ما هو العيد في القرءان الكريم، وهل الأعياد الدينية من الإسلام؟

 

ما هو العيد في القرءان الكريم، وهل الأعياد الدينية من الإسلام؟

 

(١): لم يذكر الله تعالى الأعياد الوثنية عيد الفطر وعيد الأضحى في كتابه العزيز، هذان العيدان هُما بدعة إبتدعها السلف الطالح المُشركون من خلال دينهم الباطل وعاداتهم وتقاليدهم الّتي ورثوها عن آبآئِهِم، وهذان العيدان ليس لهما أية دعوة بالدين الإسلامي، وكما قُلتُ فإنَّ الله تعالى لم يذكر لنا أي شيء عنهما في القرءان الكريم.

إخوتي وأخواتي الكرام، إذا قرأتُم قصص الأحاديث والفقه تجدون فيها أقاويل عن هذين العيدين وفيها من الكفر والضلالة والإفتراء على الله تعالى وعلى رسوله الأمين محمد عليه السلام ما لا يتقبّله أي إنسان مؤمن.

إنَّ كلمة "عيد" في القرءان الكريم تعني "ذِكرى أو تذكرة"، ولقد ذكرها الله تعالى لنا في آية (١١٤) من سورة المَائدة.

إخوتي وإخواني الكرام تعالوا معًا نتدبّر معنى كلمة عيد ونتدبّر أيضًا المعنى الحقيقي لكلمة المائدة من آيات سورة المآئِدة نفسها، من آية (١١١) إلى (١١٥).

* سُوۡرَةُ المَائدة
وَإِذۡ أَوۡحَيۡتُ إِلَى ٱلۡحَوَارِيِّـۧنَ أَنۡ ءَامِنُواْ بِى وَبِرَسُولِى قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَٱشۡہَدۡ بِأَنَّنَا مُسۡلِمُونَ (١١١) إِذۡ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ يَـٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ هَلۡ يَسۡتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيۡنَا مَآٮِٕدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ‌ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن ڪُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (١١٢) قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأۡڪُلَ مِنۡہَا وَتَطۡمَٮِٕنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡہَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ (١١٣) قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلۡ عَلَيۡنَا مَآٮِٕدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةً مِّنكَ‌ وَٱرۡزُقۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّازِقِينَ (١١٤) قَالَ ٱللَّهُ إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيۡكُمۡ‌ فَمَن يَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّىٓ أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّآ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (١١٥).

سورة المآئِدة = سورة الإنجيل العظبم.
المآئِدة = الإنجيل الكريم.
تنزيل المآئِدة من السمآء = تنزيل الإنجيل العظيم وحيًا من السمآء.
العيد = الذكر

في آية (١١٢) طلب الحواريّون من عيسى عليه السلام أن يُنزلّ عليهم مائدة من السماء، لماذا؟

لأنّ عيسى عليه السلام كان كلمة الله وروح منه، أي كتابه، وعندما بدأ عيسى عليه السلام بتبليغ الإنجيل الكريم للحواريّين لم يُصدقّوه، لذلك طلبوا منه أن يُنزّل عليهم مائدة من السماء، أي كتاب، ولذلك أجابهم عيسى عليه السلام بقولِهِ لهم: "اتّقوا الله إن كنتم مؤمنين".

البرهان على أنَّ المآئِدة هي الإنجيل نجده في الآيات التالية، آية (١١٣) و(١١٤).
آية (١١٣): "قالوا نريد أن نأكل منها" أي يريدون أن يتعلموا وأن يُطهّروا أنفسهم من الإنجيل الكريم بهدف فعل الصالحات.

والبرهان على أنّ الأكل هو تعلمّ الرسالة والعمل الصالح نجده في آية (٥١) من سورة المؤمنون:

* سُوۡرَةُ المؤمنون
وَجَعَلۡنَا ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَأُمَّهُ ءَايَةً وَءَاوَيۡنَـٰهُمَآ إِلَىٰ رَبۡوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (٥٠) يَـٰٓأَيُّہَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَـٰلِحًا‌ إِنِّى بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هَـٰذِهِۦۤ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا۟ رَبُّڪُمۡ فَٱتَّقُونِ (٥٢) فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَہُمۡ زُبُرًا‌ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡہِمۡ فَرِحُونَ (٥٣).

آية (٥١): "كلوا من الطيّبات واعملوا صالحًا" أي تعلّمو من كُتُبِ الله لأنَّ كُتُبِ الله تعالى هي الطيِّبات.
"واعملوا صالحًا"، أي آمنوا برسالات الله واعملوا صالحًا.

