تفسير آية (٢٧) إلى آية (٣٠) في سورة الفجر من خلال أحسن التفسير

 

تفسير آية (٢٧) إلى آية (٣٠) في سورة الفجر من خلال أحسن التفسير

 

* سورة الفجر
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴿٢٧﴾ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴿٢٨﴾ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴿٢٩﴾ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴿٣٠﴾.

السلام على أصحاب النفس المطمئنّة.

(١): * سورة الفجر
آية (٢٧): "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ" = يا أيّها الإنسان المؤمن بكتاب الله فقط من ذكر وأُنثى.
آية (٢٨): "ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً" = في يوم الحساب.
آية (٢٩): "فَادْخُلِي فِي عِبَادِي" = فاَدْخُلِي مع عبادي الصالحين.
آية (٣٠): "وَادْخُلِي جَنَّتِي" = واَدْخُلِي جنّة الخلد.

نجد المعنى ورابط الآيتين (٢٩) و(٣٠): فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴿٢٩﴾ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴿٣٠﴾ في آية (١٩) من سورة النمْل.

* سورة النمل
وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ... ﴿١٧﴾ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴿١٩﴾.

آية (١٩): "... وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ..." = وَأَدْخِلْنِي في جنَّتك.
آية (١٩): "... فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ..." = مع عبادك الصالحين.

 

(٢): * سورة الفجر
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴿٢٩﴾ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴿٣٠﴾.

* سورة النمل
"... وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴿١٩﴾.

آية (٢٩) من سورة الفجر: "فَادْخُلِي فِي عِبَادِي" = آية (١٩) من سورة النمْل: "... فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ...".
آية (٣٠) من سورة الفجر: "وَادْخُلِي جَنَّتِي" = آية (١٩) من سورة النمْل: "... وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ...".

هذه الآيات من سورة الفجر والنمْل هي أكبر دليل على أنَّ النفس هي الإنسان (نفس وجسد) وليست النفس التي تخرج من الجسد بِزعْم أئمّة الفسوق والعصيان.

 

(٣): سوف آتي الآن إلى تعريف النفس والجسد.
إنّ النفس والجسد متّصلتان ولا تستطيعان أن تنفصلا عن بعضهِما البعض، فلا وجود للنفس من دون جسد ولا وجود للجسد من دون نفس، لأنَّ النفس خلقها الله من أجل إحياء الجسد، والجسد خلقه الله كي تكون النفس فيه لِكي يُصبِح الإنسان كائِنًا حيًّا، إذًا فالإنسان لا يكون إنسانًا حيًّا إلاّ بوجود النفس والجسد معًا في آنٍ واحد، بمعنىً أصح، إنَّ نفسَ الإنسان هي الإنسان نفسه، وهي كناية عن "طاقة حياتِيَّة" تعمل بواسطتها جميع أعضاء جسده، وبموت النفس يموت الجسد، وكذلك بموت الجسد تموت النفس، وفي كِلتا الحالتين يموت الإنسان ويصبح بموته وكأنه لَم يَكُنْ شيئًا مذكورًا، أي ليس له أيَّة وجودية تمامًا كما كان قبل أن يُخْلَقْ، فلا يحِسُّ ولا يشعُر بأي شيء.

الآيات الّتي تدلّ على أنّ الإنسان مخلوق من نفس وجسد، وأنهما يُكَوِّنان الإنسان ولا ينفصلان عن بعضهما البعض نجده في:

* سورة القيامة
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴿١﴾ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴿٢﴾ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ﴿٣﴾ بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ﴿٤﴾.

* سورة الفجر
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴿٢٧﴾ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴿٢٨﴾ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴿٢٩﴾ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴿٣٠﴾.

* سورة يوسف
وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٥٣﴾.

* سورة النحل

يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿١١١﴾

* سورة آل عمران
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿١٨٥﴾.

* سورة ق
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴿١٦﴾.

* سورة الطور
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴿٢١﴾.

* سورة المدثر
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴿٣٨﴾.

آية (٢١) من سورة الطور: "... كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ" = آية (٣٨) من سورة المدثر: "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ".

الخلاصة:
المرء = النفس.

* سورة الزمر
وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴿٥٤﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٥٥﴾ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦﴾ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿٥٧﴾ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٥٨﴾ بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٥٩﴾.

وآيات أُخرى كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى.

 

(٤): في الختام أدعوا الله تعالى أن يهدينا إلى قرءانه العظيم لكي ترجع أنفسنا إلى خالقها راضية مرضية.

* سورة الإسراء
إِنَّ هَٰذَا الْقُرْءانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴿٩﴾.

 

165 21 dec,2016