المبدأ والفكر في لغة القرءان العظيم

 

المبدأ والفكر في لغة القرءان العظيم

 

السلام عليكم

إخواني الكرام، عندما أتحاور مع الناس من مختلف الأديان والمذاهب الأرضية من خلال القرءان الكريم، يقولون لي وجدنا تشابهًا في مبدأ فكرك ومبدأ فكرنا لأن كل الأديان تدعوا إلى الإصلاح.

وعندما حاورت شخصًا ينتمي إلى الكنيسة البروتستانتية، بدأ يشرح لي أنَّ هدف الحركة الإصلاحية البروتستانتية التي قامت في القرن السادس عشر هو إصلاح الكنيسة الكاثوليكية من الأفكار الباطلة والتصرفات الغير لائقة داخل جسم الكنيسة وفي مقدمتها بيع صكوك الغفران وشراء رجال الدين المناصب العليا كالمطران والكاردينال وصولاً إلى البابا، وقال لي أنَّ هناك تشابهًا بين مبدئي ومبدأ الكنيسة البروتستانتية على الرغم من اختلاف الفكر.

جوابي له كان كالتالي:
أخي العزيز، بالنسبة لما قلت عن الحركة الإصلاحية البروتستانتية، فعذرًا أخي الكريم، إذا كنت تقصد بأنَّ هناك تشابهًا في مبدأ فكري ومبدأ فكر الحركة الإصلاحية البروتستانتية فهذا يعني أنك تقول أنَّ هناك تشابهًا بين القرءان والحركة البروتستانتية المسيحية، لأنَّ فكري لم يأتِ من مبدئي أنا شخصيًا ولكنه أتى من مبدأ القرءان، والذي يؤمن بالقرءان ويتدبَّرهُ ويتلوه حقَّ تلاوته لا يمكن ولا بأيّ شكل من الأشكال أن يأتي بفكر من خلال ذاته أي من خلال مبدأه هو شخصيًا، لأنَّ الإنسان المؤمن يلغي ذاته في سبيل اتِّباعه لمبدأ الفكر الذي يتعلّمه من الله عزَّ وجلّْ.

أما بالنسبة لمبدأ فكر الحركة البروتستانتية فهل اتّبَعَ هذا الفكر الإصلاح، ولغى ونَفى الإشراك بالله؟
الجواب هو: بالطبع لا، هذا يَدُلّنا على أنَّ هذا الفكر بعيد كل البعد عن مبدأ الله عز وجل.

أمَّا إذا كنت تقصد أنَّ هناك تشابهًا في الفكر وليس في المبدأ، وكنت تقصد في هذا أنيّ أدعو للفكر الإصلاحي تمامًا كفكر الحركة البروتستانتية، فعذرًا يا أخي إنَّ اعتقادك هذا خاطئ، لأنَّك لا تستطيع أن تفصل الفكر عن المبدأ.

فتعريف المبدأ هو الأصل أو السبب، أمَّا الفكر فهو يأتي من خلال إعمال العقل في أمر ما أو النظر في أمر ما، والفكر هو تردُّدْ الخاطر بالتأمل والتدبُّرْ بطلب المعاني، وكل فكر له أصل أو سبب، إذًا فالفكر يأتي من المبدأ، وفكري أتى من مبدأ القرءان، فمن أيّْ مبدأ أتى فكر الحركة الإصلاحية البروتستانتية؟

أخي العزيز إقرأ تلك الآيات البيّنات:

* سورة آلِ عمران
إنَّ في خلق السماوات والأرض واختلافِ الليل والنهار لآياتٍ لأُولي الألباب (١٩٠) الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكَّرون في خلق السماوات والأرض ربَّنا ما خلقت هذا باطِلاً سبحانك فَقِنا عذاب النار (١٩١).

* سُوۡرَةُ یُونس
إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَـٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَـٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّہُمۡ قَـٰدِرُونَ عَلَيۡہَآ أَتَٮٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلاً أَوۡ نَہَارًا فَجَعَلۡنَـٰهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِ‌ۚ كَذَالِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأَيَـٰتِ لِقَوۡمٍ يَتَفَڪَّرُونَ (٢٤).

