- 2992 reads
حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٣٤)
تفسير آية (٣٤) إلى (٣٨) وآية (٤١) و(٤٢) من سورة النور من خلال أحسن التفسير (القرءان العربيّ المُبين).
السلام على من قام إلى الصلاة (إلى كتاب الله) بإيمان صادق.
* سُوۡرَةُ النُّور
وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ ءَايَـٰتٍ مُّبَيِّنَـٰتٍ وَمَثَلاً مِّنَ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمَوۡعِظَةً لِّلۡمُتَّقِينَ (٣٤) ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ مَثَلُ نُورِهِۦ كَمِشۡكَوٰةٍ فِيہَا مِصۡبَاحٌ ٱلۡمِصۡبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّہَا كَوۡكَبٌ دُرِّىٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَـٰرَڪَةٍ زَيۡتُونَةٍ لَّا شَرۡقِيَّةٍ وَلَا غَرۡبِيَّةٍ يَكَادُ زَيۡتُہَا يُضِىٓءُ وَلَوۡ لَمۡ تَمۡسَسۡهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَہۡدِى ٱللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن يَشَآءُ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَـٰلَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىۡءٍ عَلِيمٌ (٣٥) فِى بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡڪَرَ فِيہَا ٱسۡمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيہَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأَصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَّا تُلۡهِيہِمۡ تِجَـٰرَةٌ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَـٰرُ (٣٧) لِيَجۡزِيَہُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ (٣٨) .......... أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلطَّيۡرُ صَـٰٓفَّـٰتٍ كُلٌّ قَدۡ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسۡبِيحَهُ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ (٤١) وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ (٤٢).
(١): في آية (٣٤) يُخبرنا الله تعالى أنه أنزل إلينا آياتٍ مُبيِّنات، وفي آية (٣٥) يُخبرنا تعالى أنه سُبحانَهُ هو نور السماوات والأرض، أي هو الّذي يُنير لنا، أي يُعطينا علم السماوات والأرض، وذلك من خلال آياتِهِ المُبيِّنات، إذًا فإنَّ نور الله تعالى هو القرءان لأنَّه يُعطينا عِلْم السماوات والأرض، أي يُعطينا السبب لخلق السماوات والأرض ويُبيِّن لنا ويُنير لنا طريقنا في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولأنَّه يُعطينا ويجعلنا نرى بوضوح جميع الأمثال والعِبر الّتي نحتاجها في حياتنا، لذلك أعطانا الله تعالى في تلك الآية مثلاً لنوره أنَّه كمشكاةٍ فيها مصباح، هنا نرى أنَّ الله تعالى بدأ يُمَثِّلْ لنا نوره بنور خفيف ضئيل، ولكن هذا النور الضئيل ولو كان خفيفًا فهو في الحقيقة يُعطينا نورًا قوِيًّا، وهذا النور القويّ ولو كان قويًّا فهو يُعطينا نورًا ساطعًا لأنَّه كأنَّه كوكبٌ دُرِّيْ، وإنَّ هذا النور الخفيف الّذي هو في الحقيقة قوي والّذي هو في الحقيقة ساطع كالكوكب الدُّرِيْ يوقد من شجرة مباركة زيتونة، وهذه الشجرة الزيتونة المباركة هي لا شرقية ولا غربية فهي قائمة على أصولها، أي ليس فيها أيّ اعوجاج ولجميع الناس، كما قال تعالى في سورة الكهف آية (١) وسورة الزمر آية (٢٧) و(٢٨):
* سُوۡرَةُ الکهف
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَـٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُ عِوَجَا (١).
* سُوۡرَةُ الزُّمَر
وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِى هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا غَيۡرَ ذِى عِوَجٍ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ (٢٨).
