حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٢)

 

حقيقة الصلاة في كتاب الله العظيم (٢)

 

بيان آية (١٤٢) في سورة النساء من خلال أحسن البيان (القرءان الكريم): "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا".

السلام على من قام إلى الصلاة (إلى كتاب الله) بإيمان صادق.

 

(١): * سورة النساء
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿١٣٦﴾ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ﴿١٣٧﴾ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿١٣٨﴾ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴿١٣٩﴾ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴿١٤٠﴾ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴿١٤١﴾ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿١٤٢﴾ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴿١٤٣﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴿١٤٤﴾ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴿١٤٥﴾ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿١٤٦﴾.

إذا ربطنا تلك الآيات الكريمة ببعضها وتدبَّرنا معانيها نرى المعنى الحقيقي لآية (١٤٢)، إنَّ المنافق كما أخبرنا الله تعالى عنه في تلك الآيات هو الّذي يقول بأنَّه يؤمن بكتاب الله ويُقيمُهُ ولكنه في الحقيقة هو لا يؤمن بِهِ ولا يُقيمُهُ بل يكفُر بِهِ، وهو الّذي يتَّخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، وهو الّذي يُحرِّض الكافرين على المؤمنين، وهو الّذي يظنّ بأنَّه يُخادع الله والرسول والمؤمنين، بل يُخادع أيضًا الكافرين، ولذلك وصفهم الله تعالى في آية (١٣٧): ب"الّذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كُفرًا".

 

(٢): إنَّ قول الله تعالى في آية (١٤٣): "مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا" هو تفسير لقوله تعالى في آية (١٤٢): "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا".

فالمنافقون إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كُسالى، أي إذا قاموا إلى القرءان قاموا كُسالى، أي ليس حُبًّا في إقامتهم للصلاة.

لماذا وكيف قاموا إلى الصلاة كُسالى؟
"... يُراءون الناس ولا يذكرون الله إلاَّ قليلاً" أي لا يذكرون آيات القرءان إلاّ قليلاً، لأنَّهم يُخادعون الناس ولا يُطبِّقون ما أمرهم الله تعالى في آياتِهِ.

كيف يُخادعون الناس؟
"... مُذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء" أي ليسوا في صفّ المؤمنين ولا في صفّ الكافرين، فهم لا يتَّبعون كتاب الله ولكنَّهم يُراؤن الناس، أي يخادعونهم بقولهم أنَّهم يؤمنون بالله وبالقرءان وما هُم بمؤمنين، لكي يظهروا أمام الناس على أنَّهم مؤمنين.

 

(٣): إنَّ آية (١٤٦) في سورة النساء تُعطينا المعنى الحقيقي لإقامة الصلاة من دون نفاق: "إلاّ الّذين تابوا...".

إذا تدبَّرنا تلك الآية الكريمة نتساءل، ما هو الرابط بين توبة المنافقين وإصلاحهم واعتصامهم بالله وإخلاصهم الدين لله بإقامتهم للصلاة وهم كُسالى؟
ممّا يدلّنا ويؤكِّد لنا أنَّ إقامة الصلاة هي التوبة والإصلاح والإعتصام بالله وإخلاص الدين لله.

والسلام على من اتَّبع الهدى والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

421 Aug 1 2018