المعنى الحقيقي للتسعة والتسعين نعجة والنعجة الواحدة

 

المعنى الحقيقي للتسعة والتسعين نعجة والنعجة الواحدة
تفسير آية (٢٠) إلى (٢٦) من سورة ص من خلال أحسن التفسير

 

* سورة ص
إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ﴿٢٣﴾.

الشكر أوَّلاً لله العليم الحكيم، وثانيًا للأخت المؤمنة "لقاء الأحبَّة" على إرشادي لمعرفة معنى هذه الآية الحكيمة.

السلام على من لم يُفسِّر كتاب الله الطيِّب من خلال كتب البشر الخبيثة والنَكِدَة.

* سورة إبراهيم
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴿٢٤﴾ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٢٥﴾ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ﴿٢٦﴾.

* سورة الأعراف
وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴿٥٨﴾.

 

* سورة ص
اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴿١٧﴾ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ﴿١٨﴾ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ﴿١٩﴾ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ﴿٢٠﴾ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ﴿٢١﴾ إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَىٰ سَوَاءِ الصِّرَاطِ ﴿٢٢﴾ إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ﴿٢٣﴾ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴿٢٤﴾ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ ﴿٢٥﴾ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴿٢٦﴾.

(١): المقدمة بإختصار: لقد أرسل الله تعالى عبدين من عباده المؤمنين إلى داوود عليه السلام لكي يُعلِّمانه أن يحكم بالحق من خلال مثل ال٩٩ نعجة والنعجة الواحدة، أي من خلال ٩٩ كتابًا والكتاب الواحد، كتاب الله، لأنّه كان يُفسِّر كتاب الله حسب أهوائه، أو من خلال قراطيس آباءه الأوَّلين، بمعنى آخر خارج النصّ الإلاهي، فكتاب الله لا يُفسَّر إلَّا من خلال جوهر ترابط آياته السامية.

 

(٢): إخوتي وأخواتي الأفاضل تعالوا معًا نتمعَّن جيِّدًا بهذا المثل الحكيم:

** آية (٢٣): "إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ...": أي إنَّ ال٩٩ نعجة عبارة عن كتب باطلة لم يّنزِّل الله تعالى بها من سلطان، أمَّا النعجة الواحدة فهي عبارة عن كتاب الله الواحد.

** آية (٢٣): "... فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا...": أي لقد طلب صاحب ال٩٩ نعجة (الكتب الباطلة) من أخيه أن يُعطيه نعجته (كتاب الله) ليضمَّه إلى كتبه حتى يضيع تفسيره الإلاهي بين الكتب الباطلة، فيُصبح كلام الله الطيِّب مخلوطًا ومُندمجًا مع كلام البشر الخبيث، تمامًا كما فَعَل السلف الطالح وأئمَّة الفسوق والعصيان عندما فسَّروا القرءان الحكيم الذي هو أحسن التفسير من خلال كتبهم الخبيثة (نعاجهم) لذلك قال تعالى في آية (٢٤): "قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ...".

** آية (٢٣): "... وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ": لقد قال صاحب النعجة الواحدة "... وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ" لأنَّه فَقَدَ أمله من حواره مع أخيه، بمعنى آخر أنَّه لا يعلم ماذا سيقول لأخيه صاحب الكتب الباطلة بعد ما جاءه بالبرهان المُبين على أنَّه لا كتاب إلَّا كتاب الله.
وهذا ما يجري الآن على مراكز التواصل المعرفي، على سبيل المثال: عندما أُبيِّن بآية (١٣٦) من سورة البقرة أنَّ محمدًا عليه السلام ليس أفضل   الرسل يأتي أحد أصحاب التراث العَفِن (أصحاب ال٩٩ نعجة) ويُجادل من خلال كتب تفاسير السلف الطالح الباطلة (ال٩٩ نعجة) بأنَّ محمدًا عليه السلام هو أفضل الرسل، وبذلك يكون قد عزَّني في الخطاب.

 

(٣): ** آية (٢٤) و(٢٥): "... وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ..... فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ": عندما تعلَّم داوود عليه السلام من هذين العَبدين الصالحيّن عِبْرة ال٩٩ نعجة والنعجة الواحدة، عَلِمَ أنَّ هذه الفتنة هي لخيره وهدايته إلى صراط الله المُستقيم، وعندما ستغفر ربَّه، أي ارتدَّ عن خطأه وبدَّل سيِّئاته حسنات وأناب، أي تاب، غَفر الله له وأمره أن يحكم بالحق وأن لا يتَّبع الهوى بِجَعْله خليفة في الأرض، لذلك أكمل الله تعالى آية (٢٤) و(٢٥) بآية (٢٦): "يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ".

 

(٤): ** ملاحظة هامَّة: لأنَّ داوود عليه السلام لم يحكم من خلال كتاب الله لذلك علَّمه العليم الحكيم فَصْل الخِطاب، أي تفسير الكتاب من خلال ترابط آياته البيِّنات.

* سورة ص
وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ﴿٢٠﴾.

 

(٥): في الختام: ال٩٩ نعجة = كتب المذاهب والأديان الأرضيَّة الباطلة في جميع الأزمان، والنعجة الواحدة = كتاب الله الواحد الذي أنزله على جميع أنبياءه ورسله بألسنة مُختلفة، أي بلغات مُختلفة، عليهم السلام أجمعين.

سبحانك اللهُمَّ ربّي على عظمة الأمثال في كتابك العظيم.

والسلام على من اتَّبع الهُدى والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

553 Mar 13 2019