تفسير آيات في سورة الواقعة من آية (٦٣) إلى آية (٦٧) من خلال أحسن التفسير

 

تفسير آيات في سورة الواقعة من آية (٦٣) إلى آية (٦٧) من خلال أحسن التفسير
(القرءان العظيم)

 

كتاب عظيم ليس له أي مثيل في العالَم، عَجِزَ اللسان عن الكلام والوصف.

السلام على من تقاسم حرث الله وخيراته، واللعنة على من احتكرها.

هذه الآيات هي خطاب من الله تعالى، فقط للضّالين المُكذِّبين.

* سورة الواقعة
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ﴿٥١﴾ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ﴿٥٢﴾ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴿٥٣﴾ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ ﴿٥٤﴾ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ﴿٥٥﴾ هَٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ﴿٥٦﴾ ..... أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ﴿٦٣﴾ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴿٦٤﴾ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴿٦٥﴾ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ﴿٦٦﴾ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴿٦٧﴾.

آية (٦٣) إلى آية (٦٧): "أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ..... أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ..... لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ..... إِنَّا لَمُغْرَمُونَ..... بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ".

إنَّ الإنسان الضَّال المُتكبِّر يظنَّ أنَّه هو القادر على كل شيء من دون الله، وأنَّه هو الّذي يستطيع أن يحرث الزرع ويُخرجُ النبات من دون إرادة الله، بهدف إحتكاره لخيراته عزَّ وجلّ، لذلك ذكَّره الله جلَّ في علاه أنَّه سيُبدِّلَ خلقَهُ ويُنشِأهُ في الآخرة في ما لا يعلم في أرض جهنَّم مليئة بشجر الزقّوم، أي مليئة بأكْل عفن كوجوههم النتنة العفنة، لقد قال القويّ العزيز للضَّالين المُكذِّبين أنَّه يستطيع أن يُدمِّر أيّ مكان على هذه الأرض ويجعله حُطامًا لكي يُذكِّرهم ويؤكِّد لهم أنَّ أرض جهنَّم ستكون حُطامًا، ولكي لا يتفكَّهون، أي يندمون، ويقولون إنَّا لمُغرمون بل نحن محرومون كما ندموا في هذه الأرض، أي لكي يأخذوا عبرة ويُبدِّلوا سيِّئاتهم حسنات، بهدف تقاسمهم خيرات الله عزَّ وجلّ مع البائس الفقير، ولكن النتيجة لا حياة لمن تنادي، الشُكْر والحَمْد لله الكريم العادل على وجود الآخرة.

* سورة القلم
إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ﴿١٧﴾ وَلَا يَسْتَثْنُونَ ﴿١٨﴾ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ﴿١٩﴾ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴿٢٠﴾ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ ﴿٢١﴾ أَنِ اغْدُوا عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ ﴿٢٢﴾ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴿٢٣﴾ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ﴿٢٤﴾ وَغَدَوْا عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ ﴿٢٥﴾ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ﴿٢٦﴾ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴿٢٧﴾.

* سورة الأنبياء
وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴿١١﴾ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ ﴿١٢﴾ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴿١٣﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿١٤﴾ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴿١٥﴾.

إذًا إنَّ أرض جهنَّم ستكون أرضًا غير صالحة لمعيشة الإنسان الضَّال الكذَّاب، فالله تعالى كما خَلَقَ كل شيء يحتاجه الإنسان في هذه الأرض، فهو سُبحانهُ يستطيع أن يَخلُق أرض أخرى لا تسدّ حاجات الإنسان، وهي كناية عن أرض بطبيعة سيَّئة جدًّا خِلافًا عن أرضنا اليوم، عقابًا للإنسان الظالم والفاسد والمُتكبِّر، الذي تكبَّر على الله جلَّ في علاه، وعلى أخيه الإنسان، ؤأنكر وجوديَّة خالقه واحتكر خيراته، نجد البرهان المُبين في آية (٤٨) من سورة إبراهيم:

* سورة إبراهيم
فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴿٤٧﴾ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴿٤٨﴾ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ﴿٤٩﴾ سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ﴿٥٠﴾.

