حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٢٤)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٢٤)

 

تفسير آية (١١٠) من سورة الإسراء: "وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِہَا وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَالِكَ سَبِيلاً" من خلال أحسن التفسير (القرءان العربّي الحكيم).

السلام على من قام إلى الصلاة (إلى كتاب الله) بإيمان صادق.

(١): * سُوۡرَةُ الإسرَاء
وَبِٱلۡحَقِّ أَنزَلۡنَـٰهُ وَبِٱلۡحَقِّ نَزَلَ‌ وَمَآ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (١٠٥) وَقُرۡءَانًا فَرَقۡنَـٰهُ لِتَقۡرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكۡثٍ وَنَزَّلۡنَـٰهُ تَنزِيلاً (١٠٦) قُلۡ ءَامِنُواْ بِهِۦۤ أَوۡ لَا تُؤۡمِنُوٓاْ‌ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهِۦۤ إِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡہِمۡ يَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبۡحَـٰنَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعۡدُ رَبِّنَا لَمَفۡعُولاً (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعًا (١٠٩) قُلِ ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَـٰنَ‌ أَيًّا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ‌ وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِہَا وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَالِكَ سَبِيلاً (١١٠) وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدًا وَلَمۡ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِى ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُ وَلِىٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ‌ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا (١١١).

إذا قرأنا قول الله تعالى في آية (١١٠) "وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِہَا وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَالِكَ سَبِيلاً" نجد بأنَّ الله تعالى أمر محمدًا عليه السلام أن "لا يجهر بصلاتِهِ" أي أن لا يَزيد أيّ قول أو حديث أو عِلْم من عنده فوق قول وحديث وعِلْم القرءان، وكذلك أمره أن "لا يُخافت بصلاتِهِ" أي أن لا يُنْقِصْ أيّ قول أو حديث أو عِلْم من القرءان علَّمَهُ الله تعالى إيّاه، لذلك أمره "أن يبتغي بين ذلك سبيلاً" أي أن يأخذ فقط سبيل القرءان لا أكثر منه ولا أقلّْ، هذه الآية هي أكبر دليل على أنَّ الرسول محمد عليه السلام لم يأتِ بأيّ حديث غير حديث القرءان، مِمّا ينفي لنا وحي السنة المزعوم والأحاديث القدسيَّة، ونحن إذا تابعنا سياق جميع تلك الآيات من سورة الإسراء من آية (١٠٥) إلى (١١١) وضربناها ببعضها نجد أنَّ الله عزَّ وجلّ أراد أن يُعلمنا من خلالها أنَّ الصلاة هي القرءان، وأنَّ إقامة الصلاة هي إقامة القرءان.

البرهان المُبين على أنَّ الصلاة = القول = كتاب الله نجده في الآيات التالية:

* سورة طه
وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (٧).

* سورة الأعلى
سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَىٰ ﴿٦﴾ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ ﴿٧﴾.

 

(٢): لقد قال الله عز وجل في آية (١١٠): "قُلِ ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَـٰنَ‌ أَيًّا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ‌..." لكي يُعلمنا أنَّه قد وضع لنا في أسمائه الحسنى، أي آياته إمّا عبارة "الله" وإمّا عبارة "الرحمن" وأنَّه لا فرق بين آياته الّتي ورد فيها "الله" وبين آياته الّتي ورد فيها "الرحمن" فالله هو الرحمن والرحمن هو الله، ونحنُ إن دعوناه بآياته الّتي فيها "الله" أو الّتي فيها "الرحمن" فهي في النهاية جميعها من أسمائه الحسنى.

 

(٣): إذا تدبَّرنا آية (١١١): "وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدًا وَلَمۡ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِى ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُ وَلِىٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ‌ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا" نجد أن الله تعالى يُعلِّم رسوله الأمين محمد عليه السلام كيفيَّة وطريقة إقامة الصلاة تمامًا كما أمره في هذه الآية البيِّنة.

في هذه الآية يريد الله عزَّ وجلّ أن يُعلِّم رسوله محمد الأمين كيفيَّة تبليغ رسالة القرءان من خلال الدعوة إلى الله أو إلى الرَّحمن، أي الدعوة إلى القرءان لقوله تعالى له في آية (١١٠): "قُلِ ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَـٰنَ‌ أَيًّا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ‌..." والدعوة إلى القرءان تكون من خلال إقامة الصلاة لله وليس لغيرِهِ، ومن خلال دعوة الناس لعدم الإشراك به باتِّباعهم لأديان وقوانين غير دين وقانون الله.

فالله سبحانه وتعالى عمّا يصفون "لم يتَّخذ ولدًا" أي لم يأمرنا أن نتَّخِذَ الملآئكة والنبِيّين أربابًا من دونِهِ، مثلاً كعيسى ابن مريم كما يقولون في الدين المسيحي الباطل وكمحمد كما يفعلون في دينهم الباطل الّذي سمّوه بإسم الإسلام إفتراءً عليه الكَذب.

والله سبحانه وتعالى عما يصفون "لم يكن له شريك في المُلك" أي لم يأمرنا أن نُشرِك بِعِبادتِهِ أحدًا باتخاذنا شريكًا معه أشركه في مُلكِهِ وحُكمِهِ في الدنيا والآخرة، مثلاً كمحمد كما يصفونهُ في وحي السنة الكاذبة وكعيسى ابن مريم وكالملائكة.

والله سبحانه وتعالى عمّا يصفون "لم يكن له ولِيّْ من الذُّلِّ" أي لم يأمرنا أن نتَّخذ أولياءً من دونِهِ، مثلاً كالأحبار والرُّهبان والأئِمَّة وعلماء الدّين والذين يُسمّون أنفسهم بالتنوريّين ومحمد وعيسى والملآئكة وعلماء غير علماء الدين كالفلاسفة وداروِين وغيرِهِم.

أما قوله تعالى في آخر هذه الآية "وكبِّرْهُ تكبيرًا" فنجد فيها أمرًا من الله عزَّ وجلّ ودعوة لرسولِهِ العربيّ الأمين محمد لإقامة الصلاة بتبليغ رسالة القرءان بكل صدق وأمانة وإخلاص للناس أجمعين وفقط من خلال آياته، وبتقديرِ اللهِ حقَّ قَدْرِهِ تمامًا كما أمره تعالى في كتابه العزيز، وهذا هو المعنى الحقيقي للتَّكبير والهدف الحقيقي منه.

 

443 Aug 23 2018