كيف نستطيع أن نقنع الأعجمي أن القرءان كتاب سماوي محال أن يؤلفّه بشر

 

كيف نستطيع أن نقنع الأعجمي أن القرءان كتاب سماوي محال أن يؤلفّه بشر

 

السلام عليكم يا أولي الألباب.

(١): الجواب هو: نستطيع أن نقنعهم من خلال جميع الأمثال والعبر والعلوم البيّنة والقيّمة العظيمة الموجودة في سطور آياتِ القرءان الكريم، القرءان كتاب عظيم بأسلوبه اللغوي العربي الّذي من خلاله نستطيع كمؤمنين أن نتدبرّ وأن نفهم معاني آياته العظيمة، ونحن عندما نتدبرّ ونفهم تلك الآيات العظيمة (بلغتها العربية) بما تحويه من علوم وأمثال وعِبَرْ، نستطيع أن نناقش الياباني أو الأمريكي أو الأوروبي (بلغته الأم) في هذا العلم العظيم وما فيهِ من منطق وحكمة وأمثال وعبر وعلوم والّذي لا يستطيع لا الإنس ولا الجن بكامل قوة علمهم أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا.

إنَّ ما يحتويه هذا القرءان من علوم وأمثال وعِبر هو كافٍ للياباني وللأمريكي وللأوروبي أن يخشع لهذا الكتاب عندما يسمع بعظمة علمِهِ، وأن يأخذه بعين الإعتبار وعلى محمل الجد، وأن يُثار فضوله ولو قليلاً لهذا العلم الهائِل العظيم بكل جوانِبِهِ والمنطق الّذي لم يسمع بِهِ سابقًا (لأنَّهُ قد حُرِّف)، وبالتالي إلى تعلمّ اللغة العربية وبعدها التوجه لدراسة القرءان بلغته الأم.

 

(٢): نحن كمؤمنين لا نستطيع أن نترجم هذا القرءان، بسبب وجود الأحرف الأبجدية فيه، والعبرة لكي لا يُنْسَبُ القرءان في حال تُرْجِم إلى لغة أخرى، إلى تلك اللغة الّتي تُرْجِم إليها، لأن تلك الأحرف الأبجدية هي أحرف عربية ومن المستحيل أن تُتَرْجَم أو تُنْسَب إلى أحرف أبجدية بلغة أعجمية غيرعربية، مِمّا يُعطينا الدليل على أنَّ هذا القرءان هو أُمُّ الكتاب وأنَّ لغَته العربية هي اللغة الأم أي اللغة الأصل، ومِمّا يُثبت بل يؤكدّ لنا أنَّ هذا القرءان هو النسخة الأصلية الإلاهية ولا يُمكن أن يُترجم إلى لغات أخرى، فلا يأتي مثلاً أحدهم ويقول أنَّ أصل هذا القرءان هو فارسي أو يوناني أو عبري أو لاتيني، أي أعجمي، فلو لم تكن تلك الأحرف الأبجدية قد أتت في القرءان بصفة آيات في بداية السُور وبصفة أسماء لبعض السُّور، لكان زُوِّرَ القرءان وضاعت النسخة الأصلية في حال تُرجم إلى لُغات أخرى، فيُصبح بذلك القرءان الكريم قرءانًا غير إلآهي، ويُصبح قرءانًا ناقصًا وغير مُحكم، وبالتالي غير مُفصَّل، وبالتالي فيه عِوج وتناقضات، تمامًا كالقرائين المُختلفة المُترجمة الموجودة الآن في زمننا في جميع أنحاء العالم بجميع لغات العالم، وبالتالي يصعُب بيانَهُ بتشابه وإحكام وتفصيل آياتِهِ، فيُصبح بذلك قرءانًا مُحرَّفًا تمامًا ككِتابَيْ العهد القديم والعهد الجديد باختلافِ ترجمتها ونسخاتها.

