسنى من خلال أحسن البيان (٣)

 

السلام على من اتّبع أسماء الله الحسنى (القرءان العربيّ الحكيم).

 

(١): * سورة الإسراء
قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ﴿١١٠﴾.

في آية (١١٠) من سورة الإسراء أمر الله تعالى رسوله محمد عليه السلام أن يحثّْ الناس على الدعآء لله من خلال أسماءه الحسنى، أي كُتُبه، أي جميع رسالاته المحفوظة في القرءان، أي من خلال عِلمِهِ وشريعته، وليس من خلال أديان أو مذاهب أو طوائِف استخدمت شرائع وأحاديث كاذبة، لذلك قال الله تعالى في تلك الآية أنَّ "فلَهُ الأسْمآءُ الحُسْنى" أي له العِلْم، أي الكتاب.

لقد أخبرنا الله تعالى في تلك الآية الكريمة أنّه إذا أردنا أن ندعوه باسم الله، أي بِعِِلْمِ الله أو باسم الرَّحمن، أي بِعِلْمِ الرَّحمن فعلينا أن ندعوه بأسماءه الحُسنى، أي بكُتُبِهِ المحفوظة في القرءان وأن لا ندعوه لمجرد فقط الدعاءِ بالإسم كما يفعل أكثر النّاس، أي علينا أن ندعوه بالقرءان فالله هو الّرحمن والرَّحمن هو الله، وهذا أكبر دليل على أنَّ أسماء الله الحسنى هي ليست ال(٩٩) إسمًا ولكنَّها القرءان العظيم الّذي هو الصلاة.

لقد ختم الله هذه الآية بتحديد دعاء الرسول لأسماءه، لذلك أمره أن لا يجهر بصلاته أي بِالقرءان، أي أن لا يزيد أيّ عِِلْم فوق عِلْم القرءان لم يُخبره الله به، وأن لا يُخافت بصلاته، أي بِالقرءان، أي أن لا ينقص أيّ علم من عِِلْم القرءان عَلَّمه الله له، لذلك قال تعالى له أن يبتغي بين ذلك سبيلاً، لأنَّ السبيل بين الجهر بالصلاة، أي الزيادة على القرءان وبين المُخافتة بالصلاة، أي الإنقاص من القرءان هو اتّباع القرءان، إذًا فالدعاء إلى الله بأسماءه الحُسنى هو تبليغ عِلْمِهِ، ألا وهو القرءان الكريم، وهذه هي إقامة الصلاة الحقيقية.

نجد الدليل على أنَّ الدُّعآءَ لله أو الدُّعآء للرَّحمن يكون بِكِتابِهِ الّذي أنزله على جميع أنبيآئِهِ ورُسُلِهِ نجده في السُوَر التالية:

* سورة الأنفال
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿٢٤﴾.

آية (٢٤): "... إذا دعاكم لما يُحييكم...": أي إذا دعاكم للقرءان لأنَّ القرءان هو الّذي يُحْيينا، إذًا القرءان هو الدعاء.

* سورة الرعد
لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴿١٤﴾.

آية (١٤) من سورة الرعد ساطعة أكثر من نور الشمس.

* سورة يوسف
قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٠٨﴾ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٠٩﴾.

آية (١٠٨) من سورة يوسف آية بيِّنة.

* سورة مريم
بسم الله الرحمن الرحيم
كهيعص ﴿١﴾ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ﴿٢﴾ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴿٣﴾ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴿٤﴾.

آية (٤): "... ولم أكُنْ بِدُعآئِكَ رَبّي شَقِيّا": أي لم أَزِغْ عن أمرِكَ، أي عن كِتابِكَ.

* سورة مريم
قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴿٤٦﴾ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴿٤٧﴾ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴿٤٨﴾.

آية (٤٨): "... وأدعوا رَبّي عسى...": نرى بوضوح في هذه الآية اتّباع إبراهيم عليه السلام لِدُعاء الله عزَّ وجلّ، أي لِكِتابِهِ.

* سورة غافر
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴿٦٠﴾.

آية (٦٠): الدُّعآء لله هو العبادة، أي اتباع كتابُ الله.

* سورة غافر
هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٦٥﴾ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٦٦﴾.

آية (٦٥): نجد في هذه الآية الكريمة بأنَّ الدُّعآء لله يكون بإخلاص الدين له وحده لا شريك له، أي اتّباع القرءان فقط وليس اتّباع وحي السنَّة أو أديان غير دين الله، نجد البرهان المُبين في الآية التي تليها آية (٦٦).

* سورة الجن
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴿١٨﴾ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ﴿١٩﴾ قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ﴿٢٠﴾ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ﴿٢١﴾ قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴿٢٢﴾ إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴿٢٣﴾.

نجد الدليل القاطع في آية (٢٣) على أنَّ دعوة الرسول محمد عليه السلام لله في آية (١٨) و(١٩) هي تبليغ رسالات الله تعالى، أي تبليغ رسالة القرءان الكريم.

يتبع...

556 Mar 17 2019