بيان أسماء الله الحسنى من خلال أحسن البيان (٦)

 

بيان أسماء الله الحسنى من خلال أحسن البيان (٦)

 

السلام على من اتّبع أسماء الله الحسنى (القرءان العربيّ الحكيم).

(١): سوف أنتقل الآن إلى سورة الحشر من آية (٢١) إلى (٢٤).

* سورة الحشر
لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْءانَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٢١﴾ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ ﴿٢٢﴾ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٢٣﴾ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٢٤﴾.

في تلك الآيات البيِّنات من سورة الحشر نجد قوَّة الله فوق كل قوَّة، فلا يظنّ الإنسان بأنّه هو القويّ وأنّ قوّته وتكّبره وعزّه وجاهه فوق الله، فالله هو الإله وليس أحد غيره، وهو الملك وليس أحد غيره، وهو السلام وليس أحد غيره، وهو المُهيمن وليس أحد غيره، وهو العزيز وليس أحد غيره، وهو الجبّار وليس أحد غيره، وهو المتكبرّ وليس أحد غيره، وهو الخالق والبارىء والمُصَوِّر وليس أحد غيره، وله الأسماء الحُسنى وليس لأحد غيره، وهو العزيز الحكيم وليس أحد غيره.

لقد بدأ الله عزَّ وجلّ آياته بإخبارنا عن قيمة القرءان العظيمة، فأعطانا بذلك مثلاً تشبيهيًا نقتدي بِهِ، إنَّه مَثَل إنزال قوَّة ومعاني كلام الله، أي القرءان على جبلٍ، فالجبل بكامل قوَّته وهو مادّة لا إحساس فيه ولا عَقْل يخشع لكلام الله ويسجد له، أي يعمل بما خَلَقه الله من أجله لأنَّه يخشى الله، أمّا الإنسان فبكامل ضعفِهِ وإحساسه وعقله لا يخشع لله بل يتكبَّر عليه ويظنّ أنَّه أقوى منه وهو مخلوق ضعيف تافِهْ لا حول له ولا قُوَّة إلاّ بالله، فأولى له أن يشكر الله على وجوديته وذلك بعبادته، أي إطاعته بما أمره تعالى في كِتابه، أي أن يعمل بما خَلَقه الله من أجله، وأن لا يتكبرّ عليه باتِّباعه وإطاعته لبشر ابتدعوا قوانين وأديان أرضيَّة باطلة وطوائف مُختلفة وأحاديث خبيثة.

 

(٢): نجد المفهوم الحقيقي لعبادة الله الَّتي هي نشر الخير والإصلاح واتِّباعنا للقرءان وابتعادنا عن التكبّر والظلم والفساد والكُفر في السُوَر التالية:

إخوتي وأخواتي الكرام أرجوا منكم أن تتابعوا آيات سورة النساء بتسلسل وبتمعنّ شديد وتربطوها ببعضها، وبإذن الله ستجدوا تفصيل وتبيان معنى العبادة الذي هو الإيمان بالله والعمل الصالح، أي اتِّباع كتاب الله.

* سورة النساء
لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ﴿١٧٢﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴿١٧٣﴾ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴿١٧٤﴾.

وهذا دليل آخر على المفهوم الحقيقي للعبادة من خلال آية (٦١) من سورة يس:

* سورة يسَ
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿٦٠﴾ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴿٦١﴾ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴿٦٢﴾.

آية (٦١): "وَأَنِ اعْبُدُونِي هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ" = عبادة الله تعالى هي اتِّباع الصراط المستقيم، أي إتِّباع القرءان الكريم.

كذلك الأمر بالنسبة لسورة الذارّيات من فضلكم اضربوا الآيات ببعضها وستجدوا أنَّ العبادة التي هي اتِّباع كتاب الله جلّ في علاه في آية (٥٦) هي عكس الظلم والكفر في آية (٥٩) و(٦٠)، هذا يعني أيضًا أنَّ العبادة هي الإيمان بالله والعمل الصالح لأنَّ الكفر والظلم عكس الإيمان بالله والعمل الصالح.

* سورة الذاريات
وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٥٥﴾ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ﴿٥٧﴾ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴿٥٨﴾ فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ ﴿٥٩﴾ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ﴿٦٠﴾.

يتبع...

559 Mar 20 2019