حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٣٦)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٣٦)

 

تفسير آية (٤١) و(٤٢) و(٥٦) من سورة الأحزاب من خلال أحسن التفسير (القرءان العربيّ المُبين).

السلام على من قام إلى الصلاة (إلى كتاب الله) بإيمان صادق.

* سُوۡرَةُ الاٴحزَاب
يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَةً وَأَصِيلاً (٤٢) هُوَ ٱلَّذِى يُصَلِّى عَلَيۡكُمۡ وَمَلَـٰٓٮِٕكَتُهُ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَڪَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمًا (٤٣) .......... إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰٓٮِٕڪَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّۚ يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا (٥٦).

(١): في آية (٤٣) نجد بوضوح تام أنَّ الله تعالى يُصلّي علينا وملائكتُهُ لكي يُخْرِجنا من الظلمات إلى النور، إذًا فإنَّ صلاة الله تعالى علينا وملائكتُهُ هي لإخراجنا من الظلمات إلى النور.

كيف يُصَلّي الله تعالى علينا لكي يُخْرِجنا من الظلمات إلى النور؟
يُصَلّي علينا بالوحي الّذي أنزله على رسولِهِ الأمين محمد عليه السلام، أي يُصَلّي علينا بالقرءان الكريم لكي نُبَدِّل سيِّئاتنا إلى حسنات فنتطهّر من الذنوب والمعاصي فنخرج بذلك من الظلمات إلى النور.

في آية (٥٦) نجد بأنَّ الله تعالى وملائكتُهُ يُصَلّون أيضًا على النبيّ، إذًا فإنَّ صلاة الله وملاءكتُهُ على النبيّ هي أيضًا بهدف إخراجه من الظلمات إلى النور.

كيف يُخرجونه من الظلمات إلى النور؟
يُخرجونه بواسطة الوحي الّذي أوحاه الله تعالى، أي بواسطة وحي القرءان الكريم فيكون الله تعالى بذلك يُطهِّرُهُ من الذنوب والمعاصي.

إذا أكملنا قول الله تعالى في آية (٥٦): "... يا أيها الّذين آمنوا صلّوا عليه..." نجد في تلك الآية أَمْرًا من الله تعالى لِلّذين آمنوا أن يًصلّوا على النبِيّ.

كيف نُصلّي على النبِيّ؟
نُصَلّي عليه بأن نُخرِجُهُ من الظلمات إلى النور بواسطة آيات القرءان الكريم، كيف نُخرج نبيُّنا الكريم من الظلمات إلى النور؟
نُطهِّرُهُ من الذنوب والمعاصي بعَدَم الكَذِبَ عليه، وبواسطة إيماننا بالآيات الّتي أنزلها الله تعالى عليه لأنَّها هي الّتي طهَّرته أولاً كإنسان وثانيًا كرسول حامل لرسالة الله، فَنُصدِّق بِهِ كرسول اصطفاه الله تعالى وأخرجه من الظلمات إلى النور، ونُصَدِّق بقول الله تعالى له في كل آية من آيات القرءان الكريم، ولا نُسيء إليه بالكذب أو بالسوء، يعني لا نتقوَّل عليه أحاديثًا وأقاويلاً كاذبة وخارجة عن ما أمره الله تعالى به في القرءان، ولا نتَّهمه بالقتل والفجور والفسوق والدعارة وسبي النساء ورضاع الكبير إلخ...، ولا نُؤمن بقصص السيرة والأحاديث الباطلة الّتي افتروها عليه بالكذب ونتَّهمه أنَّه هو الّذي تقوّلها، إلخ... لذلك أكمل الله تعالى تلك الآية بقوله في آية (٥٧) و(٥٨):

* سُوۡرَةُ الاٴحزَاب
إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَہُمُ ٱللَّهُ فِى ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا مُّهِينًا (٥٧) وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱڪۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَـٰنًا وَإِثۡمًا مُّبِينًا (٥٨).

(٢): إنَّ قول الله تعالى في آية (٥٦) من سورة الأحزاب: "... وسلّموا تسليمًا" هو أمْر من الله تعالى أن نُسلِِّّم بالدين الّذي أنزله الله تعالى إلينا ألا وهو دين الإسلام، ونُسَلِّمْ بأنَّ القرءان هو وحي من الله تعالى، وبأنَّ رسوله الأمين محمد عليه السلام هو رسول من عند الله حامل لرسالة القرءان الكريم ولم يأتي إلاّ بقول وحديث القرءان، إذًا فإنَّ صلاتنا على نبيِّنا ورسولنا الأمين محمد عليه السلام هي بتطهيرِهِ من الأقاويل والأحاديث الكاذبة الّتي نُسِبَتْ إلَيْهِ، ولا تكون صلاتنا على نَبِيِّنا إلاّ بواسطة تصديقنا وإيماننا وتدبّرنا لكل آية من آيات القرءان أُنزِلَت عليه، إذًا فإنَّ الله تعالى وملائكته يُصَلّون علينا وعلى الرسول وعلى جميع الرُّسُلْ أيضًا بالقرءان.

أمَّا نحن فنُقيم صلاتنا لله عزَّ وجلّْ بالقرءان، وإذا صلّينا على محمد نكون بذلك نُصلّي على جميع الأنبياء والرسل لأنَّ جميع الأنبياء والرسل ذكرهم الله تعالى وطهَّرهم في القرءان لأنَّ جميع رسالاتهم حُفِظت في القرءان، سلام على جميع المُرْسلين، لذلك قال تعالى في آية (٦٩) من سورة الأحزاب:

* سُوۡرَةُ الاٴحزَاب
يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءَاذَوۡاْ مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْۚ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيہًا (٦٩).

هذه الآية الكريمة تأمرنا أن لا نفعل برسولنا كما فعل بنو إسرائيل برسولِهم، إنَّ الله تعالى يأمرنا أن لا نؤذي رسولُنا مُحمّد عليه السلام من خلال تلفيق تُهَم الأحاديث الكاذبة والتفاسير الباطلة بنسبِها إليه وقد بَرَّأهُ الله في القرءان من جميع تلك الأحاديث ومن وحي السنَّة الباطلة، تمامًا كما فعل بنو إسرائيل عندما آذَوا موسى عليه السلام من خلال تحريفِهِم للتوراة بواسطة أحاديث ونَسْبِها بالباطل إلى موسى عليه السلام فبرّأهُ الله مِمّا قالوا في القرءان من خلال تصديق وحِفظ القرءان للتوراة.

يتبع... تفسير آية (٤١) و(٤٢) و(٥٦) من سورة الأحزاب.

 

455 Sep 4 2018