تفسير آيات في سورة الواقعة من آية (٥٧) إلى آية (٦٢) من خلال أحسن التفسير

 

تفسير آيات في سورة الواقعة من آية (٥٧) إلى آية (٦٢) من خلال أحسن التفسير
(القرءان العظيم)

 

كتاب عظيم ليس له أي مثيل في العالَم، عَجِزَ اللسان عن الكلام والوصف.

السلام على من صدَّق أنَّ الله جلَّ في علاه هو الذي خَلَقه.

(١): هذه الآيات هي خطاب من الله تعالى، فقط للضّالين المُكذِّبين.

* سورة الواقعة
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ﴿٥١﴾ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ﴿٥٢﴾ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴿٥٣﴾ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ ﴿٥٤﴾ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ﴿٥٥﴾ هَٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ﴿٥٦﴾ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ ﴿٥٧﴾ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ ﴿٥٨﴾ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴿٥٩﴾ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴿٦٠﴾ عَلَىٰ أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٦١﴾ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَىٰ فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ ﴿٦٢﴾.

آية (٥٧) إلى آية (٦٢): "نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ..... أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ..... أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ..... نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ..... عَلَىٰ أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ..... وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَىٰ فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ".

"نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ": أي تفكَّروا في خَلْق السماوات والأرض، وفي خَلْق أنفسكم، وصدِّقوا أنَّني أنا الخالق أيُّها الضَّالّون المُكذِّبون.

"أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ..... أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ": يُذكِّرهم الله تعالى في خَلْقهم أنَّه هو الذي خَلَقهم وخَلَق الماء المَهين (السائل المنوي) وليس هم من خَلَقوا أنفسهم، لإنَّ الإنسان الضَّالّ يظُنّ أنَّه هو السبب في خَلْق الإنسان بالتزاوج من دون إرادة الله.

"نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ..... عَلَىٰ أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ": يّذكِّرهم الخالق البارئ بالموت وبالبعث لكي يأخذوا عبرة، ويتَّبعوا كتابه ويعملوا الصالحات، ولا يتكبَّروا عليه.

"عَلَىٰ أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ": لاحظوا إخوتي وأخواتي الأفاضل عَظَمَة هذه الآية العظيمة: أي سيخلقهم تعالى كما خَلَقهم من قبل، ولكن الفرق الوحيد أنَّه سيُبدِّل أجسادهم لكي تتلائم مع أرض جهنَّم، أي سيخلق لهم أعضاء تستطيع أن تتحمَّل عذاب جهنَّم، على سبيل المثال سيخلق تعالى لهم أمعاءً متلائمة مع شرب الهيم وطعام الزقوم، أي الطعام النتن والعفن كأعمالهم النتنة والعفنة، والتي سببها أديانهم وأحاديثهم النجسة والخبيثة، لذلك أكمل تعالى الآية بقوله: "... وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ"، بمعنى آخر، الله سُبحانه وتعالى يستطيع أن يُبدِّلَ خلقَهُم ويُنشِأهُم في الآخرة في ما لا يعلمون في أرض جهنَّم بطبيعة بشريَّة مُختلفة، أي غير سوِيَّة، لذلك ذكَّرهم الله تعالى أنَّه أنشأهُم بطبيعة بشريَّة سوِيَّة في هذه الأرض وأعلمهم عن نشأتهم الأولى من نطفةٍ إذا تمنى.

"وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَىٰ فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ": أي لقد عَلِمْتم كيف خلقتكم وصوَّرتكم فأحسنت صوركم، وكيف سوّيتكم وعَدَلتكم وسخَّرت لكم ما في السماوات والأرض جميعًاِ مني، وخَلَقت لكم الزرع والرمان، إلخ...، وكل الفيتامينات التي تتلائم مع أجساكم، فتذكَّروا وخذوا عبرة البعث من نشأتكم الأولى، أي من حياتكم على هذه الأرض.

* سورة الإنفطار
يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴿٦﴾ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴿٧﴾ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴿٨﴾.

* سورة لقمان
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴿٢٠﴾.

* سورة الأنعام
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۚ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴿١٤١﴾.

 

(٢): ملاحظة هامَّة للملحدين المتكبِّرين: إنَّ خَلْقكم الأوَّل، أي في هذه الحياة هو أكبر عبرة وبرهان على وجود الآخرة، فما بالكم في خَلْق السماوات والأرض، تجدوا الدليل البيِّن في هذه الآيات العظيمة، وفي آيات آُخرى كثيرة:

* سورة مريم
وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا ﴿٦٦﴾ أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ﴿٦٧﴾.

* سورة ق
أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴿٦﴾ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴿٧﴾ تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴿٨﴾ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴿٩﴾ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ﴿١٠﴾ رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ ﴿١١﴾ ..... أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿١٥﴾.

* سورة غافر
لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٥٧﴾.

* سورة النازعات
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ﴿٢٧﴾ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ﴿٢٨﴾ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ﴿٢٩﴾ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا ﴿٣٠﴾ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ﴿٣١﴾ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ﴿٣٢﴾ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴿٣٣﴾.

سبحانك اللهمَّ ربّي على عظمة كتابك العظيم.

والسلام على من اتَّبع الهُدى والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

519 Nov 28 2018