تفسير سورة الشرح من خلال أحسن التفسير 

 

تفسير سورة الشرح من خلال أحسن التفسير 

 

إخوتي وأخواتي الكرام، السلام عليكم.

إنَّ سورة الشرح تُبيِّن وتُثبت لنا ما كان عليه الرسول محمد عليه السلام قبل نزول الوحي، وهذه السورة هي عبرة ودليل لجميع الناس وخاصَّةً لأمَّة محمد على أنَّ رسولهم محمد صلوات الله عليه كان على دين ءابآئِهِ وقومه الباطل، ولم يكُن مؤمنًا منذ ولادته وخلال سنوات حياتِهِ الطويلة الّتي عاشها مع قومه قبل نزول الوحي عليه، كما تقول وتزعم كتب التفاسير والأحاديث والسنة الباطلة.

والآن أعزّائي الكرام، تعالوا معًا نتدبرّ آيات سورة الشرح:

* سُوۡرَةُ الشَّرح
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ صَدۡرَكَ (١) وَوَضَعۡنَا عَنكَ وِزۡرَكَ (٢) ٱلَّذِىٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ (٣) وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ (٤) فَإِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرًا (٥) إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرًا (٦) فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ (٧) وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرۡغَب (٨).

(١): أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ صَدۡرَكَ (١).
لقد شرح الله عزّ وجلّ صدر محمد عليه السلام عندما أنزل عليه الوحي فهداهُ بِهِ وجعل صدرهُ ينشرح لدين الإسلام، لأنَّ صدرهُ كان قبل نزول الوحي ضيِّقًا حرجًا كأنما يصَّعدُ في السماء، لأنه كان ضالاً وغير مؤمن بالله بسبب كفره وإشراكه دينًا آخر (دين رِجز) غير دين الله قبل نزول الوحي عليه لهدايته، كما أخبرنا تعالى في آية (125) من سورة الأنعام، وفي آية (٢٢) من سورة الزمر، ومن آية (١) إلى (٥) في سورة المدّثرّ:

* سُوۡرَةُ الاٴنعَام
فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهۡدِيَهُ يَشۡرَحۡ صَدۡرَهُ لِلۡإِسۡلَـٰمِ‌ۖ وَمَن يُرِدۡ أَن يُضِلَّهُ يَجۡعَلۡ صَدۡرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ڪَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى ٱلسَّمَآءِ‌ۚ ڪَذَالِكَ يَجۡعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ (١٢٥).

* سُوۡرَةُ الزُّمَر
أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُ لِلۡإِسۡلَـٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِۦ‌ۚ فَوَيۡلٌ لِّلۡقَـٰسِيَةِ قُلُوبُہُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِ‌ۚ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ (٢٢).

* سُوۡرَةُ المدَّثِّر
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

يَـٰٓأَيُّہَا ٱلۡمُدَّثِّرُ (١) قُمۡ فَأَنذِرۡ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ (٤) وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ (٥).

 

(٢): وَوَضَعۡنَا عَنكَ وِزۡرَكَ (٢) ٱلَّذِىٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ (٣).
لقد وضع الله تعالى عن محمد وزرهُ الّذي هو الضلالة والكفر والإشراك بالله، وفعل الذنوب والمعاصي والسيِّئات، ولقد أنقض ظهره لأنَّهُ حمله على ظهره لسنوات عديدة، وبسبب كثرة الذنوب والمعاصي الّتي كان يقوم بها ويرتكبها في حياتِهِ قبل نزول الوحي عليه (ولذلك أنقض ظهرهُ)، ولقد بيَّن الله تعالى لنا هذا في:

* سُوۡرَةُ الفَتْح
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحًا مُّبِينًا (١) لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُ عَلَيۡكَ وَيَہۡدِيَكَ صِرَاطًا مُّسۡتَقِيمًا (٢).

* سُوۡرَةُ محَمَّد
فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ‌ۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَٮٰكُمۡ (١٩).

 

(٣): وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ (٤).
لقد رفع الله تعالى ذكر محمد صلوات الله عليه وجعله إنسانًا طاهرًا من خلال وحي آيات القرءان، لأنَّ القرءان جعله يتّبع طريق النور ويبتعد عن طريق الظلام الّذي كان غارقًا فيه.
 

(٤): فَإِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرًا (٥) إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرًا (٦).
في آية (٥) و(٦)، نجد الدليل على أنَّ محمدًا عليه السلام كان قبل نزول الوحي في عُسْر، أي كان سائرًا في طريق جهنم، أي كان على شفا حفرة من النار، ولكنَّ الله تعالى أخرجه منها بتنزيل الوحي عليه، فأصبح مع العُسْرِ يُسْرًا، أي حتّى ولو كان في العسْر (أي في الضلالة) سابقًا، فسوف يكون له اليُسْر (أي النور والإيمان) من وقت نزول القرءان عليه إلى يوم القيامة، أي سوف تكون له الجنة في الآخرة.
 

(٥): فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ (٧) وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرۡغَب (٨).
لقد أمر الله تعالى رسوله الأمين بأن ينصَب، أي يُقيم ويُطبِّق علم القرءان إذا فرِغ، أي إذا أتّمَّ وأكمل وأخذ علم القرءان، وأمره تعالى أيضًا بأن يرغب إليه جلّ في علاه،ِ أي بأن يُحبّه ويُعظِّم شأنهُ ويُكبِّره تكبيرًا من خلال إيمانه بدينه تعالى وإخلاصه الدين له. 
لذلك قال له تعالى في سورة الإسراء، وسورة الزمرّ، وسورة الإخلاص:

* سُوۡرَةُ الإسرَاء
وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدًا وَلَمۡ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِى ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُ وَلِىٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ‌ۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا (١١١).

