بيان آية (٥٣) من سورة الزُّمَّر من خلال أحسن البيان

 

بيان آية (٥٣) من سورة الزُّمَّر من خلال أحسن البيان
(القرءان العربيّ المُبين)

 

* سورة الزُّمَّر
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٥٣﴾.

السلام على من تاب وآمن وعَمِلَ صالحًا.

 

(١): إنّ أكثر الذين يُسمّون أنفسهم مسلمين يزعمون أنَّه مهما عَملوا من ذنوب فإنَّ الله تعالى سيغفر لهم، ما عدا الإشراك، وهم أصلاً لا يفقهون معنى الإشراك، وزعمهم الباطل هذا آتٍ من إيمانهم بشفاعة الرسول محمد عليه السلام، وبعَدَم تدبّرهم آية (٥٣) من سورة الزُّمَّر، خصوصًا آية (١٥٦) من سورة الأعراف.

إخوتي وأخواتي الأفاضل تعالوا معًا نرى معنى هذه الآية العظيمة من خلال ربطها بآيات آُخرى.

* سورة الزُّمَّر
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٥٣﴾.

"... إنّ الله يغفر الذنوب جميعًا إنّه هو الغفور الرحيم" أي إنّ الله العزيز الغفور يغفر ذنوب الإنسان بالكامل، ولكن بشرط أساسيّ إذا بدّل سيّئاته حسنات، واتَّبع فقط قرءانه الكريم، والبرهان الساطع والرابط البيِّن نجدهما في هذه السُوَر التالية:

* سورة طه
وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ ﴿٨٢﴾.

* سورة الزمر
وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴿٣٣﴾ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴿٣٤﴾ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٣٥﴾.

* سورة الفرقان
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴿٦٨﴾ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴿٦٩﴾ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿٧٠﴾ وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴿٧١﴾.

وآيات أُخرى كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى، ولكنَّني سأكتفي بهذا القَدر.

 

(٢): سأنتقل الآن إلى آية (١٥٦) من سورة الأعراف:

* سورة الأعراف
وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٥٦﴾.

لقد فَصَلَ أكثر المُسلمين هذه الآية الكريمة ولم يتابعوا قرائتها إلى آخرها وهم أصلاً لا يعلمون تكملتها إلى آخرها ويُردِّدونها كالببغاء، وقالوا أنَّ رحمة الله وَسِعَت كل شيء، أي سيغفر الله تعالى جميع ذنوبهم، وهذا بسبب جهلهم واتِّباعهم الأعمى لساداتهم وكبراءهم من خلال التواصل المعرفي الباطل، أي التواتر الخبيث، أي إيمانهم بالنَقْل بعيدًا عن العَقْل، والأسوأ من ذلك وبالرغم أنَّهم فَصَلوها عن بعضها قالوا أنَّ الله عزَّ وجلّ سيرحم فقط أُمَّة محمد مهما عَمِلوا من ذنوب.

سأعطي مِثالاً على ذلك:
لقد جرى حوار بيني وبين أحد الكفَّار وقرأ هذه الآية الكريمة، ولكنَّه لم يقرأها إلى نهايتها، والأسوأ من ذلك وبالرغم أنَّه فَصَلها عن بعضها، قال لي أيضًا مثل ما قال سلفه الطالح، أنَّ الله عزَّ وجلّ سيرحم فقط أُمَّة محمد مهما عَمِلوا من ذنوب، فقلت له أنصت، سأتلوا عليك هذه الآية العظيمة إلى آخرها، فَبُهِتَ الذي كفر.

بالطبع رحمة الله واسعة جدًا، ولكن لمن سيكتبها الرحمن الرحيم؟
نجد الجواب المُبين من خلال تكملة الآية نفسها: "... رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ".

لاحظوا إخوتي وأخواتي الأعزّاء بيان الله الذي لا يعلوا عليه أيّ بيان: "... سَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ" وليس للذين يعملون السيِّئات ويُشركون كتب الأحاديث والتفاسير مع كتاب الله العظيم الذي ليس له مثيل في العالَم.

مرة ثانية سأُذكِّر فإنَّ الذكرى تنفع المؤمنين: سيكتب الله الرحمن الرحيم رحمته للذين يتَّقون ويؤتون الزكاة، أي الطهارة، وللذين بآياته يؤمنون.

والسلام على من اتَّبع الهُدى والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

 

518 Nov 26 2018