هل هناك درجات في الجنة وما مفهومها الحقيقي في القرءان؟

Raed's picture
Author: Raed / Date: Thu, 01/28/2016 - 22:51 /

 

هل هناك درجات في الجنة وما مفهومها الحقيقي في القرءان؟

 

سُوۡرَةُ الجَاثیَة
تِلۡكَ ءَايَـٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَيۡكَ بِٱلۡحَقِّ‌ۖ فَبِأَىِّ حَدِيثِۭ بَعۡدَ ٱللَّهِ وَءَايَـٰتِهِۦ يُؤۡمِنُونَ (٦).

 

1. قالوا وما زالوا يقولون بأن الجنة درجات وطبقات، وأن المؤمنين زمر وأن كل زمرة لها جنة تختلف عن جنة غيرها، وأنَّ كل جنَّة مُختلفة عن غيرها ولها إسم مختلف عن الجنّات الأخرى كجنات عدن والفردوس والروضة والمأوى. ولقد استعانوا بالأباطيل (الأحاديث الخبيثة) كي يثبتوا هذه المفاهيم في عقول المسلمين. إنهم لم يكتفوا بصنع الطبقية في الأرض بأشكالها المخيفة، بل تعدّوا حين حسبوا أنهم يستطيعون صنعها في جنات الخالق عز وجل.

لن أفتري.. بل سآتي بآيات القرءان العظيم كي تثبت كذب ما افتروا على الله سبحانه وتعالى، وسوف أبدأ بسورة النساء:

سُوۡرَةُ النِّسَاء
وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡہِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّہَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَ‌ۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَالِكَ ٱلۡفَضۡلُ مِنَ ٱللَّهِ‌ۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمًا (٧٠).

لقد قال الله عز وجل في آية (69) أنَّ من يُطع الله ورسوله فسوف يكون مع النبيين والصدّقين والشهداء والصالحين. هذه الآية هي أكبر دليل على أنَّ الإنسان المؤمن سوف يكون في جنة واحدة مع الأنبياء والرُسُل والشُهدآء وجميع المؤمنين الصالحين ومن دون أي تفرقة أو طبقية، وسوف ينعم برفقتهم الدائمة والأبدية فيها. وهذا هو العدل الإلاهي المطلق والمُساواة.

سُوۡرَةُ طٰه
وَمَن يَأۡتِهِۦ مُؤۡمِنًا قَدۡ عَمِلَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَـٰتُ ٱلۡعُلَىٰ (٧٥) جَنَّـٰتُ عَدۡنٍ تَجۡرِى مِن تَحۡتِہَا ٱلۡأَنۡہَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيہَا‌ۚ وَذَالِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ (٧٦).

(ملآحظة مهمة: عَدَنَ بالمَكان يعني أقامَ فيهِ. عَدَنَ البَلَد يعني تَوطَّنَهُ. جنّاتُ عدْنٍ هي جنّات إقامةٍ للخُلود، هي المكان أو البَلَد الّذي سوف يُقيمُ فيهِ المؤمن ويخلد فيه.

دَرَجَ تعني رَقِيَ. درج درجًا تعني صعد في المرتبة. الدَرَجة جمع دَرَجَ تعني المِرقاة. الدَرَجة جمع دَرَجات تعني الطبقة والرتبة والمنزلة).

نجد في آية 75 أنَّ "من يأتي ربَّهُ مؤمنًا قد عمل الصالحات" فسوف يكون له الدرجات العُلى في الجنة في الآخرة. ما هي هذه الدرجات العُلى؟ نجد الجواب في آية (76) بقول الله تعالى: "جَنَّـٰتُ عَدۡنٍ تَجۡرِى مِن تَحۡتِہَا ٱلۡأَنۡہَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيہَا‌ۚ". لقد عرَّف الله عز وجل لنا الدرجات العٌلى أنها جنات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها. وأنا أعجب لعدم استطاعة الّذين يُسمون أنفسهم بعلماء الدين الإسلامي أن يروا هذا التعريف الواضح الجلي. إذًا الدرجات العُلى هي الإقامة في جنات الآخرة والخلود فيها. والّذي سوف يكون صاحب هذا الشرف ويصِل إلى هذه المنزلة والرتبة العالية الرفيعة ويُقيم في الجنة هو كل إنسان يؤمن بالله ويعمل صالحًا، أي جميع المؤمنين من دون استثناء (النبيين والصدّقين والشهداء والصالحين) ومن دون أي تفرقة أو طبقية.