ولكننا كمؤمنين صادقين ومُخلصين ديننا لله، نستطيع أن نُترجم مفهوم آيات القرءان إلى لُغات أعجمية (أكرر أنَّ هذه هي فقط وظيفة المؤمن الصادق الأمين على كتاب الله)، وعندما يصل هذا المفهوم إلى الناس، يستطيعون بعد ذلك أن يتعلموا لغة هذا الكتاب العظيم إذا كان لديهم اهتمام لمعرفة الخالق واكتشاف علمِهِ العظيم، تمامًا كما يفعل أكثر الناس في دراساتهم لعلوم البيولوجيا أو الفيزياء أو الكيمياء أو الفلسفة أو الطب أو الهندسة أو الرياضيات أو غيرها من العلوم، فهم إذا أرادوا أن يدرسوا تلك العلوم ولديهم اهتمام بها ولكن ليس لديهم الإمكانيات لدراستها بلغتهم الأم في جامعات بلادهم، يسافرون إلى جامعات أعجمية مختلفة ويتعلمون لغة البلد الّذي سوف يقيمون فيه ويدرسون في جامعاته، نستطيع أن نرى من خلال ما ذكرت، أنَّهُ إذا كان لدى الناس اهتمامات أو مصالح، فهم مُستعدون لدراسة لغة أخرى غير لغتهم حتّى لو كانت إنجليزية أو لاتينية أو فارسية أو يونانية أو يابانية أو كرشونية أو سنسكريتية أو غيرها، لكي يستطيعوا أن يتعلموا وأن يدرسوا ما يهمّهم وما يناسبهم، وإذا استطاعوا أن يفعلوا ذلك، فمن المؤكدّ أنّهم يستطيعون تعلمّ العربية لتعلمّ القرءان بهدف التوصل إلى معرفتِهِ.

 

(٣): أريد أن أطرح سؤالاً في غاية الأهمية: كيف استطاع الرسول محمد والّذين آمنوا معه أن يبلّغوا رسالة القرءان لجميع الأمم في جميع أقطار الأرض، على الرغم من لغته العربية وعلى الرغم من اختلاف ألسنة تلك الأمم؟

وكيف استطاع موسى وعيسى وجميع رُسُل الله مع المؤمنين في زمنهم أن يبلّغوا كتاب التوراة والإنجيل وجميع الكتب السماوية السابقة بلغاتهم المختلفة ولجميع الأمم في جميع أنحاء الأرض، على الرغم من اختلاف ألسنة تلك الأمم؟

لقد أخبرنا الله عز وجل أنَّهُ يُرسل كل رسول بلسانِ قومِهِ (بلغةِ قومِه) ليُبيِّنَ لهم كما أخبرنا في آية (4) من سورة إبراهيم، فكيف استطاع إذًا هذا الرسول وقومه (في زمنهم) أن يُبلِّغوا رسالات الله إلى الصيني والهندوسي والياباني والأوروبي والفارسي والأفريقي واليوناني والتركي والروماني وغيرِهم؟

* سُوۡرَةُ إبراهیم
وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِيُبَيِّنَ لَهُمۡ‌ۖ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِى مَن يَشَآءُ‌ۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ (٤).

 

(٤): ويا سبحان الله، إنَّ أكثر الناس يُسافرون ويتغرَّبون إلى بلدان أخرى كثيرة ويختلطون بأهلها ويتعلّمون لغتهم ولغات أخرى كثيرة، إمّا بهدف العمل، أو بهدف تعلمّ ودراسة كتب مختلفة كثيرة (صناعة بشرية) بجميع أنواعها مهما كان نوع هذه الدراسة، أو بهدف الإقامة، أو بهدف الزواج، أو غيره، وهذا يُعتبر عند جميع الناس أمرًا طبيعيًّا جدًا وليس صعبًا أو مستحيلاً أو عجيبًا أو غريبًا، ولكن عندما يتعلق الأمر بدراسة وتعلمّ لغة القرءان الّذي هو كتاب إلآهي سماوي والّذي لا يُقارَن بأي كِتاب دُنيوي، فتصبح دراسته بلغته العربية أمرًا ليس طبيعيًّا، وصعبًا ومستحيلاً، ويُصبح هذا الأمر من العجائِب!!!

