- 7612 reads
المعنى الحقيقي للصلاة من سورة هود
سبحان الله على عظمة وقوة كتابه الكريم، فآية واحدة منه تدمرّ الصلوات الثلاث والخمس البهلوانية، وتدمرّ معهما السنّة العملية والقولية الخبيثة.
* سُوۡرَةُ إبراهیم
أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٌ وَفَرۡعُهَا فِى ٱلسَّمَآءِ (٢٤) تُؤۡتِىٓ أُڪُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَا وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَڪَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (٢٦).
الكلمة الطيّبة = الشجرة الطيّبة = القرءان الكريم.
الكلمة الخبيثة = الشجرة الخبيثة = السنّة العملية والقولية.
السلام على أصحاب الكلمة الطيّبة (القرءان الحكيم).
يقول الله تعالى بأن كل قول خارج عن كتابه هو كفرٌ وإشراكٌ وضلالة، وهم يقولون بأن السنة القولية والعملية من ثوابت الدين، سبحانه وتعالى عما يشركون.
* سُوۡرَةُ الرّعد
لَهُ دَعۡوَةُ ٱلۡحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسۡتَجِيبُونَ لَهُم بِشَىۡءٍ إِلَّا كَبَـٰسِطِ كَفَّيۡهِ إِلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَـٰلِغِهِۦ وَمَا دُعَآءُ ٱلۡكَـٰفِرِينَ إِلَّا فِى ضَلَـٰلٍ (١٤).
* سُوۡرَةُ الفُرقان
وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمۡ وَلَا يَضُرُّهُمۡ وَكَانَ ٱلۡكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِۦ ظَهِيرًا (٥٥).
* سُوۡرَةُ الاٴنعَام
قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَهُوَ يُطۡعِمُ وَلَا يُطۡعَمُ قُلۡ إِنِّىٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَڪُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَسۡلَمَ وَلَا تَڪُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ (١٤).
آية (١٤): "... قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا..." = هل أتّخذُ السلف الطالح أولياء، إلخ؟ = وهل أتّخذ تواتر آبائي الأولّين (أوليائي الأوّلين)؟.
* سُوۡرَةُ القَصَص
وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنۡ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ بَعۡدَ إِذۡ أُنزِلَتۡ إِلَيۡكَ وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِڪِينَ (٨٧).
* سُوۡرَةُ الاٴحقاف
قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٌ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ ٱئۡتُونِى بِكِتَـٰبٍ مِّن قَبۡلِ هَـٰذَآ أَوۡ أَثَـٰرَةٍ مِّنۡ عِلۡمٍ إِن ڪُنتُمۡ صَـٰدِقِينَ (٤) وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّن يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لَّا يَسۡتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَـٰمَةِ وَهُمۡ عَن دُعَآٮِٕهِمۡ غَـٰفِلُونَ (٥).
* سُوۡرَةُ یُونس
وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَـٰٓؤُلَآءِ شُفَعَـٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَلَا فِى ٱلۡأَرۡضِ سُبۡحَـٰنَهُ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ (١٨).
آية (١٨): "وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُم..." = يتّبعون تواتر سلفهم الطالح.
(١): تعالوا معًا إخوتي وأخواتي الكِرام نقرأ هذه الآيات البيِّنات من سورة هود التي تُعطينا الدليل والبرهان الواضح للمعنى الحقيقي للصلواة وإقامتها.
سورة هود من آية (٨٤) إلى آية (٨٨):
* سُوۡرَةُ هُود
وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبًا قَالَ يَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَڪُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَيۡرُهُ وَلَا تَنقُصُواْ ٱلۡمِڪۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ إِنِّىٓ أَرَٮٰڪُم بِخَيۡرٍ وَإِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيۡڪُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ مُّحِيطٍ (٨٤) وَيَـٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِڪۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِى ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٌ لَّكُمۡ إِن ڪُنتُم مُّؤۡمِنِينَ وَمَآ أَنَا۟ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٍ (٨٦) قَالُواْ يَـٰشُعَيۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَآ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِىٓ أَمۡوَالِنَا مَا نَشَـٰٓؤُاْ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ (٨٧) قَالَ يَـٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَرَزَقَنِى مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنًا وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَآ أَنۡهَٮٰڪُمۡ عَنۡهُ إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُ وَمَا تَوۡفِيقِىٓ إِلَّا بِٱللَّهِ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ (٨٨).