* سورة الرعد
وهو الذي مدَّ الأرضَ وجعلَ فيها رواسيَ وأنهارًا ومن كلِّ الثمراتِ جعل فيها زوجين اثنين يُغشي الليل النهار إنَّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكَّرون (٣) وفي الأرضِ قِطَعٌ مُتجاوراتٌ وجنّاتٌ من أعنابٍ وزرعٌ ونخيلٌ صِنوانٌ وغير صِنوانٌ يُسقى بماءٍ واحدٍ ونُفَضِّل بعضها على بعضٍ في الأُكُل إنَّ في ذلك لَآياتٍ لقومٍ يعقِلون (٤).

* سورة النحْل
يُنبتُ لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إنَّ في ذلك لَآياتٍ لقومٍ يتفكَّرون (١١) وسخَّرَ لكم الليل والنهار والشمسَ والقمرَ والنجومُ مُسَخَّراتٌ بأمره إنَّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقِلون (١).

* سُوۡرَةُ الرُّوم
وَمِنۡ ءَايَـٰتِهِۦۤ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَاجًا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَڪُم مَّوَدَّةً وَرَحۡمَةً‌ۚ إِنَّ فِى ذَالِكَ لَأَيَـٰتٍ لِّقَوۡمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١).

* سُوۡرَةُ الحَشر
لَوۡ أَنزَلۡنَا هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيۡتَهُ خَـٰشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِ‌ۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَـٰلُ نَضۡرِبُہَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ (٢١).

إذًا فالإنسان يتدبَّر ويُعْمِل العقل بتفكرّ من خلال مبدأ الآيات، أي من خلال بيان الله عزَّ وجلّْ، فهل جميع الناس أو جميع الأديان الأرضية الباطلة يتفكَّرون من خلال مبدأ الله الخالق حتّى ولم يَتَعَرَّفواْ على الله؟

وإذا كان فكر الحركة الإصلاحية البروتستانتية المسيحية هو آتٍ من مبدأ أو سبب خَلْق الله تعالى للإنسان، أي من مبدأ الإنسانية البحتة، فهل هم يُطَبِّقون جميع المباديء التي وَضَعها الله تعالى في كل آية من آياته حتّى ولو لم يعرفوا القرءان ولم يتعرّفوا عليه؟

يقول الله سبحانه وتعالى في أكثر آياته أنَّ الذي يعمل من الصالحات من ذكر أو أُنثى وهو مؤمن فسوف يدخل الجنة، هذا ما بيّنه الله تعالى في:

* سُوۡرَةُ النِّسَاء
وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِن ذَڪَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٌ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ نَقِيرًا (١٢٤).

* سُوۡرَةُ النّحل
مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحًا مِّن ذَڪَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٌ فَلَنُحۡيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيِّبَةً وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا ڪَانُواْ يَعۡمَلُونَ (٩٧).

إذًا فإنَّ كل إنسان يؤمن بالحق والعدل والخير ويعمل الصالحات يَدخل الجنة، لأنَّ فِكره يكون مُتطابقًا مع مبدأ الله الذي وضعه لنا في كتابه الكريم حتّى ولو لم يتعلّم علم هذا الكتاب، ولقد أعطانا الله تعالى مثلاً لذلك إبراهيم عليه السلام عندما رَفَضً مبدأ وفكر قومه وتفكَّرَ في ملكوت السماوات والأرض ووجد الحق من خلال رجوعِهِ إلى مَنبع الخلق أي إلى أصل الخلق وسَبَبِهِ، فتوصَّل بذلك إلى وجودية الخالق الواحد الأَحَدْ من خلال مبدأ خَلْقِهِ، حتّى ولو لم يكن إبراهيم يعلم بعد حقيقة الخالق. هذا ما بينه الله تعالى لنا في الآيات التالية:

* سُوۡرَةُ الاٴنعَام
وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَاهِيمُ لِأَبِيهِ ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصۡنَامًا ءَالِهَةً‌ۖ إِنِّىٓ أَرَٮٰكَ وَقَوۡمَكَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ (٧٤) وَكَذَالِكَ نُرِىٓ إِبۡرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلۡمُوقِنِينَ (٧٥) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيۡهِ ٱلَّيۡلُ رَءَا كَوۡكَبًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّى‌ۖ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَآ أُحِبُّ ٱلۡأَفِلِينَ (٧٦) فَلَمَّا رَءَا ٱلۡقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّى‌ۖ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَٮِٕن لَّمۡ يَہۡدِنِى رَبِّى لَأَڪُونَنَّ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلضَّآلِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَءَا ٱلشَّمۡسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّى هَـٰذَآ أَڪۡبَرُ‌ۖ فَلَمَّآ أَفَلَتۡ قَالَ يَـٰقَوۡمِ إِنِّى بَرِىٓءٌ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ (٧٨) إِنِّى وَجَّهۡتُ وَجۡهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضَ حَنِيفًا وَمَآ أَنَا۟ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ (٧٩).