(٢): في تلك الآية العظيمة من سورة النور يُريد الله تعالى أن يُخبرنا أنَّه إذا أردنا أن نرى نورَهُ، أي أن نتعرَّف على نورِهِ، فعلينا أن نوقده من شجرة مباركة زيتونة لا عِوَجَ فيها، وهذا يعني أنَّه علينا أن نأخذ نوره من آياتِهِ لأنَّها آيات مُبَيِّنات ومثلاً وموعظةً للمتقين، فهي الّتي تُبيِّنُ لنا طريقنا، أي تُنير لنا طريقنا وتهدينا إلى معرفة الحق ومعرفة الباطل، وهذا يعني أنَّه لا نستطيع أن نأخذ نور الله تعالى أو أن يكون نور الله في حياتنا إلاَّ من القرءان، فالله عزَّ وجلّ هو الّذي يُنير طريقنا.
وكيف يُنير طريقنا؟
بالتأكيد من القرءان الكريم، إذًا فإنَّ نور الله هو آيات الله، وهذا النور لا يوقد إلاَّ من شجرة مباركة زيتونة، أي لا يوقد إلاّ من القرءان، إنَّ هذه الآية العظيمة هي مثلاً لكل إنسان يريد أن يتعلَّم القرءان بتدبُّر، إذا تابعنا تلك الآية وتدبَّرنا معناها نجد بأنَّ الله تعالى يحثُّنا على تعلّم القرءان بتدبُّر من القرءان نفسه، إنَّ كل إنسان يُريد أن ينير الله تعالى طريقه إلى معرفة الحق بصدق وإخلاص يبدأ بقراءة القرءان فيُعطيه الله تعالى نورًا من أنوارِهِ وهو نور "مشكاة فيها مصباح" وإذا أكمل قراءته بتدبُّر أكثر للقرءان يجعله الله تعالى يرى هذا النور الخفيف نورًا قويًا فيصبح نور "المشكاة فيها مصباح" موجود في "زجاجة" وإذا تدبَّرَ القرءان أكثر فأكثر وصبرنا عليه يجعله الله تعالى يرى نور "المصباح الموجود في زجاجة" نورًا ساطعًا، أي بيِّنًا، فيصبح بذلك نور "المشكاة فيها مصباح" "والموجود في زجاجة" "كأنَّه كوكب دُرِّيْ" إنَّ نور الله تعالى لا نستطيع أن نأخذه إلاَّ من القرءان نفسه، لذلك قال الله تعالى: "... يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية...".
إذًا فإنَّ نور الله نوقِدُهُ من شجرة مباركة زيتونة، وهذا يعني أنَّنا إذا أردنا أن نفهم آيات القرءان فعلينا أن نفهمها من القرءان، لأنَّ آيات القرءان كما وصفها الله تعالى هي النور الّذي أنزله الله إلينا وهي أيضًا الشجرة المباركة الزيتونة الّتي لا عوج فيها، فالإنسان عندما يبدأ من الصفر بتدبُّر القرءان يعطيه الله تعالى عِلْمًا ضئيلاً مثَّلَهُ الله تعالى بنورٍ ضئيل، وإذا أكمل تدبُّره للقرءان بصبر يعطيه الله تعالى عِلُمًا أقوى فيتحول هذا النور الضئيل إلى نور قوي، وإذا ثابر على تدبُّره للقرءان يُعطيه الله تعالى عِلْمًا ساطعًا، فيتحوَّل هذا النور القوي إلى نور ساطع.
(٣): البُرهان المُبين على أنَّ القرءان هو النور وهو الشجرة المباركة الّتي لا عوج فيها نجده في السُوَر التالية:
* سُوۡرَةُ النِّسَاء
يَـٰٓأَيُّہَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُم بُرۡهَـٰنٌ مِّن رَّبِّكُمۡ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ نُورًا مُّبِينًا (١٧٤).
* سُوۡرَةُ المَائدة
يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡڪِتَـٰبِ قَدۡ جَآءَڪُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ ڪَثِيرًا مِّمَّا ڪُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡڪِتَـٰبِ وَيَعۡفُواْ عَن ڪَثِيرٍ قَدۡ جَآءَڪُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَڪِتَـٰبٌ مُّبِينٌ (١٥).
