المفهوم الحقيقي للأغلال والسلاسل من القرءان الكريم

 

المفهوم الحقيقي للأغلال والسلاسل من القرءان الكريم

 

لماذا سوف يُعذبّ الله المجرمين في جهنم؟ ومن المسؤول عن هذا العذاب؟

السلام عليكم.

منقول عن الأخ المؤمن عمر ربيحات.

(١): كثير من الناس يعتقدون بأنّ الله عزّ وجلّ عنيف وانَّهُ غير رحوم وغير مُنصِف في ما أنزله في كتابه، لأنهم لا يفقهون شيئًا منه لأنهم قومٌ يجهلون، لقد اتّهموا الله تبارك وتعالى بأنه سوف يربطهم في أغلال وسلاسل ويسحبهم في جهنم، ولكن في الحقيقة هم الّذين سوف يكونون السبب في دخولهم جهنم، وهم من سوف يسحبون أنفسهم بأنفسهم في جهنم بما فعلت وقدّمت أيديهم وبسبب أعمالهم السيئة الّتي قاموا بها في حياتهم عندما كانوا يعيشون في أرض الحياة الدنيا.

(٢): مفهوم "الأغلال والسلاسل" من القرءان العظيم.

* سورة غافر
أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِىٓ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصۡرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ ((الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ)) (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77).

* سورة الاعراف
ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ ٱلۡأُمِّىَّ ٱلَّذِى يَجِدُونَهُ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِى ٱلتَّوۡرَٮٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡہَٮٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنڪَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَـٰٓٮِٕثَ ((((وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَـٰلَ ٱلَّتِى كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡ)))) فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ مَعَهُ  أُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ (١٥٧).

إخواني الكرام إذا تدبّرنا هذه الآيات جيدًا وربطناها مع بعضها البعض نجد ما هو المقصود تمامًا ب "الأغلال والسلاسل"، إنَّ هذه ((الأغلال الّتي في الأعناق)) وهذه ((السلاسل الّتي سوف يُسحبون بها)) ليست حقيقية أو بالأحرى ليس المقصود بها المعنى الظاهر المعروف عند أكثر الناس، وإنما هي تشبيه عظيم من الله الحكيم العليم، وهي حكمة وموعظة منه، وهذا التشبيه أو هذه الآيات الّتي وردت فيها ((الأغلال والسلاسل)) أنزلها الله تبارك وتعالى فقط لقومٍ يفقهون ويتدبّرون ويتفكّرون، وبالتالي سوف يعلمون علم اليقين بأنّ هذا القرءان هو كتاب من عند الله وأنَّ الله أُنزله بعلمه.

(٣): سوف أبدأ بتدبرّ سورة غافر:

* سورة غافر
أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِىٓ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصۡرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ ((الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ)) (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77).

إخواني الكرام، عندما نتدبرّ الآيات من سورة "غافر"، نجد أنّ "الذين يجادلون في آيات الله الّذين كذبوا بالهدى الذي جائهم في الكتاب" الّذي أنزله الله عليهم ورفضوا أن يزيلوا الأغلال التي في أعناقهم والسلاسل الّتي تُكبِّلُهُم، هُم هؤلاء الّذين قال الله تبارك عنهم في آية (٧١): "إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ"، وهذه الأغلال الّتي كانت في أعناقهم والسلاسل الّتي تُقيّدهم والّتي رفضوا وبكامل إرادتهم أن يُزيلوها عن أنفسهم ويتحرّرون منها، هي في الواقع الحياة الدنيا بما فيها من جهل، إلى عادات وتقاليد، إلى رجعية وتَخلفّ، إلى نفاق وكفر وشرك، إلى كَبْت شديد من ناحية العرب وانفتاح شديد من ناحية الغرب، إلى تكبرّ على الله وإشراك ما توصّلوا إليه من علوم واستخدامها في سبيل الكفر والإشراك بهدف نفي وجودية الله الخالق نهائيًّا من الوجود.

وهنا نرى أنَّ الذين كذّبوا بالكتاب وبما أرسل الله، هم الّذين بقِيَّتْ الأغلال في أعناقهم وبقيت السلاسل تكبّلهم في هذه الحياة الدنيا بكامل إرادتهم، أي هُم الّذين بقي فيهم التعقيد والشرك والجهل بخيارهم وحرّيتهم ومن دون أن يُكرههم أحدٌ على ذلك، والنتيجةً ستكون، أنّهم سوف يُدخِلون أنفسهم بأيديهم في الحميم ويتعذّبون في النار ويُسجرون في جهنم في الآخرة بما كانوا يُشرِكون، سواءً كان هذا الإشراك آتٍ من الغرب أم من الشرق، وسواءً أشركوا بالله العِلْم الذي وصلوا إليه من خلال العقل الذي وهبهم إيّاه الخالق (كالعلمانيين الملحدين)، وسواءً أشركوا بِهِ كتب أخرى غير كتبه الّتي أنزلها عليهم (كجميع الأديان الباطلة ومن دون استثناء).

