(9:6) حقيقة الحيواة. الموت والبعث
هذه هي الحلقة الثانية عن حقيقة الموت. لقد استخدم جهلاء الدين والسلف الطالح آية 46 في سورة غافر، وآية 101 في سورة التوبة، وحرَّفوا بمعنيهما لِكَيْ يُثبتوا وجود عذاب في القبر. وإنَّ تحريفهم هذا أبطلهُ الله تعالى ونَسَخَهُ من خلال الآية نفسها الّتي حرَّفوها، ومن خلال مجموعة كبيرة من الآيات المُتشابهات والبينات والمُفصلات لتلك الآيتان، وأيضًا من خلال مجموعة كبيرة من الآيات البينات الّتي تُثبت لنا وجود فقط نوعين من العذاب، عذاب في الدنيا وعذاب في الآخرة فتنفي بذلك عذاب في القبر، وتلك الآيات تُثبتُ لنا أيضًا أنَّ الحساب والعذاب بعد الموت سوف يكون في الآخرة أي في جهنم وليس في القبر. وأنا أعجب من أمر الّذين يُسمون أنفسهم بعلماء الدين "ودرسوا ما فيه"، كيف يستطيعون أن يعتمدوا على دليلٍ واحدٍ لا غير مُحرَّف جملةً وتفصيلاً، وبالرغم من ذلك يأخذونَ بِهِ لإثبات عذاب القبر، ولكنهم ينسون آيات لا تُعد ولا تُحصى تنفي لهم نفيًا قاطعًا عذاب القبر، ويرفضونَ أن يأخذوا بها وأن يعتمدوا عليها لِإلغاء فكرة وجود أي نوع من العذاب في القبر
لقد أعلمنا الله تعالى من خلال آية 29 و31 من سورة الزمر أنَّ الشر والخير لا يتساويان عندهُ سُبحانَهُ، لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولكنَّ الخير والشر يتساويان عندهُ في الموت، ولذلك قال تعالى في آية 30 لِمحمد عليه السلام: "إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ ميِّتون"، لِكي يُعلمنا أنَّ محمد عليه السلام يتساوى بالموت مع الُمُشركين والكفار، وهذا يدلنا على أنَّ الخير والشر يتساويان عند الله بالموت، مِمّا يُثبت لنا بل يؤكد لنا عدم وجود عذاب في القبر، ويُثبت لنا أيضًا أنَّ الموت هو عدم وجودية، ويُعطينا أيضًا السبب لوجود البعث، فلو أنَّ الله تعالى اكتفى بموت الإنسان من دون أن يبعثه، فهو يكون بذلك حاشآه يُساوي بين الخير والشر، أي لا يكون بذلك إلهًا عادلاً، وحاشآه فإنَّهُ ليس من صِفتِهِ أن لا يكونَ عادلاً، لأنه سُبحانهُ وتعالى هو العدل المُطلق.
أعزّائي المُتابعين لحقيقة الحيواة، الموت والبعث، أرجو منكم لأهمية الأمر التفكُّر في كل آية تُتابعونها في هذه الحلقة.
(وهذا الموضوع عن حقيقة الموت، له تكملة في الحلقة القادمة إن شآء الله).