حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (١٨)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (١٨)

 

تفسير آية (١٦٩) و(١٧٠) من سورة الأعراف من خلال أحسن التفسير (القرءان العربّي الحكيم).

السلام على من قام إلى الصلاة (إلى كتاب الله) بإيمان صادق.

* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
وَقَطَّعۡنَـٰهُمۡ فِى ٱلۡأَرۡضِ أُمَمًا مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡہُمۡ دُونَ ذَالِكَ‌ وَبَلَوۡنَـٰهُم بِٱلۡحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ (١٦٨) فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ وَرِثُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ يَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغۡفَرُ لَنَا وَإِن يَأۡتِہِمۡ عَرَضٌ مِّثۡلُهُ يَأۡخُذُوهُ‌ أَلَمۡ يُؤۡخَذۡ عَلَيۡہِم مِّيثَـٰقُ ٱلۡكِتَـٰبِ أَن لَّا يَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ‌ وَٱلدَّارُ ٱلۡأَخِرَةُ خَيۡرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ‌ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (١٦٩) وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ (١٧٠).

(١): في آية (١٦٩) من سورة الأعراف نجد أنَّ الّذين ورِثوا كتاب الله بدلاً من أن يأخذوه لكي يُطهِّرُهُم ويَرْفعهم مكانًا عَلِيًّا، أي يرفعهم إلى جنة الآخرة، أخذوا "عرض هذا الأدنى" أي أخذوا كتابًا آخرًا بدلاً من كتاب الله فهبِط بِهِم إلى الأدنى الّذي هو حُبّْ الشهوات من أجل التمتُّع بالحياة الدنيا وتفضيلها على الآخرة، ويقولون في كتابهم هذا (كُتُبِهِم الباطلة ودينهم الباطل) بأنه سَيُغفرُ لهُم، أي أنه سوف تكون لهم شفاعة وخلاص وسوف يدخلون الجنة مهما فعلوا من ذنوب، ولذلك أكمل الله تعالى تلك الآية بقولِهِ لهُمْ: "... أَلَمۡ يُؤۡخَذۡ عَلَيۡہِم مِّيثَـٰقُ ٱلۡكِتَـٰبِ أَن لَّا يَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ‌ وَٱلدَّارُ ٱلۡأَخِرَةُ خَيۡرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ‌ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ".

بمعنىً أصَحّْ "... يأخذون عرض هذا الأدنى..." أي يأخذون ظاهرًا من الحياة الدنيا وينسون الآخرة، كما أخبرنا الله تعالى في آية (٧) من سورة الروم، إذا قارنّا آية (٧) من سورة الروم بآية (١٦٩) من سورة الأعراف نجد تشابهًا بينهما:

* سُوۡرَةُ الرُّوم
يَعۡلَمُونَ ظَـٰهِرًا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأَخِرَةِ هُمۡ غَـٰفِلُونَ (٧).

* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ وَرِثُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ يَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغۡفَرُ لَنَا وَإِن يَأۡتِہِمۡ عَرَضٌ مِّثۡلُهُ يَأۡخُذُوهُ‌ أَلَمۡ يُؤۡخَذۡ عَلَيۡہِم مِّيثَـٰقُ ٱلۡكِتَـٰبِ أَن لَّا يَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ‌ وَٱلدَّارُ ٱلۡأَخِرَةُ خَيۡرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ‌ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (١٦٩).

ولذلك أكمل الله تعالى آياته في سورة الأعراف بقوله في الآيات التالية، من آية (١٧٢) إلى (١٧٧):

* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِىٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَہُمۡ وَأَشۡہَدَهُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِہِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡ‌ قَالُواْ بَلَىٰ‌ شَهِدۡنَآ‌ أَن تَقُولُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ إِنَّا ڪُنَّا عَنۡ هَـٰذَا غَـٰفِلِينَ (١٧٢) أَوۡ تَقُولُوٓاْ إِنَّمَآ أَشۡرَكَ ءَابَآؤُنَا مِن قَبۡلُ وَڪُنَّا ذُرِّيَّةً مِّنۢ بَعۡدِهِمۡ‌ أَفَتُہۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ (١٧٣) وَكَذَالِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأَيَـٰتِ وَلَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ (١٧٤) وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱلَّذِىٓ ءَاتَيۡنَـٰهُ ءَايَـٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنۡهَا فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّيۡطَـٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَـٰهُ بِہَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَٮٰهُ‌ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلۡڪَلۡبِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَيۡهِ يَلۡهَثۡ أَوۡ تَتۡرُڪۡهُ يَلۡهَث‌ ذَّالِكَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَـٰتِنَا‌ فَٱقۡصُصِ ٱلۡقَصَصَ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) سَآءَ مَثَلاً ٱلۡقَوۡمُ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَـٰتِنَا وَأَنفُسَہُمۡ كَانُواْ يَظۡلِمُونَ (١٧٧).

