هل الكتاب غير القرءان وغير الصُحُف وغير الذِكْر كما يزعم الدكتور محمد شحرور (1)؟

 

هل الكتاب غير القرءان وغير الصُحُف وغير الذِكْر كما يزعم الدكتور محمد شحرور (1)؟

 

مقالة رقم (1) لمن كان له قلبٌ وألقى السَمْعَ وهو شهيدٌ.

لقد قال الباحث الدكتور محمد شحرور أنَّ الكتاب غير القرءان، إلخ...، وبما أنَّ الكتاب غير القرءان فهذا يعني أيضًا أنَّ الكتاب غير المصحف وغير الذكر، إلخ...، وهذا يعني أيضًا أنَّ آيات الكتاب غير آيات القرءان وغير آيات الصحف وغير آيات الذِكْر، إلخ...، عِلْمًا أنَّ الله تعالى لم يذكر كلمة مصحف في كتابه الكريم، وأنا بدوري سأستخدم كلمة صحف لأنَّ الله تعالى ذكر هذه الكلمة في كتابه العزيز.

سورة المؤمنون
وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ﴿٩٧﴾ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ﴿٩٨﴾.

السلام على من آمن بأنَّ الكتاب هو القرءان وهو الذِكْر وهو الصُحُف، ولم يُفرِّق بينهم.

تعالوا معًا إخوتي وأخواتي الأفاضل نرى من خلال آيات سورة النَجْم، والقَمَر كيف نَسَخَ الله تعالى قَوْل الدكتور شحرور الباطل.

* سورة النَجْم
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّىٰ ﴿٣٣﴾ وَأَعْطَىٰ قَلِيلًا وَأَكْدَىٰ ﴿٣٤﴾ أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ ﴿٣٥﴾ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ ﴿٣٦﴾ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ ﴿٣٧﴾ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴿٣٨﴾ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴿٣٩﴾ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ﴿٤٠﴾ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ﴿٤١﴾ وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنْتَهَىٰ ﴿٤٢﴾ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ ﴿٤٣﴾ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ﴿٤٤﴾ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ ﴿٤٥﴾ مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ ﴿٤٦﴾ وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَىٰ ﴿٤٧﴾ وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ ﴿٤٨﴾ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَىٰ ﴿٤٩﴾ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَىٰ ﴿٥٠﴾ وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَىٰ ﴿٥١﴾ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ ﴿٥٢﴾ وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ ﴿٥٣﴾ فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ ﴿٥٤﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ ﴿٥٥﴾ هَٰذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَىٰ ﴿٥٦﴾ أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ﴿٥٧﴾ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ﴿٥٨﴾ أَفَمِنْ هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ﴿٥٩﴾ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ ﴿٦٠﴾ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ﴿٦١﴾ فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ﴿٦٢﴾.

إخوتي وأخواتي الكِرام تعالوا نقرأ آيات سورة النَجْم من آية (٣٣) إلى آية (٦٢) ونتدبَّر مواضيعها ونأخذ كل موضوع على حِدة، ونربطها مع آيات من سورة القَمَر.

** آية (٣٦) (٣٧): "أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ..... وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ".
ماذا يوجد في صُحُف موسى وإبراهيم عليهما السلام؟

الجواب كالتالي:
**آية (٣٨): "أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ":
(الموضوع الأوَّل): موضوع الشفاعة.

** آية (٣٩) و(٤٠) و(٤١): "وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ..... وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ..... ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ":
(الموضوع الثاني): موضوع حساب الله جلَّ في علاه للإنسان بالعَدْل يوم البعث.

** آية (٤٢): "وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنْتَهَىٰ":
(الموضوع الثالث): موضوع الرجوع إلى الله تعالى في الآخرة.

** آية (٤٣) و(٤٤): "وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ..... وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا":
(الموضوع الرابع): موضوع الضلالة والهداية.

** آية (٤٥) و(٤٦): "وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ..... مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ":
(الموضوع الخامس): موضوع خَلْق الإنسان.

** آية (٤٧): "وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَىٰ":
(الموضوع السادس): موضوع البعث الجسدي.

** آية (٤٨): "وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ":
(الموضوع السابع): موضوع مُلْك السماوات والأرض، على سبيل المثال الجنَّة وجهنَّم بيده تعالى، أي الحُكْم لله وحده في الآخرة.

** آية (٤٩): "وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَىٰ":
(الموضوع الثامن): موضوع خَلْق الكون.

** من آية (٥٠) إلى آية (٥٤): "وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَىٰ.... وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَىٰ.... وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ.... وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ.... فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ":
(الموضوع التاسع): موضوع هلاك وعذاب أهل القرى.

