- 21206 reads
ما هو المعنى الحقيقي للسارق والسارقة في القرءان العظيم
تفسير آية (٣٨) من سورة المائدة: وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا جَزَآءَۢ بِمَا كَسَبَا نَكَـٰلاً مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ من خلال أحسن التفسير (القرءان العظيم)
ما هو المعنى الحقيقي لقطع أيدي السارق والسارقة؟
ومن هم السارق والسارقة (المعنى الظاهر والباطن)؟
أهدي مقالتي هذه إلى المؤمنين والمؤمنات فقط بكتاب الله جلَّ في علاه.
السلام على من حافظ على أمانة الله (كتاب الله) ولم يسرق منه كلمة واحدة.
(١): إذا نظرنا في معنى قَطَعَ لُغويًّا، تجد أن قطع لها معاني معنوية كثيرة فمثلاً:
قطع الشيء يعني أبانه وفصَّلهُ.
وقطع الصلاة يعني أبطلها.
وقطع في القول يعني جزم، ويُقال إنّي أقطع بذلك قطعًا أي أجزمُ جزمًا.
وقطعهُ عن حقِّهِ يعني منعهُ.
وقطع الطريق يعني منع وخوَّف.
وقطع النهر يعني عبرَهُ.
وقطع لسانهُ يعني أسكته بالإحسان إليه.
وقطع الحبل يعني اختنق.
وقطع يده يعني منعه عن السرقة.
ولقد قال الله تعالى "فاقطعوا أيدييهما" ولم يقُل "فقَطِّعوا أيديهما".
(٢): * سورة المائدة
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿٣٨﴾ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٣٩﴾.
لقد قال الله تعالى في آية (٣٨): "... فاقطعوا أيديَهما..." أي أيدي السارق والسارقة (قطع اليدين الإثنتين للسارق، وقطع اليدين الإثنتين للسارقة).
وقال تعالى في الآية التالية آية (٣٩): "فَمَن تَابَ مِنۢ بَعۡدِ ظُلۡمِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيۡهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".
إذا كان قطع الأيدي هو بتْر أو جزّْ الأيدي، فكيف يستطيع السارق والسارقة أن يتوبا عن السرقة إذا قُطِعت أيديهما، أي كيف يستطيع السارق والسارقة أن يتوبا ويتوقَّفا عن عمل السرقة وهُما أصلاً لا يوجد لديهما أيدي لكي يفعلا فعل السرقة لأنَّ أيديهما قد قُطِعت، فهل يسرقوا بأرجلهم؟
وإذا كانت التوبة هي قولاً وليست فعلاً كما يظن أكثر الناس، فماذا عن قول الله: "... وأصلح..."، فكيف يُصلِح السارق والسارقة وهما لم يعد لديهما أيدي لكي يُصلحا بواسطتها؟
وكيف يتوب الله على إنسان أصبح مُعاقًا وغير قادر أصلاً على السرقة ولا حتّى على فعل الإصلاح؟
هل عدم قدرة السارق على السرقة لأنه لم يعد يوجد لديه يدين هي توبة يقبلها الله؟
وهل هذا هو المعنى المُراد بالتوبة في القرءان الكريم؟
وإذا كان القطع هو بتر كما يفعل السفَّاحون والجزَّارون أئمَّة الكفر والإشراك وأتباعهم من الأنعام، أي الكبراء والضعفاء، فأين قال الله تعالى من أيّ مكان أو من أيّ جزء يجب إن تُقطع الأيدي؟
إذًا وكما نرى، فإنَّ قطع يدين السارق والسارقة هو ليس تقطيع وجزّ اليدين، ولكنه قطع معنوي المراد بِهِ منع السارق والسارقة عن السرقة، وهذا المنع له عدة أساليب، فمثلاً قطع يدين الفقير عن السرقة يكون بمساعدته وسدّ حاجته لكي لا يعود إلى السرقة، إذًا فمنع السارق والسارقة عن السرقة يكون بإيجاد الأسباب الّتي أدَّت بالسارق والسارقة إلى هذه السرقة وإبطالها، إن كان هذا السارق قد سرق بالمعنى الظاهر أم بالمعنى الباطن.