إذا ربطنا تلك الآيات آية (١٧٢) و(١٧٥) و(١٧٦) و(١٧٧) بآية (١٦٨) و(١٦٩) نجد بينهم تشابهًا كبيرًا وتطابقًا في المعنى يؤكد ما ذكرتُهُ:

* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
وَقَطَّعۡنَـٰهُمۡ فِى ٱلۡأَرۡضِ أُمَمًا مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡہُمۡ دُونَ ذَالِكَ‌ وَبَلَوۡنَـٰهُم بِٱلۡحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ (١٦٨) فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ وَرِثُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ يَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغۡفَرُ لَنَا وَإِن يَأۡتِہِمۡ عَرَضٌ مِّثۡلُهُ يَأۡخُذُوهُ‌ أَلَمۡ يُؤۡخَذۡ عَلَيۡہِم مِّيثَـٰقُ ٱلۡكِتَـٰبِ أَن لَّا يَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ‌ وَٱلدَّارُ ٱلۡأَخِرَةُ خَيۡرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ‌ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (١٦٩).

 

(٢): ** استطراد: أما قول الله تعالى في آية (١٧٢): "وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِىٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَہُمۡ..." فهو لا يعني كما تقول التفاسير الباطلة أنَّ الله "خلق حواء من ضلع آدم".

لقد قال الله تعالى: "وإذْ أخَذَ رَبُّكَ من بني آدم..." ولم يقُل "من آدم" نجد بوضوح أنَّ الله تعالى يُخبِرُنا بأنهُ خلق جميع الأمم أُمَّة بعد أُمَّة بواسطة التزاوج والتناسُلْ، وهذا يعني أنَّ كُلُّ ذُرِّيَّة أتَتْ من ذُّرِّيَة بني آدم الّتي سبقتها، نجد البُرهان في السُوَر التالية:

* سورة آل عمران
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤).

* سُوۡرَةُ النّحل
وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَزۡوَاجِڪُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ‌ أَفَبِٱلۡبَـٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ هُمۡ يَكۡفُرُونَ (٧٢).

* سُوۡرَةُ الإسرَاء
وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَجَعَلۡنَـٰهُ هُدًى لِّبَنِىٓ إِسۡرَاءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَڪِيلاً (٢) ذُرِّيَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٍ‌ إِنَّهُ كَانَ عَبۡدًا شَكُورًا (٣).

* سُوۡرَةُ مَریَم
أُوْلَـٰٓٮِٕكَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡہِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبۡرَاهِيمَ وَإِسۡرَاءِيلَ وَمِمَّنۡ هَدَيۡنَا وَٱجۡتَبَيۡنَآ‌ إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَـٰتُ ٱلرَّحۡمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّدًا وَبُكِيًّا (٥٨).

 

(٣): إذا ربطنا وقارنّا آية (١٦٩) في سورة الأعراف بآية (٥٩) في سورة مريم، نجد أنَّ آية (١٦٩) في سورة الأعراف تُعطينا الدليل والمعنى الحقيقي "لإضاعة الصلاة واتّباع الشهوات" في آية (٥٩) من سورة مريم:

* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ وَرِثُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ يَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغۡفَرُ لَنَا وَإِن يَأۡتِہِمۡ عَرَضٌ مِّثۡلُهُ يَأۡخُذُوهُ‌... (١٦٩).

* سُوۡرَةُ مَریَم
فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّہَوَاتِ‌ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا (٥٩).

إنّ إضاعة الصلاة هي إضاعة الكتاب بتحريفه من خلال أقاويل وأحاديث كاذبة وأديان باطلة، أي من خلال عدم اتِّباع الحق (كتاب الله) واتّباع الباطل (قوانين باطلة) لصالح الشهوات من أجل التمتّع بالحياة الدنيا، إذًا فالصلاة هي كتاب الله والشهوات هي كُتُب أخرى مصنوعة من بشر بحجَّة أنَّها دين الله، تلك الكتب تدعوا إلى الدين الباطل، وهذا الدين الباطل يحتال على الناس ويعدهم بالجنة مهما عملوا من سيِّئات وذنوب في الأرض، المهم فقط أن يؤمنوا بهذا الدين فتصبح الشفاعة والخلاص لهم في الآخرة حتى لو لم يتوبوا أو يُطهِّروا أنفسهم بحجَّة أنَّ الإنسان لا يستطيع أن يُطهِّر نفسه في الأرض ولا أن يمتنع عن فعل السيِّئات والمعاصي، فيستطيع أن يفعل ما يشآء في هذه الأرض من َتملُكّ إلى ظلم وفساد من أجل احتكار خيرات الله في الأرض واتِّباع الشهوات والتمتُّع في الحياة الدنيا، ظنًّا منه أنَّه مهما فعل من أعمال سيئة فسوف تكون له الجنة في الآخرة.

