حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٣٧)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٣٧)

 

تكملة تفسير آية (٤١) و(٤٢) و(٥٦) من سورة الأحزاب من خلال أحسن التفسير (القرءان العربيّ المُبين).

السلام على من قام إلى الصلاة (إلى كتاب الله) بإيمان صادق.

* سُوۡرَةُ الاٴحزَاب
يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَةً وَأَصِيلاً (٤٢) هُوَ ٱلَّذِى يُصَلِّى عَلَيۡكُمۡ وَمَلَـٰٓٮِٕكَتُهُ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَڪَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمًا (٤٣) .......... إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰٓٮِٕڪَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّۚ يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا (٥٦).

(١): سأربط آيات سورة الأحزاب بآيات في سورة إبراهيم والطلاق والحديد والجُمُعة، أرجوا منكم إخوتي وأخواتي الكِرام أن تتابعوا تلك الآيات بتمعنّ وتدبُّر شديد لأنها تُبيِّن المعنى الحقيقي للصلاة.

ما هو الدليل على أنَّ الصلاة الّتي صلّى بها الله تعالى علينا وملائكتُهُ ليخرجنا من الظلمات إلى النور هي القرءان الكريم؟
الدليل نجده في السُوَرْ التالية:

* سُوۡرَةُ إبراهیم
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
الٓر‌ ڪِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ (١) ٱللَّهِ ٱلَّذِى لَهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ‌ وَوَيۡلٌ لِّلۡكَـٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ شَدِيدٍ (٢) ٱلَّذِينَ يَسۡتَحِبُّونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَہَا عِوَجًا‌ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ فِى ضَلَـٰلِۭ بَعِيدٍ (٣) وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِيُبَيِّنَ لَهُمۡ‌ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِى مَن يَشَآءُ‌ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ (٤) وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَـٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَڪِّرۡهُم بِأَيَّٮٰمِ ٱللَّهِ‌ إِنَّ فِى ذالِكَ لَأَيَـٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥).

في آية (١) من سورة إبراهيم نجد دليلاً واضحًا أنَّ الكتاب أنزله الله تعالى على رسوله محمد عليه السلام ليُخرج الناس به من الظلمات إلى النور، إذًا فإنَّ القرءان هو الصلاة الّتي أنزلها الله تعالى علينا، أي هو الصلاة الّتي صَلّى بها علينا لكي يُخرجنا بها من الظلمات إلى النور، إذًا فالصلاة هي القرءان.

في آية (٥) من نفس السورة نجد أيضًا دليلاً واضحًا أنَّ آيات الله، أي التوراة أنزلها الله تعالى في السابق على رسوله موسى عليه السلام لِيُخرج قومه بني إسرائيل بها من الظلمات إلى النور، إذًا فإنَّ التوراة كانت هي الصلاة الّتي أنزلها الله تعالى على موسى عليه السلام وقومه، أي هي الصلاة الّتي صَلّى الله تعالى بها على بني إسرائيل لكي يُخرجُهُم بها من الظلمات غلى النور، إذًا فالصلاة هي التوراة.

(٢): * سُوۡرَةُ الحَدید
هُوَ ٱلَّذِى يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦۤ ءَايَـٰتِۭ بَيِّنَـٰتٍ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ‌ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (٩).

في هذه الآية الكريمة نجد بأنَّ الآيات البيِّنات الّتي أنزلها الله تعالى على محمد عليه السلام هي الّتي تُخْرِجنا من الظلمات إلى النور، إذًا فإنَّ الصلاة الّتي صلّاها الله تعالى علينا وملائكتُهُ هي آيات القرءان البيِّنات.

(٣): * سُوۡرَةُ الحَدید
ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِ‌ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَأَنفَقُواْ لَهُمۡ أَجۡرٌ كَبِيرٌ (٧) وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ‌ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَـٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (٨) هُوَ ٱلَّذِى يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦۤ ءَايَـٰتِۭ بَيِّنَـٰتٍ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ‌ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (٩) وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ‌ لَا يَسۡتَوِى مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَـٰتَلَ‌ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَـٰتَلُواْ‌ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰ‌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنًا فَيُضَـٰعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجۡرٌ كَرِيمٌ (١١).

إذا قرأنا آيات سورة الحديد من آية (٧) إلى (١١) نجد في تلك الآيات أنَّ الّذي يؤمن بالله ورسولِهِ ويُنفق في سبيل الله ويُقرض الله قرضًا حسنًا في سورة الحديد هي مثلاً للآيات البيِّنات الّتي انزلها الله تعالى علينا لكي يُخرجنا بها من الظلمات إلى النور، إذًا فالصلاة وإقامتها تكون بالإيمان بالله ورسولِهِ وبالنفقة في سبيلِهِ وبأن نُقرِضِ الله قرضًا حسنًا.

(٤): * سُوۡرَةُ الطّلاَق
أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابًا شَدِيدًا‌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَـٰٓأُوْلِى ٱلۡأَلۡبَـٰبِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ‌ قَدۡ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكُمۡ ذِكۡرًا (١٠) رَّسُولاً يَتۡلُواْ عَلَيۡكُمۡ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَـٰتٍ لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ‌ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَـٰلِحًا يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٍ تَجۡرِى مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡہَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيہَآ أَبَدًا‌ قَدۡ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ لَهُ رِزۡقًا (١١).

