ما هو السبب وراء ضيق الملائكة من خَلْق الله لخليفة في الأرض، وما هو الشيء أو العِلْم الذي لم تكن  تعلمه الملائكة؟

 

ما هو السبب وراء ضيق الملائكة من خَلْق الله لخليفة في الأرض، وما هو الشيء أو العِلْم الذي لم تكن  تعلمه الملائكة؟

 

* سُوۡرَةُ البَقَرَة
وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةً قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيہَا مَن يُفۡسِدُ فِيہَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ‌ قَالَ إِنِّىٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ (٣٠) وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَہُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِى بِأَسۡمَآءِ هَـٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِينَ (٣١) قَالُواْ سُبۡحَـٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآ‌ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ (٣٢) قَالَ يَـٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآٮِٕہِمۡ‌ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآٮِٕہِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّىٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ (٣٣).

السلام على كل إنسان يؤمن بالآخرة التي ذكرها علَّام الغيوب في قرءانه العظيم.

 

(١): ** آية (٣٠): "... قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيہَا مَن يُفۡسِدُ فِيہَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ..... قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ...".

إخوتي وأخواتي الأفاضل سنعلم من وحي الآيات التالية ما هو السبب وراء ضيق الملائكة من خَلْق الله لخليفة في الأرض، وما هو الشيء أو العِلْم الذي لم تكن تعلمه الملائكة.

الجواب مُفصَّل ومُبيَّن ومُيسَّر وهيِّن وبسيط جدًا جدًا، ولكن إذا اتَّبعنا فقط ترابط آيات الله البيِّنات ونبذنا فلسفتنا السفسطائيَّة ورأينا الخاصّ ووجهة نظرنا.

لا يوجد وجهات نظر وآراء مُختلفة في كتاب الله العظيم، بل يوجد وجهة نظر واحدة ألا وهي وجهة نظر الحكيم العليم، وهي بيان وتفصيل آياته من خلال بعضها البعض.

 

(٢): ** آية (٣١): "وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ".

يخبرنا الله تعالى بأنّه جهَّز كتاب آدم (الإنسان) قبل خلقه، أي جهَّز لآدم الأسماء كلّها، أي جميع العلوم، حتّى هذه اللحظة لاحظوا معي أنّ الكتاب جُهّز للخلق الأوّل آدم قبل خلقه، ثمّ أراد الله تعالى أن يعرض هذه الأسماء، أي العلوم على الملائكة ليخبروه بهذه العلوم في كتاب آدم الذي وضعه.

** آية (٣٢): "قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ".

هنا نزّهت الملائكة اللّه تعالى أن يحيط من علمه أحد من مخلوقاته إلا بما شاء، وَهُو المعلّم الأوّل للكَوْن، فَعِلْمهم محدود بما علّمهم اللّه تعالى فقط، وهذا الكتاب وعلومه ما هو إِلَّا عِلْم جديد لم يُعْلِمُهم الله به بعد، ولهذا قالوا: "سبحانك لا علم لنا إلَّا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" وهذا أكبر دليل على أنّ الأسماء هي العلوم.

** آية (٣٣): "قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ".

"قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ" أي أيُّها الملائكة بعد عجزكم عن معرفتكم بعِلْم الكتاب خذوا عِلْمكم بالكامل من كتاب "آدم" لأنّ كتابه مذكور فيه علومكم، كسورة الصافات والذاريات والمرسلات والنازعات والعاديات، وعلى سبيل المثال سورة الزُّمر.

* سُوۡرَةُ الزُّمَر
وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ڪَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا‌ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَابُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُہَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٌ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَـٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَـٰذَا‌ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِينَ (٧١) قِيلَ ٱدۡخُلُوٓاْ أَبۡوَابَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا‌ فَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلۡمُتَڪَبِّرِينَ (٧٢) وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّہُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًا‌ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَابُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُہَا سَلَـٰمٌ عَلَيۡڪُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَـٰلِدِينَ (٧٣).

نجد في آيات سورة الزمَّر عِلْم وعَمَل الملائكة في الآخرة، لولا كتاب آدم (الإنسان أو البشر من ذكور وإناث) لما عَلِموا بوجود الآخرة، أي كان عِلْمهم ناقصًا.

"... قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ...".

عندما عَلِمَ الملائكة العِلْم الكامل من كتاب آدم وهو عِلْم الغيب، أي عِلْم الآخرة، أي أنَّ الله سيُحاسب كل إنسان على عمله، وأنَّ الله لم يخلق السماوات والأرض والإنسان عبثًا اطمأنوا، لأنَّ السبب الوحيد لضيقهم في آية (٣٠) أنّه:
هل من المعقول أيُّها الإله الخيِّر والعادل أن تخلق إنسانًا يفسد ويسفك الدماء من دون حساب بذلك يكون خلقك للسماوات والأرض والإنسان عبثًا وباطلاً ومن دون معنى وسبب؟

لذلك أجابهم تعالى "... إنّي أعلم ما لا تعلمون"، لأنَّهم لم يعلموا بوجود الآخرة وبيوم الحساب.

 

(٣): إذا لم يكن هناك وجود للآخرة سيكون خَلْق الله للسماوات والأرض وللإنسان باطلاً ومن دون سبب، نجد البرهان المُبين في السُوَر التالية، وسُوَر أخرى كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى.

* سُوۡرَةُ صٓ
وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَہُمَا بَـٰطِلاً ذَالِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ‌ فَوَيۡلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ (٢٧) أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِى ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ (٢٨) كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَيۡكَ مُبَـٰرَكٌ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَـٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ (٢٩).

* سُوۡرَةُ الجَاثیَة
أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَوَآءً مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُہُمۡ‌ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ (٢١) وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَلِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا ڪَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ (٢٢).

* سُوۡرَةُ آل عِمرَان
إِنَّ فِى خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَـٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّہَارِ لَأَيَـٰتٍ لِّأُوْلِى ٱلۡأَلۡبَـٰبِ (١٩٠) ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰمًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَڪَّرُونَ فِى خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَـٰذَا بَـٰطِلاً سُبۡحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ (١٩١) رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٍ (١٩٢).

* سُوۡرَةُ المؤمنون
أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَـٰكُمۡ عَبَثًا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ (١١٥).

ملاحظة هامَّة: في آية (٣٠) نجد الدليل القطعي على أن الملائكة ليسوا مُسيّرين، بل على العكس هم مُخيَّرون لأنَّه بمجرّد معارضتهم وجدالهم عن نيَّة حسنة لخلق آدم الذي سيفسد في الأرض، فهذا ينفي صفة التسيير والإنصياع لأوامر الله.

والسلام على من اتَّبع الهدى، والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

415 Jul 26 2018