* سُوۡرَةُ الاٴنعَام
أَوَمَن كَانَ مَيۡتًا فَأَحۡيَيۡنَـٰهُ وَجَعَلۡنَا لَهُ نُورًا يَمۡشِى بِهِۦ فِى ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِى ٱلظُّلُمَـٰتِ لَيۡسَ بِخَارِجٍ مِّنۡہَا كَذَالِكَ زُيِّنَ لِلۡكَـٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (١٢٢).
* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ ٱلۡأُمِّىَّ ٱلَّذِى يَجِدُونَهُ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِى ٱلتَّوۡرَٮٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡہَٮٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنڪَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَـٰٓٮِٕثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَـٰلَ ٱلَّتِى كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ (١٥٧).
* سُوۡرَةُ التّغَابُن
زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّى لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡ وَذَالِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ (٧) فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلنُّورِ ٱلَّذِىٓ أَنزَلۡنَا وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٌ (٨).
* سُوۡرَةُ إبراهیم
أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٌ وَفَرۡعُهَا فِى ٱلسَّمَآءِ (٢٤) تُؤۡتِىٓ أُڪُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَا وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَڪَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (٢٦) يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِى ٱلۡأَخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِينَ وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ (٢٧).
إنَّ هذه الآية الكريمة تؤكِّد لنا أنَّ كل إنسان فينا يريد أن يتعلَّم عِلْم الله بصدق وأمانة يُعطيه الله تعالى عِلْمه شيئًا فشيئًا من آيآتِهِ، لذلك فإنَّ القرءان ليس حِجرًا على أحد، وليس بحاجة إلى أيّ أحدٍ بعد الله عزَّ وجلّْ أو إلى أيّ كتب تفاسير بعد تفسير الله عزَّ وجلّ، لذلك أكمل الله تعالى هذه الآية بقولِهِ: "... يكاد زيتها يُضيء ولو لم تمسسه نار..." لأنَّ زيت هذه الشجرة المباركة الزيتونة تُضيء نفسها بنفسها وليست بحاجة إلى نار من الخارج لكي تُضيئُهُ، أي إنَّ القرءان ليس بحاجة إلى كتب أحاديث لِتُفسِّرُهُ، لذلك قال تعالى في سورة الفرقان آية (٣٣) وفي سورة الأعراف آية (٥٢) و(٥٣):
* سُوۡرَةُ الفُرقان
وَلَا يَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِيرًا (٣٣).
* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
وَلَقَدۡ جِئۡنَـٰهُم بِكِتَـٰبٍ فَصَّلۡنَـٰهُ عَلَىٰ عِلۡمٍ هُدًى وَرَحۡمَةً لِّقَوۡمٍ يُؤۡمِنُونَ (٥٢) هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأۡوِيلَهُ يَوۡمَ يَأۡتِى تَأۡوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشۡفَعُواْ لَنَآ أَوۡ نُرَدُّ فَنَعۡمَلَ غَيۡرَ ٱلَّذِى كُنَّا نَعۡمَلُ قَدۡ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَہُمۡ وَضَلَّ عَنۡہُم مَّا ڪَانُواْ يَفۡتَرُونَ (٥٣).
إذًا فإنَّ القرءان الكريم ليس بحاجة إلى أيّ جاهل دين يُفسِّرُهُ بأقاويل بشر كاذبة، لأنَّه بحدّ ذاتِهِ نور على نور، ونحن كُلَّما قرأناه بتدبُّر كُلَّما أعطانا نورًا أقوى وأسطع، فالله تعالى هو الّذي يهدي لنوره من يشآء وليست تفاسير وأحاديث البشر الكاذبة هي الّتي تهدينا، وإنَّ كل إنسان يُريد أن يأكل ويشرب من القرءان، أي يريد أن يأخذ الغذاء النفسي والعقلي والقلبي من القرءان، أي أن يَحْيَ بالقرءان يستطيع ذلك، لذلك أنزله الله تعالى لكل إنسان يُريد أن يعرف ويعقل ويرى نوره، إذًا فالله تعالى هو الّذي يُعلِّمُنا القرءان وليس أحدًا غيره، لذلك أكمل تعالى آيته الكريمة بقوله: "... نور على نور يهدي الله لنوره من يشآء..." وكذلك ختم تعالى تلك الآية بقوله: "... ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم" لأنَّ الله عزَّ وجلّ هو الّذي يُعطينا جميع العلوم والأمثال والعِِبَر.