في تلك الآيات يُخْبِرنا الله تعالى أولاً أنَّ الذِّكر الّذي أنزله إلينا هو ما تلاه الرسول محمد عليه السلام من آيات الله مُبَيِّنات، فالله تعالى بعث إلينا بالرسول محمد عليه السلام لكي يتلوا علينا آيات الله مُبَيّنات ولم يبعثه لكي يتلوا علينا أحاديثًا وأقاويل كاذبة خارجة عن حديث وقول القرءان، إنَّ آيات الله هي الّتي تخرج الّذين ءامنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور لأنَّها كما قال تعالى في تلك الآية هي آيات مُبَيِّنات لأنَّها تُبَيِّنْ وتُوَضِِّحْ لنا كل شيء، فهي ليست بحاجة إلى السنَّة الكاذبة لكي تنوب عنها، ممَّا تُعطينا الدليل القاطع على أنَّ الذكر هو وحي القرءان وليس وحي السنَّة المكتوبة من بشر، وعلى أنَّ الصلاة الّتي صلاّها الله تعالى علينا وملائكتُهُ هي آيات القرءان المُبَيِّنات.

إذًا فإنَّ الصلاة هي القرءان، إذا أكملنا آية (١١): "... ومن يؤمن بالله ويعمل صالحًا..." نجد أنَّ الّذي يؤمن بالله ويعمل صالحًا هو الّذي صلّى الله تعالى عليه فأخرجه من الظلمات إلى النور، إذًا فإنَّ القرءان هو الصلاة، والصلاة هي الإيمان بالله والعمل الصالح.

إذا تدبًَّرنا آية (٨) إلى (١٠) نجد أنَّ آيات الله المُبّيِّنات في آية (١١) هي في الحقيقة كُتُب الله وشريعته الّتي أنزلها الله تعالى على جميع أنبيائه ورُسُلِهِ وحَفَظَها في القرءان، لذلك قال تعالى لنا في آية (١٠): "... قد أنزل الله إليكم ذكرًا" فالله تعالى أنزل قانون الطلاق إلى جميع الأنبياء والرسل في السابق وأعاد ذِكْرُهُ في القرءان، مِمّا يَدُلُّنا على أنَّ الله تعالى حفظ شريعته وقانونه الّذي أنزله إلى جميع الأمم السابقة في القرءان، لذلك سمّى الله القرءان بالذِّكْرْ.

الدليل على أنَّ قانون الطلاق الّذي أنزله الله تعالى هو واحد لجميع الأمم نجده من بعد ما وضع الله تعالى لنا قانون الطلاق في آية (١) إلى (٧)، بقوله في آية (٨) و(٩):

* سُوۡرَةُ الطّلاَق
وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ عَتَتۡ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّہَا وَرُسُلِهِۦ فَحَاسَبۡنَـٰهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبۡنَـٰهَا عَذَابًا نُّكۡرًا (٨) فَذَاقَتۡ وَبَالَ أَمۡرِهَا وَكَانَ عَـٰقِبَةُ أَمۡرِهَا خُسۡرًا (٩).

لقد أعطانا الله تعالى من خلال آيات سورة الطلاق مثلاً للإيمان بِهِ والعمل الصالح، لذلك يجب علينا أن نُطَبِّق ما أمرنا الله تعالى بِهِ في تلك السورة، الّذي لا يُطبِّق آيات سورة الطلاق يكون لا يؤمن بالله ولا يعمل صالحًا، إذًا فإنَّ الإيمان بالله والعمل الصالح لا يكون إلاّ بتطبيق جميع ما يأمرنا الله به في جميع سُوَرْ القرءان الكريم وليس فقط في سورة الطلاق، هذا هو المعنى الحقيقي للصلاة وإقامتها.

(٥): إذا تدبَّرنا آية (١) و(٢) في سورة الجُمُعة نجد تشابهًا كبيرًا بينها وبين آية (١٠) و(١١) في سورة الطلاق:

* سُوۡرَةُ الجُمُعَة
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡمَلِكِ ٱلۡقُدُّوسِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ (١) هُوَ ٱلَّذِى بَعَثَ فِى ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ رَسُولاً مِّنۡہُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡہِمۡ ءَايَـٰتِهِۦ وَيُزَكِّيہِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ (٢).

* سُوۡرَةُ الطّلاَق
أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابًا شَدِيدًا‌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَـٰٓأُوْلِى ٱلۡأَلۡبَـٰبِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ‌ قَدۡ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكُمۡ ذِكۡرًا (١٠) رَّسُولاً يَتۡلُواْ عَلَيۡكُمۡ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَـٰتٍ لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ‌ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَـٰلِحًا يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٍ تَجۡرِى مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡہَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيہَآ أَبَدًا‌ قَدۡ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ لَهُ رِزۡقًا (١١).

