مفهوم القرض الحسن من القرءان الكريم

 

مفهوم القرض الحسن من القرءان الكريم

 

السلام عليكم يا أولي الألباب.

سوف أبدأ بتعريف معنى "القرض الحسن":
القرض والقِرض جمع قروض تعني ما سلَّفتَ من إحسان أو إساءة، أو ما تُعطيهِ لغيركَ من المال بشرط أن يعيده لك بعد أجلٍ معلوم.

أقرضَهُ تعني أعطاهُ قرضًا.
قارض تعني جاز وقابل العمل بمثله.
تقارض الرجلان تعني أقرض كل واحد منهما صاحبهُ خيرًا أو شرًّا.

بعد هذا التعريف، نستطيع أن نفهم سبب وصف الله تعالى لنا القرض "بالقرض الحسَن" لا "بالقرض السيِّء"، إذًا فالقرض الحسن هو عكس القرض السَّيِّء، ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقول، بأنَّ القرض الحسن الّذي ذكره الله عزّ وجلّ في القرءان الحكيم وأرادنا أن نُقرِضهُ إيّاهُ هو إيماننا بالقرءان الكريم وتطبيق كل آية من آياتِهِ الكريمة، وهو الأعمال الصالحة الّتي نقوم بها في سبيل الله، أي هو الأعمال الصالحة الّتي نقوم بها في سبيل الخير والإحسان والإصلاح والعدل، والإبتعاد عن أعمال الشر والظلم والفساد.

سوف أعطيكم عدة أمثال من القرءان الكريم تبيِّن لنا ما هو القرض الحسن وكيف نقرض الله عزَّ وجلّْ هذا القرض، وسوف أبدأ بسورة البقرة:

* سُوۡرَةُ البَقَرَة
أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمۡ وَهُمۡ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحۡيَـٰهُمۡ‌ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَڪۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡڪُرُونَ (٢٤٣) وَقَـٰتِلُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤) مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنًا فَيُضَـٰعِفَهُ لَهُ أَضۡعَافًا ڪَثِيرَةً۬‌ وَٱللَّهُ يَقۡبِضُ وَيَبۡصُۜطُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ (٢٤٥) أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلۡمَلَإِ مِنۢ بَنِىٓ إِسۡرَاءِيلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰٓ إِذۡ قَالُواْ لِنَبِىٍّ لَّهُمُ ٱبۡعَثۡ لَنَا مَلِڪًا نُّقَـٰتِلۡ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ‌ۖ قَالَ هَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن ڪُتِبَ عَلَيۡڪُمُ ٱلۡقِتَالُ أَلَّا تُقَـٰتِلُواْ‌ۖ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلَّا نُقَـٰتِلَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدۡ أُخۡرِجۡنَا مِن دِيَـٰرِنَا وَأَبۡنَآٮِٕنَا‌ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ تَوَلَّوۡاْ إِلَّا قَلِيلاً مِّنۡهُمۡ‌ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ (٢٤٦).

إذا ضربنا جميع تلك الآيات ببعضها، نجد الدليل على المعنى الحقيقي للقرض الحسن الّذي طلب الله تعالى منّا أن نُقرضهُ إيّاه في آية (٢٤٥)، وهو القتال في سبيل الله.

* سُوۡرَةُ التّغَابُن
فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ وَٱسۡمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنفِقُواْ خَيۡرًا لِّأَنفُسِڪُمۡ‌ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ (١٦) إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنًا يُضَـٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ‌ۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧).

إذا ضربتم هاتين الآيتين ببعضهما تجدون وبكل وضوح أنَّ القرض الحسن الّذي علينا أن نُقرضه لله تعالى في آية (١٧) هو ما أمرنا الله عز وجل بِهِ في آية (١٦)، وهو أن نتَّقي الله ما استطعنا، وأن نسمع، وأن نُطيع، وأن ننفق خيرًا لأنفسنا، وأن نوقَ شحَّ أنفسنا.

* سُوۡرَةُ المُزمّل
إِنَّ رَبَّكَ يَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَىِ ٱلَّيۡلِ وَنِصۡفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآٮِٕفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ‌ۚ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّہَارَ‌ۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡ‌ۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ‌ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ‌ۙ وَءَاخَرُونَ يَضۡرِبُونَ فِى ٱلۡأَرۡضِ يَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ‌ۙ وَءَاخَرُونَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ‌ۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُ‌ۚ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٍ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرًا وَأَعۡظَمَ أَجۡرًا‌ۚ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَ‌ۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمُۢ (٢٠).

