حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (١٤) حقيقة الغُسْل (الجزء الحادي عشر)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (١٤)
حقيقة الغُسْل (الجزء الحادي عشر)

 

السلام على من اغتسل بالقرءان العظيم.

* سورة النساء
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴿٤٣﴾.

* سورة المائدة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿٦﴾.

 

(١): إذا أكملنا آية (٤٣): "... ولا جُنُبًا إلاَّ عابِري سبيل حتّى تغتسِلوا..." كما ذكرت لكم في آية (٦) من سورة المائدة، الجٌنٌبْ في اللغة العربية هو الّذي أصابَتْهُ النجاسة، والنجاسة هي القذارة والوساخة، في هذه الآية نجد بأنَّ الله تعالى ينهى الّذين آمنوا أن "يقربوا الصلاة وهٌمْ جُنُبًا حتى يغتسلوا" أي "إلى أن يغتسلوا" أي "إلى أن يُطهِّروا أنفُسهم" لأنَّ الإنسان غير طاهِر النفس لن يستطيع أن يتدبَّر القرءان لأنَّ على قلبه أقفال، هذه الأقفال موجودة بسبب نجاسة نفسه، لذلك سوف يُحرِّف معاني القرءان ويستخدمه لمصلحته في طريق الشر كما فَعَل -تمامًا أصحاب القريتين من الحِلْف الصهيوني على صفحة ميدان القرءانيِّين والقرءانيَّات- وسيضلّ الناس عن سبق إصرار وترصدّ، كما يفعل أكثر الّذين يُسمّون أنفسهم بعلماء الدين الإسلامي والتنوريّين.

في هذه الآية لم يُحدِّدْ الله تعالى مِنْ ماذا يكون الّذين آمنوا "جُنُبًا" مِمّا يدلُّنا على أنَّ كلِمة "جُنُبًا" لا تُؤخذ بمعنى واحِد، أي بالمعنى الظاهِرْ الّذي يعلَمُهُ عامَّة الناس، بل هي كلمة تشمل جميع الأسباب الّتي تؤدّي بالإنسان إلى أن يكون "جُنُبًا".

وكما قلت فإنَّ النظافة والطهارة هي ليست نظافة وطهارة الجسد، ولكن الأهمّ من ذلك هي نظافة وطهارة النّفْسْ، لذلك أكمل الله تعالى هذه الآية بقولِهِ: "... إلاَّ عابري سبيل..." لأنَّ الإنسان الّذي يستطيع أن يَقْرب الصلاة لا يستطيع أن يقربها وهو غير طاهِرْ النّفس، ولكنَّه يستطيع أن يقربها فقط "كعابِرْ سبيل" لِلجُنُب، لأنَّ "عابِرْ السبيل" هو الّذي "يَعْبُرْ سبيل الجُنُبْ" أي "يَعْبُرْ سبيل النجاسة" أي يَمُرّْ بالجُنُبْ ويَجتازُهُ من دون أن يَتَوَقَّفْ عِنْدَهُ أو يُقيم في هذا السبيل، بِمعنىً أوضح إنَّ "عابِرْ سبيل الجُنُبْ" هو الّذي يَمُرّْ بالجُنُبْ مُرور الكِرام من دون أنْ يُؤثِّرْ عليه هذا الجُنُبْ، هذا يَدُلُّنا على أنَّ النجاسة المقصود بها في تلك الآية هي نجاسة النفس، إنَّ قول الله تعالى "... إلاَّ عابِري سبيل..." هو أكبر دليل على أنَّ الصلاة هي القرءان وتبليغه في الأرض لجميع الناس.

 

(٢): إذا عُدنا للآية الكريمة في سورة النساء نجد أنَّ قول الله تعالى: "... حتى تعلموا ما تقولون..." هو تمامًا كقوله:"... حتى تغتسلوا..." إذًا فالسَّكران عليه أن يَغتسل تمامًا كالّذي على جُنُبْ، وكيف يستطيع السَّكران أن يغتسل، أي أن يُزيل السُّكرْ عن نفسِهِ إذا أراد ذلك؟

الجواب: يغتسِل بأن يكون قربُهُ من الصلاة هو بهدف تطهير نفسه من السُّكر، وذلك بأخذه وتعلُّمِهِ وتدبّرِهِ للقرءان، أمّا إذا لم يُرِدْ تطهير نفسه ويريد أن يبقى سَكرانًا، أي إذا لم يُرِدْ أن يعلم ما يقول فمن المحظورٌ عليه أن يقرب الصلاة، مِمّا يدلّنا على أنَّ السُّكْرْ هو ليس سُكْرْ الجسد وإنما سُكْرْ النفس، وعلى أنَّ الإغتسال هو ليس بهدف طهارة الجسد ولكن بهدف طهارة النفس.

إذا تدبَّرنا هذه الآية نجد في آخرها قول الله تعالى: "... إن الله كان عفُوًا غفورًا" ممّا يدلّنا بل يؤكّد لنا على أنَّ الطهارة من السُّكْرْ والنجاسة ومن المرض ومن السفر ومن الإنشغال في العمل الدنيوي ومن حب الشهوات من النساء هي طهارة النفس، لأنَّ الإنسان الّذي يريد أن يُطهِّر نفسه من جميع المُغريات في الحياة الدنيا ومن وساخة نفسِهِ لا يستطيع ذلك إلاَّ من خلال قول الله وحديث الله، أي من خلال القرءان، ولا يستطيع الإنسان أن يُطهِّرَ نفسه إلاَّ بإيمانه الصادق بآيات القرءان العربيّ، لأنَّ آيات القرءان هي فقط الّتي تُعطينا العفو والغفران، لذلك أكمل الله تعالى هذه الآية بقوله: "... إنَّ الله كان عفُوًا غفورًا".

 

433 Aug 13 2018