- 4466 reads
كيف رأى الرسول محمد عليه السلام آيات ربِّهِ الكبرى (الجنة وجهنم) وأين؟
* سُوۡرَةُ النّجْم
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ (٢) .......... لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ (١٨).
السلام على من آمن بالآخرة التي أخبرنا الله تعالى عنها في قرءانه الكريم.
(١): لقد رأى الرسول محمد عليه السلام الجنة وجهنم في القرءان من خلال الآيات الّتي وردت فيه عن الجنة وجهنم. والآن سوف أثبت لكم بالدليل القاطع ومن سورة الإسراء نفسها أن الرسول محمد عليه السلام لم يرَ الجنة وجهنم في السماء كما يزعُمون، وأنه رأى الجنة وجهنم في القرءان، أي تعلَّمَ عِلْم الآخرة من خلال آيات الذكر الحكيم.
* سُوۡرَةُ الإسرَاء
وَإِن مِّن قَرۡيَةٍ إِلَّا نَحۡنُ مُهۡلِڪُوهَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡقِيَـٰمَةِ أَوۡ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَالِكَ فِى ٱلۡكِتَـٰبِ مَسۡطُورًا (٥٨) وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡأَيَـٰتِ إِلَّآ أَن ڪَذَّبَ بِہَا ٱلۡأَوَّلُونَ وَءَاتَيۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةً فَظَلَمُواْ بِہَا وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡأَيَـٰتِ إِلَّا تَخۡوِيفًا (٥٩) وَإِذۡ قُلۡنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡيَا ٱلَّتِىٓ أَرَيۡنَـٰكَ إِلَّا فِتۡنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلۡمَلۡعُونَةَ فِى ٱلۡقُرۡءَانِ وَنُخَوِّفُهُمۡ فَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا طُغۡيَـٰنًا كَبِيرًا (٦٠).
في آية (٦٠)، أخبر الله عزَّ وجلَّ محمد بِأنَّه "أحاط بِالناس"، هذا يعني أنَّه سوف يُعذِّبَ الظّالمين في الدنيا والآخرة، لكنه لم يُرِيَهُ جهنَّم في ليلة الإسراء رؤيا العين، وإذا أكملنا قراءة هذه الآية نتساءل:
لِماذا "أحاط الله بِالناس"؟
ولماذا جعل الله "الرُءيا فتنة للناس"؟
ولِماذا جعل "الشَّجرة الملعونة في القرءان" أيضًا "فتنة للناس"؟
في آية (٥٨)، أخبرنا الله تعالى بِأنَّه سوف يُهلِك أو يُعَذِّب جميع القرى قبل يوم القيامة عذابًا شديدًا، وإذا أكملنا الآية الّتي تليها آية (٥٩) نجد فيها أنَّ الله تعالى أراد أن يُعطينا سببًا لتعذيب القُرى ومثلاً من الأوَّلين من الّذين خُلَوا من قبلنا لَعَلّنا نأخذ بذلك عبرة وعِظة، فالله عزَّ وجلّ لا يُهْلِك القُرى "إلاَّ وأهلها ظالمون"، وبعد أن يبعث إليهم برسولٍ كي ينذرَهُم عذابَه، كما أخبرنا في آية (٥٩) من سورة القصص وفي سُور أخرى:
* سُوۡرَةُ القَصَص
وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبۡعَثَ فِىٓ أُمِّهَا رَسُولاً يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَـٰتِنَا وَمَا ڪُنَّا مُهۡلِكِى ٱلۡقُرَىٰٓ إِلَّا وَأَهۡلُهَا ظَـٰلِمُونَ (٥٩).
* سُوۡرَةُ الاٴنعَام
ذَالِكَ أَن لَّمۡ يَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٍ وَأَهۡلُهَا غَـٰفِلُونَ (١٣١).
* سُوۡرَةُ هُود
وَمَا ڪَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٍ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ (١١٧).
* سُوۡرَةُ الإسرَاء
مَّنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَہۡتَدِى لِنَفۡسِهِۦ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡہَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولاً (١٥) وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّہۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيہَا فَفَسَقُواْ فِيہَا فَحَقَّ عَلَيۡہَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَـٰهَا تَدۡمِيرًا (١٦).
