ما سبب امتناع زكريا عليه السلام عن الكلام ثلاثة أيام إلاّ رمزًا؟

 

ما سبب امتناع زكريا عليه السلام عن الكلام ثلاثة أيام إلاّ رمزًا؟

 

السلام على المسلمات المؤمنات الطاهرات اللواتي خلقهنّ الله ووضع فيهنّ القدرة على الإنجاب، وبثّ من أرحامهنّ رجالاً كثيرًا ونساء.

إنَّ صوم زكريا عليه السلام كان مُختلفًا بمغزاه عن صوم مريم عليها السلام، لقد كان صوم زكريا هو صيامٌ لمدة (٣) أيام عن الكلام إلاَّ رمزًا، والمغزى منه نجده في آيات في سورة مريم وسورة آل عمران:

* سُوۡرَةُ مَریَم
يَـٰزَڪَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَـٰمٍ ٱسۡمُهُ يَحۡيَىٰ لَمۡ نَجۡعَل لَّهُ مِن قَبۡلُ سَمِيًّا (٧) قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِى غُلَـٰمٌ وَڪَانَتِ ٱمۡرَأَتِى عَاقِرًا وَقَدۡ بَلَغۡتُ مِنَ ٱلۡڪِبَرِ عِتِيًّا (٨) قَالَ كَذَالِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ وَقَدۡ خَلَقۡتُكَ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ تَكُ شَيۡـًٔا (٩) قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّىٓ ءَايَةً قالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنَ ٱلۡمِحۡرَابِ فَأَوۡحَىٰٓ إِلَيۡہِمۡ أَن سَبِّحُواْ بُكۡرَةً وَعَشِيًّا (١١).

* سُوۡرَةُ آل عِمرَان
هُنَالِكَ دَعَا زَڪَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِى مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً‌ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ (٣٨) فَنَادَتۡهُ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةُ وَهُوَ قَآٮِٕمٌ يُصَلِّى فِى ٱلۡمِحۡرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحۡيَىٰ مُصَدِّقَۢا بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ (٣٩) قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِى غُلَـٰمٌ وَقَدۡ بَلَغَنِىَ ٱلۡڪِبَرُ وَٱمۡرَأَتِى عَاقِرٌ قَالَ كَذَالِكَ ٱللَّهُ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ (٤٠) قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّىٓ ءَايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُڪَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمۡزًا‌ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ ڪَثِيرًا وَسَبِّحۡ بِٱلۡعَشِىِّ وَٱلۡإِبۡڪَـٰرِ (٤١).

في تلك الآيات البيِّنات يُعلِّمُنا الله تعالى عِلم الوقت أو المدَّة الّتي فيها يتُم أو يثبُت الحَمل عند المرأة (وهذه آية عِلمِيَّة).

إذا نظرنا في عِلم البيولوجيا والأجِنَّة، نجد أنَّ بُويضة أو نطفة الأُنثى تُلقَّح أو تُمنى خلال (٢٤) ساعة (أي خلال يوم)، وبعدها يحدُثْ تغيير في جسد المرأة بإفراز هورمون إسمُهُ:

(Early Pregnancy Facto (EPF.

وهذا الهرمون يُفرز مُباشرةً بعد مُدة التلقيح وينتقل ويكون في الدم في مدة ما بين (٢٤) ساعة إلى (٤٨) ساعة (أي في وقت أقصاهُ يومين)، ومُهِمَّتُهُ هو مُساعدة جِهاز المناعة عند الأنثى الحامِل لِكي يستطيع جسدها أن يتحملّ الحَمْل، فيثبت الحَمْل٫والمرأة الحامِل تستطيع في الحقيقة أن تعلم أنها حامل بعد مرور (٣) أيام من خلال بوادر أعراض (Symptoms)، أو بواسطة فحص الدَّم، ولكِن هذا الفحص لا يُطبَّقْ ولا تستخدِمه المُختبرات لأنه مُكلِف، فالأطباء لا يجدوا له أية ضرورة لاستخدامه، فهم يُفضِّلون الانتظار مدة أطول لِفحص المرأة للتأكد من حمْلها بواسطة فحص هرمون خاص آخر يظهر في البول بعد مُدة.

إذًا فإنّ المرأة تحتاج إلى انتظار (٣) أيام أو (٣) ليالي لِكَيْ يثبُت الحمْل عندها، أي لِكي تٌلقحّ البويضة في يوم ولِكَي يتقبلّ جسدها الحمْل في يومين٫وأنا لا أجد جوابًا أو منطِقًا أعلى أو أقوى من هذا الجواب والمنطق.

إنَّ الله تعالى أراد أن يُطلِعُنا ويُطلع جميع الناس في جميع العصور والأزمان على عِلْم في غاية الأهمية، ولذلك كان جوابُهُ لِزكريّا عليه السلام عندما طلب منه زكريا "أن يجعل لَهُ آية"، أي "أن يُعطيهِ دليل أو إثبات أو عِلْم لإتمام الحمل"، وهو "أن لا يُكلِّمَ الناس ثلاث ليالٍ سوِيًّا"، أو "أن لا يكلِّم الناس ثلاثةَ أيّامٍ إلاَّ رمزًا"، أي أن ينتظر ثلاثة أيام قبل أن يُبشِّرَ قومه بِحمل إمرأته لِكي يتأكد من وقوع الحمل، لأنَّ إمرأته كانت معروفة في قومها أنَّها عاقر، فلن يُصدِّقوهُ إلاَّ أن يأتي لهم بالدليل٫لذلك كان عليه أن ينتظر ثلاثةَ أيّامٍ قبل أن يأتيهم بالدليل، فيُثبِت لهُم بذلك قوة وإرادة الله تعالى في حمل إمرأتِهِ العاقر الّذي يهدُف لِخلق يِحييَ وبعثِهِ في قومِهِ٫لذلك انتظر ثلاثة أيام أو ثلاثة ليالٍ بعد مُجامعته لامرأته ولم يُحدِّث أحدًا من قومه بما أوحاه الله تعالى إليه بواسطة الملآئكة إلاَّ رمزًا.

ويظهر أنَّ مرور (٣) ليالٍ سوِيًّا هي الوسيلة العلمية الوحيدة الّتي كان يستخدمها قوم زكريّا في زمنهم في ذلك الوقت للتأكد من حمْل المرأة، وذلك من خلال بوادر أعراض للحمل (Symtoms)٫لذلك وبعد مرور (٣) أيام خرج على قومِهِ لِكَيْ يُبشِّرهم بِيِحيي عليه السلام نبيًا لهُم ومُصدِّقًا بِكلمةٍ من الله (أي مُصدِّقًا بالإنجيل)، ولذلك قال تعالى في آية (١١) من سورة مريم: "أنَّ زكريّا خرج على قومِهِ من المحراب فأوحى إليهم أن سبِّجوا بكرةً وعشيًا".

باركك الله أيتّها المؤمنة الطاهرة، وسلام الله ورحمته عليك.

36 oct 31, 2016