من هم الأزواج الثلآثة الّذين ذكرهم الله تعالى في سورة الواقعة؟

Raed's picture
Author: Raed / Date: Mon, 02/01/2016 - 16:12 /

 

من هم الأزواج الثلآثة الّذين ذكرهم الله تعالى في سورة الواقعة؟
وهل هناك فرق ما بين السابقين وأصحاب اليمين؟

 

1. سورة الواقعة من آية 1 إلى 41، وآية 49 و50:

سُوۡرَةُ الواقِعَة
إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ (١) لَيۡسَ لِوَقۡعَتِہَا كَاذِبَةٌ (٢) خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ (٣) إِذَا رُجَّتِ ٱلۡأَرۡضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ ٱلۡجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتۡ هَبَآءً مُّنۢبَثًّا (٦) وَكُنتُمۡ أَزۡوَاجًا ثَلَـٰثَةً (٧) فَأَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَيۡمَنَةِ مَآ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَيۡمَنَةِ (٨) وَأَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَشۡـَٔمَةِ مَآ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَشۡـَٔمَةِ (٩) وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ (١٠) أُوْلَـٰٓٮِٕكَ ٱلۡمُقَرَّبُونَ (١١) فِى جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلۡأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ  مِّنَ ٱلۡأَخِرِينَ (١٤) عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوۡضُونَةٍ (١٥) مُّتَّكِـِٔينَ عَلَيۡہَا مُتَقَـٰبِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيۡہِمۡ وِلۡدَانٌ مُّخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكۡوَابٍ  وَأَبَارِيقَ وَكَأۡسٍ مِّن مَّعِينٍ (١٨) لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡہَا وَلَا يُنزِفُونَ (١٩) وَفَـٰكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحۡمِ طَيۡرٍ مِّمَّا يَشۡتَہُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمۡثَـٰلِ ٱللُّؤۡلُوِٕ ٱلۡمَكۡنُونِ (٢٣) جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (٢٤) لَا يَسۡمَعُونَ فِيہَا لَغۡوًا وَلَا تَأۡثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلاً سَلَـٰمًا سَلَـٰمًا (٢٦) وَأَصۡحَـٰبُ ٱلۡيَمِينِ مَآ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡيَمِينِ (٢٧) فِى سِدۡرٍ مَّخۡضُودٍ (٢٨) وَطَلۡحٍ مَّنضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ  مَّمۡدُودٍ (٣٠) وَمَآءٍ مَّسۡكُوبٍ  (٣١) وَفَـٰكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَّا مَقۡطُوعَةٍ وَلَا مَمۡنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَّرۡفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّآ أَنشَأۡنَـٰهُنَّ إِنشَآءً (٣٥) فَجَعَلۡنَـٰهُنَّ أَبۡكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتۡرَابًا (٣٧) لِّأَصۡحَـٰبِ ٱلۡيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلۡأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلۡأَخِرِينَ (٤٠) وَأَصۡحَـٰبُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصۡحَـٰبُ ٱلشِّمَالِ (٤١) ... قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَوَّلِينَ وَٱلۡأَخِرِينَ (٤٩) لَمَجۡمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَـٰتِ يَوۡمٍ مَّعۡلُومٍ (٥٠).

إذا تدبرنا سورة الواقعة نجد أنَّنا سوف نكون في يوم الواقعة (يوم القيامة والحساب) أزواجًا ثلاثة (أنواعًا ثلاثة)، أصحاب  الميمنة وأصحاب المشئمة والسابقون. ولقد أخبرنا الله عز وجل أنَّ السابقين هُمُ المُقَرَّبين، وأنهم ثلة من الأوَّلين وقليلٌ من الآخرين. وأخبرنا تعالى أنَّ أصحاب الميمنة هم أصحاب اليمين وهُم ثلَّةٌ من الأولين وثلة من الآخرين

 

2. سورة المطففين من آية 1 إلى 28:

سُوۡرَةُ المطفّفِین
وَيۡلٌ لِّلۡمُطَفِّفِينَ (١) ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكۡتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسۡتَوۡفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ (٣) أَلَا يَظُنُّ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ أَنَّہُم مَّبۡعُوثُونَ (٤) لِيَوۡمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (٦) كَلَّآ إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِى سِجِّينٍ (٧) وَمَآ أَدۡرَٮٰكَ مَا سِجِّينٌ (٨) كِتَـٰبٌ مَّرۡقُومٌ (٩) وَيۡلٌ يَوۡمَٮِٕذٍ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (١٠) ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوۡمِ ٱلدِّينِ (١١) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦۤ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَـٰتُنَا قَالَ أَسَـٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ (١٣) كَلَّا‌ۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِہِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ (١٤) كَلَّآ إِنَّہُمۡ عَن رَّبِّہِمۡ يَوۡمَٮِٕذٍ لَّمَحۡجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّہُمۡ لَصَالُواْ ٱلۡجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقَالُ هَـٰذَا ٱلَّذِى كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ (١٧) كَلَّآ إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ (١٨) وَمَآ أَدۡرَٮٰكَ مَا عِلِّيُّونَ (١٩) كِتَـٰبٌ مَّرۡقُومٌ (٢٠) يَشۡہَدُهُ ٱلۡمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِى نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى ٱلۡأَرَآٮِٕكِ يَنظُرُونَ (٢٣) تَعۡرِفُ فِى وُجُوهِهِمۡ نَضۡرَةَ ٱلنَّعِيمِ (٢٤) يُسۡقَوۡنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخۡتُومٍ (٢٥) خِتَـٰمُهُ مِسۡكٌ وَفِى ذَالِكَ فَلۡيَتَنَافَسِ ٱلۡمُتَنَـٰفِسُونَ (٢٦) وَمِزَاجُهُ مِن تَسۡنِيمٍ (٢٧) عَيۡنًا يَشۡرَبُ بِہَا ٱلۡمُقَرَّبُونَ (٢٨).

نجد في سورة المُطفَّفين أننا سوف نكون في يوم الحساب نوعين أو زوجين فقط لا ثلاثة أزواج مثل سورة الواقعة. النوعان هُما: نوع الأبرار، ونوع الفجار. ولقد أخبرنا الله تعالى أنَّ كتاب الأبرار في عِلّيين وأنَّهُ سوف يشهده المقربون. إذًا فإنَّ الأبرار في سورة المُطفَّفين هم السابقون في سورة الواقعة لأنَّ الله تعالى وصفهما بلمقرَّبين".

 

4. سورة البلد من آية 1 إلى 20:

سُوۡرَةُ البَلَد
لَآ أُقۡسِمُ بِہَـٰذَا ٱلۡبَلَدِ (١) وَأَنتَ حِلُّۢ بِہَـٰذَا ٱلۡبَلَدِ (٢) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣) لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ فِى كَبَدٍ (٤) أَيَحۡسَبُ أَن لَّن يَقۡدِرَ عَلَيۡهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهۡلَكۡتُ مَالاً لُّبَدًا (٦) أَيَحۡسَبُ أَن لَّمۡ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمۡ نَجۡعَل لَّهُ عَيۡنَيۡنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيۡنِ (٩) وَهَدَيۡنَـٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ (١٠) فَلَا ٱقۡتَحَمَ ٱلۡعَقَبَةَ (١١) وَمَآ أَدۡرَٮٰكَ مَا ٱلۡعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوۡ إِطۡعَـٰمٌ فِى يَوۡمٍ ذِى مَسۡغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقۡرَبَةٍ (١٥) أَوۡ مِسۡكِينًا ذَا مَتۡرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ (١٧) أُوْلَـٰٓٮِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَيۡمَنَةِ (١٨) وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَـٰتِنَا هُمۡ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَشۡـَٔمَةِ (١٩) عَلَيۡہِمۡ نَارٌ مُّؤۡصَدَةُۢ (٢٠).

نجد في سورة البلد أننا سوف نكون فريقين أو نوعين أو زوجين، أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة. ونجد تعريفًا  تفصيليًّا لأصحاب الميمنة (أصحاب اليمين).

 

5. إذا قارنا آيات سورة الواقعة والمطففين والبلد وضربنا تلك الآيات ببعضها، سوف نجد أنَّ السابقين هُم أصحاب اليمين وهم أصحاب الميمنة وهم الأبرار وهم المُقرَّبين، وهُم ثلَّةٌ من الأولين وقليلٌ من الآخرين، وهم أيضًا ثلةٌ من الأولين وثلةٌ من الآخرين.

