حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٥٤)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٥٤)

 

الخمس صلوات فرض هي ليست إلاَّ بِدْعة ابتدعها الأبالسة من السَلَف الطالح ومن اتَّبعهم بإجرام من أئمَّة الفسوق والعصيان، لكي يُضِلّوا الناس عن معنى الصلاة الحقيقي وإقامتها، بهدف إبعادهم عن اتِّباع القرءان وإقامته.

السلام على من قام إلى الصلاة (إلى كتاب الله) بإيمان صادق.

(١): إخوتي وأخواتي الأعزّاء، إنَّ خطاب الله تعالى للرسول محمد عليه السلام بقوله له "أقم الصلاة" يدلُّنا على أنَّ الله تعالى قد عَلَّمَهُ الصلاة الّتي عليه أن يُقيمها وعرَّفها له في القرءان، وإلاَّ ما كان أمره بأن يُقيم "الصلاة" ولو أنَّ الله تعالى كان يَعني بقوله لرسوله الأمين: "أقم الصلاة" أن يُقيم الخمس صلوات فَرْض لكان قال له: "أقم الخمس صلوات" أو "أقم الصلوات الخمس" ولكان قد عَلَّمَهُ وفَصَّلَ وبَيَّنَ له كيفية إقامة تلك الصلوات الخمس مع عدد ركعاتها في القرءان الكريم.

إذًا فأين عَلّم الله تعالى رسوله محمد عليه السلام كيفية الصلاة وإقامتها؟
الجواب هو بالتأكيد في الوحي الّذي أوحاه إليه ألا وهو القرءان الكريم.

بما أنَّ الله تعالى قد فصَّلَ لنا كل شيء في القرءان فمن المؤكَّد أنَّ الصلاة وإقامتها هي أيضًا مُفصَّلة فيه، وأنَّ الخمس صلوات فرض هي ليست إلاَّ بِدْعة ابتدعها الأبالسة من السَلَف الطالح ومن اتَّبعهم بإجرام من أئمَّة الفسوق والعصيان لكي يُضِلّوا الناس عن معنى الصلاة الحقيقي وإقامتها، بهدف إبعادهم عن اتِّباع القرءان وإقامته.

لو قلنا على سبيل الإفتراض أنَّ الصلوات الخمس مع عدد ركعاتها قد تعلَّمناها من آبائنا الّذين سبقونا من قبل الرسول محمد عليه السلام، مثلاً من وقت ملَّةِ إبراهيم عليه السلام، أو أنَّنا تعلَّمناها من وقت نزول القرءان الكريم على الرسول محمد عليه السلام إلى وقتنا هذا بحجَّة أنَّها أتت من آبائننا بالتواتر، فإنَّ هذان الأمران مستحيلان لأنَّ بعض من الآيات القرءانيَّة تأمرنا بعدم اتِّباع آبآئنا الأوَّلون.

إذًا فنحن كيف نستطيع أن نؤكِّد على أنَّ طريقة إقامة الصلاة من وقت إبراهيم عليه السلام إلى وقت محمد عليه السلام، أو من وقت محمد عليه السلام إلى وقتنا هذا هي تلك الصلوات الخمس الّتي نُقيمُها في زمننا؟

وما هو دليلنا على أنَّ الصلاة الحركيَّة الّتي أقامها الناس عبر الزمن إلى حين نزول القرءان لم تُحَرَّف طريقة إقامتها بواسطة بشر حرَّفوا رسالات الله عبر الزمن؟

وكيف نستطيع أن نُثبت أنَّ محمدًا عليه السلام كان يُقيم تلك الصلوات الخمس مع عدد ركعاتها إذا لم يبقَ على قيد الحياة، وإذا لم يخبرنا الله تعالى أيّ شيء عنها في القرءان الكريم؟

وما هو إثباتنا أنَّ محمدًا عليه السلام صلّى تلك الصلوات الخمس بعدد ركعاتها؟

وإذا كانت الخمس صلوات أتت من ملّة إبراهيم، أي من الأمم السابقة فلماذا فقط أمَّة محمد هي الّتي تُقيمها؟

وإذا كانت هذه الصلاة قد حُرِّفت بعد إبراهيم عليه السلام، فإنَّها بالتأكيد سوف تصل لزمن محمد عليه السلام وقومه مُحرَّفة.