إذا كان المقصود من الأكل من الطيّبات هو المعنى الظاهر وليس المعنى المجازي أو الباطن، فما هو الرابط إذًا بينه وبين العمل الصالح؟
ولماذا أكمل الله تعالى آية (٥١) بآية (٥٢) و(٥٣)؟

(٢): * سُوۡرَةُ المَائدة
وَإِذۡ أَوۡحَيۡتُ إِلَى ٱلۡحَوَارِيِّـۧنَ أَنۡ ءَامِنُواْ بِى وَبِرَسُولِى قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَٱشۡہَدۡ بِأَنَّنَا مُسۡلِمُونَ (١١١) إِذۡ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ يَـٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ هَلۡ يَسۡتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيۡنَا مَآٮِٕدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ‌ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن ڪُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (١١٢) قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأۡڪُلَ مِنۡہَا وَتَطۡمَٮِٕنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡہَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ (١١٣) قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلۡ عَلَيۡنَا مَآٮِٕدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةً مِّنكَ‌ وَٱرۡزُقۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّازِقِينَ (١١٤) قَالَ ٱللَّهُ إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيۡكُمۡ‌ فَمَن يَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّىٓ أُعَذِّبُهُ عَذَابً۬ا لَّآ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (١١٥).

آية (١١٣): "وتطمئنّ قلوبنا" أي لكي تطمئنّ قلوبهم ويتأكدوّا أنّ عيسى عليه السلام هو رسول الله وكتابه، وعندها تطمئن قلوبهم حقّا بذكر الله، كما أخبرنا الله تعالى في آية (٢٨) من سورة الرعد:

* سُوۡرَةُ الرّعد
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطۡمَٮِٕنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِ‌ أَلَا بِذِڪۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَٮِٕنُّ ٱلۡقُلُوبُ (٢٨).

آية (١١٣): "ونعلم أن قد صدقتنا" لأنّهم لم يُصدّقوا عيسى عليه السلام بأنّه مُرسل من الله.
آية (١١٣): "ونكونَ عليها من الشاهدين"، أي لكي يشهدوا أنّ الإنجيل العظيم حقّ بهدف تبليغه، والبرهان نجده في الآية التالية، آية (١١٤).

آية (١١٤): "ربّنا أنزل علينا مائدة من السماء" أي كتاب من السماء وليس لحم وفاكهة وبطيخ وبندورة وخضراوات وخبز وبطاطس وحلويات وتفاح وليمون وموز وخيار وعنب وسمن وزيت زيتون وزيت للقلي وملح وبهار، إلخ...

آية (١١٤): "تكون لنا عيدًا لأوّلنا وآخرنا"، أي ذكرى لأوّلنا وآخرنا، أي كتاب لنا لنذكّر به الآن ولتتذكّره الأجيال القادمة وتُذكّرّ به.
آية (١١٤): "وآية منك"، أي كتاب منك.
آية (١١٤): "وارزقنا وأنت خير الرازقين"، أي علّمنا من لدنك وأنت أعلم العالِمين.

والدليل على أنّ الرزق هو علم الله الذي يُدخل الجنّة، أي آياته نجده في:

* سُوۡرَةُ آل عِمرَان
فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنۢبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا‌ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيۡهَا زَكَرِيَّا ٱلۡمِحۡرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزۡقًا قَالَ يَـٰمَرۡيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا‌ قَالَتۡ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ‌ إِنَّ ٱللَّهَ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ (٣٧).

آية (٣٧): "كلّما دخل عليها زكريّا المحراب وجد عندها رزقًا" أي عَلِم زكريّا بأنّ الله قد أوحى لمريم عليها السلام آياته، لأنَّ رزق مريم عليها السلام هو الوحي أي رسالة الله تعالى الّتي أوحاها الله تعالى لها بواسطة ملآئِكَتِهِ.

* سُوۡرَةُ البَقَرَة
سَلۡ بَنِىٓ إِسۡرَاءِيلَ كَمۡ ءَاتَيۡنَـٰهُم مِّنۡ ءَايَةِۭ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلۡ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ (٢١١) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَيَسۡخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ‌ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ‌ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ (٢١٢).

* سُوۡرَةُ البَقَرَة
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَـٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِىَ يَوۡمٌ۬ لَّا بَيۡعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَـٰعَةٌ وَٱلۡكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ (٢٥٤).

* سُوۡرَةُ یُونس
قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزۡقٍ فَجَعَلۡتُم مِّنۡهُ حَرَامًا وَحَلَـٰلاً قُلۡ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمۡ‌ أَمۡ عَلَى ٱللَّهِ تَفۡتَرُونَ (٥٩) وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡڪَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ‌ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ (٦٠).

 

(٣): الدليل على أنَّ عيسى ابن مريم هو الإنجيل الكريم نجده في السُور التالية:

* سُوۡرَةُ آل عِمرَان
فَنَادَتۡهُ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةُ وَهُوَ قَآٮِٕمٌ يُصَلِّى فِى ٱلۡمِحۡرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحۡيَىٰ مُصَدِّقَۢا بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ (٣٩).