السابقون، ثلةٌ من الأولين وقليلٌ من الآخرين:
هنا أراد الله تعالى أن يُحدِّد لنا مرحلة زمنية كانت تحصل في زمن مُعيَّن إلى حين انتهاء هذا الزمن. هذه المرحلة تبدأ من الوقت الّذي ينزل الله تعالى فيه كتاب أو يبعث فيه برسول في زمن ما إلى حين يُحرَّف الكتاب ويزول، أي إلى حين يصبح هناك قليلٌ من المؤمنين. وهذه المرحلة هي مرحلة كانت تتكرَّر في كل زمن يبعث الله تعالى فيها برسول، فيكون الإيمان على أوجّه في البداية فيدخل كثير من الناس في دين الله، ولكن يقل عدد المؤمنين عبر الزمن. وهذا يعني أنَّهُ في كل زمن كان ينزل فيه كتاب من الله عز وجل، كان هناك سابقون من أنبياء ورسل ومؤمنين في بداية تنزيل الكتاب (ثلة من الأولين)، وبعد ذلك ومع مرور الوقت يُصبح المؤمنون أقلية (قليلٌ من الآخرين).

أصحاب الميمنة أو اليمين، ثلةٌ من الأولين وثلة من الآخرين:
هنا أراد الله تعالى أن يحدثنا عن مرحلة زمنية شموليَّة، أو عن جميع المراحل الزمنية. لقد أراد الله تعالى أن يعلمنا بأنهُ هناك دائمًا مجموعة من المؤمنين (السابقين المقربين) آمنوا بكتاب الله في كل زمان ومكان ومن جميع الأمم، من أوَّل خلق الإنسان إلى انتهاء الحيواة في هذه الأرض.

 

6. إذا عدنا إلى سورة الواقعة والمُطففين والبلد، نجد بأنَّ الفارق الّذي أراد الله تعالى أن يُظهِرَهُ لنا هو في الحقيقة ليس بين السابقين وأصحاب اليمين، ولكن بين عدد أو مجموع المؤمنين الّذين آمنوا في زمن مُعيَّن، وبين عدد أو مجموع المؤمنين الّذين آمنوا عبر الأزمان وعلى مر العصور كمجمل عام، وهُما أمران مُختلفان تمامًا في المقصود. فالله تعالى لا يُفرِّق بين الأنبياء والرُسُل والمؤمنين، كما أخبرنا تعالى في الآيات التالية:

سورة النساء
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾.

إذًا فإنَّ جميع فئات المؤمنين من رُسُل إلى نبيين إلى صديقين إلى شهداء إلى صالحين سوف يعيشون جميعًا مع بعضهم البعض في نفس الجنة وبرفقة بعضهم البعض.

وإذا تدبَّرنا قول الله عز وجل في سورة الحديد وآل عمران، فسوف نجد بأنَّ الجنة سوف يكون عرضها السماوات والأرض، أعدَّها الله تعالى لجميع المؤمنين، مِمّا يدلنا على أنَّ الجنة سوف تكون مفتوحة للجميع، للأنبياء وللرسل وللمؤمنين، أي للسابقين ولأصحاب الميمنة، مِمّا يدلنا بل يؤكد لنا أنّه لا يوجد فرق أو درجات بين جنة السابقين وبين جنة أصحاب اليمين.

سُوۡرَةُ الحَدید
سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُہَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ‌ۚ ذَالِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُ‌ۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ (٢١).

لاحظوا قول الله تعالى: "أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ". إذًا هذه الجنة بعرضها الكبير سوف تكون للّذين ءامنوا بالله ورُسُلِهِ، أي سوف تكون لجميع المؤمنين. مِمّا يدلنا على أنَّ السابقين وأصحاب الميمنة أو اليمين سوف يكون لهم نفس المكانة والدرجة في الجنة.

سُوۡرَةُ آل عِمرَان
وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٍ مِّن رَّبِّڪُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَـٰوَاتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينِ (١٣٣).

لاحظوا قول الله تعالى: "أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ". إذًا هذه الجنة بعرضها الكبير سوف تكون للمتقين، أي سوف تكون لجميع المؤمنين. مِمّا يدلنا على أنَّ السابقين وأصحاب الميمنة أو اليمين سوف يكون لهم نفس المكانة والدرجة في الجنة.