إذًا فإنَّ الإيمان بتلك الأديان والدخول فيها هو الّذي جعل الإنسان يتَّبع الشهوات، إنَّ ما ذكرته لكم تجدونه موجود في جميع الأديان الباطلة باستثناء دين الله الحق القرءان العربيّ الكريم، الّذي يعطي الفرصة للإنسان أن يتوب وأن يعمل الصالحات ويطهّر نفسه، لكي يستطيع الوصول إلى الجنة في الآخرة.

هناك دليلٌ آخر قوي يؤكِّدُ لنا أكثر معنى الآيتين السابقتين آية (١٦٩) في سورة الأعراف، وآية (٥٩) في سورة مريم) ويُبيِّن لنا المعنى الحقيقي للصلاة، نجد هذا الدليل في آية (١٦٩) من سورة الأعراف من خلال إعطاء الله عز وجل لنا معنىً معاكسًا لهذه الآية في الآية الّتي تليها آية (١٧٠):

* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ وَرِثُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ يَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغۡفَرُ لَنَا وَإِن يَأۡتِہِمۡ عَرَضٌ مِّثۡلُهُ يَأۡخُذُوهُ‌ أَلَمۡ يُؤۡخَذۡ عَلَيۡہِم مِّيثَـٰقُ ٱلۡكِتَـٰبِ أَن لَّا يَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ‌ وَٱلدَّارُ ٱلۡأَخِرَةُ خَيۡرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ‌ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (١٦٩) وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ (١٧٠).

نجد في آية (١٧٠) معنىً مُعاكسًا لِمعنى آية (١٦٩)، إذًا فالّذين يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَاةَ هم الّذين وَرِثُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ ولم يَأۡخُذُوا عَرَضَ هَـٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَلم يَقُولُوا سَيُغۡفَرُ لَنَا، وَإِن يَأۡتِہِمۡ عَرَضٌ مِّثۡلُهُ لم يَأۡخُذُوهُ‌، وهُم المتقون الّذين يعقلون.

 

(٤): تعالوا معًا إخوتي وأخواتي الكِرام نتدبَّر آية (١٧٠) في سورة الأعراف:

* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ (١٧٠).

هناك عدَّة أسئلة أريد أن أطرحها عليكم بعد تدبُّرنا لآية (١٧٠): "وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ".

إذا كانت إقامة الصلاة كما يزعمون هي إقامة الخمس صلوات فرض مع عدد ركعاتها وطريقة إقامتها فلماذا ربط الله عزَّ وجلّ لنا "التَّمَسُّكْ بكتابِهِ" ب"إقامة الصلاة" ولم يربط لنا "التَّمَسُّكْ بكتابِهِ" بإقامة "الخمس صلوات فرض

وكيف تُعطينا الصلوات الخمس مع عدد ركعاتها أجر الإصلاح؟
وما دخلها أصلاً بمعنى تطبيق الإصلاح؟
فهل إذا صلَّينا الصلوات الخمس نكون نفعل إصلاحًا خلال أوقاتِ صلاتنا؟

الحقيقة هي كالتالي: لقد وضع الله عزَّ وجلّْ لنا آية (١٧٠) في هذا السِّياق لكي يُبيِّن لنا بالتفصيل المعنى الحقيقي للصلاة وإقامتَها، ولكي يَدُلّنا عليه ويُظهِرُهُ لنا بِرَبْطِهِ ما بين التَّمَسُّك بكتابِهِ وإقامة الصلاة وإقامة الإصلاح، لقد أراد تعالى أنْ يُخبرنا بأنَّ كتابَه هو الصلاة، وأنَّ تطبيقه والعمل بِهِ هو إقامة الصلاة، وأنَّ إقامة الصلاة هي إقامة الإصلاح، لأنَّ تطبيق كتاب الله في الأرض بنشر الخير والعدل كما أمرنا تعالى في كتابه هو الإصلاح، وكأنَّ الله جلَّ في علاه يُريدُ أنْ يقول لنا: "والّذينَ يُمَسِّكون بالكِتابِ وأقاموا الكِتابَ إنّا لا نُضيعُ أجْرَ المُصْلِحينْ" إنَّ التَّمَسُّكْ بِكِتابِ اللهِ يكون بإقامتِهِ، أي بالعملِ بِهِ، وإقامته تؤدّي بِنا إلى أن نكون مُصلحين لأنفسنا وللآخرين.

 

437 Aug 17 2018