هل نستطيع أن نشبه حفظ الله تعالى للقرءان العظيم بتواتر السنة؟

 

هل نستطيع أن نشبه حفظ الله تعالى للقرءان العظيم بتواتر السنة؟

 

السلام على من اتّبع سنَّة الله جلَّ في علاه.

* سورة الإسراء
سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ﴿٧٧﴾.

* سورة النساء
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٢٦﴾.

 

نحن لا نستطيع أن نُشبِّه قول الله بقول البشر، ولا نستطيع أن نقارن بينهما، ولا نستطيع أن نُثبت وجود وحي سنة بحجة أنَّ القرءان موجود، ولا نستطيع أن نقول أنَّ الدليل على أنَّ وحي السنة وصل إلينا بالتواتر هو أنَّ القرءان وصل إلينا أيضًا بالتواتر، فالقرءان العظيم هو قول الله عزَّ وجلّ وليس قول البشر، ولذلك لا نستطيع أن نشبّه بين ما تواتر عن الله من الله للبشر بإرادة الله ومشيئته وحِفظِهِ لهُ، وبين ما تواتر عن البشر من البشر للبشر بإرادة ومشيئة البشر وحِفظِهِم لهُ.

فالله تعالى يحفظ قوله الحق، ولكنه لا يحفظ قول البشر الباطل ولا يرضى به، ولو كان وحي السنَّة أو غيره من الشرائع الكاذبة، كالصلوات الخمس أو الصلوات الثلاث على سبيل المثال، قد وصلت إلينا بالتواتر، لكان الله عزَّ وجلّ أنبأنا عنها في كتابه العزيز، بمعنىً أوضح، لو كان الله تعالى قد حفظ وحي السنة فعلاً بالتواتر، لكنا وجدنا ولو آية واحدة في القرءان الكريم تنبؤنا أنَّه تعالى حفظه بالتواتر، ولكان ذكرها تعالى لنا أو حدَّثنا عنها أو أمرنا باتباعها أو فصَّلها لنا في القرءان، تمامًا كما وجدنا آية في سورة الحجر تحديدًا تنبّؤنا أنه تعالى قد حفظ القرءان.

والدليل على ذلك قوله تعالى في تلك الآية، آية (٩) من سورة الحجر:

* سورة الحِجْرْ
إنّا نحن نزَّلنا الذكر وإنّا له لحافظون ﴿٩﴾.

"... وإنّا له لحافظون":

هذه الآية هي أكبر دليل على أنَّ الله عزَّ وجلّ هو وحده سُبحانه الحافظ للقرءان الكريم والمانع له من أي تحريف عبر الزمن إلى زمننا هذا حتّى يوم البعث، والسبب في ذلك هو، أنَّ القرءان الكريم هو آخر كتاب أراد الله تعالى أن يُنزله، إذًا فبالتأكيد سوف يُبقيه لجميع الأمم في هذه الأرض إلى حين انتهائها، وبالتالي سوف يحفظه ويبقى حافظًا له في هذه الأرض من أي تحريف، وسوف يكون حافظًا له أيضًا في الآخرة.

إنَّ حِفاظ الله تعالى للقرءان بقوله تعالى "... وإنّا له لحافظون" يعني أنَّهُ تعالى سوفَ يحفظ كل أمر ورد في كل آية من آياتِهِ، وسوف يكون حافظًا لأمرِهِ هذا، وسوف يكون أمره هذا مفعولاً بِهِ في الدنيا والآخرة. لأنَّ أمر الله إذا أراد أن يقول لشيئ كُن، فإنَّ هذا الشيء سوف يكون كما أراده الله تعالى أن يكون، ولن يستطيع أحد أن يُبدِّلَ كلماتِهِ. فمثلاً، إذا أراد تعالى أن يكون القرءان الكريم آخر كتاب يبقى في هذه الأرض، فسوف يكون القرءان الكريم آخر كتاب باقيًا في هذه الأرض.

وإذا أراد الله عزَّ وجلّ أن يَصِل القرءان إلينا عبر الزمن وبعد سنين طويلة، فسوف يصِل إلينا عبر الزمن وبعد سنين طويلة.

وإذا أراد الله عزَّ وجلّ أن يصل القرءان إلينا كاملاً عبر الزمن ومن دون أي تحريف، فسوف يصل إلينا كاملاً عبر الزمن ومن دون أي تحريف، لأنَّ أمر الله كان مفعولاً ولا مُبدِّلَ لكلماته.

هكذا حفظ الله عزَّ وجلّ القرءان من أي تحريف، لقد حفظهُ بكونِهِ حافظًا له، هذا يُثبت بل يؤكدّ لنا أنَّ هذا القرءان قد نُقِلَ ووصَلَ إلينا بمشيئة الله وإرادته وحده لا شريك له وليس بحفظ السلف وعلماء الأمة الإسلامية لأنهم تواتروه عبر الزمن، ولا بمشيئتهم أو إرادتهم كما يدَّعون كذبًا في كتب الأحاديث والسنة الباطلة إفتراءً الكذب على الله عزَّ وجلّ وعلى كتابه.​

أدعوا الله تعالى أن يجعلنا من الذين يتَّبعون الذكر فيتلونه حقَّ تلاوته ويخشون ربّهم بالغيب.

* سورة يس
إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿١١﴾.

 

 

وحي السنة أم وحي القرءان؟ - 5
هذه الحلقة عن وحي السنة أم وحي القرءان، تعطينا الحقيقة كاملة عما فعله علماء الأمة الإسلامية بالتعاون مع السلف الصالح عبر الزمن. لقد جعلوا لمحمد عليه السلام س...

177 28 dec,2016