- 13334 reads
حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٢١)
تفسير آية (١١٤) من سورة هود: "وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّہَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيۡلِ..." من خلال أحسن التفسير (القرءان العربّي الحكيم).
السلام على من قام إلى الصلاة (إلى كتاب الله) بإيمان صادق.
* سُوۡرَةُ هُود
فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْ إِنَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَڪُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (١١٣) وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّہَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيۡلِ إِنَّ ٱلۡحَسَنَـٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ ذَالِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَٱصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ (١١٥) فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنۡہَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِى ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا قَلِيلاً مِّمَّنۡ أَنجَيۡنَا مِنۡهُمۡ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتۡرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجۡرِمِينَ (١١٦) وَمَا ڪَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٍ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ (١١٧).
في آية (١١٤) نرى بأنَّ الله عزَّ وجلّ يأمر محمدًا عليه السلام بإقامة الصلاة "طرفي النهار وزُلُفًا من الَّيْل" أي عند طلوع النهار ودلوك (أي غروب) الشَّمس ووقتًا من الَّيْل، ونرى في هذه الآية أنَّ الله تعالى لم يذكر لمحمد عليه السلام أيّ شيء عن الصلوات الخمس مع عدد ركعاتها وطريقة إقامتها ولم يقل لمحمد على سبيل المثال أقم الصلوات الخمس، بل قال له وبكل وضوح "أقم الصلواة" وإذا أكملنا قول الله تعالى في هذه الآية: "إِنَّ ٱلۡحَسَنَـٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ".
نتساءل ما هو الرابط الذّي يربط "إقامة الصلاة" ب"الحسنات"؟
وكيف "يُذهِبْنَ الحسنات" "السيِّئات"؟
إذا افترضنا مثلاً أنَّ إقامة الصلاة في آية (١١٤) هي إقامة الصلوات الخمس أو الثلاث الحركيَّة مع عدد ركعاتها ولو لم تُذكر في القرءان، فإنَّ هذا الإفتراض مُستحيل لأنَّ الله عزَّ وجل أخبرنا في كتابِهِ العزيز أنَّهُ قد فصَّل وبيَّنَ لنا كُل شيء، إذًا فمن الواجب أن تكون إقامة الصلوات الخمس أو غيرها من الصلاة الحركيَّة هي أيضًا مفصّلة ومبيّنة، وبما أنَّ هذا التفصيل وهذا البيان للصلوات الخمس أو الثلاث ليس له أيّ وجود في القرءان، إذًا فإنَّ الصلوات الحركيَّة ليس لها أيّ أساس من الصحة.
وإذا افترضنا أنَّ إقامة الصلوات الخمس -كما يقول جهلاء الدين والذين يُسمّون أنفسهم بالتنوريّين- تُعطي الحسنات وتُذهب السَّيِئات، يعني أنَّنا لو صلّينا الخمس صلوات فرض كل يوم نأخذ حسنات كثيرة، فيغفر الله تعالى ذنوبنا في الآخرة حتى لو لم نمتنع عن فعل الشرِّ والظلم والفساد، فهذا أيضًا مُستحيل:
أوّلاً: لأنَّ الله تعالى يدعونا في أكثر آيات القرءان الكريم أن نُطهِّر أنفُسنا ونتوب عن المعاصي والذنوب ونمتنع عن فعل الشر والظلم والفساد قبل أن يأتي أجلنا، مِمّا يتناقض مع مفهوم الصلوات الحركيَّة وأخذ الحسنات بواسطتِها، لأنَّ الصلوات الخمس لا تستطيع أن تُصلحنا وتمنعنا عن الفساد، والدليل نجده في جميع البلدان الإسلاميَّة بما فيها من ظلم وفساد على الرغم من أنَّ أكثر سُكانها يُقيمون الصلوات الخمس أو الثلاث، فنحن فقط بإيماننا بالله وبكل آية من آيات القرءان الكريم وفقط من خلال تطبيقنا لتلك الآيات والعمل بمعانيها السامية نستطيع أن نُطهِّر أنفسنا فننشر الخير ونبتعد عن الشر.
ثانيًا: إذا أكملنا آية (١١٥) إلى (١١٧): "وَٱصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ..... فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنۡہَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِى ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا قَلِيلاً مِّمَّنۡ أَنجَيۡنَا مِنۡهُمۡ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتۡرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجۡرِمِينَ..... وَمَا ڪَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٍ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ" نرى في تلك الآيات تفصيلاً كاملاً مُتكاملاً من الله عزَّ وجلّْ لمعنى إقامة الصلاة الّتي وردت في آية (١١٤)، إذا ربطنا جميع تلك الآيات ببعضها نستطيع أن نفهم أنّ إقامة الصلاة في آية (١١٤) هي إقامة الحسنات لذلك قال الله تعالى: "إِنَّ ٱلۡحَسَنَـٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ" وهي إقامة الإحسان، لذلك قال تعالى في آية (١١٥): "وَٱصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ" وهي نشر الخير والإصلاح في الأرض، لأنَّ نشر الخير والإصلاح في الأرض ينهى عن الظُّلم والفساد، أي يٌذهب الظُّلم والفساد، أي يٌذهِب السَّيِّئات، لذلك قال تعالى في آية (١١٤) و(١١٦) و(١١٧): "... إِنَّ ٱلۡحَسَنَـٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ....... فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنۡہَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتۡرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجۡرِمِينَ........ وَمَا ڪَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٍ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ".
من أجل ذلك كان أمر الله تعالى لرسولِهِ العربيّ الأمين محمد عليه السلام وللمؤمنين الّذين تابوا معه في آية (١١٢) و(١١٣): "فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْ إِنَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَڪُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ" وإذا أكملنا الآيات التالية من آية (١١٤) إلى (١١٧) نجد أنَّ أمر الله جلَّ في علاه للرسول محمد وللمؤمنين هو في الحقيقة أمرٌ لإقامة الإصلاح في الأرض والنهي عن الفساد، وذلك لا يكون إلاَّ من خلال تطبيق القرءان العظيم في الأرض، مِمّا يدلُّنا على أنَّ إقامة الإصلاح هي إقامة الصلاة وأنَّ إقامة الصلاة هي إقامة القرءان، أي تطبيقه، إذًا فالقرءان هو كتاب الصلاة وإقامة القرءان هو إقامة الكتاب وهو إقامة الصلاة.
من خلال ما ذكرت لكم نستطيع أن نفهم أنَّ الله تعالى كان يدعوا رسولَهُ الأمين محمد عليه السلام في آية (١١٤) إلى إقامة الصلاة بدعوة الناس للقرءان وإقامتِهِ، تمامًا كما أمرنا في كل آية من آياتِهِ الكريمة من خلال الإيمان بِهِ والعمل الصالح.
ملاحظة هامَّة: آية (١١٤) تنسخ أوقات الصلاة الحركيَّة المّحدَّدة.
440 Aug 20 2018