وإذا لم تُحَرَّف ووصلت إلى وقت محمد عليه السلام وقومه قبل نزول القرءان لأنَّ الله تعالى لم يذكرها بعد في القرءان، فهل فقط أمَّة محمد هم الّذين كانوا يُقيمونها دونًا عن سائر الأمم؟

وكيف كانوا يُقيمونها، هل كانوا يذكرون الفاتحة والإبراهيميَّة ويُصلّون على محمد وعلى آل محمد ويذكرون الشهادتين ويذكرون التحيّات المباركات والصلوات الطيِّبات ويُكبِّرون الله؟

إذا كان الله تعالى قد علَّمها لمحمد عليه السلام عند نزول القرءان لكان علَّمه إيّاها من وحي القرءان.

(٢): إنَّ عالم الغيب يعلم أنَّ محمدًا عليه السلام سيموت، لذلك فإنَّ رسالة القرءان الّتي أنزلها عليه هي الباقية، وهي دليلنا الوحيد على كل أمْر أو عِلْم علَّمه الله تعالى لرسوله الأمين في زمنه، وعلى كل أمْر أو عِلْم أراد الله تعالى أن يُعْلِمنا إيّاه في زمننا، تمامًا كما علَّم جميع أنبيائه ورسله وجميع الأمم السابقة.

لو أرادنا الله تعالى أن نتعلَّم الصلوات الخمس من الأمم الّتي سبقتنا أو أن نأخذ الصلوات الخمس بالتواتر، أي نُصلّي كما كان يفعل آباؤنا الأوَّلون، لما كان قال لنا في السُوَر التالية:

* سورة البقرة
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١٣٤﴾.

* سورة البقرة
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١٤١﴾.

* سورة البقرة
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴿١٧٠﴾.

* سورة المائدة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْءانُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴿١٠١﴾ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ﴿١٠٢﴾ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ ۙ وَلَٰكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿١٠٣﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴿١٠٤﴾.

* سورة لقمان
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ ﴿٢١﴾.

* سورة الزخرف
أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ﴿٢١﴾ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ﴿٢٢﴾ وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴿٢٣﴾ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴿٢٤﴾.

(٣): لو أرادنا الله تعالى أن نتعلَّم الصلوات الخمس من الأمم الّتي سبقتنا لما كان أمَرَ رسوله الأمين محمد عليه السلام أن يتعلَّم عِلْم أنباء الغيب فقط من خلال آيات القرءان، أي أن يأخذ العِلْم فقط من خلال الوحي الّذي أوحاه الله تعالى إليه في القرءان، نجد إثباتًا لذلك قوله تعالى له في السُوَر التالية:

* سورة آل عمران
ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٤٤﴾.

* سورة يوسف
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْءانَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴿٣﴾.

* سورة يوسف
ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴿١٠٢﴾.

* سورة الكهف
سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴿٢٢﴾ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا ﴿٢٣﴾ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا ﴿٢٤﴾.

(٤): لو أرادنا الله تعالى أن نُصلّي الصلوات الخمس مع عدد ركعاتها حتى ولو لم يذكرها، أو يُفصلِّها لنا في القرءان لكان قد وضع لنا على الأقل آية واحدة تثبت ذلك، عِلْماً أنَّه تعالى أخبرنا في السُوَر التالية أنَّ كتابه العظيم مُفصَّل:

* سورة الأنعام
أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿١١٤﴾ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿١١٥﴾ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴿١١٦﴾.

* سورة الأعراف
وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿٥٢﴾ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿٥٣﴾.

* سورة يونس
وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْءانُ أَنْ يُفْتَرَىٰ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٣٧﴾.

* سورة هود
بسم الله الرحمن الرحيم
الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴿١﴾.

* سورة يوسف
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿١١١﴾.

* سورة الإسراء
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ﴿١٢﴾.

والسلام على من اتَّبع الهُدى والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

 

473 Sep 22 2018