تفسير آية (١٣٠) من سورة الأنعام من خلال أحسن التفسير

 

تفسير آية (١٣٠) من سورة الأنعام من خلال أحسن التفسير 

 

* سورة الأنعام
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴿١٣٠﴾.

السلام على أُولي النُهى

قبل أن أبدأ مقالتي أقول لكل إنسان يؤمن بالجنّ: لا يوجد جنّ متخفّي، ولا سحر، ولا شعوذة.

إذا تدبَّرنا آيات الذكر الحكيم في سورة الأنعام وسبأ، نجد أنَّ الجنّ هم أصحاب العقول والقوة والسلطة (القدرة الخلَّاقة) من الكبراء والظالمين والمترفين (من الطبقة الأرستقراطيَّة).

 

إخوتي وأخواتي الأفاضل إذا تمعَّنا بآية (١٣٠) من سورة الأنعام، نجد أنَّ الله تعالى قال: "يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا...".

* سورة الأنعام
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴿١٢٨﴾ وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿١٢٩﴾.

إذا تابعنا آية (١٢٨) و(١٢٩) من سورة الأنعام، نجد من خلال سياق الآيتين أنَّ الله تعالى يتحدث عن الناس الكبراء والضعفاء، والدليل نجده في آيات من سورة سبأ.

* سورة سبأ
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَٰذَا الْقُرْءانِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴿٣١﴾ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ ۖ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ﴿٣٢﴾ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٣٣﴾ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴿٣٤﴾ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴿٣٥﴾ ..... وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴿٤٠﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ ﴿٤١﴾ فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴿٤٢﴾.

إذا ضربنا آيات سورة سبأ ببعضها نجد كيف بدأ الله تعالى في آية (٣١) بالضعفاء وبالذين استكبروا وأعطانا الدليل من خلال آيات (٣١) و(٣٢) و(٣٣) و(٣٤) و(٣٥) أنَّ الجنّ هم الكبراء والمُترفون، وإذا ربطنا هذه الآيات مع آية (٤١) نجد جواب الملائكة لله تعالى أنَّ الضعفاء كانوا يعبدون الجنّ، أي يتَّبعون الكبراء (الذين استكبروا)، هذه الآيات هي أكبر برهان على أنَّ الجنّ هم البشر الأقوياء والمُترفين (أصحاب المال والسلطة بمراكزهم وبعلومهم، إلخ...).

وآيات أُخرى كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى.

ملاحظة هامَّة: إذا تدبَّرنا آية (٩٥) من سورة الإسراء نجد الدليل الواضح على أنَّ الله إذا أراد أن يُرسل رسولاً يرسله من نفس الجنس، لذلك إذا أراد الله تعالى أن يُرسل رُسُلاً إلى الجنّ يُرسلهم مباشرة من جنسهم ولا يُرسل الجنّ إلى الإنس لكي يستمعوا القرءان ثم يذهبوا إلى قومهم، على سبيل المِثال يُرسل جبريل عليه السلام بالكتاب على رسول من الجنّ لكي يُبلِّغ الكتاب لقومه من الجنّ، كما فَعَل تمامًا مع محمد عليه السلام عندما أنزل تعالى عليه الكتاب لكي يُبلغّه إلى قومه من الإنس.

* سورة الإسراء
قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا ﴿٩٥﴾.

وختامًا.

* سورة الحج
اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴿٧٥﴾.

لقد بيَّن الله تعالى لنا في آية (٧٥) من سورة الحجّ أنَّ الله يصطفي رُسُلاً من الملائكة ومن الناس.
إذًا أين رُسُل الجنّ في هذه الآية الكريمة؟

والسلام على من اتَّبع الهُدى والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

549 Feb 16 2019