ولذلك أخبرنا الله تعالى في آية (٥٩) من سورة الإسراء أنه لم يُرْسِلْ بآيات العذاب إلاّ بعد أن كذَّب بها الأوَّلون، إنَّ كل أمة كان يأتيها رسول بكتاب من عند الله، كانت وبعد فترة من الزمن تُحرِّف الكتاب وتُكذّبْ بعذاب الآخرة، لذلك كان الله يبعث برسول آخر، أي بنذير آخر كي يُنذرهم بعذابِهِ من خلال آياتِهِ تخويفًا لهم بهدف أن يبتعدوا عن طريق جهنم، لذلك أكمل تعالى بقوله في هذه الآية: "وما نرسل بالآيات إلاّ تخويفًا"، وذلك من بعد أن أعطانا مثلاً لقوم ثمود كيف أرسل إليهم وأنبأهم بآيات العذاب بواسطة الناقة المبصرة الّتي هي مجاز لرسالة الله الّتي أرسلها لرسوله الأمين صالح عليه السلام، ومن بعد أن أعطانا سببًا لتَعذيبِهِم في الأرض في الحيواة الدنيا وفي الآخرة بِسبب ظلمهم بالناقة المبصرة أي بسبب ظلمهم وكفرهم بكتاب الله ورفضهم اتِّباعه.
أمّا آية (٦٠) في سورة الإسراء فهي أكبر دليل على ما ذكرته لكم عن أمر تعذيب الله عزَّ وجلّ لقوم ثمود في الآية (٥٩). لقد أرسل الله تعالى أيضًا محمدًا عليه السلام بآيات العذاب بواسطة وحي القرءان الكريم لأن الأمم السابقة كذبت بها، تمامًا كما أرسلها في السابق بواسطة الرُّسُلْ إلى الأولين لأنهم كذبوا بها، لذلك بدأ الله تعالى هذه الآية بقوله فيها: "وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بِالناس". وهنا نرى أنَّ الله تعالى أراد أن يُخبر ويُعلِمّ رسوله محمد أنه سوف يُهلك ويُعذِّبَ الظّالمين في الدنيا والآخرة كما بيَّن له هذا الأمر في القرءان في الآيات السابقة من سورة الإسراء آية (٥٨) و(٥٩) وأيضًا في كثيرٍ من الآيات الأخرى الّتي تُحَدِّثُنا عن العذاب والآخرة.
(٢): إنَّ "الرؤيا" في آية (٦٠) من سورة الإسراء تعني"البصيرة والعلِمْ" (القرءان الكريم)، وهذا يعني أنَّ محمدًا عليه السلام رأى آيات العذاب في الدنيا والآخرة بواسطة "الرؤيا الّتي أراها الله له"، أي بواسطة العِلْم الّذي علَّمه الله تعالى إيّاهُ وحيًا، إذًا "الرؤيا" الّتي رآها محمد عليه السلام هي عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، وهذه "الرؤيا" رآها "في وحي القرءان"، وكذلك الأمر بالنسبة "للشجرة الملعونة" فقد رآها أيضًا "في القرءان"، وهي "شجرة الزقوم" الّتي ذكرها الله تعالى لنا في آياتِهِ.
لقد أراد الله تعالى أن يؤكد لنا من خلال آية (٦٠) في سورة الإسراء أنَّ الرسول محمد لم يعرُج في السماء ولم يرَ جهنم ولا الجنة رؤيا العين، ولكنَّهُ رآهما وأخذ عِلمهما في القرءان من خلال آيات القرءان الّتي ذُكِرَت الجنة وجهنم فيها، لقد أنذر الله تعالى الناس بِجهنَّم في كثير من الآيات القرءانية لِكي يَتوقَّفوا عن كُفرهم وإشراكهم بِهِ، من أجل ذلك كان قوله تعالى لمحمد في آية (٦٠): "وما جعلنا الرؤيا الّتي أريناك إلاّ فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرءان"، في هذه الآية نرى أنّ الله أراهُ آيات عذاب جهنم وآيات "الشجرة الملعونة" الّتي هي شجرة الزَّقوم "في القرءان"، ولم يُرِه إيّاها رؤيا العين، ولم يقل له مثلاً: "والشجرة الملعونة الّتي رأيتها في جهنَّم عندما عرجت في السماء مع جبريل، بل قال له وبكل وضوح: "والشجرة الملعونة في القرءان"، هذه الآية تُعطينا دليلاً قاطعًا على أنَّ الرسول محمد عليه السلام رأى الجنة وجهنم (آيات ربِّهِ الكُبرى) من خلال وحي آيات القرءان الّتي أوحاها الله عزَّ وجلّ إليه ليلة الإسراء (ليلة القدر).
