- 2614 reads
حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٢٢)
تفسير آية (٧٨) من سورة الإسراء: "أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡہُودًا" من خلال أحسن التفسير (القرءان العربّي الحكيم).
السلام على من قام إلى الصلاة (إلى كتاب الله) بإيمان صادق.
(١): * سُوۡرَةُ الإسرَاء
أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡہُودًا (٧٨) وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحۡمُودًا (٧٩).
في أية (٧٨)، نرى بأنَّ الله عزَّ وجلّ يدعوا محمدًا عليه السلام إلى إقامة الصلاة "لِدُلوك الشَّمس إلى غسق الَّيل" ولكنَّهُ تعالى لم يُحدِّد أوقاتًا مُعيَّنة لإقامة الصلاة، لذلك قال: "لدلوك الشمس إلى غسق الَّيل" مِمّا يدلُّنا على أنَّ محمدًا عليه السلام عليه أن يُقيم الصلاة في كل وقت من أوقات النهار لحين وقت غروب الشمس (لدلوك الشمس) وعليه أن يستمر ويبقى يُقيم الصلاة إلى وقت متأخر من الَّيْل (إلى غسق الّيل)، إذا ربطنا جميع تلك الأوقات ببعضها نرى أنَّ محمدًا عليه السلام كان عليه أن يُقيم الصلاة في جميع أوقات النهار من الفجر إلى غسق الّيْل، وإذا أكملنا آية (٧٨): "... وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡہُودًا" نرى أيضًا أنَّ الله عزَّ وجلّ كان يدعوا محمدًا إلى إقامة الصلاة أيضًا وقت الفجر، لقد بدأ الله تعالى هذه الآية بقولِهِ "... أقم الصلواة..." وأكمل تعالى آيته بقولِهِ "... وقرءان الفجر..." تأكيدًا منه أنَّ الصلاة هي القرءان، وكأنه تعالى يقول "وصلاة الفجر".
(٢): إذا ربطنا قوله تعالى في آية (٥٨) من سورة النور بآية (٧٨) من سورة الإسراء نجد ما يلي:
* سُوۡرَةُ النُّور
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسۡتَـٔۡذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتۡ أَيۡمَـٰنُكُمۡ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَبۡلُغُواْ ٱلۡحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَـٰثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبۡلِ صَلَوٰةِ ٱلۡفَجۡرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِنۢ بَعۡدِ صَلَوٰةِ ٱلۡعِشَآءِ ثَلَـٰثُ عَوۡرَاتٍ لَّكُمۡ لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ وَلَا عَلَيۡهِمۡ جُنَاحُۢ بَعۡدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيۡكُم بَعۡضُڪُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ كَذَالِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأَيَـٰتِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨).
* سُوۡرَةُ الإسرَاء
أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡہُودًا (٧٨).
في آية (٥٨) من سورة النور نرى بأنَّ الله تعالى قال: "... مِن قبلِ صلواةِ الفجر..." لقد استخدم الله عزَّ وجلّ في هذه الآية عبارة "صلاة الفجر" وفي آية (٧٨) من سورة الإسراء استخدم تعالى عبارة "قرءان الفجر"، ممّا يدلُّنا على أنَّ "قرءان الفجر" هو "صلاة الفجر" هذا يؤكِّد لنا أنَّ الصلاة هي القرءان.
وكذلك الأمر إنَّ "صلاة العِشآء" في آية (٥٨) من سورة النور هي "إقامة الصلاة إلى غسق الّيل" في آية (٧٨) من سورة الإسراء.
أمّا بالنسبة لعبارة "صلاة الظهر" أو "صلاة العصر" أو "صلاة المغرب" فلم يذكر الله تعالى أيّ شَيء عن تلك الصلوات لا في هذه الآية ولا في جميع آيات القرءان الكريم، بل نجد بأنََّّه تعالى قال في آية (٥٨) من سورة النور: "... وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة..." لقد ذكر الله لنا في هذه الآية من سورة النور "صلاة الفجر" "وصلاة العِشآء".
إذا كان هناك فعلاً خمس صلوات فرض كما تعلَّمنا فلماذا لم يذكر تعالى لنا أيضًا "صلاة الظهر"؟
إذًا فإنَّ هذا يُعطينا البرهان على أنَّ الصلاة وإقامتها الّتي ذكرها الله عزَّ وجلَّ لنا في القرءان الكريم ليس لها أيَّة دعوة بالخمس صلوات أو الثلاث فرض.
(٣): إذا عُدنا لآية (٧٨) في سورة الإسراء وتدبَّرنا معانيها وضربناها ببعضها، نجد بوضوح تامّ أنَّ الله تبارك وتعالى لم يدعوا محمدًا عليه السلام إلى إقامة الصلاة الحركيَّة في النهار فقط، بل دعاهُ إلى إقامة الصلاة في كل وقت من أوقات اليوم، من الفجر إلى غسق الَّيْل، وهذا يعني أنَّه تعالى دعا محمدًا عليه السلام في هذه الآية الكريمة إلى إقامة الصلاة، أي نشر الدعوة وتبليغ رسالة القرءان للناس أجمعين في جميع الأوقات، وهذه هي مُهمَّتُهُ كرسول حامل لرسالةِ الله.
الدّليل على أنَّ إقامة محمد للصلاة كانت في كل أوقات النهار إلى الّيل نجده في الآيات التالية من سورة المُزَّمِّلّ:
* سُوۡرَةُ المُزمّل
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
يَـٰٓأَيُّہَا ٱلۡمُزَّمِّلُ (١) قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلاً (٢) نِّصۡفَهُ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلاً (٣) أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلاً (٤) إِنَّا سَنُلۡقِى عَلَيۡكَ قَوۡلاً ثَقِيلاً (٥) إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِىَ أَشَدُّ وَطۡـًٔا وَأَقۡوَمُ قِيلاً (٦) إِنَّ لَكَ فِى ٱلنَّہَارِ سَبۡحًا طَوِيلاً (٧).
إذا تابعنا التسلسُل المنطقي لهذه الآيات، نجد أنَّ الهدف الأساسي الأول والأخير من ترتيل الرسول محمد عليه السلام للقرءان في الّيْلْ في آية (٤)، هو لتسبيحِ الله عزَّ وجلّ في النهار "سبحًا طويلاً" في آية (٧)، أي هو لتبليغ رسالة القرءان (إقامة الصلاة) "طوال النَّهار وقتًا طويلاً"، إذًا فإنَّ قول الله تعالى في آية (٧): "إِنَّ لَكَ فِى ٱلنَّہَارِ سَبۡحًا طَوِيلاً" ينفي لنا تحديد أوقات مُعَيَّنة للصلاة، وبالتالي ينفي لنا الصلوات الخمس أو الثلاث.
يتبع تفسير آية (٧٨) من سورة الإسراء.
441 Aug 21 2018