بيان أسماء الله الحسنى من خلال أحسن البيان (٢)

 

بيان أسماء الله الحسنى من خلال أحسن البيان (٢)

 

السلام على من اتّبع أسماء الله الحسنى (القرءان العربيّ الحكيم).

(١): سوف أنتقل الآن إلى سورة الأعراف، من آية (١٨٠) إلى (١٨٢).

* سورة الأعراف
وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١٨٠﴾ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴿١٨١﴾ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٨٢﴾.

(١): في آية (١٨٠) نجد بأنّ الله عزّ وجلّ يأمرنا أن ندعوه بأسماءِهِ، أي أن نقرأ ونتدبّر آياته ونعمل بها، كذلك يأمرنا أن نترك ونبتعد عن الّذين يُلحدون بأسماءه، إذا تابعنا تلك الآيات من (١٨٠) إلى (١٨٢) وربطناها بِبَعضها نجد أنَّ الّذين يدعون بأسماء الله في آية (١٨٠) هم الّذين يهدون بالحقّ، أي بالقرءان وبِهِ يعدلون في آية (١٨١)، أمّا الّذين يُلحدون بأسماءِهِ في آية (١٨٠) فهُم الّذين يُكذّبون بِآياته في آية (١٨٢)، مِمّا يدُلُّنا على أنَّ أسماء الله الحُسنى هي آيات الله، أي هي القرءان العظيم وفيه جميع رسالات الأنبياء والرُّسُل، أي جميع العلوم والعِبَر، في تلك الآيات البَيِّنات من سورة الأعراف نجد بأنَّ الدعاء لله والهداية لا تكون إلاّ باتّباع الحقّْ، أي القرءان ونشر العدلُ من خِلالِهِ، أمّا الدُّعاء لِغير الله والضلالة تكون باتّباع كُتُبٌ أُخرى مكتوبة من بَشَر -بحجَّة أنّها دين الحق- ما أنزل الله بها من سلطان، وهذا هو عين الإلحاد والتكذيب بآيات الله.

إذا كانت أسماء الله الحسنى كما يُقال هي ال(٩٩) إسمًا فما هو إذًا الرابط بين ما يُقال وبين معاني تلك الآيات في سورة الأعراف؟
ولماذا وضع الله تعالى لنا رابطًا ما بين الدُّعاء بأسماءه والهداية بالحقّ في آية (١٨٠) و(١٨١) وما بين الإلحاد في أسمائِه والتكذيب بآياتِهِ في آية (١٨٠) و(١٨٢)؟

 

(٢): * سورة يوسف
يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿٣٩﴾ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٤٠﴾.

في هاتين الآيتين يُخْبرنا الله تعالى عمّا قاله يوسُف عليه السلام لِصاحِبَيْه في السجن، فهم بدلاً من أن يعبدوا الله وحده لا شريك له، أي يتَّبِعوا فقط أسماءه الحسنى الّتي هي رسالاته، أي كِتابِهِ، أي قانونِهِ، أشركوا بِهِ، أي عبدوا من دونه أسماءً، أي كُتُبًا، أي أحاديث وأقاويل وقصص مكتوبة من بشر سمّوها، أي كتبوها هُم وآباؤهم الأقدمون وقالوا أنّها من عند الله وما هِيَ من عند الله، في تلك الآيتين نستطيع أن نفهم أيضًا أنّ الّذي يتّبع كِتابًا غير كتاب الله يكون بذلك يعبد صاحب الكتاب ولا يعبد الله، فيعبد بذلك أربابًا مُتفرِّقين، أي مُختلفين مُصَدِّقًا لِلحديث الباطل "في الإختلاف رحمة" هذا ما نجده في جميع الأديان المُبتدعة والمذاهب والفِرَق والأحزاب والطوائِف الخبيثة، نجد ما ذكرتُه في الآيات التالية:

* سورة آل عمران
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١٠٥﴾.

* سورة النساء
وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾.

* سورة الأنعام
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴿١٥٩﴾.

* سورة الروم
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٣١﴾ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴿٣٢﴾.

 

(٣): * سورة الأعراف
وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿٦٥﴾ ..... قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ﴿٧١﴾.

آية (٧١): "... أتُجادلونني في أسماءٍ سَمَّيْتُموها أنتم و آباؤكُم...": أي أتجادِلونني في عُلوم كَتَبتُموها أنتم وآبآؤكُمْ.

 

(٤): * سورة الرعد
أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴿٣٣﴾.

"... سمّوهم...": أي نبِّؤني بِعِلْمِهِمْ.

 

(٥): * سورة النجم
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ ﴿١٩﴾ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ ﴿٢٠﴾ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَىٰ ﴿٢١﴾ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ ﴿٢٢﴾ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ ﴿٢٣﴾ أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّىٰ ﴿٢٤﴾ فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ ﴿٢٥﴾ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ ﴿٢٦﴾.

في تلك الآيات البيِّنات نجد بوضوح تام أنَّ عبادة قوم الرسول للملآئِكة الّلات والعُزّى ومناة هي الأسمآء الّتي سَمّوها، أي هي الكُتُبْ المُحَرَّفة الّتي كتبوها هُمْ وآبآؤهُمْ، أي هو الدين الّذي كانوا يؤمنون بِهِ ويَتَّبِعونَهُ بحِجَّةْ أنَّه من عِنْدِ الله، لذلك أكمل الله تعالى هذه الآية والآيات الّتي تَليها بقولِهِ: "... إنْ يَتَّبِعونَ إلاّ الظَّنَّ..." إلى آية (٢٦).

 

(٦): * سورة القلم
بسم الله الرحمن الرحيم

ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴿١﴾.

"... وما يسطرون...": أي ما يكتبون من أحاديث وقصص كاذبة في دينهم الباطل.

من خلال جميع تلك الآيات نجد بوضوحٍ تام أنَّ أسمآءَ الله هي كُتُبِهِ، أي الدّين الّذي أنزله الله تعالى على جميع أنبيآئِهِ ورُسُلِهِ، ألا وهو القرءان العظيم، وأنا أتساءل كيف عَجْز علماء الأمَّة على تدبُّرْ تلك الآيات ومعرفة المعنى الحقيقي لِأسمآء الله الحُسنى.

يتبع...

555 Mar 16 2019