حِكْمة وعِبرة عظيمة في آية (١١) من سورة فُصِّلت لكل مُلحد

 

حِكْمة وعِبرة عظيمة في آية (١١) من سورة فُصِّلت لكل مُلحد

 

السلام على كل مُلحد في قلبه ذرَّة خير وتواضُع، واللعنة على كل مُلحد في قلبه شرّ وتكبرّ.

* سُوۡرَةُ الاٴنعَام
وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَـٰتِنَا فَقُلۡ سَلَـٰمٌ عَلَيۡكُمۡ‌ كَتَبَ رَبُّكُمۡ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَ‌ أَنَّهُ مَنۡ عَمِلَ مِنكُمۡ سُوٓءَۢا بِجَهَـٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٥٤) وَكَذَالِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأَيَـٰتِ وَلِتَسۡتَبِينَ سَبِيلُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ (٥٥).

 

* سورة فصلت
ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١).

في هذه الآية الحكيمة يُريد الله تعالى أن يُعطي الإنسان مثلاً مجازِيًّا وعبرةً يقتدي بِها، لقد أعطى الله تعالى الخيار للسماءِ والأرضِ أن تأتِيا "... طوعًا أو كرهًا..." لأنَّ الله تعالى أراد أن يَخلُقهُما بإرادتِهِما أو من دون إرادتِهِما، لأنَّه سًبحانَهُ قد قرَّرَ أن يُوجِدْ السماء والأرض، وليس السماءُ والأرض الَّتي تُقَرِّرا وجودِيَّتهما أم عدم وجودِيَّتهما، لأنَّ وجود الخلق أو عدم وجوده هو قرار الإله وحدَهُ لأنه "لا إله إلاّ هُوَ" ولأنه هو الّذي يبدأ الخلق، ولأنه قبل بدء الخلق لا يوجود أحدٌ غَيْرَهُ.

وبماذا أجابت السماءُ والأرض؟ "... قالتا أتينا طائعين" ولم تقولا "أتينا كارِهين".

وبمجرّد أن تقبل السماء والأرض أن تأتيا طوعًا لا كَرْهًا، إذًا لقد قبِلت أن تأتيا بإرادتِهِما لا بِعَدَمِ إرادتِهِما، فالله تعالى سوف يخلقهم إن قبلوا ذلك أم لم يقبلوا، لأنه كما قلت فإنَّ قرار وجودية الخَلْقْ بيد الله.

إنَّ العِبرة من تلك الآية هي أنَّ السماء والأرض بالرغم من أنهما مادَّة لم يجحدا بنعمة الله على إعطائِهِما الوجودِيَّةْ، بل شكرا الله على إعطائِهِ لهما تلك الوجودية، وقَبِلا بِوجودِيَّتِهِما، وقَبِلا بِإرادتِهِما، أي قَبِلا بِخيارِهِما٫أي قَبِلا بِرَغْبَتِهِما٫أي قَبِلا بِحُبِّهِما لِتلك الوجودية.

هذه الآية هي عبرة لكل إنسان يسأل لماذا خَلَقَهُ الله من دون إرادَتِهِ ويلوم الله على إعطائِهِ هذه الوجودية بحجّة أنَّهُ لم يختر بإرادَتِهِ أن يُخْلَقْ.

والجواب هو أنَّهُ عليه أن يشكُرْ الله ويأتي طوعًا إلى الله كما فعلت السماء والأرض لأنَّ الله تعالى خلقه وأعطاهُ وجوديته، وعليه أن يَكون سعيدًا بهذه الوجودية بدلاً من أن يكون جاحدًا وناكرًا ورافضًا لِوجوديَّتُهُ الّتي أعطاها الله تعالى له، وبمجردّ أن تأتي السماء والأرض طائِعين، إذًا فمن المؤكد أن يفعلا ويعملا ويتَّبِعا قانون الله أيضًا طائِعين، أي من المؤكَّدْ أن يقبلا بإرادتِهِما تسيير الله لهما وأن يسجُدا لله طوعًا وكرهًا.

والسلام على من اتَّبع الهدى، والعذاب على من كئَّب وتولَّى.

 

413 Jul 23 2018