في آية (٨٤) و(٨٥) نرى بأنّ قوم الرسول شُعيب عليه السلام كانوا يعبدون إلاهًا (آلهةً) غير الله، أي كانوا يتّبعون دينًا (أديانًا) غير دين الله، أي قانون (قوانين) غير قانون الله، مِمّا أدّى بِهِمْ إلى عدم العدل في الأرض وإلى عدم إعطاء النّاس حَقَّهُمْ وإلى الفساد في الأرض.
ولذلك دعاهم شعيب عليه السلام في تلك الآيات البّينات إلى عبادة الله الواحد الأحد، أي إلى اتّباع دين الله وقانونه وحده لا شريك له، لكي يُقيموا العدل، أي يوفوا المِكيال والميزان بالقسط فيُعطوا الناس حقَّهُم ويتوقَّفوا عن الفساد، ولذلك قال لهم شعيب في آية (٨٦):
آية (٨٦): "بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٌ لَّكُمۡ إِن ڪُنتُم مُّؤۡمِنِينَ وَمَآ أَنَا۟ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٍ"،"بقِيَّتُ اللهِ خيرٌ لكُمْ..." تعني "كتاب الله خَيْرٌ لَكُمْ"، وهنا نجد بأنَّ شعيبًا علَيْهِ السلام يدعوا قومه إلى كتابِ الله، أي إلى الجنّة، ولذلك قال لهم في آخر آية (٨٦): "... وما أنا علَيْكُمْ بِحَفيظ".
(٢): الدليل على أنَّ بَقِيَّتُ الله هي كتاب (أو كُتُب) الله والجنّة، نجِدُهُ في سورة البقرة، النَحْل وهود:
* سُوۡرَةُ البَقَرَة
وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ إِنَّ ءَايَةَ مُلۡڪِهِۦۤ أَن يَأۡتِيَڪُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَڪِينَةٌ مِّن رَّبِّڪُمۡ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَىٰ وَءَالُ هَـٰرُونَ تَحۡمِلُهُ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةُ إِنَّ فِى ذَالِكَ لَأَيَةً لَّڪُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (٢٤٨).
آية (٢٤٨) من سورة البقرة: "... وبقيةٌ مما ترك آل موسى وآل هارون تَحۡمِلُهُ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةُ..." = كتاب موسى وكتاب هارون نزلت بِهِ الملآئكة.
* سُوۡرَةُ النّحل
وَلَا تَشۡتَرُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٌ لَّكُمۡ إِن ڪُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ (٩٥) مَا عِندَكُمۡ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجۡزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوٓاْ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا ڪَانُواْ يَعۡمَلُونَ (٩٦).
آية (٩٦): "ما عندكم ينفد وما عند الله باق..." = كُتُب البشر (الأديان البشرية) تنفد وتؤدّي إلى جهنم لأنها الباطل، أمّا كتاب الله (دين الله) فهو باقٍ ويؤدّي إلى الجنة لأنه الحق.
* سُوۡرَةُ هُود
بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٌ لَّكُمۡ إِن ڪُنتُم مُّؤۡمِنِينَ وَمَآ أَنَا۟ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٍ (٨٦).
(٣): إذا عُدنا لسورة هود:
* سُوۡرَةُ هُود
وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبًا قَالَ يَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَڪُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَيۡرُهُ وَلَا تَنقُصُواْ ٱلۡمِڪۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ إِنِّىٓ أَرَٮٰڪُم بِخَيۡرٍ وَإِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيۡڪُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ مُّحِيطٍ (٨٤) وَيَـٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِڪۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِى ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٌ لَّكُمۡ إِن ڪُنتُم مُّؤۡمِنِينَ وَمَآ أَنَا۟ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٍ (٨٦) قَالُواْ يَـٰشُعَيۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَآ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِىٓ أَمۡوَالِنَا مَا نَشَـٰٓؤُاْ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ (٨٧) قَالَ يَـٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَرَزَقَنِى مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنًا وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَآ أَنۡهَٮٰڪُمۡ عَنۡهُ إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُ وَمَا تَوۡفِيقِىٓ إِلَّا بِٱللَّهِ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ (٨٨).
