حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (١٣) حقيقة الغُسْل (الجزء العاشر)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (١٣)
حقيقة الغُسْل (الجزء العاشر)

 

السلام على من اغتسل بالقرءان العظيم.

* سورة النساء
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴿٤٣﴾.

* سورة المائدة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿٦﴾.

 

(١): * سورة ق
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَٰلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴿١٩﴾ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ﴿٢٠﴾ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴿٢١﴾ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴿٢٢﴾.

* سورة الأنعام
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴿٩٣﴾.

في آية (٢١) من سورة ق قال الله تعالى: "وجاءت سكرة الموت بالحق..." وفي آية (٩٣) من سورة الأنعام قال الله تعالى: "... ولو ترى إذِ الظالمون في غمرات الموت..." إذا قارنّا تلك الآيتين نجد تشابهًا كبيرًا بينهما يُعطينا معنى سكرة الموت في سورة ق.

الغمرة تعني الشِّدّة، وغمرات الموت تعني مكارهَهُ وشدائِدَهُ، إذًا في هذه الآية من سورة ق شبَّهَ الله تعالى لنا سكرة الموت للإنسان الكافِر بغمرات الموت، أي بالمصاعب والشدائِد والمكارِه.

 

(٢): * سورة المؤمنون
يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴿٥١﴾ وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴿٥٢﴾ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴿٥٣﴾ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ ﴿٥٤﴾ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ﴿٥٥﴾ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ۚ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿٥٦﴾.

إذا تدبَّرنا تلك الآيات البيِّنات، نجد أنَّ "غمرتِهِم" في آية (٥٤) هي تحريفهم لكتاب الله وصناعتهم لأديان باطلة، والفِرَقْ والأحزاب بواسطة كتابتهم لأحاديث وأقاويل كاذبة، وهي حبِّهم لدينهم الباطل ولجماعتهم وفرقتِهم وحزبهم، أي دينهم الخبيث الّذي ينتمون إليه ظنًّا منهم أنَّ الله يُحبّهم ويقبل دينهم، لأنَّه يُعطيهم كثرة المال والبنون والخيرات، وظنًّا منهم أنَّهم مهما فعلوا في الأرض ستكون الجنّة لهم في الآخرة.

إذًا فإنَّ "غمرتِهِم" هي سكرَتِهِم بزينة الحياة الدنيا، كفرحِهِم بدينِهِم الّذي ينتمون إليه وحُبّهِمْ لِمِلَّتِهِمْ ولجماعَتِهِم٫، حبّهم للمال والبنون والسلطة إلخ...، أي حبّهم لجميع أنواع الشهوات التي تُعطيهم الخيرات في الأرض من أجل تَمَتُّعهم بالحياة الدنيا وتفضيلها على الآخرة.

 

(٣): * سورة الحجر
فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ ﴿٦١﴾ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ﴿٦٢﴾ قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴿٦٣﴾ وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴿٦٤﴾ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴿٦٥﴾ وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ﴿٦٦﴾ وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ﴿٦٧﴾ قَالَ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ ﴿٦٨﴾ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ ﴿٦٩﴾ قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴿٧٠﴾ قَالَ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴿٧١﴾ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴿٧٢﴾ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ﴿٧٣﴾ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ﴿٧٤﴾.

إذا تدبَّرنا جميع تلك الآيات البيِّنات نجد أنَّ سكرة قوم لوط في آية (٧٢) هي تأثر قوم لوط بحبِّهم للحياة الدنيا الّذي أدّى بهم إلى الفساد وارتكاب الفواحش وفِعْل الخبائِث، لقد كان قوم لوط مأخوذي ومسلوبي العقل والقلب بسبب حبهم للشهوات من الرجال، ممّا أدّى بهم إلى حب وتفضيل الحياة الدنيا على الآخرة، فأدّى بهم بالتالي إلى عدم طهارة أنفسهم وإلى عدم التوبة فاختاروا الفساد في الأرض بدلاً من الإصلاح.

إنَّ سكرة قوم لوط هي واحدة من الأنواع والأمثال للسكْر، وهناك أنواع وأمثال كثيرة تُسكِرْ الإنسان الكافر، أي تأخُذ قلبَهُ وتُسيطِر على عقلِهِ، مِثالاً على ذلك ما ذكرتُهُ لكم في آية (٥٣) إلى (٥٦) من سورة المؤمنون.

 

432 Aug 12 2018