سُوۡرَةُ المؤمنون
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ (١) ٱلَّذِينَ هُمۡ فِى صَلَاتِہِمۡ خَـٰشِعُونَ (٢) وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنِ ٱللَّغۡوِ مُعۡرِضُونَ (٣) وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِلزَّكَوٰةِ فَـٰعِلُونَ (٤) وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَـٰفِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَاجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَـٰنُہُمۡ فَإِنَّہُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ٱبۡتَغَىٰ وَرَآءَ ذَالِكَ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡعَادُونَ (٧) وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَـٰنَـٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَاعُونَ (٨) وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَاتِہِمۡ يُحَافِظُونَ (٩) أُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡوَارِثُونَ (١٠) ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِيہَا خَـٰلِدُونَ (١١).

(ملآحظة هامة: الفَرْدَسَة تعني السِّعَة. الفِردَوس جمع فراديس تعني البُستان والجنَّة، والروضة، وخُضرَة الأعشاب، المكان الواسِع الرَحِب).

إذا تدبرنا تلك الآيات البينات نجد أنَّ الّذين سوف يُفلحون في الآخرة ويرثون الفردوس (الجنة) هُم المؤمنون، أي كل إنسان كان مؤمنًا في هذه الأرض. أي هُم جميع المؤمنين من دون استثناء (النبيين والصدّقين والشهداء والصالحين) ومن دون أي تفرقة أو طبقية.

سُوۡرَةُ الرُّوم
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَهُمۡ فِى رَوۡضَةٍ يُحۡبَرُونَ (١٥).

(ملآحظة هامة: الروضة هي الأرض المُرتَوِيَة بالماء والمُخضرَّة بجميع أنواع النبات الجيِّد. روضات الجنات هي أطيب بقاعها وأنزهها.
حبرَهُ وأحبَرَهُ تعني سرَّهُ وأبهجَهُ. الحَبْر والحِبْر جمع أحبارْ وحُبور هو السُّرور والنعمة. الحَبْرَة هو السرور والنعمة وكل نعمة حَسَنة. يُحبرون يعني يُسَرّون ويَنعَمون ويُسعدون).

من هُم الّذين سوف يدخلون الروضة (الجنة) وسوف يُحْبَرُون (ينعمون) فيها في الآخرة؟ هُم "الّذين ءامنوا وعملوا الصالحات" أي هُم جميع المؤمنين من دون استثناء (النبيين والصدّقين والشهداء والصالحين) ومن دون أي تفرقة أو طبقية.

سُوۡرَةُ السَّجدَة
أَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَلَهُمۡ جَنَّـٰتُ ٱلۡمَأۡوَىٰ نُزُلاَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (١٩).

(ملآحظة هامة: جنات المأوى هي المكان الّذي سوف ينزل فيه المؤمن ويأوي إليه في الآخرة. أي هو مكان إقامة المؤمن أو منزله أو بيته في الآخرة).

من هُم الّذين سوف ينزِلون ويُقيمون في جنات المأوى في الآخرة؟ هُم "الّذين ءامنوا وعملوا الصالحات" أي هُم جميع المؤمنين من دون استثناء (النبيين والصدّقين والشهداء والصالحين) ومن دون أي تفرقة أو طبقية.

سُوۡرَةُ فَاطِر
وَٱلَّذِىٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ هُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِۦ لَخَبِيرُۢ بَصِيرٌ (٣١) ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَـٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمٌ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡہُم مُّقۡتَصِدٌ وَمِنۡہُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَاتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَالِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡڪَبِيرُ (٣٢) جَنَّـٰتُ عَدۡنٍ يَدۡخُلُونَہَا يُحَلَّوۡنَ فِيہَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤۡلُؤًاۖ وَلِبَاسُہُمۡ فِيہَا حَرِيرٌ (٣٣) وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِىٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) ٱلَّذِىٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيہَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيہَا لُغُوبٌ (٣٥).

(ملآحظة مهمة: عَدَنَ بالمَكان يعني أقامَ فيهِ. عَدَنَ البَلَد يعني تَوطَّنَهُ. جنّاتُ عدْنٍ هي جنّات إقامةٍ للخُلود، هي المكان أو البَلَد الّذي سوف يُقيمُ فيهِ المؤمن ويخلد فيه).

نجد من خلال جميع تلك الآيات البينات أنَّ الّذين سوف يدخلون جنّاتُ عدن هم السابقون بالخيرات، وهم جميع المؤمنين من دون استثناء (النبيين والصدّقين والشهداء والصالحينومن دون أي تفرقة أو طبقية.