** آية (٥٦): "هَٰذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَىٰ":
(الموضوع العاشر): موضوع أنَّ القرءان الكريم هو تمامًا كالكتب السابقة وهو مُهَيْمن، أي مؤتمن عليها بعد أن حُرِّفت في السابق.

** آية (٥٧) و(٥٨): "أَزِفَتِ الْآزِفَة..... لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ":
(الموضوع الحادي عشر): موضوع اقتراب الوعد الحقّ، ويوم القيامة.

** من آية (٥٩) إلى (٦١): "أَفَمِنْ هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ..... وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ ..... وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ":
(الموضوع الثاني عشر): موضوع تحذير الله تعالى الإنسان الكافر بأن لا يستهزئ بهذا الحديث، أي بالكتاب، أي بالقرءان، أي بالذِكْر، أي بالصُحُف.

***آية (٦٢): "فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا":
(الموضوع الثالث عشر): موضوع الخضوع لآيات الله، أي الإيمان بها واتِّباعها.

لاحظوا إخوتي وأخواتي الأفاضل كم من المواضيع المختلفة يوجد في صُحُف إبراهيم وموسى عليهما السلام، وهذا أكبر دليل على أنَّ الله تعالى لم يُفرِّق بين الكتاب والقرءان والذُكْر والصُحُف، ولم يُقسِّم مواضيع آياته إلى أجزاء ويضع كل جزء على حِدة، جزء في الكتاب وجزء في القرءان وجزء في الصُحُف وجزء في الذِكْر.

* سورة القمر
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ﴿٩﴾ ... وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴿١٧﴾ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴿١٨﴾ ... وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴿٢٢﴾ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ﴿٢٣﴾ ... فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴿٣٠﴾ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴿٣١﴾ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴿٣٢﴾ ... كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ﴿٣٣﴾ ... فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ﴿٣٩﴾ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴿٤٠﴾.

ملاحظة هامَّة تُثبت أنَّه لا فرق بين الصُحُف والقرءان والذِكْر من خلال رَبْط آيات سورة النَجْم مع سورة القَمَر:

إذا ربطنا آيات عذاب أهل القرى في سورة النَجْم من آية (٥٠) إلى (٥٤) مع آيات عذاب أهل القرى في سورة القَمَر من آية (٩) إلى (٤٠) نجد البرهان المُبين على أنَّ صُحُف إبراهيم وموسى التي فيها عذاب أهل القرى في سورة النَجْم هي القرءان والذِكْر الذي ذَكََّر الله تعالى الناس بعذاب أهل القرى في سورة القَمَر: "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" هذه الآيات البيِّنات هي أكبر دليل على أنَّ قَوْل محمد شحرور أنَّ الكتاب هو غير القرءان وغير الصَحُف أو المصحف وغير الذِكْر، هو قول باطل.

خلاصة آيات سورة النَجْم والقَمَر كالتالى: الصحف = القرءان = الذِكْر.

 

* سورة الأعلى
بسم الله الرحمن الرحيم
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴿١﴾ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ ﴿٢﴾ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ﴿٣﴾ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَىٰ ﴿٤﴾ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَىٰ ﴿٥﴾ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَىٰ ﴿٦﴾ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ ﴿٧﴾ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ ﴿٨﴾ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَىٰ ﴿٩﴾ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَىٰ ﴿١٠﴾ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ﴿١١﴾ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ ﴿١٢﴾ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ ﴿١٣﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّىٰ ﴿١٤﴾ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ ﴿١٥﴾ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿١٦﴾ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴿١٧﴾ إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ ﴿١٨﴾ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ﴿١٩﴾.

بما أنَّ الله تعالى قال في آية (١٧) و(١٨): "إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ... صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ" نستطيع أن نقول وبكل ثقة وإيمان أنَّ سورة الأعلى وآياتها موجودة في صُحُف إبراهيم وموسى، هذا يعني بل يؤكِّد أنَّ الكتاب أو القرءان هما نفسهما صُحُف إبراهيم وموسى عليهما السلام، بمعنىً آخر أنَّ الكتاب هو القرءان والصُحُف شاء من شاء وأبى من أبى.

سبحانه وتعالى عمَّا يقول الدكتور شحرور بُهْتانًا وزورًا وكُفْرًا، وإشراكًا.

آيات بيّنات لا تحتاج إلى ضرب أخماس بأسداس ولا إلى عمليَّة جراحيَّة في الدماغ.

سأكتفي بهذا القدر من هذه الآيات رغم وجود آيات أُخرى كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى تُثبت بأنَّ لا فرق بين الكتاب والقرءان والصُحُف والذِكْر، سأُبيّنها بِعِلْم الله الحكيم العَليم في المقالة رقم (٢).

والسلام على من اتَّبع الهُدى والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

 

503 Nov 1 2018