- 2612 reads
الجزء الثاني من ردّي على تعليق الأخ عامر ملص
على مقالة بعنوان:
هل خلقنا الله تعالى لكي يختبرنا؟
تفسير آية (١٥٥) من سورة البقرة: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ..." من خلال أحسن التفسير (القرءان الحكيم).
* سورة البقرة
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴿١٥٥﴾ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴿١٥٦﴾ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴿١٥٧﴾.
اقرأ جيدًا من خلال آيات الله البيِّنات سبب خَلْق الخلَّاق العليم للإنسان، وليس من خلال رأي ورأيك وفلسفتي وفلسفتك.
(١): ما سبب وجودية وخلق الإنسان؟
إنّ السبب الوحيد الّذي خلقنا الله عزَّ وجلّ من أجله هو لإعطائنا الوجوديَّة والخلود في أرض اسمُها الجنَّة لكي نتمتَّع بمُلكه وخيره ونعيش بسلام مع بعضنا البعض وليس من أجل اختبارنا، فالله تعالى ليس بحاجة إلينا لكي يخلقنا ويختبرنا، فسبحانه هو الغنيٌ، ولكن بما أنَّه جلَّ في علاه هو دائم الوجوديَّة والخلود أراد أن يخلقنا ليمتِّعَنا بوجوديَّتنا وخلودِنا في كنفه، وهذا أكبر دليل على كرمِهِ وحُبِّهِ لنا، ولكِنَّ التمتع بخيره ومُلكه والخلود في الجنَّة لا يكون بالشرّ ولكن فقط بالخير، لذلك خلق الموت والحياة ليبلونا أيّنا أحسن عملاً، إذًا فإنَّ مفهوم ابتلاء الله لنا هو مختلف تمامًا عن مفهومك لهذا الابتلاء، الفرق هو أنَّ ابتلاء الله لنا هو لأجل مصلحتنا بهدف أن نُبدِّل سيِّئاتنا حسنات وليس من أجل اختبارنا، أمَّا مفهومك الخاطئ للابتلاء على أنَّه اختبار من الله تعالى لنا فإنَّه استهزاء بالذات الإلاهيَّة، وعَدَم قدر الله حقّ قدره، أُكرِّر وأقول لك أنَّ الله تعالى ليس بحاجة لأن يختبرنا.
إنَّ مشيئةُ الله تعالى في خَلْقنا هو أن نكون جميعًا أمَّةً واحِدة نسجد لبعضنا البعض، أي لا نتكبَّر على بعضنا البعض، أي نساعد بعضنا البعض، أي أن نؤمن جميعًا بدينٍ واحِدٍ ونعمل الصالحات وننشر الخير والإصلاح لكَيْ يُدخِلُنا جميعًا الجنَّة وليس من أجل أن يختبرنا، ٫ولكِنَّ الإنسان هو الّذي أراد الإختلاف بإرادته، أي أراد أن يظلم ويفسد ويسفك الدماء من خلال إيمانه بأديان أرضيَّة خبيثة كلها تناقض واختلاف وبنظريات علميَّة باطلة بهدف حب الأنا (الEGO) واحتكار خيرات الله، تجد البرهان المُبين على أنَّ سبب خَلْق الله عزَّ وجلَّ للإنسان هو لِكَي يؤمن بدينِهِ الحق فيرحمَهُ أي يُدخِلُهُ الجنَّة في آية (١١٨) و(١١٩) من سورة هود، وفي آيات أُخرى كثيرة:
* سورة هود
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿١١٩﴾.
"إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ...": ركِّز جيدًا على آية (١١٩): خَلَقنا تعالى لكي يرحَمنا، أي يُدخلنا الجنَّة، وليس لكي يختبرنا كما يزعم أكثر الناس.
مرة ثانية ركِّز على آية (١١٩): لقد قال تعالى: "إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ..." ولم يقُل إلّا من اختبر ربّك ولذلك خلقهم.
(٢): لقد عَلِمَ الله تعالى عالمُ الغيبِ والشهادة ما سوف يفعله الإنسان من ظلم وفساد وسفك للدماء لو خلقه منذ البداية في جنَّة الخُلد، فتُصبح النتيجة جهنَّم لجميع البشر، لذلك أجّل الله تعالى لنا الجنَّة وجهنَّم ووضع لنا أجلاً مُسمّى، أي حدَّدَ لنا وقتاً لِدُخولِهِما ألا وهو بعد الموت ووقت البعث، لذلك أخبرنا تعالى في آية (٢) من سورة الملك أنَّه خلق الموت والحياة في الأرض كفرصة للإنسان لكي يتبيَّن له طريق الحقّ، ويتعلَّم كيف يبتعد عن السيِّئات فيتوب ويُطهِّر نفسه، وليس من أجل اختباره، فيُكون الله قد أخرجه من الظلمات، أي من جهنَّم إلى النور، أي إلى الجنَّة، لكي يرجِعُهُ إلى جنَّة الخلد الّتي لن يستطِع أن يخلَدَ فيها لولا هذا الأجل المُسمّى عند الله، الدليل على ما ذكرت تجده في السُوَر التالية:
* سورة فاطر
وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴿٤٥﴾.
