حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٤) حقيقة الغُسْل (الجزء الأوَّل)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٤)
حقيقة الغُسْل (الجزء الأوَّل)

 

تفسير آية (٦) من سورة المائدة من خلال أحسن التفسير (القرءان الحكيم):

* سورة المائدة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.

السلام على من اغتسل بالقرءان العظيم.

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ...": في هذه الآية الكريمة نجد نداءً من الله تعالى للّذين آمنوا إذا قاموا إلى الصلاة أن يغسلوا وجوههم وأيدِيَهُمْ إلى المرافق وأن يمسحوا بِرُءوسِهِمْ وأرجُلهٌمْ إلى الكعبين، إنَّ آية "... إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيدِيَكُمْ إلى المرافق..." هي أكبر دليل على أنَّ الّذين آمنوا عليهم أن يغسلوا وجوههم وأيديَهُم إلى المرافق من خلال صلاتهم، لأن الله تعالى قال: "... إذا قُمتُم إلى الصلاة فاغسِلوا..." وهذا أمر من الله تعالى أن نُطهِّرْ أنفسنا في صلاتنا، في هذه الآية يحثّنا الله تعالى على الطهارة من الوساخة بصلاتنا.

ولكن هل الطهارة هي طهارة الجسد؟
وكيف نستطيع أن نُطهِّر جسدنا بصلاتنا؟
إنَّ الطهارة الّتي أرادها الله تعالى لنا هي طهارة النفس، لأنَّ الصلاة تُطهِّرْ أنفسنا وليس جسدنا، ممَّا يدلّنا على أنَّ الصلاة هي القرءان، لأنَّ القرءان هو الّذي يُطهِّرنا.

لقد قال الله تعالى: "... فاْغسلوا وجوهكم وأَيْدِيَكُمْ إلى المرافق...": الغُسْل هو الطهارة بالماء وإزالة الوسخ، لقد أرادنا الله تعالى أن نُطهِّرْ وجوهنا ونزيل الوساخة الّتي عليها بالصلاة، فالإنسان الّذي يَقوم إلى الصلاة، أي إلى القرءان عليه أن يُطهِّرَ وجهه به، بإيمانِهِ الصادق بكل آية من آياتِهِ، أي بتقواه لله عزَّ وجلّ، والإنسان المؤمن عليه أيضًا أن يُطهِّرَ يديه بالصلاة، أي عليه أن يُطهِّر يديه من أعماله السيِّئة بالقرءان لتصبح أعماله حسنة، أي عليه أن يتوب من الذنوب من خلال الصلاة، أي من خلال القرءان.

أمّا الأيدي إلى المرافق فهي المسؤولة عن حركة اليدين الّتي بواسطتها تستطيع اليد أن تعمل عملاً سيِّئًا، الوجه فيه العينين والأذنين والأنف والفم واللسان، إذًا فإنَّ الوجه والعينين والأذنين والأنف والفم واللسان كُلٌّ مسؤول على عمله، فالإنسان يستخدم وجهه للعمل السيّء ويخفي هذا العمل بوجهِهِ، لذلك ربط الله تعالى لنا غسل الوجه والأيدي إلى المرافق ببعضهما.

الدليل على ما ذكرت نجده في مجموعة كبيرة من الآيات، سأذكر بعضًا منها سوف أبدأ بآيات الوجه:

* سورة الزمر
أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴿٢٤﴾.

* سورة الملك
أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿٢٢﴾.

* سورة البقرة
وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿١١١﴾ بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿١١٢﴾.

* سورة البقرة
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴿١٧٧﴾.

 

 

 

423 Aug 3 2018