القرءان ذكرٌ للعالمين، وكل إنسان أعجمي يتعلمّ القرءان بلغته العربية يستطيع أن يعود إلى قومه ويبلّغهم هذا القرءان، ونحن كمؤمنين نعيش في البلدان الغربية، علينا أن نُبلغّ القرءان للغرب من خلال المفهوم الّذي تُبيِّنه آيات القرءان نفسها، وعلى الغرب بعد ذلك أن يُغيّروا قبلتهم ويتَّجهوا إلى قبلة القرءان، وهذا تمامًا ما يفعله المؤمن العربي مع قومه العرب، فالمؤمن يُبلغّ القرءان لقومه من خلال المفهوم الّذي تُبيِّنُهُ آيات القرءان، وعلى قومه بعد ذلك أن يُغيّروا قبلتهم ويتّجهوا إلى قبلة القرءان.

 

(٥): أعزائي الكرام، المشكلة ليست في الياباني أو الأمريكي أو الأوروبي، بل هي في العرب أنفسهم، فالياباني أو الأمريكي أو الأوروبي إذا كان لديهم فعلاً إهتمام بالقرءان، فتأكدّوا أنهم سوف يتعلّمون لغته بكل اهتمام وحب وشغف من أجل دراسة هذا الكتاب العظيم، أمّا العربي، فعلى الرغم من لغته العربية واستطاعته القراءة والكتابة بالعربية، نجده إمّا يقرأ القرءان ولا يفقه منه شيئًا، وإمّا لا يقرأ القرءان ولا يهتم لأمرِهِ.

إذًا فالمسألة لا تتعلَّق بلغة القرءان، ولكنَّها تتعلقّ بكينونة هذا الكتاب العظيم، والمشكلة ليست في لغة القرءان، ولكن في ما تكنّ صدور هؤلآء الناس، وفي ما تُخفي وما تُعلِن من حجج باطلة وواهية بهدف الإسآءة لهذا الكتاب العظيم والتهربّ من الإيمان بِهِ، وهذا أكبر حسرة عليهم وعار على وجوديَّتِهِم وإنسانيَّتِهِم.

وصدق الله جل وعلا في قوله عنهُم:

* سُوۡرَةُ الاٴحزَاب
إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَـٰواتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَہَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡہَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَـٰنُۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً (٧٢).

* سُوۡرَةُ الجُمُعَة
مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَٮٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢا‌ۚ بِئۡسَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَـٰتِ ٱللَّهِ‌ۚ وَٱللَّهُ لَا يَہۡدِى ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ (٥).

* سُوۡرَةُ عَبَسَ
قُتِلَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَآ أَكۡفَرَهُ (١٧) مِنۡ أَىِّ شَىۡءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِن نُّطۡفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقۡبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ (٢٢) كَلَّا لَمَّا يَقۡضِ مَآ أَمَرَهُ (٢٣) فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَـٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦۤ (٢٤) أَنَّا صَبَبۡنَا ٱلۡمَآءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقۡنَا ٱلۡأَرۡضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنۢبَتۡنَا فِيہَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضۡبًا (٢٨) وَزَيۡتُونًا وَنَخۡلاً (٢٩) وَحَدَآٮِٕقَ غُلۡبًا (٣٠) وَفَـٰكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَّتَـٰعًا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَـٰمِكُمۡ (٣٢).

* سُوۡرَةُ القِیَامَة
بَلِ ٱلۡإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُ (١٥).

حفظكم الله تعالى ورعاكم.

69 November 02, 2016