ونجد أيضًا أنَّ الفضل الكبير الّذي سوف يُعطيه الله عز وجل للمؤمن هو إدخالِهِ الجنة وإقامته وخلوده فيها. ونجد أنَّ جنات عدن هي دار المُقامة أي هي الدار أو المكان أو النُزُل أو البيت الّذي سوف يٌقيم فيه المؤمن في الآخرة. ونجد أنَّ جنات عدن هي المكان الّذي يوجد فيه خير وعِز وجاه ومُلكٌ كبير، وهي المكان الّذي لا يوجد فيه نصب ولا لُغوب (لا تعب ولا كذب ولا ظلم ولا فساد).

سُوۡرَةُ الشّوریٰ
تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا ڪَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡ‌ۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فِى رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِ‌ۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡ‌ۚ ذَالِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ (٢٢).

نجد أنَّ الّذين سوف يدخلون روضات الجنات في الآخرة هُم الّذين ءامنوا وعملوا الصالحات، أي هُم جميع المؤمنين من دون استثناء  (النبيين والصدّقين والشهداء والصالحين) ومن دون أي تفرقة أو طبقية.

 

2. الآيات الّتي تُعطينا المفهوم الحقيقي للدرجات مُفصَّلاً نجدها في التالي:

سورة النساء
لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٩٥﴾ دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿٩٦﴾.

(ملآحظة مهمةدَرَجَ تعني رَقِيَ. درج درجًا تعني صعد في المرتبة. الدَرَجة جمع دَرَجَ تعني المِرقاة. الدَرَجة جمع دَرَجات تعني الطبقة والرتبة والمنزلة).

إذا تدبرنا تلك الآيات البينات نجد أنَّ الدرجة الّتي فضَّل الله تعالى بها المؤمنين المُجاهدين بأموالهم وأنفسهم على المؤمنين القاعدين غير أولي الضرر والّذين لا يُريدون أن يُجاهدوا بأموالهم وأنفسهم، هي الحُسنى أي هي الجنة الّتي وعد الله تعالى بها المؤمن المُجاهِد في سبيله والّتي وعد تعالى بها أيضًا المؤمن القاعِد الغير مُجاهِد بماله ونفسِهِ ولكن فقط في حال استغفر ربه وتاب وأصلح وقام وقبِل أن يجاهد بماله ونفسه في سبيله.

نجد أيضًا من خلال هاتين الآيتين أنَّ الدرجة أي المنزلة العالية هي الحُسنى أي الجنة، وهي الأجر العظيم الّذي سوف يُعطيه الله تعالى لكل مؤمن، وهي الدرجات أي المراتب والمنازل العالية الرفيعة من الله عز وجل للمؤمن، أي هي جنات عدن والفردوس والمأوى والروضة الّتي سوف يُقيم فيها المؤمن وينعم بجميع خيراتها، وهي المغفرة والرحمة الّتي سوف يُعطيها الله عز وجل للمؤمن في الآخرة. إذًا هذه الدرجة أو الدرجات الرفيعة سوف تكون لجميع المؤمنين من دون استثناء ومن دون أي تفرقة أو طبقية. 

سورة الأنفال
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٢﴾ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴿٣﴾ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴿٤﴾.

آية (4): "لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ" = لهم جناتٌ عند ربهم = لهم مغفرةٌ عند ربهم = لهم رزقٌ كريمٌ عند ربهم.

تلك الدرجات سوف تكون لجميع المؤمنين من دون استثناء ومن دون أي تفرقة أو طبقية. 

سورة الإسراء
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ﴿١٨﴾ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴿١٩﴾ كُلًّا نُمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴿٢٠﴾ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴿٢١﴾.

آية (21): "انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ": لأنَّ الله عزَّ وجل أعطى فضله وعطاءه للجميع، للكافر الّذي أراد العاجلة (الحيواة الدنيا) وللمؤمن الّذي أراد الآخرة وسعى لها.

"وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا": لأنَّ الآخرة مرتبتها ومنزلتها أي درجتها عالية جدًا ورفيعة المُستوى. وسوف تكون لجميع المؤمنين من دون استثناء ومن دون أي تفرقة أو طبقية. 

سورة التوبة
الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٢٠﴾ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ ﴿٢١﴾ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿٢٢﴾.

إذا تدبرنا تلك الآيات البينات نجد أنَّ "أَعْظَمُ دَرَجَةً" في آية (20) هي الرحمة والرضوان وجنات فيها نعيمٌ مُقيم وخلود، أي هي أجر الله العظيم لجميع المؤمنين من دون استثناء ومن دون أي تفرقة أو طبقية. 

"أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ" = أعظم منزلة ورُتبة عند الله = الفوز = الرحمة والرضوان وجنات فيها نعيمٌ مُقيم ودائم = خلود في الجنة = أجر عظيم للمؤمن في الآخرة.