نجد جوابَ قومِ شُعيب لِشُعيب عليه السلام بقولِهِمْ لَهُ في آية (٨٧):
"قَالُواْ يَـٰشُعَيۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَآ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِىٓ أَمۡوَالِنَا مَا نَشَـٰٓؤُاْ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ".
هذا الجواب هو أكبر دليل وبرهان على المعنى الحقيقي للصلواة وإقامتها.
فكيف تستطيع صلواة شُعيب أن تأمُرُهُمْ أن يتركوا دين آباؤهم وأن تمنعهم من أن يتصرُّفوا في أموالهم كيف يشاؤون؟
وما هِيَ إذًا صلواة شُعيب الّتي تأمُرُهُم بِهذا؟
وهنا نجد بالبرهان الواضح أنَّ صلواة شُعَيبْ هِي رِسالة شُعيب الّتي أنزلها الله عزّ وجلّ إليه، إذًا فإنَّ صلواة شُعيب هي كِتاب شُعيب، وكأنَّ قومه يقولون له: "أكِتابُكَ يَأْمُرُكَ أنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ ءابآؤنا أو أنْ نَفْعَلَ في أموالِنآ ما نَشآؤاْ، إنَّك لأنت الحَليمُ الرَّشيد".
ولذلك أجابهم شُعيب في الآية الّتي تليها آية (٨٨) بقولِهِ لهُم بوحي من الله تعالى: "قَالَ يَـٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَرَزَقَنِى مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنًا وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَآ أَنۡهَٮٰڪُمۡ عَنۡهُ إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُ وَمَا تَوۡفِيقِىٓ إِلَّا بِٱللَّهِ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ".
في هذه الآية نجد وبوضوح تام أنّ صلواة شُعيب عليه السلام هي البَيِّنة الّتي هو عليها والرزق الحسن الّذي رزقه الله تعالى إيَاه، لذلك أكمل شعيب قولِهِ لِقَومِهِ: "... ومآ أُريدُ أن أُخَالِفَكُمْ إِلَىَ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ، إِنْ أُرِيدُ إِلَّا اْلْإِصْلَاحَ مَا اْسْتَطَعْتُ، ومَا تَوفِيقِي إِلَّا بِاللهِ، عَلَيْهِ تَوَكُّلْتُ وإِلَيْهِ أُنِيبُ".
وهنا نرى أنَّ شُعيبًا عليه السلام يدعوا قومه إلى الإصلاح، أي إلى إقامة الصلواة وإقامة كتاب الله والعمل بِهِ من خلال صلاتِهِ من خلال بَقِيَّتُ الله، أي كتاب الله الّذي أنزله تعالى عليه الّذي هو البيِّنة والرِّزق الحسن.
(٤): الدليل على أنَّ كتاب الله هو البيِّنة، نجدُهُ في سورة البَيِّنَة من آية (١) إلى (٥):
* سُوۡرَةُ البَیّنَة
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأۡتِيَہُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتۡلُواْ صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (٢) فِيہَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡہُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ (٤) وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَذَالِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ (٥).
(٥): إذا عُدنا مرَّة أُخرى لآية (٨٤) و(٨٥) من سورة هود، وبعد أن عَلِمْنا معنى صلواة شُعيب، نجد الآن وبوضوحٍ أكثر، أنَّ شُعيبًا كان يدعوا قومه في تلك الآيات إلى اتّباع الصلواة وإقامتها، أي إلى الإيمان بكِتابِ الله وحده لا شريك له وإقامته بنشر العدل بين الناس وبعدم الفساد في الأرض (نشر الإصلاح).
وإنَّ قول شعيب عليه السلام لقومه في آية (٨٨): "... وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَآ أَنۡهَٮٰڪُمۡ عَنۡهُ إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُ...".
يُذكِّرُنا تمامًا بما فعله محمد عليه السلام لقومه ولجميع الناس، كما أخبرنا الله عزّ وجلّ بهذا في آية (١٥٧) و(١٥٨) في سورة الأعراف، فمحمد عليه السلام قد نهى قومه عن المنكر في الآيات التالية من سورة الأعراف، تمامًا كما نهى شعيب عليه السلام قومه عن المنكر في آيات سورة هود:
* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ ٱلۡأُمِّىَّ ٱلَّذِى يَجِدُونَهُ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِى ٱلتَّوۡرَٮٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡہَٮٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنڪَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَـٰٓٮِٕثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَـٰلَ ٱلَّتِى كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ (١٥٧) قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡڪُمۡ جَمِيعًا ٱلَّذِى لَهُ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ يُحۡىِۦ وَيُمِيتُ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِىِّ ٱلۡأُمِّىِّ ٱلَّذِى يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَڪَلِمَـٰتِهِۦ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّڪُمۡ تَهۡتَدُونَ (١٥٨).