إذا تدبّرنا تلك الآية الكريمة، نجد كيف نقرض الله عز وجل قرضًا حسنًا، وذلك يكون بالضرب في الأرض إبتغاءً من فضل الله، وبالقتال في سبيل الله، وبقراءتنا للقرءان وإقامتِهِ بتطبيقه والعمل بآياتِهِ، وبإيتآءِنا الزكواة، وبأن نقدّم لأنفسنا من خير، وباستغفارنا لله.

* سُوۡرَةُ الحَدید
ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِ‌ۖ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَأَنفَقُواْ لَهُمۡ أَجۡرٌ كَبِيرٌ (٧) وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ‌ۙ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَـٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (٨) هُوَ ٱلَّذِى يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦۤ ءَايَـٰتِۭ بَيِّنَـٰتٍ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ‌ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (٩) وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ‌ۚ لَا يَسۡتَوِى مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَـٰتَلَ‌ۚ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَـٰتَلُواْ‌ۚ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰ‌ۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنًا فَيُضَـٰعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجۡرٌ كَرِيمٌ (١١) يَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ يَسۡعَىٰ نُورُهُم بَيۡنَ أَيۡدِيہِمۡ وَبِأَيۡمَـٰنِهِم بُشۡرَٮٰكُمُ ٱلۡيَوۡمَ جَنَّـٰتٌ تَجۡرِى مِن تَحۡتِہَا ٱلۡأَنۡہَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيہَا‌ۚ ذَالِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ (١٢).

إذا ضربنا جميع تلك الآيات البيّنات ببعضها نجد من خلالها معنى القرض الحسن الّذي طلبهُ الله عزّ وجلّ مِنّا، ألا وهو: الإيمان بالله ورسولِهِ، والنفقة ممّا جعلنا مُستخلفين فيه، أي النفقة من رزقِهِ ظاهرًا وباطنًا ومن كتابِهِ، والقتال في سبيلِهِ.

* سُوۡرَةُ الحَدید
إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَـٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنًا يُضَـٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٌ كَرِيمٌ (١٨) وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۤ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ‌ۖ وَٱلشُّہَدَآءُ عِندَ رَبِّہِمۡ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ وَنُورُهُمۡ‌ۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَڪَذَّبُواْ بِـَٔايَـٰتِنَآ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَحِيمِ (١٩).

إذا تدبّرنا آية (١٨)، نجد أنَّ المُصَّدِّقين والمُصَّدِّقات هم الّذين أقرضوا الله قرضًا حسنًا، من هم المُصَّدِّقين والمُصَّدِّقات، وما هو القرض الحسن الّذي أقرضوه لله؟

الجواب نجده في آية (١٩)، هُم الّذين ءامنوا بالله ورُسُلِهِ، وهم الصِّديقون والشُهداء، وهم الّذين لم يكفروا ولم يكذِّبوا بآيات الله، إذًا فالقرض الّذي أقرضوه لله هو إيمانهم بالله أي بكتاب الله (القرءان العظيم)، وبجميع رُسُلِهِ وليس فقط بمحمد (سلام على جميع الأنبياء والمرسلين)، وبعدم كفرهم وتكذيبهم بآيات الله (القرءان الكريم).

* سُوۡرَةُ المَائدة
وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ بَنِىٓ إِسۡرَاءِيلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَىۡ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّى مَعَڪُمۡ‌ۖ لَٮِٕنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَيۡتُمُ ٱلزَّڪَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِى وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنًا لَّأُڪَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّڪُمۡ جَنَّـٰتٍ تَجۡرِى مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ‌ۚ فَمَن ڪَفَرَ بَعۡدَ ذَالِكَ مِنڪُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ (١٢) فَبِمَا نَقۡضِہِم مِّيثَـٰقَهُمۡ لَعَنَّـٰهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَـٰسِيَةً يُحَرِّفُونَ ٱلۡڪَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ‌ۙ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦ‌ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآٮِٕنَةٍ مِّنۡہُمۡ إِلَّا قَلِيلاً مِّنۡہُمۡ‌ۖ فَٱعۡفُ عَنۡہُمۡ وَٱصۡفَحۡ‌ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ (١٣).

