تفسير آية (٦٨) من سورة القصص من خلال أحسن التفسير

 

تفسير آية (٦٨) من سورة القصص من خلال أحسن التفسير 

 

* سورة القصص
 وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٨﴾.

هل هناك آراء مختلفة كما يظنّ أكثر الناس في تدبرّ كتاب الله العظيم؟
بمعني آخر هل نستطيع أن نختار من خلال آرائنا الشخصيَّة كيفيَّة تفسير القرءان العربيّ المُبين؟

وهل الله جلَّ في علاه أمرنا أن نختلف في تفسير آياته البيِّنات، المُبيِّنات، المُفصِّلات، المُحكمات، المُتشابهات، المُفسّرات، المُيسّرات بزعم القول الخبيث: الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، والقول الآخر: في الاختلاف رحمة؟

ملاحظة مهمَّة: أنا أقصد فقط اختلاف الرأي في تفسير آيات الله المُبيِّنات.

السلام على من فسَّر آيات الله البيِّنات من خلال ترابطها ببعضها، أي من داخل النصّ القرءاني وليس من خلال رأيه الخاصّ، أي من خارج النصّ القرءاني.

(١): إخوتي وأخواتي الأفاضل إذا تدبَّرنا آية (٦٨) من سورة القصص، نجد أنَّ الله عزَّ وجلّ ينفي خيار الإنسان في تدبرّ كتابه من خلال فلسفته الخاصَّة وآرائه المختلفة والشخصيَّة، أي يُحذِّر الله الإنسان من استخدام رأيه الخاص في تفسير كتابه.

إذًا إنَّ خيار الإنسان في اتّباع كتاب الله لا يكون إلاّ بما اختاره الله له من خلال ما أمره تعالى به في آياته الكريمة، وخيار الله ورأيه العادل للإنسان في اتِّباع دينه، أي قانونه يُترجم بتوجيهه لمعرفة طريق الحقّ، لأنّ الإنسان لا يستطيع أن يرى طريق الحق من خلال خياره ورأيه وفلسفته الخاصَّة، وإلَّا يقع في الكُفر والإشراك والضلال، لذلك أكمل تعالى آية (٦٨) ب: "... سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ".

إذًا فإنَّ خيار الإنسان باتِّباع كتاب الله العظيم مربوط بقبولِهِ بتسيير الله، أي مربوط باتِّباعه لخيار الله وهَدْيه، أمّا خيار الإنسان باتّباع رأيه الخاصّ فهو مربوط بِرَفضِهِ لتسيير الله له، وبقبولِهِ بتسييرٍ من نفسه (رأيه الخاصّ) من أجل حب الشهرة والأنا ال: (EGO)، أي مربوط بأهوائه وعاداته وتقاليد مُجتمعه، لذلك من المحظور أن يُفسِّر الإنسان كتاب الله من خلال رأيه، فهذا يؤدِّي إلى الإشراك، وبالتالي إلى الظلم والفساد، لذلك أخبرنا الحكيم العليم في آية (١٣) من سورة لقمان عن قَوْل لقمان عليه السلام لإبنه: "أنَّ الشِرْك ظلم عظيم".

* سورة لقمان
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴿١٢﴾ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴿١٣﴾.

الدليل الآخر على أنَّ خيار الإنسان في اتّباع سنَّة الله، أي قانونه لا يكون إلاّ بما اختاره الله له من خلال آياته الكريمة نجده في آية (٣٦) من سورة الأحزاب:

* سورة الأحزاب
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴿٣٦﴾.

 

(٢): يا للعجب، إنّ الإنسان يرضى بخياره أن يكون مسيّرًا من نفسه، عِلْمًا أنَّه لا يخلق شيئًا وهو يُخلق، ممَّا أدَّى به إلى البغي والظلم والفساد، ولكنه لا يرضى أن يكون مُسيَّرًا من الله باتّباعه لِقانونه الذي يهدي إلى طريق الحق والخير والعدل والإصلاح، إذًا فإنَّ الهدف ممَّا اختاره المولى لنا هو اتّباع طريق الحقّ والإبتعاد عن طريق الباطل.

ملاحظة هامَّة: يقول أكثر الناس أنَّ في الاختلاف رحمة والله عزَّ وجلّ يقول في كتابه العزيز:

* سورة آل عمران
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١٠٥﴾.

في الاختلاف نقمة وحقد وبغضاء.

 

(٣): خلاصة الموضوع: لا يوجد رأيي ورأيه ورأيها ورأيهم أو خياري وخياره وخيارها وخيارهم في تفسير كتاب الله العظيم كما يفعل أكثر الناس على مراكز التواصل الإجتماعي، وخصوصًا على الفيسبوك، بل يوجد رأيٌ واحد وخيارٌ واحد، هو رأي وخيار الله جلَّ في علاه، أي تفسير كتابه من خلال ترابط آياته، أي من داخل النص القرءاني.

والسلام على من اتَّبع الهُدى والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

550 Feb 25 2019