وإذا قارنّا ما فعله محمد عليه السلام لقومه ولجميع الناس في هذه الآية آية (١٥٧) من سورة الأعراف بما فعله شعيب عليه السلام لقومه في آية (٨٨) من سورة هود، نجد تطابقًا كبيرًا في الفعل يدلّنا على معنى صلواة شعيب وعلى كيفية إقامة شعيب الصلواة في قومِهِ، ويدلّنا بالتالي على صلواة محمد وعلى كيفية إقامة محمد الصلواة في قومِهِ، ويدلّنا أيضًا على أنَّ دين الله واحد لجميع أنبيائِهِ ورُسُلِهِ، وبالتالي الصلواة وإقامتها هي أيضًا واحدة للجميع.
(٦): أرجوا منكم إخواني الكِرام أن تقارنوا آيات سورة الأعراف بآيات سورة هود لكي تجدوا ما نهى محمد قومه عنه، وما نهى شعيب قومه عنه.
* سُوۡرَةُ هُود
وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبًا قَالَ يَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَڪُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَيۡرُهُ وَلَا تَنقُصُواْ ٱلۡمِڪۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ إِنِّىٓ أَرَٮٰڪُم بِخَيۡرٍ وَإِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيۡڪُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ مُّحِيطٍ (٨٤) وَيَـٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِڪۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِى ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٌ لَّكُمۡ إِن ڪُنتُم مُّؤۡمِنِينَ وَمَآ أَنَا۟ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٍ (٨٦) قَالُواْ يَـٰشُعَيۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَآ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِىٓ أَمۡوَالِنَا مَا نَشَـٰٓؤُاْ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ (٨٧) قَالَ يَـٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَرَزَقَنِى مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنًا وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَآ أَنۡهَٮٰڪُمۡ عَنۡهُ إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُ وَمَا تَوۡفِيقِىٓ إِلَّا بِٱللَّهِ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ (٨٨).
وبما أنَّ صلواة شُعيب عليه السلام هي كتاب الله الّذي أنزله إليه والّذي يأمر بالإصلاح (الأمر بالمعروف وبالطيِّبات) وينهى عن الفساد (النهي عن المنكر وعن الخبائِث)، وبما أنَّ كتاب الله هو دين الله، ودينُ الله هو دين الإسلام وهو واحد لجميع أنبيائِهِ ورُسُلِهِ كما بَيَّنْتُ لكُم في حَلَقاتي السابقة مِنها حلقات "ما معنى قرءان؟" وحَلَقَةْ "عدم التفرقة بين الأنبياء والرُّسُلْ"
إنَّ صلواة جميع الأنبياء والرُّسُلْ هي كتاب الله، أي الوحي الّذي أوحاهُ اللهُ عزَّ وجلّْ إلَيْهِمْ، وهذا يعني أنَّ صلواة مُحمَّد عليه السلام هي القرءان الكريم، والصلواة الّتي أقامها مُحمَّد صلوات الله عليه هي توصيل، أي تبليغ رسالة القرءان لِقَومِهِ ولجميع الناس، وتطبيق جميع ما أمرهُ الله عزَّ وجلَّ في كل آية من آيات القرءان الكريم، تمامًا كما فعل شُعيب عليه السلام مع قومِهِ في الآيات السابقة الّتي تلوتها عليكم.
(٧): في الختام أرجوا الله تعالى أن يجعلنا من مُقيمي الصلاة (من مُقيمي القرءان العظيم الذي يدعونا إلى نشر الخير والإصلاح).
https://www.youtube.com/watch?v=Q18e83XOPQI
https://www.youtube.com/watch?v=m_cEPh4qtME
https://www.youtube.com/watch?v=n8MfCr9oE2U
https://www.youtube.com/watch?v=XNgBcz7gPHE