أخي العزيز، هل كل إنسان يدعوا للفكر الإصلاحي يكون مبدأه سليم؟
بمعنى أصَحّْ، هل كل إنسان يدعوا للإصلاح يكون مُصلحًا؟

إنَّ جميع الأديان الباطلة تدعوا للإصلاح "كالدين المسيحي" و"الدين السنّي" و"الدين الشيعي" و"الدين الدرزي" و"الدين اليهودي" و"الدين البوذي"  و"الدين الزردشتي" إلخ...، وأيضًا فإنَّ كثير من "العلمانيين الملحدين" ومن "الدول الّتي تُسمي نفسها بالدول الديمقراطية" تدعوا للإصلاح، فهل هذا يعني أنَّ مبدأهم سليم، أي هل الأصل أو السبب في دعواهم للإصلاح هو سليم وحق؟ أم أنَّ فيه أهواء ومصالح ذاتية وأسباب لا يعلمها إلاّ أصحاب الشأن أنفسهم؟ ولذلك قال الله جَلَّ في عُلاه في كثير من آياته، أنَّ أكثر الناس لا يؤمنون، وأنَّ أكثر الناس فاسقون، وأنَّ أكثر الناس سوف يدخلون جهنم.

* سُوۡرَةُ غَافر
لَخَلۡقُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَڪۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَڪۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ (٥٧) وَمَا يَسۡتَوِى ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَلَا ٱلۡمُسِىٓءُۚ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ (٥٨) إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لَأَتِيَةٌ لَّا رَيۡبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَڪۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ (٥٩) وَقَالَ رَبُّڪُمُ ٱدۡعُونِىٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِى سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠) ٱللَّهُ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَڪۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ (٦١).

* سُوۡرَةُ الحَدید
أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُہُمۡ لِذِڪۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡہِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُہُمۡ‌ۖ وَكَثِيرٌ مِّنۡہُمۡ فَـٰسِقُونَ (١٦) وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا وَإِبۡرَاهِيمَ وَجَعَلۡنَا فِى ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡڪِتَـٰبَ‌ۖ فَمِنۡہُم مُّهۡتَدٍ وَڪَثِيرٌ مِّنۡہُمۡ فَـٰسِقُونَ (٢٦) ثُمَّ قَفَّيۡنَا عَلَىٰٓ ءَاثَـٰرِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيۡنَا بِعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَ وَءَاتَيۡنَـٰهُ ٱلۡإِنجِيلَ وَجَعَلۡنَا فِى قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأۡفَةً وَرَحۡمَةً وَرَهۡبَانِيَّةً ٱبۡتَدَعُوهَا مَا كَتَبۡنَـٰهَا عَلَيۡهِمۡ إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ رِضۡوَانِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوۡهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا‌ۖ فَـَٔاتَيۡنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنۡہُمۡ أَجۡرَهُمۡ‌ۖ وَكَثِيرٌ مِّنۡہُمۡ فَـٰسِقُونَ (٢٧).

وقال تعالى أيضًا في الآيات التالية:

* سُوۡرَةُ البَقَرَة
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأَخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ (٨) يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ (٩) فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ (١٠) وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُواْ فِى ٱلۡأَرۡضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ (١١) أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَـٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ (١٢).

هذه الآيات البيّنات في سورة البقرة تدلنا على أنَّ جميع الأديان الأرضية تعتقد أنها تؤمن بالله واليوم الآخر، وأنها أديان مُصلحة في الأرض، ولكنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر وليسوا بمُصلحين، ولكنهم "هُمُ المُفسدون ولكن لا يشعرون".

* سُوۡرَةُ غَافر
وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِىٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُ ۥۤ‌ۖ إِنِّىٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَڪُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِى ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ (٢٦).

لقد قلب فرعون المقاييس، لقد ظن فرعون من خلال إعتقادِهِ وفكره الآتي من مبدأ خاطئ ليس له أساس أو أصل، أنَّ دينه هو دين الحق وأنَّ دين موسى هو دين الباطل، وأنّهُ هو المُصلح وأنَّ موسى هو المُفسد.

