حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (١١) حقيقة الغُسْل (الجزء الثامن)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (١١)
حقيقة الغُسْل (الجزء الثامن)

 

تفسير آية (٦) من سورة المائدة من خلال أحسن التفسير (القرءان الحكيم):

* سورة المائدة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦).

السلام على من اغتسل بالقرءان العظيم.

(١): إذا عدنا لقول الله تعالى: "... مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" إذا تدبَّرنا هذه الآية نجد أنَّ دين الله تعالى القرءان الكريم هو دين مٌستقيم لا يوجد فيه أيّ حرج، أي لا يوجد فيه أيّ شائِبة أو تناقُض أو شرّ يُحرَجْ بِهِ المؤمن، لأنَّه دين الطهارة والكمال، لأنَّه يُبعِد الإنسان عن الظلم والشر والكفر والفساد ويجعله يتوب ويؤمن بالله ويعمل صالحًا.

فأين الحرج في هذا الدين العظيم؟
هذه الآية هي أكبر دليل على أنَّ الصلاة الّتي قام إليها الّذين آمنوا هي القرءان، وعلى أنَّ الغُسْل والمَسْح يكون بالقرءان، وعلى أنَّ تيمُّم الصعيد الطيِّبّ هو قصد القرءان، وعلى أنَّ الطهارة هي بالقرءان، وعلى أنَّ إتمام نعمة الله علينا هي إعطائِنا رسالة القرءان بهدف أن نُطهِّر أنفسنا بِهِ، وإنَّ قول الله تعالى: "... ولكن يريد لِيُطهركُم ولِيُتِمَّ نعمته عليكم لعلكم تشكرون" هو أكبر دليل على أنَّ الهدف من قيام الّذين آمنوا إلى الصلاة هو لِطهارتهم، لذلك ختم الله تعالى هذه الآية بقوله: "... لعلكم تشكرون" ممّا يدلُّنا بل يُثبت لنا أنَّ الصلاة الّتي قام إليها الّذين آمنوا هي القرءان الكريم.

 

(٢): الآيات الّتي تُثْبت أنَّ الله تعالى لم يجعل علينا من حرج لأنَّه أعطانا القرءان نجدها في:

* سورة الأعراف
كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾.

* سورة الحج
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴿٧٨﴾.

 

(٣): لقد ختم الله تعالى آية (٦) من سورة المائدة بقوله: "... لعَلَّكُمْ تشكُرون" لماذا؟
إذا كانت هذه الآية هي آية الوضوء الّتي ابتدعها جُهلاء الدين من خلال كتب التفاسير الباطلة، وإذا كانت الغاية من الوضوء المُبْتَدَعْ هو لهدف الصلوات الخمس وليس لهدف الصلاة الّتي هي القرءان، فلماذا ختم الله تعالى هذه الآية بقوله: "... مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

فهل يوجد حرج في غسل الجسد؟
وما هو الرابط بين الشكر لله والوضوء المزعوم لإقامة الخمس صلوات فرض مع عدد ركعاتها؟
وكيف نشكر لله؟ هل نشكره بطهارة جسدنا لإقامة الخمس صلوات، أم نشكره بطهارة أنفسنا من خلال القرءان؟

لقد أعطانا الله تعالى المعنى الحقيقي والوسيلة الواحدة للشكر لَهُ، فالشكر هو عكس الكُفر، إنَّ الشكر لله يكون بالإيمان بآيات القرءان وباتِّباعها، والكُفر بالله يكون بالتكذيب بآيات القرءان وبِعَدَم اتِّباعها، نجد معنى الشكر في السُوَر التالية:

* سورة البقرة
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴿١٥١﴾ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴿١٥٢﴾.

* سورة إبراهيم
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴿٧﴾ وَقَالَ مُوسَىٰ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴿٨﴾ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴿٩﴾.

* سورة النمل
قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴿٤٠﴾.

* سورة لقمان
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴿١٢﴾ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴿١٣﴾.

 

(٤): إذا عدنا إلى آيات سورة المائدة وتابعنا تلك الآيات من آية (٦) إلى آية (١٠).

بعد قراءتنا لتلك الآيات نجد فيها دليلاً قاطعًا على أنَّ هدف قيام الّذين آمنوا إلى الصلاة هو لتعلُّم القرءان وإقامَتِهِ بتطبيق آياتِهِ لجميع الناس في الأرض، لذلك قال الله تعالى من آية (٧) إلى (١٠):

* سورة المائدة
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿٧﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿٨﴾ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿٩﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴿١٠﴾.

إنَّ جميع تلك الآيات الّتي ذكرتها تدلّنا على أنّ الوضوء المزعوم والخمس صلوات الحركية ليس لها أيَّة دعوة قطعيًا بالغَسل أو المَسْح المادّي، لأنَّها تدلّنا على هدفٍ واحدٍ ألا وهو طهارة النفس الـتي نأخذها من القرءان، لقد أراد الله تعالى في آية (٦) أن يُعلِّمنا طهارة النفس، فإذا كنّا مرضى وأردنا الشفاء، أو كنّا على سفر وأردنا الرجوع، أو كنّا مشغولين بعملنا وأردنا أن نتذكَّر الله، أو انشغلنا بحب النساء وأردنا أن نتقرَّب من الله، فعلينا أن نُطهِّر أنفسنا بالرجوع إلى القرءان.

في آية (٦) لم يذكر الله تعالى لنا أيّ شيء عن غَسْل وجوهنا وأيدينا إلى المرافق ثلاث مرات، أو عن المغمضة ثلاث مرات، أو عن الإستنشاق وغَسْل الرقبة إلخ...، ولكن الّذين كفروا يفترون على الله الكذب.

فمن أين أتى هذا الوضوء المزعوم وطريقته إذا لم يذكره الله تعالى لنا في كتابه العزيز؟
إذا قرأنا القرءان العظيم لا نجد في جميع آياتِهِ كلمة "وضوء".
فمن أين أتت هذه الكلمة الباطلة؟
أتُعَلِّمون الله بدينكم أيها الجهلاء؟

* سورة الحجرات
قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿١٦﴾.

 

430 Aug 10 2018