نجد في تلك الآيات البينات أنَّ القرض الحسن الّذي كان وما زال على بني إسرائيل أن يقرضوه لله هو: ميثاقهم لله، أي عهدهم الّذي عاهدوا الله عليه، ألا وهو إقامة الصلواة، وءايتآء الزكواة، والإيمان بجميع رسل الله ونُصرتهم لهم، وعدم كفرهم بآيات الله، وعدم تحريفهم لكلام الله، وعدم خيانتهم لعهد الله (لكتابه)، والإحسان.

إذًا من خلال جميع الآيات البّينات السابقة الّتي ذكرتها لكم، نجد وبكل وضوح أنَّ القرض الّذي أرادنا الله عزّ وجلّ أن نقرضه إيّاهُ هو باختصار، الإيمان بالقرءان وتطبيق آيآته، أي بإقامة الصلواة، أي الإيمان بالله والعمل الصالح، من أجل ذلك وصف الله جلّ في علاه هذا القرض بالقرض الحسن.

لماذا اعتبر الله عزّ وجلّ أعمالنا الصالحة الّتي نقوم بها قرضًا مِنّا لهُ؟
لأنَّهُ تعالى أراد أن يُحمِّلْ نفسهُ المسؤولية أمامنا فيردّ لنا هذا القرض في الآخرة، ولقد أراد الله تعالى أن يحثّنا على فعل الأعمال الصالحة، لذلك اعتبره قرضًا منّا لهُ وأراد أن يُعيدُهُ لنا في الآخرة ولكن مُضاعفًا، لذلك أعلمنا في جميع تلك الآيات الّتي ذكرتها لكم بأنَّهُ سُبحانهُ سوف يُضاعف لنا هذا القرض، أي سوف يرُدُّهُ إلينا ولكن بأضعاف كثيرة، تلك الأضعاف الكثيرة هي الجنة في الآخرة، مِمّا يُثبت لنا أنَّ القرض الحسن هو ما نفعله من أعمال صالحة في سبيل الله، أي في سبيل الخير والإصلاح، أي في سبيل وجوديتنا في الآخرة في أرض فيها خير وإصلاح ، ألا وهي أرض الجنة.

عندما أتأمَّل في قول الله سُبحانه وتعالى: "مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنًا فَيُضَـٰعِفَهُ لَهُ أَضۡعَافًا ڪَثِيرَةً"، لا يسعني إلاَّ أن أسبِّحه، وأن أكبّره، وأن أخشع وأخضع له، وأن أُمجِّدهُ، أنظروا إلى عظمة الله الخالق وكرمه ورحمته الّتي ليس لها مثيل.

أريد أن أطرح عليكم سؤالاً من دون تشبيه الخالق بالمخلوق، ولكن فقط كمثال بهدف إظهار عظمة "بديع السماوات والأرض" وكرمه:
هل هناك أحد في هذا الكون يُقرض مالاً أو خيرًا لأحد فيردّه إليه أضعافًا كثيرة؟

أنظروا إلى عظمة الخالق وكرمه وتواضعه مرة أخرى، لقد أراد الله جلّ في علاه أن يقترض مِنّا أعمالنا الحسنة على الرغم من أنه هو سُبحانهُ الّذي أعطانا الخيرات والنِعَم مجّانًا (ببلاش) ومن دون مُقابِل، وأعطانا معها جميع الوسائِل لكي نستطيع بواسطتها أن نفعل هذا الخير وأن نقيم تلك الأعمال الحسنة، والله تعالى لم يكتفِ بإعطاءنا من كل خيرِهِ ونِعمِهِ مجّانًا من دون مُقابِل، بل سُبحانهُ وتعالى اعتبرهُ أيضًا دينًا عليه يَرُدُّهُ لنا أضعافًا كثيرة، حتّى ولو كان سُبحانهُ هو صاحب هذا الخير وتلك النِعم.

ونحن بعد كل هذا، لا يسعنا إلاَّ أن نكبِّرَهُ تكبيرًا، لأنَّه أقل شيء نستطيع أن نقدِّمهُ في سبيل هذا الإله العظيم، الّذي يسعدنا بل يشرِّفنا أنه هو ربّنا وإلآهنا وليس أحدٌ غيرهُ.

في الختام، أنا أدعوكم إخوتي وأخواتي الكرام ومن كلّ قلبي، أن تقرضوا الله قرضًا حسنًا، وعسى أن يُضاعفه تعالى لكم أضعافًا كثيرة.

ودمتم على الإيمان فقط بكتاب الله.

127 November 14, 2016