(٤): إذا انتقلنا إلى سُور أخرى، نجد فيها تأكيدًا لِما ذكرتُ لكم عن هؤلاء المُشركين وعن جميع أنواع أغلالهم وسلاسلهم الّتي وضعوها بأنفسهم في رقبتهم (أعناقهم) وكبّلوا أنفسهم بها في حياتهم الدنيا، ونجد فيها تأكيدًا على مسؤوليتهم في وضع تلك الأغلال والسلاسل في أعناق وأرجل وأيدي وأجساد أنفسهم وبالتالي في إدخال أنفسهم جهنم، تلك السُور هي:

* سُوۡرَةُ الرّعد
وَإِن تَعۡجَبۡ فَعَجَبٌ۬ قَوۡلُهُمۡ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا أَءِنَّا لَفِى خَلۡقٍ۬ جَدِيدٍ‌ۗ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّہِمۡ‌ۖ وَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ ((ٱلۡأَغۡلَـٰلُ فِىٓ أَعۡنَاقِهِمۡ‌)) وَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ‌ۖ هُمۡ فِيہَا خَـٰلِدُونَ (٥).

عندما نتدبرّ هذه الآية من سورة الرعد، نجد أنَّ الّذين كفروا ولم يؤمنوا بالبعث الجسدي أي بعذاب جهنم، هم الّذين كفروا ولم يؤمنوا بأنَّ الأغلال الّتي كانت عليهم في حياتهم الدنيا الآتية عن كفرهم وإشراكهم وجهلهم، وعن تكبّرهم، وعن مصالحهم وأهوائهم ورغباتهم سوف يُطوَّقون بها في النار يوم القيامة.

* سُوۡرَةُ سَبَأ
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤۡمِنَ بِهَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَلَا بِٱلَّذِى بَيۡنَ يَدَيۡهِۗ وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ مَوۡقُوفُونَ عِندَ رَبِّہِمۡ يَرۡجِعُ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ ٱلۡقَوۡلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لَوۡلَآ أَنتُمۡ لَكُنَّا مُؤۡمِنِينَ (٣١) قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُوٓاْ أَنَحۡنُ صَدَدۡنَـٰكُمۡ عَنِ ٱلۡهُدَىٰ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَكُمۖ بَلۡ كُنتُم مُّجۡرِمِينَ (٣٢) وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ بَلۡ مَكۡرُ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ إِذۡ تَأۡمُرُونَنَآ أَن نَّكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجۡعَلَ لَهُ أَندَادً۬اۚ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ وَجَعَلۡنَا ((ٱلۡأَغۡلَـٰلَ فِىٓ أَعۡنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ)) (٣٣).

إذا تدبّرنا هذه الآيات من سورة سبأ، نجد أنَّ الّذين رفضوا أن "يؤمنوا بهذا القرءان وبالّذي بين يديه من كُتُب"، هُم الّذين رفضوا أن يؤمنوا ويُصدّقوا بأنهم سوف يُحاسبون في الآخرة في جهنم وأنهم سوف يُطوَّقون بجميع أنواع أهوائهم وأعمالهم السيئة الّتي طوَّقوا أنفسهم بها سابقًا في حياتهم الدنيا عندما كانوا يعيشون في هذه الأرض، ولذلك سمّاهم الله تبارك وتعالى "بالظالمين والكافرين" واعترفوا هُم على بعضهم البعض وسمّوا أنفسهم في الآخرة "بالمجرمين"، ولذلك أيضًا، ختم الله آياته بقوله في آية (٣٣): "وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَغۡلَـٰلَ فِىٓ أَعۡنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُون"، هذه الآية تدلّنا مباشرةً على أنَّ الأغلال الّتي جعلها الله في أعناقهم في الآخرة هي جزاؤهم على ما كانوا يعملون في حياتهم الدنيا، تلك الأعمال هي الأغلال الّتي وضعوها بأنفسهم على أنفسهم في أعناقهم وطوّقوا أعناقهم بها بخيارهم وبكامل إرادتهم عندما كانوا يعيشون حياتهم الدنيوية في هذه الأرض، وهذا يعني أنَّ أعمالهم السيئة في هذه الأرض هي أغلالهم الّتي سوف يُطوّقون بها فيُحاسبون بها وعليها في الآخرة لأنهم رفضوا أن يؤمنوا بها فيتحرّروا منها.

