حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٣٢)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٣٢)

 

هناك مجموعة من الآيات المتشابهات لقول الله تعالى في آية (١١) من سورة الجمعة: "وإذا رَأَوْا تجارة أو لهوًا إنفَضّوْا إلَيْها وتَرَكوكَ قائِمًا"، تلك الآيات تُبَيِّن لنا معنى الصلاة، سوف أذكر بعضًا منها في سورة المائدة، والجاثية، ولقمان:

السلام على من قام إلى الصلاة (إلى كتاب الله) بإيمان صادق.

(١): * سُوۡرَةُ المَائدة
يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمۡ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَٱلۡكُفَّارَ أَوۡلِيَآءَ‌ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (٥٧) وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَالِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٌ لَّا يَعۡقِلُونَ (٥٨).

* سُوۡرَةُ الجَاثیَة
تِلۡكَ ءَايَـٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَيۡكَ بِٱلۡحَقِّ‌ فَبِأَىِّ حَدِيثِۭ بَعۡدَ ٱللَّهِ وَءَايَـٰتِهِۦ يُؤۡمِنُونَ (٦) وَيۡلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسۡمَعُ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسۡتَكۡبِرًا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا‌ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٨) وَإِذَا عَلِمَ مِنۡ ءَايَـٰتِنَا شَيۡـًٔا ٱتَّخَذَهَا هُزُوًا‌ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ لَهُمۡ عَذَابٌ مُّهِينٌ (٩).

* سُوۡرَةُ لقمَان
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِى لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا‌ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ لَهُمۡ عَذَابٌ مُّهِينٌ (٦) وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَـٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَڪۡبِرًا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِىٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرًا‌ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٧).

آية (٦) و(٧) من سورة لقمان: إذا تدبَّرنا آية (٦) نجد أنَّ الإنسان الّذي "يشتري لَهْوَ الحديثِ" هو الإنسان الّذي يلهوا بِحديث الله، أي يَلهوا بِآياتِ الله، ولذلك قال الله تعالى في آية (٧): "وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَـٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَڪۡبِرًا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِىٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرًا‌ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ".

كيف يلهوا الإنسان بحديث الله؟
يلهوا بِهِ من خلال أقاويل وأحاديث وتفاسير باطلة من أجل إتِّباعِهِ لِأهوائِهِ ورَغَباتِهِ ومن أجل التَّمَتُّعْ بالحياة الدنيا والهُروب من عذاب الآخِرة، كما فعل وما زال يفعل أصحاب الدين السّني والدين الشيعي والدين الدِّرْزي والدين المسيحي والدين اليهودي وغيرِهِمْ من الأديان البَشَرِيَّة الباطلة، لذلك قال تعالى في آية (٩) من سورة الجاثية: "وإذا عَلِمَ من آياتِنا شيئاً إتَّخَذَها هُزُوًا..." كدليل على أنَّ الّذي "يَشْتَري لَهْوَ الحديثِ" هو الّذي "يَتَّخِذَ آياتِ الله هُزُوًا".

إذا تابعنا آية (٥٨) في سورة المائدة، وآية (٩) في سورة الجاثية، نجد بينهم تشابهًا كبيرًا في المعنى مِمّا يُعطينا ويدلُّنا أنَّ "الصلاة الّتي اتَّخذوها هُزُوًا ولَعِبًا" في آية (٥٨) من سورة المائدة هي "دين البشر الّذي اْتَّخَذوهُ لهوًا ولَعِبًا" في آية (٥٧) من سورة المائدة، وهي "آيات الله الّتي اْتَّخَذوها هُزُوًا" في آية (٩) من سورة الجاثية، إذًا فالصلاة هي دين الله، أي آيات الله، أي القرءان الكريم.

لماذا اتَّخذوا الصلاة يعني دين الله، يعني آيات الله، يعني القرءان الكريم "هُزُوًا ولَعِبًا" كما أخبرنا الله تعالى في آية (٥٨) من سورة المائدة وآية (٩) من سورة الجاثية؟
لأنَّ الحياة الدنيا غَرَّتْهُمْ، كيف وبماذا غَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا فجعلتهُمْ يمتنعوا عن الاستجابة لنداء الصلاة، أي منعتهُمْ عن تَعَلُّمْ وتَدَبُّرْ القرءان؟

الجواب نجِدُهُ في آية (٢٠) من سورة الحديد:

* سُوۡرَةُ الحَدید
ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٌ وَلَهۡوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٌ فِى ٱلۡأَمۡوَالِ وَٱلۡأَوۡلَـٰدِ‌ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَہِيجُ فَتَرَٮٰهُ مُصۡفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَـٰمًا وَفِى ٱلۡأَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغۡفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَانٌ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَـٰعُ ٱلۡغُرُورِ (٢٠).

إنّ سبب كُفْرِهِمْ ونفاقِهِمْ وإشراكِهِمْ وصَدِّهِمْ عن سبيل الله، أي صدِّهِمْ عن الصلاة، هو في سبيل اتِّباعِهِمْ لِأهوائِهِمْ في الحياة الدنيا، هذا تمامًا ما فعله قوم الرسول محمد عليه السلام في آية (٩) إلى (١١) في سورة الجُمُعَة عِندما كان يُناديهِمْ للصلاة:

* سُوۡرَةُ الجُمُعَة
يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلۡبَيۡعَ‌ ذَالِكُمۡ خَيۡرٌ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ (٩) فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ (١٠) وَإِذَا رَأَوۡاْ تِجَـٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوٓاْ إِلَيۡہَا وَتَرَكُوكَ قَآٮِٕمًا قُلۡ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٌ مِّنَ ٱللَّهۡوِ وَمِنَ ٱلتِّجَـٰرَةِ‌ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلرَّازِقِينَ (١١).

(٢): هناك آيات تُثْبِتُ لنا وتدُلُّنا على استِهْزاءِ الكُفّار والمُنافِقين بالصلاة، أي بآياتِ الله بهدف أن يخوضوا ويلعبوا من أجل حُبِّهِمْ للحياة الدنيا وتَمَتُّعِهِمْ بِها، مِمّا أدّى بهم إلى الأمر بالمنكر والنَّهي عن المعروف وإلى البُخْلْ، فنسوا بذلك الله فَنَسِيَهُمْ، نجد تلك الآيات في سورة التوبة من آية (٦٤) إلى (٦٨):

* سُوۡرَةُ التّوبَة
يَحۡذَرُ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيۡهِمۡ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِى قُلُوبِہِمۡ‌ قُلِ ٱسۡتَہۡزِءُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخۡرِجٌ مَّا تَحۡذَرُونَ (٦٤) وَلَٮِٕن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا ڪُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُ‌ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَـٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَہۡزِءُونَ (٦٥) لَا تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَـٰنِكُمۡ‌ إِن نَّعۡفُ عَن طَآٮِٕفَةٍ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَآٮِٕفَةَۢ بِأَنَّہُمۡ ڪَانُواْ مُجۡرِمِينَ (٦٦) ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضٍ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنڪَرِ وَيَنۡہَوۡنَ عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَقۡبِضُونَ أَيۡدِيَہُمۡ‌ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَہُمۡ‌ إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِينَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ (٦٧) وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَـٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلۡكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيہَا‌ هِىَ حَسۡبُهُمۡ‌ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ‌ وَلَهُمۡ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (٦٨).

 

451 Aug 31 2018