بما أنَّ آية (١٠) و(١١) في سورة الطلاق متشابهة مع آية (٩) في سورة الحديد ومع آية (١) في سورة إبراهيم ومع آية (٤٣) في سورة الأحزاب، إذًا فإنَّ الصلاة الّتي صلّى الله تعالى بها علينا وملائكته هي آياتُهُ، أي الكتاب والحكمة، أي القرءان الّذي أنزله على محمد عليه السلام وبعثه إلينا لكي يتلوه علينا فيُطهِّرُنا الله بِهِ.

(٦): في الختام، أستطيع أن أختصر جميع ما ذكرت عن معنى الصلاة، بأنَّ صلاة الله تعالى علينا وملائكته في آية (٤٣) في سورة الأحزاب هي بالقرءان عندما أنزله علينا بواسطة الرسول محمد عليه السلام، وصلاة الله وملائكته على النبيّ في آية (٥٦) في سورة الأحزاب هي بالقرءان عندما أنزله وحيًا عليه، وصلاتنا على محمد هي بالقرءان وذلك بإيماننا واتِّباعنا لما أنزله الله تعالى عليه في القرءان، وصلاة محمد علينا هي بالقرءان وذلك بتبليغه لكافَّة الناس، وصلاة محمد على نفسه هي بالقرءان وذلك باتِّباعِهِ لجميع ما أنزله الله تعالى عليه في القرءان بهدف تطهير نفسه، وصلاتنا على أنفسنا هي بالقرءان وذلك باتِّباعنا لجميع ما أنزله الله تعالى علينا في القرءان لكي نُطهِّر أنفسنا، وصلاتنا على بعضنا البعض هي بالقرءان وذلك بتبليغ بعضنا البعض رسالة القرءان، أمّا صلاة محمد لله وأيضًا صلاتنا لله فلا تكون إلاّ من القرءان، إذًا فالقرءان هو كتاب الصلاة، وتطبيق كتاب الصلاة في الأرض هو إقامة الصلاة، أي نشر الخير والإصلاح.

والبُرهان المُبين على أنَّ صلاة محمد عليه السلام علينا هي بالقرءان، أي بتبليغه لنا رسالة القرءان نجده في آية (١٠٢) إلى (١٠٤) في سورة التوبة:

* سُوۡرَةُ التّوبَة
وَءَاخَرُونَ ٱعۡتَرَفُواْ بِذُنُوبِہِمۡ خَلَطُواْ عَمَلاً صَـٰلِحًا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡہِمۡ‌ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (١٠٢) خُذۡ مِنۡ أَمۡوَالِهِمۡ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيہِم بِہَا وَصَلِّ عَلَيۡهِمۡ‌ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٌ لَّهُمۡ‌ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣) أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَيَأۡخُذُ ٱلصَّدَقَـٰتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ (١٠٤).

إذا تدبَّرنا آية (١٠٣): "... وصلِّ عليهم إنَّ صلواتك سكن لهم والله سميع عليم" نجد أمرًا من الله تعالى للرسول محمد عليه السلام أن يُصَلّي على الّذين خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا لأنَّ صلاته سوف تُعطيهم السَّكينة وتهديهم إلى التي هي أقْوَم.

إذاً كيف صلّى محمد عليه السلام عليهم؟
صلّى عليهم بالقرءان لأنَّ القرءان هو الّذي يُعطي السَّكينة في ظلمات الّيل، لذلك أكمل الله تعالى هذه الآية بقوله: "... والله سميع عليم" لأنَّ الله تعالى هو وحده الّذي يُعطي عِلْم القرءان، لذلك ختم تعالى هذه الآية بهذه الصيغة لكي يُعْلِِمُنا أنَّ صلاة محمد عليه السلام عليهم كانت بالقرءان وذلك بتبليغه لهم هذه الرسالة العظيمة لكي لا يخلطوا عملاً صالحًا بآخرَ سيِّئًا، بل ليُفرِّقوا بين العمل الصالح والسيِّء فيُطهِّروا بذلك أنفسهم، نحن لا يكفينا أن نعترف بذنوبنا ولكن علينا أن نتعلَّم كيف نتوقف عن فعل تلك الذنوب، وهذا لا يكون إلاَّ من خلال معرفتنا وإيماننا المُطْلق بالقرءان، لأنَّه الكتاب الوحيد الذي يهدي إلى الحقّ، والّذي يفرق لنا بين الحق والباطل فنستطيع بذلك أن نخرج من الظلمات إلى النور، نجد البُرهان المُبين في سورة يونس والأنعام والفرقان:

* سُوۡرَةُ یُونس
قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَـٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَىَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَىِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ‌ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ‌ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١) فَذَالِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلۡحَقُّ‌ فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَـٰلُ‌ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ (٣٢).

* سُوۡرَةُ الاٴنعَام
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ‌ ثُمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّہِمۡ يَعۡدِلُونَ (١).

"ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى.......... جَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ‌..."

* سُوۡرَةُ الفُرقان
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
تَبَارَكَ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَـٰلَمِينَ نَذِيرًا (١).

 

456 Sep 5 2018