* سُوۡرَةُ الحَاقَّة
وَأَمَّا مَنۡ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِشِمَالِهِۦ فَيَقُولُ يَـٰلَيۡتَنِى لَمۡ أُوتَ كِتَـٰبِيَهۡ (٢٥) وَلَمۡ أَدۡرِ مَا حِسَابِيَهۡ (٢٦) يَـٰلَيۡتَہَا كَانَتِ ٱلۡقَاضِيَةَ (٢٧) مَآ أَغۡنَىٰ عَنِّى مَالِيَهۡۜ (٢٨) هَلَكَ عَنِّى سُلۡطَـٰنِيَهۡ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ ٱلۡجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ ((فِى سِلۡسِلَةٍ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعًا فَٱسۡلُكُوهُ)) (٣٢) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ ٱلۡعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ (٣٤) فَلَيۡسَ لَهُ ٱلۡيَوۡمَ هَـٰهُنَا حَمِيمٌ (٣٥) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنۡ غِسۡلِينٍ (٣٦) ((لَّا يَأۡكُلُهُ إِلَّا ٱلۡخَـٰطِـُٔونَ)) (٣٧).

إذا تدبّرنا هذه الآيات من سورة الحاقّة، نجد أنَّ الّذي سوف يسلكه الله "في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا" لكي يُصليه الجحيم ويُطعمه طعامًا من غِسلين، هو الإنسان الخاطئ الّذي ارتكب خطايا كثيرةً في حياته الدنيا، وهو الإنسان الّذي أوتِيَ كتاب الله بالباطل، فكان "ذا مالٍ كثير وكان متكبّرًا بِهِ على الفقير، فكان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحضّ على طعام المسكين"، وإنَّ هذه الأفعال هي السلاسل الّتي سلكَ نفسَهُ بها بكامل إرادته عندما كان يعيش في هذه الأرض، وبالتالي سلَكَ نفسَهُ بها في جهنم في الآخرة.

(٥): سوف أنتقل إلى سورة الأعراف وأقارنها بسورة غافر:

* سورة الأعراف
ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ ٱلۡأُمِّىَّ ٱلَّذِى يَجِدُونَهُ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِى ٱلتَّوۡرَٮٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡہَٮٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنڪَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَـٰٓٮِٕثَ ((((وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَـٰلَ ٱلَّتِى كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡ)))) فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ (١٥٧).

لو ربطنا آيات سورة غافر بآيات سورة الأعراف، نجد أنّ الّذين "الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ" في سورة غافر، هُم عكس الذين "ءامنوا بالرسول النبي الأمّي وعزّروه ونصروه واتّبعوا النور أي القرآن الّذي أُنزِلَ معه" في سورة الأعراف، وهذا يعني أنَّ الّذين "الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ" هُم عكس الّذين لم يتكبّروا في الحياة الدنيا، أي عكس الذين لم يضحك عليهم إبليس، أي عكس الذين لم يتكبّروا على المؤمنين بالكتاب (بالهدى)، أي عكس الّذين لم يتّبعوا ما تتلوا الشياطين (البشر).

وإنَّ تلك الفئة من المؤمنين الّتي ذكرتها لكم هُم الّذين وُضع عنهم (أي أزالوا عن أنفسهم وبكامل إرادتهم) ((((إصرهم والأغلال والقيود التي كانت عليهم)))) في حياتهم الدنيا، فسحبوا أنفسهم إلى جنة المأوى في الآخرة وأدخلوا أنفسهم فيها، وهؤلاء الفئة من الناس لن يسألهم الله "أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ مِن دُونِ اللَّهِ" كما سأل فئة الّذين أشركوا حياتهم الدنيا ففرحوا (تكبروا) في الأرض بغير الحق ومرحوا على هواهم، فالسؤال يكون فقط للمشركين، والّذين هم عكس المؤمنين المُفلحين الّذين شغّلوا عقولهم وقلوبهم، ولذلك قال الله تبارك وتعالى عنهم في آخر آية (١٥٧) من سورة الأعراف: "أُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ".

(٦): إخوتي وأخواتي الكرام أرجوا منكم أن تتدبّروا الآيات التالية:

* سُوۡرَةُ آل عِمرَان
لَّقَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحۡنُ أَغۡنِيَآءُ‌ۘ سَنَكۡتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتۡلَهُمُ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ (١٨١) (((ذَالِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٍ لِّلۡعَبِيدِ))) (١٨٢).

* سُوۡرَةُ الاٴنفَال
وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ ڪَفَرُواْ‌ۙ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَـٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ (٥٠) (((ذَالِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيڪُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلۡعَبِيدِ))) (٥١) كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ‌ۙ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ‌ۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَـٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ‌ۗ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ (٥٢) ذَالِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ (((لَمۡ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِہِمۡ‌ۙ))) وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) ڪَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ‌ۙ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ‌ۚ كَذَّبُواْ بِـَٔايَـٰتِ رَبِّہِمۡ فَأَهۡلَكۡنَـٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَغۡرَقۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ‌ۚ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَـٰلِمِينَ (٥٤).

أتمنّى من الله تبارك وتعالى أن نسحب أنفسنا جميعًا إلى الجنة وأن لا نسحبها إلى جهنم.

 

77 November 02, 2016