تفسير "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"  

 

تفسير "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" في أحسن التفسير 

 

* سورة المائدة
... الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٣﴾.

يقول أئمّة الكفر والإشراك بأنّ القرءان الكريم كتاب ناقص وأنّ السنّة الباطلة هي التي تُكمّلُهُ، سبحانه وتعالى عمّا يقولون علوًّا كبيرًا.
وماذا عليهم أن يفعلوا بآية (٣) من سورة المائدة هل يمسكونها على هون أم يدسّونها في التراب؟

السلام على من آمن بأن القرءان العظيم كتاب كامل.

عندما يقول الله عزّ وجلّ في تلك الآيات "... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..."، فهذا يعني أنّه تعالى أكمل دين الرسول محمد والّذين ءامنوا معه في زمنه، وعندما أكمل الله تعالى لهم دينهم فهذا يعني أنّه أكمل لهم القرءان الكريم، وهذا يعني أنَّه تعالى أوحاه لهم كاملاً، أي بأكملِهِ ومُجمَلِهِ (فيه جميع العلوم والأمثال والعِبَرْ) ومن دون أن يُنقِص منهُ أي شيء أو يُنقِص منه آية.

إذًا فالقرءان الكريم كتابٌ كامل لأنَّ الله عزّ وجلّ أكمله لهم، إذًا من المستحيل أن يكون فيه نقص، ونحن إذا سلّمْنا بوجود الناسخ والمنسوخ وأنّه كتاب ناقص، يُصبح القرءان الكريم لدينا منسوخًا وبالتالي ناقص، وهذا يُخالِف ويُناقض هذه الآية الكريمة.

هل من الممكن بعد قراءتنا لهذه الآية الواضحة أن نتجرّأ على الله عزّ وجلّ وعلى آياتِه ونقول أنَّه حاشآه أكمل لهم دينهم وبعد ذلك قام بنسخِ ومحوا وإبطال هذا الدين؟

وعندما يقول الله عزّ وجلّ أنّه أكمل لهم دينهم، فهذا يعني أنَّ القرءان كامل لما فيه من آيات محفوظة ومجموعة فيه، أي كامل بوجود جميع آياتِهِ مع بعضها، وهذا يعني أيضًا أنَّ كل آية من آيات القرءان تُكمِّل القرءان، وإذا نقص منها أو نُسِخ منها آية واحدة يُصبح هذا القرءان ناقصًا وغير كامل، وبالتالي أيضًا دينهم.

وإنَّ قول الله عز وجل "...... وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي....."، يعني أنَّ نعمة الله عليهم والّتي هي إعطائهم الدين بتنزيل الكتاب لا تكون تامَّة إلاّ بوجود القرءان كاملاً وبوجود كل آية من آياتِهِ وبوجود كل حُكم من أحكام جميع تلك الآيات.

وإنَّ قول الله عزّ وجلّ "...... وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا....."، يعني أنَّه رضِيَ لهم القرءان دينًا. وهذا يعني أنَّ دين الإسلام هو دين القرءان وهو دينٌ كامِل وغير ناقص (غير ناسخ وغير منسوخ)، وإلاَّ لا يرضى الله عز وجلّ عن دينٍ ناقص ولا يقبل بِهِ دينًا.

وإنَّ قول الله عزّ وجلّ عن الّذين كفروا في بداية تلك الآيات "... الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ..." يجعلنا نطرح سؤالاً منطقيًّا وبديهيًّا: لماذا على الّذين كفروا أن ييأسوا من دين الرسول محمد والّذين ءامنوا معه إذا كان دينهم هذا غير كامل وغير تام، أي ناقص وإذا كانت آيات هذا القرءان ناسخة ومنسوخة؟

إنَّ جميع تلك الآيات تؤكد لنا أنَّ القرءان الكريم كان كاملاً وتامًا، وأنَّ جميع آياته مع أحكامها كانت موجودة فيه وكان يُعمَل بها جميعها (كُلّها) في زمن الرسول محمد عليه السلام، وأنّه لم يكن فيه (ولن يكون فيه) لا آيات ناسخة ولا آيات منسوخة، ولا نقص.

أدعوا الله تعالى أن يهدينا إلى كتابه الكامل.

154 Dec 2, 2016