 

7. إخواني الكرام، إذا كنتم تظنون بأنَّ هناك فرق بين جنة السابقين وبين جنة أصحاب الميمنة فهذا خطأ كبير فادح تقعون فيه. وأنتم إذا تدبَّرتم جيَّدًا الآيات الّتي وصف الله تعالى لنا فيها جنة السابقين مع الآيات الّتي وصف الله تعالى فيها جنة أصحاب اليمين، لن تجدوا بينهما أي فرق في مضمون هذا الوصف، ولذلك ذكر الله تعالى لنا زوجين فقط في سورة المطففين وفي سورة البلد، وذكر لنا نوعًا واحدًا من المؤمنين وصفهم بالأبرار المقربين في سورة المطففين وبأصحاب الميمنة في سورة البلد. إذًا فالأبرار المقربون في سورة المطففين هم نفسهم أصحاب الميمنة في سورة البلد. هذا يُعطينا الدليل بل يؤكد لنا أنَّ السابقين المقربين هُم نفسهم أصحاب اليمين أو الميمنة في سورة الواقعة.

في سورة المُطففين ذكر الله تعالى لنا كتابين فقط: كتاب الأبرار وكتاب الفجار، وأخبرنا أنَّ الأبرار هُم المُقرَّبون، فأينَ كتاب أصحاب اليمين؟ ولماذا لم تُذكر هذه الفئة (فئة أصحاب اليمين) في هذه السورة؟

وفي سورة البلد حدّثنا الله تعالى عن أصحاب الميمنة (أصحاب اليمين) ولم يحدثنا عن السابقين المقربين، وأخبرنا بأنَّ أصحاب الميمنة هم الّذين يقتحمون العقبة، الّتي هي فك رقبة، والّتي هي إطعامٌ في يوم ذي مسغبة، يتيمًا ذا مقربة، أو مسكينًا ذا متربة، ثم كانوا من الّذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة، ولقد وصف الله تعالى جميع هؤلآء بأنَّهم أصحاب ميمنة. وإذا انطلقنا من مضمون تلك السورة وقارنا فئة السابقين المقربين بما جآء فيها، فهل يصُح أن نقول عن السابقين المقربين أنهم ليسوا من الّذين يقتحمون العقبة، وأنهم ليسوا من الّذين يفكون رقبة، وأنهم ليسوا من الّذين يُطعمون في يوم ذي مسغبة يتيمًا ذا مقربة أو مسكينًا ذا متربة، وأنهم ليسوا من الّذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة؟ ولماذا لم تُذكر هذه الفئة (فئة السابقون المقربون) في هذه السورة؟

باختصار مُفيد، لقد أراد الله تعالى من خلال ذكرِهِ لزوجين من المؤمنين والّذين هُم زوج (نوع) السابقون وزوج (نوع) أصحاب الميمنة في سورة الواقعة أن يعلمنا عن أمرين: الأمر الأول هو، أنَّه في كل زمن، يكون عدد المؤمنين أكثر في بداية تنزيل الكتاب ولكن بعد مرور الوقت يخف عدد المؤمنين إلى حين انتهاء أجل الكتاب. والأمر الثاني هو، أنَّهُ هناك دائمًا وفي كل الأزمان والعصور وعلى مر الدهر مجموعات من الناس كانت تدخل في الإيمان. لقد أراد الله تعالى أن يُعطينا معلومتان فيهما عبرتين مختلفتين.

للتوضيح أكثر، إذا نظرنا في كل زمن ورأينا ما يحدث فيه، نجد أنَّ المؤمنين في كل زمن أتى فيه رسول كانوا ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ولذلك وصفهم الله تعالى بالسابقين المقربين. وإذا قارنا جميع تلك الأزمان ببعضها، نجد أنّ السابقين المقربين قد وجِدوا في كل زمن لذلك قال تعالى ثلة من الأولين وثلة من الآخرين. من هنا أستطيع أن أقول لكم أنَّ أصحاب الميمنة الّذين هم ثلة من الأولين وثلة من الآخرين هم جميع السابقين المقربين الّذين أتوا عبر الأزمان والعصور من أول خلق الإنسان إلى آخره والّذين كانوا ثلة من الأولين وقليل من الآخرين في كل زمن من تلك الأزمان.

 

8. في الختام، أدعو الله عز وجل لي ولكم أن يجعلنا من أصحاب اليمين، وأن يحشرنا مع السابقين، وأن يجعلنا في الآخرة من المقربين.

وللمزيد من المعلومات والتفاصيل والإثباتات في هذا الموضوع، تستطيعون أن تشاهدوا هذا الرابط: هل هناك درجات في الجنة وما مفهومها الحقيقي في القرءان؟​

19 Apr 01, 2016