حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٤٣)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٤٣)

 

تفسير آية (٢) من سورة الكوثر: "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" من خلال أحسن التفسير (القرءان العربيّ المُبين).

السلام على من قام إلى الصلاة (إلى كتاب الله) بإيمان صادق.

(١): * سورة الكوثر
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴿١﴾ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴿٢﴾ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴿٣﴾.

إنَّ أكثر كُتُب التفاسير تُشير على أنَّ الكوثر نهر من أنهار الجنة إختصَّ الله تعالى بِهِ محمد عليه السلام في الآخرة، إذا قرأنا القرءان الكريم وتدبَّرنا آياتِهِ، لا نجد آية واحدة تتحدَّثُ عن الكوثر كنهر من أنهار الجنَّة، هناك آية واحدة تتحدَّث عن أنهار من ماء ولبن وخمر وعسل وردت بالذات في سورة محمد.

فمن أين جاء جهلاء الأمَّة الإسلاميَّة بنهر الكوثر الّذي لم يُذكر قطعيًا في القرءان الكريم؟

* سورة محمد
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴿١٥﴾.

"مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ..." للمُتَّقين وليس فقط لمحمد عليه السلام.

(٢): ***** آية (١): "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ":
الكوثر في اللغة العربيَّة هو الشيء الكثير الخير والعطاء.

ما هو الشيء الكثير الخير والعطاء الّذي أعطاه الله تعالى إلى رسولِهِ الأمين محمد عليه السلام؟
هو حتمًا القرءان الكريم، لأنَّ القرءان هو كتاب الله عزَّ وجلّ الّذي أعطاه لمحمد عليه السلام، ولأنه يحتوي على الخير والعطاء المُطلق لأنَّ الله هو الخير المُطلق، ولقد أنزله الله تعالى لينير درب الإنسان إلى الخير وليهديه الصراط المُستقيم وليَحُثُّهُ على عَمَل الخير والإصلاح، في هذه الآية الكريمة أراد الله تعالى أن يُعْلِمْ الرسول محمد عليه السلام أهمِّيةِ وقيمةِ الكتاب الّذي أنزله إليه، ولذلك سمّاهُ بالكوثر.

***** آية (٢): "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ":
كلمة النحر في اللغة العربيَّة تعني إتقان الشيء، أو إتقان العِلم، إنَّ الله تعالى لم يكتفِ بإعطاءِ الرسول محمد عليه السلام الكوثر، بل أرادهُ أن يُصلّي لَهُ من خلال الكوثر، وأن ينحر صلاتَهُ، أي يُتْقِنْ عِِلْم القرءان بتطبيق آياتِهِ وبدعوة الناس إلى الإصلاح وعَمَل الخير، فالصلاة هي القرءان أو الكوثر، ونَحْر أو إتقان الكوثر هو نَحْر وإتقان عِلْمْ القرءان، أي هو تدبُّرْ عِلْم القرءان بهدف طهارة الإنسان وبهدف تبليغ هذا الخير والعطاء إلى جميع الناس لكي يفوزوا بالجنَّة.

لقد أجمع جميع العلماء والفقهاء في كتب التفاسير الباطلة على أنَّ النحر هو الذبح، و في هذه الآية لا نجد صلة بين الذبح والكوثر.

(٣): ***** آية (٣): "إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ":
من هو مُبْغِض الرسول العربيّ الأمين محمد عليه السلام؟

هو الّذي يُعادي الله ورسولِهِ كأصحاب القريتين من اليهود والنصارى (حِلْف الصهاينة)، أي هو الّذي لا يُريد أن يؤمن بالقرءان الّذي هو الكوثر، أي هو الّذي لا يُريد أن يؤمن بالخير لأنَّه لا يوجد في نفسِهِ ذرَّة خير، لذلك فهو أبتر، لقد شبَّهَ الله تعالى كل إنسان يُبغِضْ محمد عليه السلام بالأبتر، لأنه يُريد أن يبقى على دينِهِ الباطل ولا يُريد أن يؤمِنْ بالكوثر ويُطهِّر نفسه به، أي بالقرءان، لذلك فهو لا يَقدِرْ على شيء من دينِهِ الزائِف، لأنَّ هذا الدين لا يُعطي خيرًا، فَيُصبِحْ الّذي يُبغِض محمدًا عليه السلام مقطوعًا من الخير والعطاء، بذلك يكون قد أعرض عن إقامة الصلاة، أي يكون قد أعرض عن عَمَل الخير والإصلاح في الأرض.

إنَّ سورة الكوثر هي في الحقيقة تشجيع وتثبيت وأمر من الله تعالى لرسوله العربيّ الأمين على إتقان القرءان والتمَّسُّك بِهِ بهدف تطبيق معاني آياتِهِ السامية بهدف الإصلاح في الأرض ومُحاربة الظلم والفساد، أي بهدف إقامة الصلاة.

خِتامها مِسْك.

* سورة الأعراف
وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴿١٧٠﴾.

* سورة الأعراف
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴿٥٥﴾ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٥٦﴾.

والسلام على من اتَّبع الهدى، والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

462 Sep 11 2018