بيان أسماء الله الحسنى من خلال أحسن البيان (١)

 

بيان أسماء الله الحسنى من خلال أحسن البيان (١)

 

السلام على من اتّبع أسماء الله الحسنى (القرءان العربيّ الحكيم)

(١): لقد أجمع جهابذة الدين الإسلامي أنَّ أسماء الله الحسنى هي (٩٩) إسمًا وأنَّها أتت من القرءان والسنّة، وهذا بسبب عجزهم عن تدبُّر معنى أسماء الله الحسنى كما وردت في القرءان العظيم، ولكن إذا تدبَّرنا القرءان العظيم نجد المعنى الحقيقي لتلك الأسماء، ونجد كيفيَّة دُعاءنا لله بِها، وإذا أردنا فهم ذلك المعنى فعلينا أن نربط بعض الآيات من القرءان الكريم المتعلقَّة بهذا الموضوع، لأنَّ القرءان الكريم بّين لنا بوضوح تامّ المعنى الحقيقي لأسماء الله الحسنى من خلال آياته الكريمة، لقد فصَّل الله تعالى وبَيّن لنا كل شيء في كتابه الكريم، نجد الدليل في آية (١) من سورة هود وفي آية (٨٩) من سورة النَحْل:

* سورة هود
بسم الله الرحمن الرحيم
الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴿١﴾.

* سورة النَحْل
وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ﴿٨٩﴾.

 

(٢): إنَّ أسماء الله الحسنى هي جميع ما أنزل الله تعالى لنا في كتُبِهِ من علوم، أي من آيات عن الخَلْق، وقصصوأمثال وعِبَر، إلخ... لكنّ الإنسان حرَّف بها وابتدع أسماءً أخرى، أي علوم أخرى، أي كُتُب باطلة لم يُنزِّل الله تعالى بها من سلطان، إمّا لعدم إيمانه بوجوديَّة الله فابتدع بذلك علومًا ناقصة، أو بزعمه أنّها من عند الله فابتدع بذلك أديانًا ومذاهبًا أرضيَّةً باطلةً.

إنَّ آية "بسم الله الرَّحْمَن الرّحيم" تعني "بِعِلْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ اْلرَّحيم" أي "بِآياتِ الله الرَّحمَنِ الرَّحيم" لقد وضع الله تعالى تلك الآية في بداية كُل سورة دليلاً وإثباتًا وإمضاءً وتذكرةً على أنّ القرءان هو من عنده، وأّنه أُنزِل بِعِلمِهِ لا بِعِلْم الإنسان، وإنَّ كل سورة نقرأها هي إسم من أسماءه الحسنى، وهذا يُعطينا دليلاً واضحًا على أنَّ "أسماء الله الحسنى" هي "آيات الله" أي "رسالات الله" أي "كتب الله" الّتي أنزلها لجميع أنبيائهِ ورُسُلِهِ، أي "عِلْمُ الله" أي هي القرءان الكريم، وأنَّ دُعاءنا لله بها يَكْمن في قرائتنا وتدبُّرنا وتطبيقنا لِعِلْم الله في كل آية من آياته الكريمة.

* سورة هود
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿١٣﴾ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴿١٤﴾.

 

(٣): عزيزي القارئ، إذا أردت معرفة ما ذَكَرت لك عن تعريف أسماء الله الحسنى فعليك بقراءة وتدبُّر كل آية سأذكرها في هذه المقالة، فلا عِلْمَ لي إلّا ما عَلَّمنِيَ الله من أسمائه الحسنى.

سوف أبدأ بسورة البقرة من آية (٣٠) إلى (٣٣).

* سورة البقرة
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣١﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴿٣٣﴾.

في آية (٣٠) أخبر الله تعالى الملآئِكة أنَّه سوف يخلق آدم، آدم في الّلغة العربية يعني البشر وهو الخَلْق الأوَّل من طين، أي جميع البشر من ذُكور وإناث باختلاف ألوانِهِم وأشكالِهِمْ وليس آدم وحوّاء، ولقد أخبر الله تعالى الملآئِكة أنَّ هؤلآء البشر سوف يُفسِدون في الأرض ويَسفِكون دمآءَ بعضهمْ وأنَّه سوف يجعل لهم ذُرِّية يخلفون بعضهم بعضًا في الأرض، ولكنَّه لم يُعْلِمُهُم عن غيب السّماوات والأرض، أي عن عِلْم الآخرة، أي عن سبب خلقه لهؤلاء البشر أو عن كيفيَّة هدايته لهم بواسطة أسمائه الحسنى، أي رسالاته السماوية، أي كُتُبِهِ الّتي أنزلها على جميع أنبياءِهِ ورُسُلِهِ، ولذلك عَجِبوا من أمر الله، سلام عليهم أجمعين.

في آية (٣١) نجد بأنَّ الله تعالى قد عَلَّمَ آدم الأسماء كُلَّها، أي وضع وحضَّرَ كتاب آدم وفيهِ جميع العلوم والعِبَرْ، أي عَلَّمَ جميع البشر رسالاته الّتي تحتوي على سبب خَلْق السماوات والأرض وما بينهما إلى يوم القيامة، فأعطاهُم بذلك هدايتِهِ لكي يعرفوا طريق الحقّ، أي طريق الخير والإصلاح ويبتعدوا عن طريق الباطل، أي طريق الظلم والفساد، ولقد سأل الله الملآئِكة أن يُخبِروه عن عِلْمه الّذي أعطاهُ لآدم، أي أسماءه الحُسنى.

أمّا آية (٣٢) فهي تُخبرنا عن جواب الملآئِكة لله، فهم لا يستطيعون أن يأتوا بِعِلْمٍ غير عِلْمِ الله، أي لا ينبغي لهم أن يأتوا بأحاديث أو أقاويل كاذبة عن عِلْم الله وبيانه وحكمتِهِ في خَلْقه لهؤلاء البشر، ممّا يدلُّنا على قوَّة إيمان الملآئِكة بالله وحده وعلى سُجودِهم التام، أي خُضوعِهم له، لأنَّ الله هو العليم الحكيم، أي هو الّذي يُعطيهِمْ العِلْم والبيان والحكمة.

إنَّ الله عزّ وجلّ يريد أن يُعطينا العِبْرة على أنَّ الملآئِكة ولو كانوا أقوى خَلقه لم يتكبَّروا عليه بافترائهم عليه الكذب على عكس الإنسان فهو أضعف خَلْق الله ويتكبّر عليه بافترائه عليه الكذب ظنًّا منه أنَّه أعلم من الله، كذلك يُريد الله أن يُخْبرنا أنَّ الملآئِكة على الرغم من قُوَّتِهم لا يستطيعون أن يعلموا الغيب إلاّ بإذن الله، أي بِعِلْمه، فما بالكم بالإنسان؟ إنّ الإنسان يظُن أنه قويّ ويستطيع أن يعلم كُل شيء دون حاجته لِعِلْم الله، أي من دونِ معرفتِهِ لأسمائِه الحسنى في القرءان الكريم، ولقد بيّن الله تعالى لنا ظُلْمْ الإنسان وجَهْلِهِ وكُفْرِهِ في الآيات التالية:

* سورة الأحزاب
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴿٧٢﴾.

* سورة عبس
قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴿١٧﴾ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴿١٨﴾ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ﴿١٩﴾ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ﴿٢٠﴾ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ﴿٢١﴾ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ﴿٢٢﴾ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ﴿٢٣﴾.

يتبع...

554 Mar 15 2019