* سُوۡرَةُ البَقَرَة
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُ فِى ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ (٢٠٤) وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَ‌ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ (٢٠٥) وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِ‌ۚ فَحَسۡبُهُ جَهَنَّمُ‌ۚ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ (٢٠٦).

السؤال هو، من الّذي على حق ومن الّذي على باطل، و"مَنْ" يُعلِّم "مَنْ"؟
هل المخلوق هو الّذي يُعلّم الخالق، أم أنَّ الخالق هو الّذي يُعلِّم المخلوق؟
وهل دين المخلوق يُشبّه بدين الخالق؟

الجواب موجود في الآيات البينات التالية، وتلك الآيات هي أكثر من كافية لإظهار الفرق بين دين الله جلّ في علاه، وبين الأديان الأرضية الباطلة من افتراء وصنع البشر لم يُنزّل الله تعالى بها من سلطان:

* سُوۡرَةُ الإسرَاء
قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُ ءَالِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَّٱبۡتَغَوۡاْ إِلَىٰ ذِى ٱلۡعَرۡشِ سَبِيلاً (٤٢).

* سُوۡرَةُ الاٴنبیَاء
أَمِ ٱتَّخَذُوٓاْ ءَالِهَةً مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ هُمۡ يُنشِرُونَ (٢١) لَوۡ كَانَ فِيہِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا‌ۚ فَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) لَا يُسۡـَٔلُ عَمَّا يَفۡعَلُ وَهُمۡ يُسۡـَٔلُونَ (٢٣).

* سُوۡرَةُ فَاطِر
يَـٰٓأَيُّہَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِىُّ ٱلۡحَمِيدُ (١٥).

* سُوۡرَةُ لقمَان
خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ بِغَيۡرِ عَمَدٍ تَرَوۡنَہَا‌ۖ وَأَلۡقَىٰ فِى ٱلۡأَرۡضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ وَبَثَّ فِيہَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً۬ فَأَنۢبَتۡنَا فِيہَا مِن ڪُلِّ زَوۡجٍ كَرِيمٍ (١٠) هَـٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِى مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦ‌ۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ (١١).

* سُوۡرَةُ یُونس
قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآٮِٕكُم مَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ ٱللَّهُ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ (٣٤) قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآٮِٕكُم مَّن يَہۡدِىٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ‌ۚ قُلِ ٱللَّهُ يَہۡدِى لِلۡحَقِّ‌ۗ أَفَمَن يَہۡدِىٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَہِدِّىٓ إِلَّآ أَن يُہۡدَىٰ‌ۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ (٣٥) وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّا‌ۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِى مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔا‌ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ (٣٦).

* سُوۡرَةُ یُوسُف
... وَفَوۡقَ ڪُلِّ ذِى عِلۡمٍ عَلِيمٌ (٧٦).

* سُوۡرَةُ النّحل
أَفَمَن يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُ‌ۗ أَفَلَا تَذَڪَّرُونَ (١٧).

* سُوۡرَةُ الحُجرَات
قُلۡ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِڪُمۡ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ‌ۚ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىۡءٍ عَلِيمٌ (١٦).

* سُوۡرَةُ النّحل
وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَمۡلِكُ لَهُمۡ رِزۡقًا مِّنَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ شَيۡـًٔا وَلَا يَسۡتَطِيعُونَ (٧٣) فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَ‌ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ (٧٤).

في الختام أخي الكريم، الفكر مربوط بالمبدأ، فإذا صَلُحَ المبدأ صَلُحَ الفكر، وإذا بَطُلَ المبدأ بَطُلَ الفكر، وإذا اختلف المبدأ اختلف الفكر حتّى ولو تَبَيَّنَ في الظاهر أنَّ الفكر مُتشابه أو واحد.
والفكر السليم أي الصحيح لا يكون إلاّ من خلال مبدأ الله عزَّ وجَلّْ، أي من خلال القرءان الحكيم، لِأنَّ الله تعالى سبحانه هو مَنْبَع الأصل والسبب.

في النهاية، أتمنّى أن تأخذوا فكركم من الأصل والمنبع الواحد الأحد الّذي هو القرءان الكريم، لكي يكون دومًا سليمًا.

112 November 13, 2016