بيان ناقة صالح عليه السلام من خلال أحسن البيان

 

بيان ناقة صالح عليه السلام من خلال أحسن البيان
القرءان العظيم

 

السلام على من تدبَّر آيات الله واتَّبع معناها الجوهريً بعيدًا عن القشور.

(١): * سورة هود
وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴿٦١﴾ قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴿٦٢﴾ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ﴿٦٣﴾ وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ﴿٦٤﴾.

آية (٦١): "وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ...": إذا تابعنا هذه الآية الكريمة نجد أنَّ صالحًا عليه السلام كان يدعوا قومه إلى عبادة الله عزَّ وجلّ، إنَّ معنى العبادة هو إتِّباع كتاب الله، أي الإيمان بالله والعَمَل الصالح، والبرهان المُبين نجده في آيات كثيرة، سأذكر فقط آية (١٧٢) من سورة النساء لأنَّها وحدها كافية لتبيان معنى العِبادة:

* سورة النساء
لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ﴿١٧٢﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴿١٧٣﴾.

إذا تابعنا آية (١٧٢) و(١٧٣) وضربناهما ببعضهما نجد أنَّ الّذي آمن وعَمِلَ الصّالحات هو الّذي لم يستنكِف، أي لم يستكبر عن عبادة الله، كما فَعَلَ المسيح عيسى ابن مريم والملآئِكة، أمّا الّذي لم يؤمن بالله ولم يعمل الصّالِحات فهو الّذي استنكَفَ، أي استكبرَ عن عبادة الله، إذًا عبادة الله هي الإيمان بالله والعمل الصالح، آيات بيِّنات تُبيّن معنى العبادة ولا تحتاج إلى تفسير الدجالين.

آية (٦١): "... قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ..." = اتَّبعوا كتاب الله لا كتاب غيره.

آية (٦٣) و(٦٤): "قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ .......... وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ".

أرجوا من إخوتي وأخواتي الأفاضل أن يضربوا آية (٦٣) بآية (٦٤) من سورة هود، وبِعِلْم الله ستجدوا أنَّ البيِّنة هي ناقة الله، أي كتاب الله جلَّ في علاه.

آية (٦٣): "قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي..." = البيّنة هي الكتاب، ولقد أكمل تعالى آية (٦٤): "وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ..." لكي يُعْلِمُنا أنَّ ناقته تعالى هي البيِّنة، أي هي الكتاب، والبرهان المُبين على أنَّ البيِّنة هي كتاب الله نجده في الآيات التالية:

* سورة البينة
بسم الله الرحمن الرحيم
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴿١﴾ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ﴿٢﴾ فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ﴿٣﴾ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴿٤﴾.

آية (٦٤): "وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً...": ناقة الله هي الآية، أي البرهان، أي الكتاب.

والبرهان المُبين على أنَّ كتاب الله هو البرهان نجده في آية (١٧٤) من سورة النساء:

* سورة النساء
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴿١٧٤﴾.

آية (٦٤): "... فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ..." يريد الله تعالى أن يُعطينا معنىً تشبيهيًّا رائعًا، يريد تعالى أن يُعْلِمنا بأنَّه عندما تأكل الناقة تُعطينا لبنًا، أي تُعطينا خيرًا كثيرًا، كذلك عندما ينتشر دين الله في الأرض ولا يّحرَّف كتاب الله يعمّ الخير والسلام والإصلاح في الأرض، ولقد أعطانا الحكيم العليم مَثَلاً مُتشابهًا لمعنى أَكْل الناقة في أرض الله، في آية (٢٤) و(٢٥) من سورة إبراهيم:

* سورة إبراهيم
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴿٢٤﴾ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٢٥﴾.

آية (٢٤) و(٢٥): "... أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ.......... تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا".
إنَّ المعنى الباطني لِمَثَل الشجرة في سياق هذه الأية هو القرءان العظيم، لذلك أكمل بديع السماوات والأرض آية (٢٥): ب: "... وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ".

لماذا قال الله تعالى أصلها ثابت وفرعها في السماء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ؟
الجواب كالتالي: لأنَّ كتاب الله مُفصَّل ولا عِوَجَ فيه لذلك أصله ثابت، ولأنَّه مليء بالخير ويعطي الخير المُطلق لذلك فرعه في السماء ويؤتي أُكُلَهَ كل حين.

آية (٦٤): "... وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ":
هل إذا عقروا الناقة بالمعنى الظاهر سيُعذِّبهم الله في الدنيا والآخرة؟
وهل الرحمن الرحيم بهذا القدر لكي يفعل هذا، حاش لله سبحانه وتعالى أن يكون بهذا القدر وبهذه الصفة.
وكيف يتقبَّل عقلنا بأنَّ معنى هذه الناقة هو المعنى المُتعارف عليه (المعنى الظاهر)؟

 

(٢): نجد أيضًا البرهان الأكثر من المُبين أنَّ ناقة صالح عليه السلام هي كتاب الله في آية (٧٣) من سورة الأعراف:

* سورة الأعراف
وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٧٣﴾.

آية (٧٣): "... قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ...": نجد في هذه الآية العظيمة أنَّ البيِّنة هي الناقة، أي كتاب صالح عليه السلام.

آية (٧٣) بيِّنة وساطعة كنور الشمس لا جدال فيها، وما يُجادل فيها إلَّا الذين كفروا.

سأكتفي بآيات سورة هود والأعراف، لأنَّها تكفي لتبيان المعنى العظيم للناقة.

 

(٣): استطراد: سأكتب موضوع عن المعنى الحقيقي للبقرة في المُستقبل ان شاء الله.

باختصار شديد: هل موسى عليه السلام ربَطَ بقرة بالحَبْلَ وساقها إلى قومه لكي يذبحوها؟
وهل إذا لم يذبحوها سيُعاقبهم الله جلَّ في علاه؟
لا حَوْل ولا قوة إلَّا بالله العليّ العظيم.
تفكَّروا جيدًا في آيات سورة البقرة من آية (٦٨) إلى آية (٧٩) واضربوهم ببعضها بعيدًا عن كُتب تفاسير السلف الطالح الخبيثة، واعتبروا يا أولي الأبصار.

 

(٤): ملاحظة هامَّة: الله جلَّ في علاه يُخاطب النفس وليس الجسد، أي يريد تعالى أن نتدبَّر معاني وجوهر آياته، أي أن لا نأخذ عَرَضَ هذا الأدنى.

والسلام على من اتَّبع الهدى، والعذاب على من كذَّب وترلَّى.

 

483 Sep 29 2018