حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٣)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٣)

 

حقيقة صلاة يوم الجُمُعة
تفسير آية (٩) و(١٠) و(١١) من سورة الجُمُعة من خلال أحسن التفسير (القرءان الحكيم).

* سورة الجمعة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٩﴾ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿١٠﴾ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴿١١﴾.

السلام على من نوديَ لصلاة الجُمُعة (يوم التجمعّ) بهدف تعلمّ كتاب الله وتبليغه.

 

(١): إخوتي وأخواتي الأفاضل، إذا تابعنا وتدبَّرنا تلك الآيات البِّينات نجد في آية (٩): أنَّ الصلاة هي ذِكرِ اللهِ بقولِهِ تعالى: "... إذا نودِي للصلواةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فاْسْعَواْ إلى ذِكِرِ اللهِ..." أي فاْسْعَواْ إلى الصلاة، في تلك الآية الكريمة نجد بوضوح تام نداءً للذين آمنوا لِتَعلُّم الصلاة.

 

(٢): وإذا تدبَّرنا آية (١٠) نجد أنَّ الّذين آمنوا عليهم أن يَنتشروا في الأرض بعد أن تُقضى الصلاة.

يوجد عدَّة أسئلة أريد أن أتوقَّف عندها.
لماذا وضع الله تعالى شرطًا أساسيًا لإنتشار الّذين ءامنوا في الأرض بعد أن تُقضى الصلاة وليس قبل أن تُقضى، بقوله تعالى: "فإذا قُضِيت الصلاة فانتشروا في الأرض...
ألا يستطيع الذّين آمنوا أن يقضوا الصلاة -إذا ما كانت الصلاة هي الصلوات الخمس- في وقت انتشارِهِم في الأرض؟
وما هو الهدف من الانتشار في الأرض، وبالذّات بعد أن تُقضى الصلاة؟
وبعد أيَّةْ صلاة عليهم أن ينتشروا في الأرض، هل بعد صلاة الفجر أم بعد صلاة الظهر أم بعد صلاة العصر أم بعد صلاة المغرب أم بعد صلاة العشاء؟

إنَّ الله تعالى لم يُحدِّد وقتًا للصلاة لِلّذين ءامنوا بقوله لهم في آية (٩) و(١٠): "يا أيها الّذين ءامنوا إذا نودِيَ للصلاة من يوم الجمعة فاسعَواْ إلى ذكر الله..... فإذا قُضِيت الصلاة فانتشروا في الأرض...".

في آية (٩) نجد قول الله تعالى: "... من يوم الجُمُعة..." من دون تحديد وقت مُعيَّن للصلاة في هذا اليوم.
فمن ذا الّذي حدّد أنَّ صلاة الجُمُعة تكون في وقت الظهر؟

وإذا كانت الصلاة هي الخمس صلوات فرض الّتي يقيمونها في المساجد في كل يوم جُمعة فلماذا لم يقل الله تعالى للّذين ءامنوا بدلاً من أن ينتشروا في الأرض أن يعودوا إلى تجارتهم أو لهوهم بعد أن يقضوا صلاتهم، كما يفعلون الآن في زمننا؟

إنَّ تلك الآيات البيِّنات هي أكبر دليل على أنَّ يوم الجُمُعَة هو ليس يومًا مُحدَّدًا في الأسبوع، ولكنَّه هو يوم التَجَمُّع وفيه يجتمع الناس لِتعلُّم القرءان، ويكون في أي يوم أو وقت احتاج الأمر فيه أن يُنادي الرسول محمد عليه السلام الناس لكي يُعَلِّمهم الصلاة لكي يُقيموها في الأرض.

 

(٣): إذا قرأنا سورة الجُمُعة من أوّلها إلى آخرها وتدبَّرنا آية (٢): "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" نجد أنَّ الله يُعلِمُنا من خلال هذه الآية البيِّنة أنَّ النِّداء للصلاة من يوم الجُمُعة في آية (٩) هو في الحقيقة نداءً لتعلّم القرءان ونشر وتبليغ رسالة القرءان في الأرض، لذلك كان قول الله تعالى في آية (١٠): "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".

في تلك الآية الكريمة آية (١٠) نرى بوضوحٍ تامّ دعوةً من الله عزَّ وجلّْ للّذين آمنوا بتبليغ رسالة القرءان لجميع الناس في الأرض والعملِ بِهِ بإقامة آياتِهِ، أي بنشر العدل والخير والإحسان، أي نشر الإصلاح في الأرض والنهي عن الظلم والشر والفساد.

 

(٤): وإذا تدبَّرنا آية (١١): "وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" نجد أنَّ الرسول محمد عليه السلام كان يُقيم الصلاة لِقومِهِ، وأنَّ قومه كانوا يذهبون وقت الصلاة ويتركون رسولهم قائمًا لكي ينفضوا إلى لهو أو تجارة، في تلك الآية الكريمة نجد بوضوح تامّ أنَّ الرسول محمد كان يُقيم القرءان لِقومه، أي كان يُعلِّم قومه القرءان، وهُم كانوا يُنافقون على الله تعالى وعليه فتجارتهم أو لهوهم كانت أهمّ من تَعَلُمِّهم لرسالة الله، هذه الآية هي أكبر دليل على أنَّ صلاة الجُمُعة الّتي أقامها محمد عليه السلام لقومه هي القرءان، نجد ذلك بقول الله تعالى فيها: "... قل ما عند الله..." إنَّ قول الله تعالى: "... ما عند الله خيرٌ من الّلهو ومن التجارة..." هو تمامًا كقوله تعالى في آية (٩٥) و(٩٦) من سورة النحل:

* سورة النحل
وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٩٥﴾ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٩٦﴾.

والسلام على من اتَّبع الهدى والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

422 Aug 2 2018