* سُوۡرَةُ الزُّمَر
إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡڪِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصًا لَّهُ ٱلدِّينَ (٢).

* سُوۡرَةُ الزُّمَر
قُلۡ إِنِّىٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ مُخۡلِصًا لَّهُ ٱلدِّينَ (١١) وَأُمِرۡتُ لِأَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ (١٢) قُلۡ إِنِّىٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّى عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصًا لَّهُ دِينِى (١٤).

* سُوۡرَةُ الإخلاص
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ (١) ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ (٢) لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ (٣) وَلَمۡ يَكُن لَّهُ ڪُفُوًا أَحَدٌ (٤).
 

(٦): * سُوۡرَةُ یُونس
قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُ عَلَيۡڪُمۡ وَلَآ أَدۡرَٮٰكُم بِهِۦ‌ۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيڪُمۡ عُمُرًا مِّن قَبۡلِهِۦۤ‌ۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (١٦).

لقد أخبر الرسول محمد عليه السلام قومه، "أنَّه قد لبث فيهم عُمُرًا من قبلِهِ"، أي لقد أخبر الرسول محمد عليه السلام قومه أنَّه قد لبث في دينِهم الكافر والمُشرك والضّال سنوات طويلة قبل نزول القرءان عليه، أي كان مثله مثل قومه يعيش في الضلالة ويؤمن ويتّبع دينهم الباطل، ولقد وضع الله تعالى عنهُ وزره الّذي أنقض ظهره في سورة الشرح، من خلال تنزيل الوحي عليه لهدايته إلى الطريق المُستقيم لكي يبتعد عن فعل السيّئات ويتّجه إلى فعل الحسنات، فيُبدّل بذلك سيِّئاتِهِ إلى حسنات ويُطهِّر نفسه.
 

(٧): في الختام سوف أُعطي براهين أُخرى من خلال القرءان العظيم على أنَّ الرسول محمد عليه السلام كان ضالاً عن عبادة الله الواحد الأحد، وكان كافرًا ومُشرك، وكان يعبد ما يعبد آبائِهِ وقومه من قبل تنزيل الوحي عليه:

* سُوۡرَةُ الشّوریٰ
وَكَذَالِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحًا مِّنۡ أَمۡرِنَا‌ۚ مَا كُنتَ تَدۡرِى مَا ٱلۡكِتَـٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَـٰنُ وَلَـٰكِن جَعَلۡنَـٰهُ نُورًا نَّہۡدِى بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَا‌ۚ وَإِنَّكَ لَتَہۡدِىٓ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسۡتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِى لَهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ‌ۗ أَلَآ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلۡأُمُورُ (٥٣).

* سُوۡرَةُ الِضُّحىٰ
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

وَٱلضُّحَىٰ (١) وَٱلَّيۡلِ إِذَا سَجَىٰ (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ (٣) وَلَلۡأَخِرَةُ خَيۡرٌ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ (٤) وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ (٥) أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمًا فَـَٔاوَىٰ (٦) وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ (٧) وَوَجَدَكَ عَآٮِٕلاً فَأَغۡنَىٰ (٨) فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ (٩) وَأَمَّا ٱلسَّآٮِٕلَ فَلَا تَنۡہَرۡ (١٠) وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ (١١).

* سُوۡرَةُ غَافر
قُلۡ إِنِّى نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِىَ ٱلۡبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّى وَأُمِرۡتُ أَنۡ أُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (٦٦).

* سُوۡرَةُ یُوسُف
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

الٓر‌ۚ تِلۡكَ ءَايَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُبِينِ (١) إِنَّآ أَنزَلۡنَـٰهُ قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ (٢) نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن ڪُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَـٰفِلِينَ (٣).

* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
قُل لَّآ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِى نَفۡعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُ‌ۚ وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ لَٱسۡتَڪۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَيۡرِ وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوٓءُ‌ۚ إِنۡ أَنَا۟ إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوۡمٍ يُؤۡمِنُونَ (١٨٨).

* سُوۡرَةُ القَصَص
إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ۬‌ۚ قُل رَّبِّىٓ أَعۡلَمُ مَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ وَمَنۡ هُوَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ (٨٥) وَمَا كُنتَ تَرۡجُوٓاْ أَن يُلۡقَىٰٓ إِلَيۡكَ ٱلۡڪِتَـٰبُ إِلَّا رَحۡمَةً مِّن رَّبِّكَ‌ۖ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلۡكَـٰفِرِينَ (٨٦) وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنۡ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ بَعۡدَ إِذۡ أُنزِلَتۡ إِلَيۡكَ‌ۖ وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَ‌ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِڪِينَ (٨٧) وَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ‌ۘ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ‌ۚ كُلُّ شَىۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُ لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ (٨٨).

أتمنّى من الله عزّ وجلّ أن يشرح صدرنا للإسلام دومًا وأبدًا، وأن يضع عنّا وزرنا دنيا وآخرة.

107 November 14, 2016