إنَّ قول الله تعالى في آية (٤٨): "يَوۡمَ تُبَدَّلُ ٱلۡأَرۡضُ غَيۡرَ ٱلۡأَرۡض والسماوات..." هو أكبر دليل على أنَّ سماوات وأرض جهنَّم لن يكون فيها نِظام يُسيِّرُها الله تعالى بانتظام، ولن يكون فيها تناسق كوني بين أرضها وسماواتها، لذلك سوف تُبدَّل وتكون مُختلفة عن سماوات وأرض الحياة الدنيا، وبالتالي سوف تكون مُختلفة عن سماوات وأرض الجنَّة الّتي سوف تسيَّر من الله تعالى بانتظام وتناسق كوني بين أرضها وسماواتها.

على سبيل المثال: سيكون الحرَّ شديدًا جدًّا في النهار، وسيكون الليل باردًا جدًا، نجد البرهان المُبين في آية (٢٥) من سورة النبأ:

* سورة النبأ
إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ﴿٢١﴾ لِلطَّاغِينَ مَآبًا ﴿٢٢﴾ لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ﴿٢٣﴾ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا ﴿٢٤﴾ إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ﴿٢٥﴾.

آية (٢٥): "إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا" = شمسًا وزمهريرًا.

إنَّ آية (٢٤) و(٢٥) هُما أكبر دليل على أنَّ درجة حرارة أرض جهنَّم ستكون إمّا شديدة الحرارة كفَصْل الصيف الحارّ في أماكن صحراوية في هذه الأرض، أو شديدة البرودة كفَصْل الشِتاء القارس في أماكن باردة في شمال هذه الأرض، مِمّا يدلُّنا أيضًا على أنَّ الفصول الأربعة في هذه الأرض هي آيات أو أدلّة أو إثبات على جوديَّة أرض جهنَّم وأرض الجنَّة.

أمَّا الجنَّه سيكون مناخها متوسِّط وجميل، لا يرى الأبرار فيها شمسًا ولا زمهريرًا، نجد الدليل الساطع في آية (١٣) من سورة الإنسان:

* سورة الإنسان
إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ﴿٥﴾ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴿٦﴾ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴿٧﴾ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴿٨﴾ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴿٩﴾ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ﴿١٠﴾ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ﴿١١﴾ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ﴿١٣﴾.

إنَّ آية (٥٠) في سورة إبراهيم: "سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ" هي دليل على وجود الملبس الرَّديء وعلى العذاب النفسي في جهنم.

لقد قال الله تعالى في آية (٤٨) من سورة إبراهيم: "يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الأرض" لكي يُعْلِمُنا أنَّ الأرض عادةً يكون فيها خيرات كثيرة من جميع الأنواع، لذلك ستكون أرض جهنَّم غير الأرض، أي ستكون أرض نتنة وعفنة مليئة بشجر الزقّوم خِلافًا عن أرض الجنَّة، لأنَّ أرض الجنَّة ستكون أرض طاهرة مليئة بالخيرات، وفيها من كل الأزواج، أي من كل الأنواع، نجد الدليل الساطع في آية (٧٤) من سورة الزُّمَّر:

* سورة الزُّمَّر
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴿٧٣﴾ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴿٧٤﴾.

آية (٧٤): "... وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ...": الأرض هي الجنَّة لأنَّها ستكون مليئة بالخيرات.

سبحانك اللهمَّ ربّي على حِكْمة كتابك الحكيم البالغة، إي وربّي قرءان حكيم.

* سورة يس
بسم الله الرحمن الرحيم
يس ﴿١﴾ وَالْقُرْءانِ الْحَكِيمِ ﴿٢﴾.

* سورة القمر
بسم الله الرحمن الرحيم
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴿١﴾ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴿٢﴾ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ﴿٣﴾ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ﴿٤﴾ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ﴿٥﴾.

والسلام على من اتَّبع الهُدى والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

 

520 Nov 29 2018