* سورة البقرة
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٣٥﴾ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ﴿٣٦﴾ فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿٣٧﴾ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٨﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٣٩﴾.
* سورة الأنعام
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٦٠﴾.
* سورة النحل
وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴿٦١﴾.
* سورة الملك
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١﴾ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴿٢﴾.
* سورة طه
مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءانَ لِتَشْقَىٰ ﴿٢﴾ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَىٰ ﴿٣﴾.
"مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءانَ لِتَشْقَىٰ": أي لِتدخُل جهنَّمْ فتشقى فيها.
* سورة الحديد
هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿٩﴾.
إنّ الله عالم الغيب عَلِمَ قبل أن يخلق الإنسان أنَّ هذا الإنسان سوف يفعل الشر ممّا سوف يؤدّي بِه إلى جهنَّم، لذلك حضَّر الله تعالى له الكتاب وبَيَّن له فيه الخير والشر لِكي يُبعِدُهُ عن طريق جهنَّم ويُعطيهِ طريق الجنَّة، وليس من أجل أن يختبره، لقد أرانا الله تعالى طريق الظلمات وطريق النور بهدف أن نعرف ما هو الحق وما هو الباطل، لِكَيْ نستطيع أن نفرق بينهما بهدف أن نتَّبع طريق الحق لِكَيْ نفوز بالجنَّة ونبتعد عن جهنَّم وليس من أجل أن يختبرنا، والدليل تجده في السُوَر التالية:
* سورة البقرة
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٢٥٧﴾.
* سورة الواقعة
فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ﴿٨٣﴾ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ﴿٨٤﴾ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ﴿٨٥﴾ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ﴿٨٦﴾ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٨٧﴾.
"تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ": أي ترجعون إلى الجنَّة إن كنتم صادقين.
* سورة الأنعام
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١﴾ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ﴿٢﴾.
"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي.......... وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ...": لقد جعلَ الله تعالى لنا الظُلُمات والنور لِكَيْ نستطيع أن نفرق بين الحقّْ والباطل، فنستطيع بذلك أن نبتعد عن طريق الظلام ونهتدي إلى طريق النور، وليس من أجل اختبارنا، لذلك بدأ الله تعالى هذه الآية بقولِهِ: "الحمدُ لله..." أي العِبادة والصلاة تكون فقط لله لأنَّهُ جعلنا نرى الفرق بين الحق والباطل من خِلال الوحي الذي أنزلَهُ على جميع رُسُلِهِ، لذلك قال الله تعالى لنا في سورة الدخان من آية (١) إلى (٦):
* سورة الدخان
بسم الله الرحمن الرحيم
حم ﴿١﴾ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴿٣﴾ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴿٤﴾ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴿٥﴾ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٦﴾.
إنَّ قول الله تعالى في آية (٤): "فيها يُفرقُ كُلُّ أمرٍ حكيم" هو رحمةٌ من ربِّنا، لذلك قال تعالى في آية (٦): "رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ": لأنَّهُ أعطانا العِلْمْ الكافي من خلال آياتِهِ لِكَيْ نستطيع أن نفرق بين الحق والباطل فنبتعِدْ عن طريق الباطل، وليس من أجل أن يختبرنا.
ركِّز على على آية (٦): "رحمة من ربِّك..." وليس اختبارًا من ربِّك.
وآيات أُخرى كثيرة.
(٣): * سورة الحديد
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴿٢٢﴾ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴿٢٣﴾.
في هذه الآيات البيِّنات من سورة الحديد، يُخبرنا الله تعالى أنه عرَّف وبيَّنَ لنا في القرءان العظيم أنواع البلاء والمصائب الّتي سوف تحدث لنا في الأرض أو في أنفسنا من شرٍّ أو خيرٍ لكي نبتعد عن طريق الشر ونتَّبع طريق الخير، حتى لا نندم في الآخرة، إذًا فإنَّ الخير والشرَّ هُما مُصيبة أو بلاء أو فتنة للإنسان لأنَّ الشر يؤدّي بالإنسان إلى الكُفرْ بالله إذا لم يأخُذ منهُ عِظَة، وأمّا إذا أخذ الإنسان منهُ عِظة فإنَّهُ سوف يكونُ خيرًا لهُ، أي سوف يُدخِلُهُ الجنَّة، فتُصبِح هذه الفتنة أو المصيبة أو البلاء بلاءً حسنًا، أي لِمصلحة الإنسان، وليس اختبارًا له، وكذلك الأمر بالنسبة للخير لأنَّ الخير يؤدّي أيضًا بالإنسان إلى الكُفر بالله إذا ما تكبَّرَ بِهِ على الله، أي إذا ما بخِلَ بِهِ، أي إذا ما استخدَمهُ في سبيل الشر، أمّا إذا استخدمه في سبيل الله فتُصبح هذه الفتنة أو المُصيبة أو البلاء بلاءً حسنًا، أي لصالح الإنسان، وليس اختبارًا له، هذا ما بيَّنَهُ الله تعالى وفصَّلَهُ لنا في السُوَر التالِية:
* سورة الفجر
فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴿١٥﴾ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴿١٦﴾.