إنَّ عذاب الأرض (عذاب الدنيا) وعذاب جهنم (عذاب الآخرة) الّذي ذكره الله تعالى لنا في آية (٥٨) و(٥٩) و(٦٠) من سورة الإسراء وفي آيات أخرى كثيرة في القرءان هو في الحقيقة آية ودليل وعبرة لعذاب جهنم (عذاب الآخرة) كفتنة لنا، لكي نخاف منه فنبتعد عنه.
هذا ما أخبرنا الله تعالى به في الآيات التالية:
* سُوۡرَةُ هُود
وَكَذَالِكَ أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ إِنَّ أَخۡذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢) إِنَّ فِى ذَالِكَ لَأَيَةً لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأَخِرَةِ ذَالِكَ يَوۡمٌ مَّجۡمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَالِكَ يَوۡمٌ مَّشۡهُودٌ (١٠٣) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَّعۡدُودٍ (١٠٤).
* سُوۡرَةُ الإسرَاء
وَإِن مِّن قَرۡيَةٍ إِلَّا نَحۡنُ مُهۡلِڪُوهَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡقِيَـٰمَةِ أَوۡ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَالِكَ فِى ٱلۡكِتَـٰبِ مَسۡطُورًا (٥٨) وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡأَيَـٰتِ إِلَّآ أَن ڪَذَّبَ بِہَا ٱلۡأَوَّلُونَ وَءَاتَيۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةً فَظَلَمُواْ بِہَا وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡأَيَـٰتِ إِلَّا تَخۡوِيفًا (٥٩) وَإِذۡ قُلۡنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡيَا ٱلَّتِىٓ أَرَيۡنَـٰكَ إِلَّا فِتۡنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلۡمَلۡعُونَةَ فِى ٱلۡقُرۡءَانِ وَنُخَوِّفُهُمۡ فَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا طُغۡيَـٰنًا كَبِيرًا (٦٠).
* سُوۡرَةُ الزُّمَر
... قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَـٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَہُمۡ وَأَهۡلِيہِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ أَلَا ذَالِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ (١٥) لَهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحۡتِہِمۡ ظُلَلٌ ذَالِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِۦ عِبَادَهُ يَـٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ (١٦).
* سُوۡرَةُ السَّجدَة
وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ (٢١).
* سُوۡرَةُ النَّمل
قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ (٦٥) بَلِ ٱدَّارَكَ عِلۡمُهُمۡ فِى ٱلۡأَخِرَةِ بَلۡ هُمۡ فِى شَكٍّ مِّنۡہَا بَلۡ هُم مِّنۡهَا عَمُونَ (٦٦) وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا وَءَابَآؤُنَآ أَٮِٕنَّا لَمُخۡرَجُونَ (٦٧) لَقَدۡ وُعِدۡنَا هَـٰذَا نَحۡنُ وَءَابَآؤُنَا مِن قَبۡلُ إِنۡ هَـٰذَآ إِلَّآ أَسَـٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ (٦٨) قُلۡ سِيرُواْ فِى ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ ڪَيۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ (٦٩).
إن فِتْنَة "الشَّجرة الملعونة" هي ليست إلاَّ إنذارًا وتخويفًا وتذكرةً للناس بوجود عذاب جهنَّم، لكن للأسف "لا حياة لمن تُنادي"، فكلَّما أنذرهم الله بعذابِهِ في الآخرة كلمّا ازدادوا طُغيانًا وكفرًا كبيرًا، هذا ما بيَّنه تعالى لنا في قوله في آخر آية (٦٠): "ونخوفهم فما يزيدهم إلاّ طغيانًا كبيرًا".
أدعوا الله تعالى أن يُبعدنا عن فتنة شجرة الزقّوم، والسلام على من اتَّبع الهدى.
https://www.youtube.com/watch?v=RJztkdEBWIg
171 27 dec,2016