سُوۡرَةُ الرَّحمٰن
وَلِمَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٧) ذَوَاتَآ أَفۡنَانٍ (٤٨) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٩) فِيہِمَا عَيۡنَانِ تَجۡرِيَانِ (٥٠) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥١) فِيہِمَا مِن كُلِّ فَـٰكِهَةٍ۬ زَوۡجَانِ (٥٢) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٣) مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ فُرُشِۭ بَطَآٮِٕنُہَا مِنۡ إِسۡتَبۡرَقٍ وَجَنَى ٱلۡجَنَّتَيۡنِ دَانٍ (٥٤) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٥) فِيہِنَّ قَـٰصِرَاتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ يَطۡمِثۡہُنَّ إِنسٌ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنٌّ (٥٦) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٧) كَأَنَّہُنَّ ٱلۡيَاقُوتُ وَٱلۡمَرۡجَانُ (٥٨) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٩) هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَـٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَـٰنُ (٦٠) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦١)
وَمِن دُونِہِمَا جَنَّتَانِ (٦٢) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٣) مُدۡهَآمَّتَانِ (٦٤) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٥) فِيہِمَا عَيۡنَانِ نَضَّاخَتَانِ (٦٦) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٧) فِيہِمَا فَـٰكِهَةٌ وَنَخۡلٌ۬ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٩) فِيہِنَّ خَيۡرَاتٌ حِسَانٌ (٧٠) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧١) حُورٌ مَّقۡصُورَاتٌ فِى ٱلۡخِيَامِ (٧٢) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٣) لَمۡ يَطۡمِثۡہُنَّ إِنسٌ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنٌّ (٧٤) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٥) مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ رَفۡرَفٍ خُضۡرٍ وَعَبۡقَرِىٍّ حِسَانٍ (٧٦) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٧) تَبَـٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِى ٱلۡجَلَـٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ (٧٨).

إذا تدبرنا تلك الآيات البينات نجد أنَّ "الجنتان" في آية (46) هي جنة للإنس وجنة للجن، لذلك قال الله تعالى في آية 74: "... لَمۡ يَطۡمِثۡہُنَّ إِنسٌ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنٌّ". هذا يعني أنَّ الجنتان هي جنّة مادية يأكل ويشرب منها الإنسان، وجنَّة نفسيَّة وجماليَّة (معنوية) يتمتَّع بها الإنسان ويسلم فيها. هذا يعني أنَّ الجنتّان فيها جنة لحاجات الجسد وجنة لحاجات النفس، وهي في الحقيقة جنة واحدة يجد فيها الإنسان حاجته من المأكل والمشرب (الغذاء الجسدي) وحاجته من الراحة النفسية والسلام الدائم والتمتع بجمال الطبيعة والماء العذب والأنهار والخير والحيواة  الدائمة والأبدية (الغذاء النفسي).

وإذا نظرنا في قول الله عز وجل في آية (62): "وَمِن دُونِہِمَا جَنَّتَانِ" وتدبرنا الآيات التالية، نجد أنَّ الجنتان هي في الحقيقة أماكن فيها جنات أخرى كثيرة ومتعددة موجودة في كل مكان في أرض الجنة. نستطيع أن نقول بأنها كل مكان من أرض الجنة، فأرض الجنة فيها جنات كثيرة أي خيرات كثيرة وتلك الخيرات موجودة في كل مكان من بِقاعها.  
إذًا فإنَّ قول الله تعالى في آية (46): "ولمن خاف مقام ربه جنتان" يدلنا على وجود جنات كثيرة لجميع المؤمنين من النبيّين والصدّقين والشهدآء والصالحين والمحسنين وغيرهم من المتقين...

والآن إذا قارنا "الجنتان" الّتي ذُكِرتا في آية (46) إلى (61) ب"الجنتان" الّتي ذُكرتا في آية (62) إلى (78) لا نجد أي فارق بينهما، بل على العكس تمامًا، سوف نجد أنها نفس الخيرات وأنها موجودة في كل مكان من أرض الجنة.

آية (50) = آية (66).

آية (52) = آية (68).

آية (54) = آية (76).

آية (56) = آية (72) وآية (74).