"أنّ الله يُبشّرك بيحَي مُصدِّقًا بكلمة من الله" = مُصدِّقًا بكتاب الله = مُصدِّقًا بعيسى ابن مريم = مُصدِّقًا بالإنجيل الكريم.

* سُوۡرَةُ آل عِمرَان
إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةُ يَـٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ وَجِيهًا فِى ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأَخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ (٤٥).

"بكلمة مِنهُ اسمه المسيح عيسى ابن مريم" = بكتابٌ مِنهُ اسمُهُ عيسى ابن مريم = عيسى ابن مريم هو كتاب الله = الإنجيل العظيم.

* سُوۡرَةُ النِّسَاء
يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡڪِتَـٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِى دِينِڪُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ‌ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَڪَلِمَتُهُ أَلۡقَٮٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٌ مِّنۡهُ‌ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ‌ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَـٰثَةٌ‌ ٱنتَهُواْ خَيۡرًا لَّڪُمۡ‌ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبۡحَـٰنَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ‌ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَڪِيلاً (١٧١).

 

(٤): للتوضيح أكثر:

* سُوۡرَةُ المَائدة
وَإِذۡ أَوۡحَيۡتُ إِلَى ٱلۡحَوَارِيِّـۧنَ أَنۡ ءَامِنُواْ بِى وَبِرَسُولِى قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَٱشۡہَدۡ بِأَنَّنَا مُسۡلِمُونَ (١١١) إِذۡ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ يَـٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ هَلۡ يَسۡتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيۡنَا مَآٮِٕدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ‌ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن ڪُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (١١٢) قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأۡڪُلَ مِنۡہَا وَتَطۡمَٮِٕنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡہَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ (١١٣) قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلۡ عَلَيۡنَا مَآٮِٕدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةً مِّنكَ‌ وَٱرۡزُقۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّازِقِينَ (١١٤) قَالَ ٱللَّهُ إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيۡكُمۡ‌ فَمَن يَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّىٓ أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّآ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (١١٥).

في آية (١١٢) و(١١٣) طلب الحواريّون من عيسى ابن مريم أن يطلب من الله تعالى "أن يُنزِّلَ عليهم مآئِدةً من السمآء" يأكُلوا منها لكي تطمئِنَّ بها قُلوبهم ولِكَيْ يعلموا أنَّ عيسى قد صدقهُم، أي أنَّ عيسى ابن مريم هو كلمة الله أي الإنجيل الكريم ورسولٌ مِنهُ، ولِكَيْ يكونوا عليها من الشاهدين، أي لِكي يكونوا شُهدآء على هذه المآئِدة.

أي لقد طلب الحواريّون من عيسى عليه السلام أن يطلب من الله أن يُنزِّلَ عليهِم الإنجيل من السماءِ وحيًا، أي أن يوحي لهُم بالإنجيل لِكي يأكُلوا منهُ، أي يتبِعوهُ، ولكي يطمئِنوا ويُصدِّقوا أنَّ عيسى عليه السلام هو الإنجيل ورسول الله إليهم، ولِكَيْ يكونوا من الشاهدين على هذا الإنجيل، أي لكَيْ يكتبوهُ ويشهدوا عليه، أي يُقيموهُ بين الناس.

في آية (١١٤) استجاب عيسىى عليه السلام لهم ودعا الله بأن يُنزِّلَ عليهم مآئِدةً من السمآء، أي إنجيلاً أو وحيًا من السمآء يكون عيدًا لأوَّلِهِم وآخِرِهِم، أي طلب عيسى عليه السلام من الله أن يُنزِّلَ عليهم وحيًا من السمآء يكون ذكرى لأوَّلِهِم وآخِرِهِمْ، أي يكون ذكرى لهُمْ وذكرى لِمن سوف يأتي من بعدهُم وآيةً منهُ، أي كتابًا ورزقًا من الله.

في آية (١١٥) استجاب الله تعالى لطلب عيسى والحواريّين بأن يُنزِّلَ عليهم المآئِدة أو الإنجيل أو الوحي أو الكتاب، ولقد أوحى الله تعالى إليهم في آية (١١١) بالإنجيل وأمرهم من خلالِهِ بالإيمان بكل آية من آياتِهِ وبالإيمان برسولِهِ عيسى ابن مريم.