تمعنّ جيدًا بآية (٤٩) من سورة الزُّمَّر لعلَّ الله يُحدث بعد ذلك أمرًا:
* سورة الزمر
فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٤٩﴾.
* سورة البقرة
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٢١٦﴾.
* سورة الدخان
وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴿٣٠﴾ مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ﴿٣١﴾ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٣٢﴾ وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ ﴿٣٣﴾ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ ﴿٣٤﴾ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ﴿٣٥﴾ فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣٦﴾ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴿٣٧﴾ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴿٣٨﴾ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٩﴾.
تجد من خلال تلك الآيات البيِّنات من سورة الدخان أنَّ الله تعالى بيَّنَ لبني إسرائيل البلاء، أي الفتنة والمُصيبة من خلال آياتِهِ لكي يبتعدوا عن طريق الكُفر وليس من أجل اختبارهم، ولكِنَّ بني إسرائيل كفروا من أجل حُبّهم للحياة الدنيا لذلك كفروا بيوم البعث لِكَيْ يلهوا ويلعبوا ويخوضوا في الأرض على هواهُمْ ويهربوا من عذاب الآخرة، لذلك قال الله تعالى في آية (٣٨) و(٣٩): "مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ..... مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ": في تلك الآيتين يؤكِّد الله لنا تعالى أنَّهُ لم يخلُق السماوات والآرض وما بينهما لاعِبًا، أي من دون يوم الحساب، أي من دون هدف لِوجودِيِّتنا، وهنا يُخبِرُنا الله تعالى عن سبب خَلْق السماوات والأرض، ألا وهو البعث، أي الحساب، أي الآخِرة.
(٤): * سورة النحل
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٣﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ﴿٤﴾ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴿٥﴾ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴿٦﴾ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿٧﴾ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٨﴾ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٩﴾ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ﴿١٠﴾ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿١١﴾ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴿١٢﴾ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴿١٣﴾ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿١٤﴾ وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴿١٥﴾ وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴿١٦﴾ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴿١٧﴾ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿١٨﴾.
تجد من خلال جميع تلك الآيات البيِّنات من سورة النحل أنَّ كل شيءٍ خلقه الله تعالى وسخَّره هو في الحقيقة من أجل وجوديَّتنا في الأرض بهدف أن نُبدِّل سيِّئاتنا حسنات فنتوب فيغفر الله تعالى لنا ذنوبنا ويرحمنا، أي يُدخلنا الجنَّة، وليس من أجل اختبارنا، لذلك ختم الله تعالى جميع تلك الآيات بقوله في آية (١٨) "... إنَّ الله لغفور رحيم"، مرة ثانية، إنَّ الهدف من جميع ما خلق الله تعالى لنا هو من أجل وجوديَّتنا في هذه الأرض وليس من أجل اختبارنا، لِكَيْ يُعطينا الفرصة بهدف أن يغفر لنا ذنوبنا ويرحمنا ويُدخلنا الجنَّة.
(٥): في الختام، لقد خَلَقنا الله جلَّ في علاه وأنزل الكتاب لكي يستبين نبتعد عن طريق التكبّر والظلم والفساد، ونتَّبع طريق الخير والإصلاح وليس لكي يختبرنا.
الله يهديك إذا أنت شئت الهداية، ولكن بالنهاية هذا خيارك.
تجد المزيد والمزيد والمزيد من المعلومات بخصوص هذا الموضوع على هذه الروابط بعنوان: حقيقة الحياة والموت والبعث.
https://www.youtube.com/watch?v=0Nwx7tHn09Y
https://www.youtube.com/watch?v=EkmK0zYdLzw
https://www.youtube.com/watch?v=3pPAsGsOQ3Y
https://www.youtube.com/watch?v=a7Utjw7em94
https://www.youtube.com/watch?v=IdDy31GDCZE
https://www.youtube.com/watch?v=RAgwU3tAK7E
https://www.youtube.com/watch?v=MHoC-Y_JJQM
https://www.youtube.com/watch?v=JrejG_p4L9o
https://www.youtube.com/watch?v=ODESWpTLsGM
https://www.youtube.com/watch?v=PSTxHZ3kLyc
https://www.youtube.com/watch?v=zuO3lJZ8kTI
476 Sep 24 2018