(٤): إذا تابعنا آية (٣٦): "فِى بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡڪَرَ فِيہَا ٱسۡمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيہَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأَصَالِ" نجد أنَّنا إذا أردنا أن يهدينا الله تعالى إلى نورِهِ، أي إلى قُرءانِهِ، فهذه الهداية تكون في بيوتٍ، أي في مساجد أذن الله أن ترفع ويُذكَرُ فيها إسمُهُ، أي يُذكر فيها عِلمُهُ، أي كِتابُهُ، إذًا فإنَّ نور الله نتعلَّمه في بيوت تُرفع لذكر إسم الله، أي تُرفع فقط لِتبليغ عِلْم الله الّذي هو القرءان الكريم، ولا نتعلَّمه في مساجد تُقام لذكر بشر كالصحابة وأهل البيت والأئِمَّة وبخاري ومُسلِمْ إلخ... بهدف تَبليغ عِلْمْ كتب قصص وأحاديث وتفاسير وأديان ومذاهب باطلة، لذلك أكمل تعالى تلك الآية بقوله: "... يُسبح له فيها بالغدُوِّ والأصال" لكي يُعْلِمنا أنَّ التسبيح في تلك البيوت هو فقط له وأنَّ هذا التسبيح يكون بالغدوِّ والأصال، أي يكون في كل الأوقات وليس في وقت مُحدَّد بالساعة والدقيقة حَسَب ظروف الإنسان.
(٥): إذا تدبَّرنا آية (٣٧): "رِجَالٌ لَّا تُلۡهِيہِمۡ تِجَـٰرَةٌ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَـٰرُ" نجد أنَّ الله تعالى أكمل آية (٣٦) بتلك الآية لكي يُعلِّمنا معنى التسبيح وذكر اسمه في المساجد، ألا وهو ذكر الله وإقام الصلاة و إيتآء الزكاة، إذًا فإنَّ ذكر الله وإقام الصلاة وإيتآء الزكاة هو التسبيح، وإنَّ ذكر الله وإقام الصلاة وإيتآء الزكاة يكون بذكر إسم الله، أي بذكر عِلْم الله، أي بذكر القرءان، ممَّا يُعطينا الدليل القاطع على أنَّ إقامة الصلاة في بيوت الله هو تعليم وتبليغ رسالة القرءان لكل إنسان يريد أن يتعلم نور الله.
تلك الآيات من سورة النور فيها حثّ ودعوة لكل إنسان لا يعلم عِلْم الله أن يتعلَّم الصلاة، أي القرءان في بيوت الله، وحثّ ودعوة لكل إنسان تَعَلَّمَ عِلْم الله أن يُقيم الصلاة، أي أن يُبلِّغ هذا العِلْم في بيوت تُرفع فقط بإذن الله بهدف نشر وعَمَل الإصلاح في الأرض، لذلك أكمل الله تعالى هذه الآية بالآية الّتي تليها آية (٣٨) بقوله: "لِيَجۡزِيَہُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ".
(٦): إذا أكملنا قراءة آية (٤١) و(٤٢): "أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلطَّيۡرُ صَـٰٓفَّـٰتٍ كُلٌّ قَدۡ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسۡبِيحَهُ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ......... وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ" نجد فيهما تأكيدًا وتذكرةً وإعلامًا من الله تعالى على أن جميع ما خلق في السماوات والأرض يُسبِّحُ له وحده، إذًا فالتسبيح، أي الصلاة يجب أن تكون فقط لله، فالتسبيح لا يكون لمحمد، أو لبخاري ومسلم، أو للصحابة، أو لعلي وفاطمة والحسن والحسين، أو للأئِمَّة، أو للأحبار والرهبان، أو لعيسى، أو للوقس ومرقص ومتّى إلخ...، لأنَّ "لله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير".
453 Sep 2 2018