تفسير معنى سكارى من خلال أحسن التفسير

 

تفسير معنى سكارى من خلال أحسن التفسير

 

السلام على من اتْبع كتاب الله فقط من دون أن يكون سكرانًا بالسنّة القولية والعملية وبالأديان والمذاهب الأرضية الباطلة.

(١): * سورة الحج
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴿١﴾ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴿٢﴾.

في آية (٢): شبَّهَ الله تعالى لنا الناس الّذين كفروا بأنهم سُكارى من عذابِهِ الشديد، إذًا فإنَّ عذاب الله الشديد يُسْكِرُ الإنسان من شِدّة الألم الّذي يشعر بِهِ.
 

(٢): * سورة ق
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴿١٩﴾ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ﴿٢٠﴾ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴿٢١﴾ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴿٢٢﴾.

* سورة الأنعام
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴿٩٣﴾.

في آية (١٩) من سورة ق قال الله تعالى: "وجاءت سكرة الموت بالحق..."، وفي آية (٩٣) من سورة الأنعام قال الله تعالى: "... ولو ترى إذِ الظالمون في غمرات الموت...".

إذا قارنا تلك الآيتين نجد تشابهًا كبيرًا بينهما يُعطينا معنى سكرة الموت في سورة ق، فالغمرة في سورة الأنعام تعني الشِّدّة، وغمرات الموت تعني مكارهه وشدائِدَهُ، إذًا في هذه الآية من سورة ق شبَّهَ الله تعالى لنا سكرة الموت للإنسان الكافِر بغمرات الموت، أي بالمصاعب والشدائِد والمكارِه الذي سيواجهها عند بعثه، لذلك أكمل الله تعالى آية (٩٣) من سورة الأنعام ب:
"... وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ".
 

(٣): * سورة المؤمنون
يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴿٥١﴾ وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴿٥٢﴾ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴿٥٣﴾ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ ﴿٥٤﴾ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ﴿٥٥﴾ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ۚ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿٥٦﴾.

إذا تدبرنا تلك الآيات البيّنات، نجد أنَّ "غمرتِهِم" في آية (٥٤) هي تحريفهم لكتاب الله وصناعتهم لأديان ومذاهب باطلة من خلال كتابتهم لأحاديث وأقاويل كاذبة، وهي حبِّهم لدينهم الباطل ولحزبهم، أي دينهم الّذي ينتمون إليه، ظنًا منهم أنَّ الله يُحبهم ويقبل دينهم المشرك، لأنه يُعطيهم كثرة المال والبنون والخيرات، وظنًا منهم أنّهم مهما فعلوا في الأرض سوف تكون لهم الجنة في الآخرة.

إذًا فإنَّ "غمرتِهِم"، هي سكرَتِهِم بزينة الحيواة الدنيا، كفرحِهِم بدينِهِم الّذي ينتمون إليه، وحُبِّهِمْ لِمِلَّتِهِمْ ولجماعَتِهِم، وحُبّهم للمال والبنون والسلطة والعِزّْ إلخ، أي حُبّهم لجميع أنواع الشهوات التي تُعطيهم الخيرات في الأرض من أجل تمتّعهم بالحياة الدنيا وتفضيلها على الآخرة.
 

(٤): * سورة الحجر
فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ ﴿٦١﴾ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ﴿٦٢﴾ قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴿٦٣﴾ وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴿٦٤﴾ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴿٦٥﴾ وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ﴿٦٦﴾ وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ﴿٦٧﴾ قَالَ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ ﴿٦٨﴾ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ ﴿٦٩﴾ قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴿٧٠﴾ قَالَ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴿٧١﴾ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴿٧٢﴾ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ﴿٧٣﴾ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ﴿٧٤﴾.

في آية (٧٢) قال الله تعالى: "لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ".
إذا ربطنا جميع تلك الآيات البيّنات من سورة الحِجْر، نجد أنَّ سكرة قوم لوط في آية (٧٢) هي تأثير قوم لوط بحبهم للحياة الدنيا، الّذي أدّى بهم إلى الفساد وارتكاب الفواحش وفعل الخبائِث، لقد كان قوم لوط مأخوذي ومسلوبي العقل والقلب بسبب حبهم للشهوات من الرجال، مما أدّى بهم إلى تفضيل الحياة الدنيا على الآخرة، فأدّى بهم بالتالي إلى عدم طهارة أنفسهم وإلى عدم التوبة، فاختاروا الفساد في الأرض بدلاً من الإصلاح.

إنَّ سكرة قوم لوط هي واحدة من الأنواع والأمثال للسُّكْرْ، وهناك أنواع وأمثال كثيرة تُسكِرْ الإنسان الكافر، أي تأخُذ قلبَهُ وتُسيطِر على عقلِهِ. مِثالاً لذلك اتّباع الأحاديث الكافرة والمذاهب المشركة.
 

(٥): * سورة النساء
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴿٤٣﴾ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ﴿٤٤﴾ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا ﴿٤٥﴾ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٤٦﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴿٤٧﴾ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا ﴿٤٨﴾.

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ...".

"مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا".
 

إخوتي وأخواتي الكِرام أرجوا منكم أن تربطوا وتتابعوا آيات سورة النساء بالتسلسل وبإذن الله ستجدوا المعنى الحقيقي لكلمة سكارى.
 

(٦): في الختام أدعوا الله تعالى أن يُبعد عنا سكرة الكفر، والإشراك، وحبّ الحياة الدنيا.

* سورة الحديد
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿٢٠﴾.

 

حقيقة الصلواة: حقيقة الغُسْل ونَفْي الوضوء - 7:6

هذه حلقة خاصّة جدًا تدلنا على المعنى الحقيقي لِلغُسْل الّذي ذكره الله تعالى لنا في آية 6 في سورة المائدة وآية 43 في سورة النساء، وتُعطينا المعنى الحقيقي لل...

161 Dec 2, 2016