سُوۡرَةُ الواقِعَة
وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ (١٠) أُوْلَـٰٓٮِٕكَ ٱلۡمُقَرَّبُونَ (١١) فِى جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلۡأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ  مِّنَ ٱلۡأَخِرِينَ (١٤) عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوۡضُونَةٍ (١٥) مُّتَّكِـِٔينَ عَلَيۡہَا مُتَقَـٰبِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيۡہِمۡ وِلۡدَانٌ مُّخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكۡوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأۡسٍ مِّن مَّعِينٍ (١٨) لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡہَا وَلَا يُنزِفُونَ (١٩) وَفَـٰكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحۡمِ طَيۡرٍ مِّمَّا يَشۡتَہُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمۡثَـٰلِ ٱللُّؤۡلُوِٕ ٱلۡمَكۡنُونِ (٢٣) جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (٢٤) لَا يَسۡمَعُونَ فِيہَا لَغۡوًا وَلَا تَأۡثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلاً سَلَـٰمًا سَلَـٰمًا (٢٦) 
وَأَصۡحَـٰبُ ٱلۡيَمِينِ مَآ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡيَمِينِ (٢٧) فِى سِدۡرٍ مَّخۡضُودٍ (٢٨) وَطَلۡحٍ مَّنضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَّمۡدُودٍ (٣٠) وَمَآءٍ  مَّسۡكُوبٍ (٣١) وَفَـٰكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَّا مَقۡطُوعَةٍ وَلَا مَمۡنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَّرۡفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّآ أَنشَأۡنَـٰهُنَّ إِنشَآءً (٣٥) فَجَعَلۡنَـٰهُنَّ أَبۡكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتۡرَابًا (٣٧) لِّأَصۡحَـٰبِ ٱلۡيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴿٣٩﴾ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴿٤٠﴾​.

إذا قارنّا جنَّات السابقين من آية (12) إلى (26) بجنَّات أصحاب الميمنة من آية (28) إلى (37) لن نجد فرقًا أو اختلاف أو طبقية بينهُنّ، وسوف نجد أنَّ أرض الجنة في الآخرة هي جنة كبيرة فيها جنات كثيرة وواسعة لجميع المؤمنين من السابقين ومن أصحاب اليمين من دون أي اختلاف أو تفرقة أو عنصرية.

آية (12) = آية (28) وآية (29) وآية (30) وآية (35) وآية (36) وآية (37).

آية (15) = آية (34).

آية (18) = آية (31).

آية (20) = آية (32) وآية (33).

سُوۡرَةُ الزُّمَر
وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّہُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًا‌ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَابُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُہَا سَلَـٰمٌ عَلَيۡڪُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَـٰلِدِينَ (٧٣) وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى صَدَقَنَا وَعۡدَهُ وَأَوۡرَثَنَا ٱلۡأَرۡضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلۡجَنَّةِ حَيۡثُ نَشَآءُ‌ۖ فَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَـٰمِلِينَ (٧٤).

تلك الآيتين تنسخ الطبقية في الجنة. نجد أنَّ الّذين اتقوا ربهم سوف يدخلون من جميع أبواب الجنة، وسوف يرثون أرض الجنة ويتبوّأون منها حيثُ يشآؤون. إذًا أرض الجنة بأكملها سوف تكون لجميع المؤمنين من دون استثناء ومن دون أي تفرقة أو عنصرية أو طبقية. 

سُوۡرَةُ الحَدید
سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُہَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ‌ۚ ذَالِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُ‌ۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ (٢١).

"جنة واسعة عرضها كعرض السماء والأرض": هذا يدلنا على أنَّ في داخل هذه الجنة العريضة والواسعة توجد جنات كثيرة أُعدّت للذين آمنوا بالله ورسله، أي أُعدت لجميع المؤمنين من جميع الأمم المختلفة وليس فقط للمؤمنين من أمَّة العرب.

 

3. في الختام، إذا أخذنا جميع تلك الآيات الّتي ذكرتها لكم أعلاه وضربناها وقارناها ببعضها، سوف نجد أنْ لا وجود لدرجات وطبقات أو لطبقية في الجنة، وأنَّ جميع الجنات الّتي وردت في القرءان باختلاف أسمائِها هي في الحقيقة جنَّة واحدة كبيرة للجميع عرضها السماوات والأرض أُعدَّت لجميع المؤمنين المُتَّقين ومن دون استثناء. وسوف نتوصَّل إلى أنَّ الجنة هي الجنات، وهي  جنات عدن، وهي جنات الفردوس، وهي جنات المأوى، وهي الروضة، وهي الروضات، وهي الدرجة، وهي الدرجات، وهي  المغفرة، وهي الرحمة، وهي الرضوان، وهي النعيم المُقيم، وهي الأجر العظيم، وهي الفوز الكبير.

وللمزيد من المعلومات والتفاصيل والإثباتات في هذا الموضوع، تستطيعون أن تشاهدوا هذا الرابط من هم الأزواج الثلآثة الّذين ذكرهم الله تعالى في سورة الواقعة؟​

20 Apr 01, 2016