هل هناك سنّة قولية وسنّة عملية كما يظُنُّ أكثر الناس؟

 

هل هناك سنّة قولية وسنّة عملية كما يظُنُّ أكثر الناس؟

 

السلام على من آمن بسنّة الله القولية والعملية (القرءان العظيم).

(١): يظنّ اكثر الناس أنَّ هناك سنَّتين، سنّة قولية وسنّة عملية (أي فعلية)، السنّة القولية هي ما قاله الرسول محمد عليه السلام، تؤمن بها الأقلِيَّة من الناس على أنَّها فقط القرءان، أمّا الأكثرية فتؤمن بها على أنَّها وحي السنّة الكاذبة والقرءان.

أمّا السنّة العملية فهي ما قام به الرسول وما فعله وما تعلَّمهُ منه المؤمنون، مثلاً طريقة الصلواة، الصيام، الحج وغيرها، تؤمن بها الأقلِيَّة والأكثرية من الناس على حدٍ سوآء، وهي ليست موجودة في القرءان، ولكننا تعلمّناها بالتواتر من أسلافنا بحجّة أنّها سنّة عملية فَعَلها أشياعنا وتواترت بعد ذلك عبر الزمن إلى أن وصلت إلى وقتنا هذا، سبحان الله عمّا يُشركون.

إذا نظرنا في القرءان الكريم، نجد أنّ الله تعالى لم يذكر لنا أيّ شيء عن سنَّتين، سنّة قولية أو سنّة فعلية (عملية)، ولكنَّه تعالى ذكر لنا فقط سنَّة واحدة لا ثانِيَ، ولا ثالث، ولا رابع لها، وهي السنّة الإلآهية الّتي هي سنَّة الله عز وجل، وشريعته، ورسالته الّتي أنزلها على رسولِهِ الأمين محمد عليه السلام، شاء من شاء وأبى من أبى، نجد البرهان المُبين في آية (٧٧) من سورة الإسراء.

* سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُنَّةَ مَن قَدۡ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِن رُّسُلِنَا‌ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِيلاً (٧٧).

(سنّة الله وليست سنّة محمد)، آية واضحة مثل الشمس، ولا جدال في آيات الله، والذي يُجادل في آيات الله فهو كافر، ومُتكبرّ، وجبّار، وفي صدره كِبْر، هذا ما بيّنه الله تعالى في آية (٤) و(٣٥) و(٥٦) من سورة غافر.

سُوۡرَةُ غَافر
مَا يُجَـٰدِلُ فِىٓ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُہُمۡ فِى ٱلۡبِلَـٰدِ (٤).

سُوۡرَةُ غَافر
ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِىٓ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَـٰنٍ أَتَٮٰهُمۡۖ ڪَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَالِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ ڪُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥).

* سُوۡرَةُ غَافر
إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِىٓ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَـٰنٍ أَتَٮٰهُمۡۙ إِن فِى صُدُورِهِمۡ إِلَّا ڪِبۡرٌ مَّا هُم بِبَـٰلِغِيهِۚ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (٥٦).

إنَّ أقوال وأفعال (أعمال) الرسول محمد عليه السلام كانت هِيَ القرءان، ونحن لا نستطيع أن نعلم ما قاله محمد وما فعله وما كان عليه كنبي وكرسول إلاَّ من خلال القرءان.

فمن ذا الّذي يُحدِّثه الله تعالى في القرءان بقولِهِ لهُ في آياتِهِ: "قُل، قل، قُل...
وهل قول الله تعالى لمحمد عليه السلام في القرءان هو قولٌ يُقال وليس فعل (أي عمل) يتوجَّب على محمد وعلينا القيام بِهِ؟
ألم يعمل الرسول محمد عليه السلام بقول وحديث القرءان الكريم؟
ألم يُطبِّق الرسول محمد الأمين قول الله عزَّ وجل الّذي وضعه لهُ وأمره بِهِ في كل آية من آياتِه؟
ألم يُطبِّق هذا القول عمليًا على أرض الواقع؟

 

(٢): إخوتي وأخواتي الكرام، لا يوجد شيء إسمُه سنّة قولية وسنّة عملية أي فعلية.

أولاً، لأنَّ الله تعالى لم يذكر لنا أي شيء عنهما في القرءان الكريم.

وثانيًا، لأنَّ الله تعالى أمرنا أن نتّبع ونعمل فقط بسنَّتِهِ الّتي وضعها لنا في آياتِهِ.

وثالثًا، لأنَّ الله تعالى علَّم محمد عليه السلام أنَّ القول والعمل (أي الفعل) واحد لا فرق بينهما، فالقول هو الفعل أو العمل، والفعل أو العمل هو القول، كما أخبرنا تعالى في آية (٢٣) و(٢٤) من سورة الكهف:

* سورة الكهف
وَلَا تَقُولَنَّ لِشَاْىۡءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَالِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ‌ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَهۡدِيَنِ رَبِّى لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَـٰذَا رَشَدًا (٢٤).

في آية (٢٣) من سورة الكهف نجد بأنَّ القول هو الفِعل أو العمل، وأنَّ العمل أو الفعل هو القول.

ولقد أخبرنا الله تعالى أيضًا في آية (٢٦) و(٢٧) من سورة الكهف:

سُوۡرَةُ الکهف
... لَهُ غَيۡبُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ‌ أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡ‌ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِىٍّ۬ وَلَا يُشۡرِكُ فِى حُكۡمِهِۦۤ أَحَدًا (٢٦) وَٱتۡلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيۡكَ مِن ڪِتَابِ رَبِّكَ‌ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا (٢٧).

في آية (٢٧) من سورة الكهف، لا يوجد كلام غير كلام الله، ولا يوجد أي سنَّة نلجأ إليها غير القرءان الحكيم.

* سورة فُصّلت
وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ (٣٣).

إخواني الكِرام انظروا إلى عظمة تلك الآية البيّنة، لقد قال الله تعالى:
"وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ".

هل الدُعاء إلى الله يكون فقط بالقول من دون فعل؟
وهل العمل الصالح هو قول لا يُفعلُ بِهِ؟
وهل من قال أنه من المُسلمين لم يفعل أو يعمل أو يُطبِّق قوله هذا؟ بمعنىً أصح، هل الإسلام هو قول من دون فعل؟
وهل سنّة الله القولية في هذه الآية العظيمة ليس لها دعوة بسنّته العملية؟

لقد أرادنا الله عزّ وجلّ أن نعمل بأحسن القول لِقوله تعالى: "وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلاً...".
إذًا فإنَّ أحسنُ القول هو أن ندعوا إليه، أي إلى كتابِهِ قولاً وفعلاً، وأن نعمل صالحًا قولاً وفعلاً، وأن نقول أنّنا من المُسلمين قولاً وفعلاً، يعني أن نفعل ونُطبقّ إسلامنا قولاً وفعلاً على أرض الواقع.

فهل توجد سنّة قولية وسنّة عملية بعد سنّة الله جلّ في علاه التي هي القرءان العظيم، والّتي هي قولية وعملية في آنٍ معًا؟

 

هدانا الله إلى سنّته القولية والعملية (القرءان الكريم).

https://www.youtube.com/watch?v=XNgBcz7gPHE

10 Oct 30, 2016