ملاحظة هامَّة: هل يريد الله سبحانه وتعالى أن يتحول الإنسان من لص إلى مُتَسولّ؟
(٣): المعنى الباطني للسارق والسارقة:
* سورة المائدة
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٣٣﴾ ..... وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿٣٨﴾ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٣٩﴾ ..... يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ۛوَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛسَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ۚ وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٤١﴾.
إذا ربطنا آيات سورة المائدة من آية (٣٣) إلى آية (٤١) نجد أنَّ السارق والسارقة هم الذين حاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فسادًا لأنَّهم حرَّفوا كلام الله وأعرضوا عن قانونه الذي يدعوا إلى نشر الخير والإصلاح وصنعوا أديانًا باطلة، أي وضعوا قوانينًا غير عادلة وهمّوا باحتكار خيرات الله من أجل المال والسلطة والتكبرّ، لذلك سرقوا كلام الله ثم حرِّفوه عن مواضعه، لذلك بدأ الله عزَّ وجلّ آية (٣٣) ثم قال فى آية (٣٨) "والسارق والسارقة..." ثم أكمل آية (٣٨) "والسارق والسارقة..." بآية (٤١).
البرهان المُبين على أنَّ السارق والسارقة هم الذين يسرقون عِلْم الله نجده في آية (١٨) من سورة الحِجْر.
* سورة الحجر
وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴿١٦﴾ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ﴿١٧﴾ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴿١٨﴾.
"إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ": أي إلَّا من سرق عِلْم الله ففضحه الله من خلال آياته.
سأضرب مثلاً: ستيفن هاوكين المُلحد والجاهل البريطاني عندما سرق عِلْم الله ونسبه لنفسه وقال أنَّ السماوات والأرض كانتا كتلة واحدة أتبعه تعالى بشهاب مُبين، الشهاب المُبين نجده في آية (٣٠) من سورة الأنبياء.
* سورة الأنبياء
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴿٣٠﴾.
سأضرب مثلاً ثانيًا: عندما سرق جهلاء وكالة ناسا عِلْم الله وكذّبوا به من خلال نظريَّتهم الباطلة بقولهم أنَّ الكون جاري إلى اللانهاية، أتبعهم بديع السماوات والأرض بشهاب مُبين، الشهاب المُبين نجده في آية (١٠٤) من سورة الأنبياء.
* سورة الأنبياء
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴿١٠٤﴾.
وأمثال أخرى كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى.
إذًا وكما نرى، فإنَّ قطع يدين السارق والسارقة هو ليس تقطيع وجزّ اليدين، ولكنه قطع معنوي المراد بِهِ منع السارق والسارقة عن السرقة، وهذا المنع له عدة أساليب، فمثلاً قطع يدين الفقير عن السرقة يكون بمساعدته وسدّ حاجته لكي لا يعود إلى السرقة، إذًا فمنع السارق والسارقة عن السرقة يكون بإيجاد الأسباب الّتي أدَّت بالسارق والسارقة إلى هذه السرقة وإبطالها، إن كان هذا السارق قد سرق بالمعنى الظاهر أم بالمعنى الباطن.
ملاحظة هامَّة: هل يريد الله سبحانه وتعالى أن يتحول الإنسان من لص إلى مُتَسولّ؟
السارق والسارقة هم من أئمَّة الفسوق والعصيان (أهل الحديث)، ومن التنوريّين (أهل التكبرّ والأنا EGO)، ومن العلمانيّين المُلحدين (أهل الإلحاد).
أدعوا الله تعالى أن يجعلنا من الذين يُحافظون على أمانته (قرءانه الحكيم).
207 march 11 2017