ولكنه أنذرهم في آية (١١٥) أنهم إذا عادوا إلى الكُفر والإشراك مرة ثانية بتحريف الإنجيل أو الكتاب من بعد أن هداهُم ومن بعد أن أوحى إليهم، فسوف يُعذِّبُهُم في الآخرة عذابًا لا يُعذِّبُهُ أحدًا من العالمين، فاستجاب الحواريّون لله في آية (١١١) وقالوا آمنّا وشهِدوا بأنهم مُسلمون، أي شهِدوا بالإصلاح والعدل والبرّ والتقوى والخير والإحسان كما أمرهم الله تعالى وحيًا، أي أكلوا من الطيبات وعملوا صالحًا، تمامًا كما قال الله تعالى في آية (٥١) من سورة المؤمنون:

* سُوۡرَةُ المؤمنون
وَجَعَلۡنَا ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَأُمَّهُ ءَايَةً وَءَاوَيۡنَـٰهُمَآ إِلَىٰ رَبۡوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (٥٠) يَـٰٓأَيُّہَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَـٰلِحًا‌ إِنِّى بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هَـٰذِهِۦۤ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا۟ رَبُّڪُمۡ فَٱتَّقُونِ (٥٢) فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَہُمۡ زُبُرًا‌ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡہِمۡ فَرِحُونَ (٥٣).

ولكن بعد مرور الوقت، اختلف الأحزاب من بينهم وكفروا وأشركوا وحرَّفوا بالإنجيل وابتدعوا أحاديثًا وأقاويل كاذبة ودين باطل نسبوه بالكذب إلى المسيح عيسى ابن مريم على أنه هو المسيح عيسى ابن الله وسمّوا هذا الدين بالدين المسيحي.

(٥): إنَّ تلك الآيات البينات من سورة المآئِدة تُعلمنا أنَّ الإنجيل هو عيدٌ، أي ذكرٌ لمن مع عيسى وعيدٌ، أي ذكرٌ لمن سوف يأتي من بعده، تمامًا  كما قال الله تعالى عن القرءان الكريم في سورة الأنبياء:

* سُوۡرَةُ الاٴنبیَاء
أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦۤ ءَالِهَةً قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَـٰنَكُمۡ‌ هَـٰذَا ذِكۡرُ مَن مَّعِىَ وَذِكۡرُ مَن قَبۡلِى‌ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّ‌ فَهُم مُّعۡرِضُونَ (٢٤).

إذًا ومن خلال آية (٢٤) في سورة الأنبياء نجد بأنَّ القرءان الكريم هو عيدٌ لمن مع الرسول محمد عليه السلام، أي عيدٌ لجميع الناس في زمنه إلى يوم القيامة، وعيدٌ لمن قبلَهُ، أي عيدٌ لجميع من قبله من الأمم.

* سُوۡرَةُ الذّاریَات
وَذَكِّرۡ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (٥٥).

نجد في تلك الآية أنَّ القرءان الكريم هو الذكرى، أي العيد للمؤمنين.

* سُوۡرَةُ الاٴعلی
فَذَكِّرۡ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ (٩) سَيَذَّكَّرُ مَن يَخۡشَىٰ (١٠) وَيَتَجَنَّبُہَا ٱلۡأَشۡقَى (١١).

* سُوۡرَةُ عَبَسَ
وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰٓ (٣) أَوۡ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكۡرَىٰٓ (٤).

* سُوۡرَةُ الحِجر
إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ (٩) وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِى شِيَعِ ٱلۡأَوَّلِينَ (١٠).

بعد تَدَبّرنا لتلك الآيات البيّنات في سورة المآئِدة نجد بأنَّ المعنى الحقيقي للمائدة هي الإنجيل العظيم، وأنَّ المعنى الحقيقي لكلمة عيد هي الذكر أو الذِّكرى أو التذكرة، مِمّا يُثبت لنا أنَّ عيد الفطر أو عيد الأضحى ليس لهُما أيّة دعوة لا بالإسلام ولا بالقرءان ولا بالدين الّذي أنزله الله تعالى على رسولِهِ الأمين محمد عليه السلام.

(٦): في الختام سوف أُنهي هذا الموضوع ببعض من الآيات التي تُدمّر جميع الأديان الأرضية الباطلة.

* سُوۡرَةُ الصَّف
وَإِذۡ قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ يَـٰبَنِىٓ إِسۡرَاءِيلَ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيۡنَ يَدَىَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَٮٰةِ وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولٍ يَأۡتِى مِنۢ بَعۡدِى ٱسۡمُهُ أَحۡمَدُ‌ فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡبَيِّنَـٰتِ قَالُواْ هَـٰذَا سِحۡرٌ مُّبِينٌ (٦) وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ يُدۡعَىٰٓ إِلَى ٱلۡإِسۡلَـٰمِ‌ وَٱللَّهُ لَا يَہۡدِى ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَاهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ ڪَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ (٨) هُوَ ٱلَّذِىٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ (٩).

* سورَةُ الإسرَاء
وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَـٰطِلُ‌ إِنَّ ٱلۡبَـٰطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١) وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحۡمَةٌ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ‌ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢).

ودمتم على الإيمان بالقرءان العظيم، والسلام عليكم.

 

39 oct 31, 2016