حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (١٥) حقيقة الغُسْل (الجزء الثاني عشر والأخير)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (١٥)
حقيقة الغُسْل (الجزء الثاني عشر والأخير)

 

السلام على من اغتسل بالقرءان العظيم.

* سورة النساء
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴿٤٣﴾.

* سورة المائدة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿٦﴾.

 

(١): إذا تدبَّرنا بتتابع آيات سورة النساء من آية (٤٣) إلى آية (٥٨) وربطناها ببعضها نجد دليلاً قاطعًا على أنَّ آية (٤٣) ليس لها أيّ دعوة بالوضوء المزعوم أو بإقامة الخمس صلوات، بل نجد تأكيدًا واضحًا على أنّ الغسل أو المسح من السكر والنجاسة والوساخة هو في الحقيقة طهارة النفس، وعلى أنَّ الهدف الوحيد الّذي نستطيع من أجله أن نقرب كتاب الله هو من أجل طهارة أنفسنا من الذنوب، أي بهدف إخلاص الدين لله وحده لا شريك له، وليس بهدف التحريف والضلالة والإستهزاء بكتاب الله والتكذيب بآياته بالكفر والنفاق والإشراك بِهِ.

إخوتي وأخواتي الكِرام تعالوا معًا نتابع تلك الآيات بتمعنّ شديد:

* سورة النساء
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴿٤٣﴾ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ﴿٤٤﴾ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا ﴿٤٥﴾ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٤٦﴾ ..... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴿٤٧﴾ ..... إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴿٥٨﴾.

من خلال تلك الآيات نجد دليلاً واضحًا على أنَّ القرب من الصلاة، أي من القرءان لا يكون إلاَّ بعدم اتِّباع الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب لكي لا نضلّ عن سبيل الله، ولا يكون إلاَّ بعدم تحريف الكَلِمَ عن موضعه، أي بعدم تحريف معاني آيات القرءان من خلال أحاديث وتفاسير كاذبة، ولا يكون إلاَّ بإيماننا بآيات الله، ولا يكون إلاَّ بعدم الإشراك بالله من خلال إيماننا بأحاديث وأقاويل بشر وباتِّباعنا لأديان باطلة، ولا يكون إلاَّ بعدم تزكية أنفسنا من خلال أديان باطلة كالدين السني والشيعي واليهودي والمسيحي الخبيث، وأديان أخرى خبيثة، لأنَّ الله هو فقط الّذي يُطهِّرنا من خلال آياتِهِ وليس دين البشر الّذي يُعطينا الطهارة، ولا يكون إلاَّ بعدم الكفر بآيات الله، ولا يكون إلاَّ بالإيمان والعمل الصالح، ولا يكون إلاَّ بتبليغ الأمانات إلى أهلها وبالحكم بين الناس بالعدل، أي لا يكون إلاَّ بهدف طهارة أنفسنا، أي بهدف إخلاصنا الدين لله.

في تلك الآيات البيِّنات نجد خطابًا مباشرًا من الله تعالى للذين أوتوا الكتاب أن يُطهِّروا أنفسهم بإيمانهم بالقرءان مُصدِّقًا للتوراة والإنجيل، ونجد أيضًا تذكرة من الله تعالى لهم ولنا بأن نُطهِّر أنفسنا باتِّباعنا القرءان، ونجد أيضًا إنذارًا وتحذيرًا منه تعالى مُوجَّهًا لأهل الكتاب ولنا بعَدَم الكفر وافتراء الكذب عليه، ونجد أيضًا تبشيرًا منه بالجنَّة.

فما هي إذًا علاقة الوضوء المزعوم والخمس صلوات فرض بتلك الآيات البيِّنات؟
إذًا فإنَّ قُرب الصلاة هو قُرب القرءان، والغسل المراد به في آية (٤٣) من سورة النساء وفي آية (٦) من سورة المائدة هو طهارة النفس وليس الجسد، لأنَّ الإنسان المؤمن عندما تكون نفسه طاهرة فمن البديهي بالنسبة إليه كإنسان مؤمن أن يكون جسده طاهرًا، ولكن العكس ليس بالضروري أن يكون صحيحًا إلاَّ إذا أخلص الدين لله وحده لا شريك له فتصبح بذلك نفسه أيضًا طاهرة، وإنَّ وضوء الجسد المزعوم والخمس صلوات فرض لا يستطيعوا أن يُعطوا الطهارة الحقيقية للنفس البشريَّة، وإنَّ قرب الصلاة أو القيام إلى الصلاة لا يُعطي طهارة للجسد ولكن فقط طهارة النفس.

إذا قارنّا آية (٤٣) في سورة النساء مع آية (٦) في سورة المائدة نجد تشابهًا كبيرًا بينهما، لقد أعطى الله تعالى كناية لعدم طهارة الوجوه والأيدي والرؤوس والأرجل بكلمة مختصرة ألا وهي كلمة "سُكارى"، باختصار مُفيد إنَّ الّذين يُسيِّرون أنفسهم بإرادتهم باتِّباعهم لقوانين البشر ويتأثَّرون بحب الحياة الدنيا ويضلّون عن سبيل الله، وصفهم تعالى "بالسُكارى" وإنَّ قول الله تعالى في آية (٤٣) من سورة النساء: "... حتى تعلموا ما تقولون..." هو تمامًا كقوله في آية (٦) من سورة المائدة" "... فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ..." إذًا فالغُسل يكون بتَعَلُّم ومعرفة وتدبّر وتطبيق المؤمن لآيات القرءان العربيّ، وهذا هو معنى الطهارة الحقيقي.

انتهى موضوع الغسل.

 

434 Aug 14 2018